من بين السلبيات التي رافقت الثورة الالكترونية التي نعيش معطياتها الكبيرة، هو اتاحتها الفرصة لمن هم ضد قيم الحياة والتعايش السلمي بين الناس، ولعل اكثر هؤلاء من المتعصبين دينيا وطائفيا والعنصريين، الذين اخذوا ينفثون سمومهم بيننا، مستثمرين خدمة (اليوتيوب) الذي باتت لهم فيه قنوات كثيرة سواء بأسماء أشخاص معينين أو مسميات مؤسسية وجهوية...
من بين السلبيات التي رافقت الثورة الالكترونية التي نعيش معطياتها الكبيرة، هو اتاحتها الفرصة لمن هم ضد قيم الحياة والتعايش السلمي بين الناس، ولعل اكثر هؤلاء من المتعصبين دينيا وطائفيا والعنصريين، الذين اخذوا ينفثون سمومهم بيننا، مستثمرين خدمة (اليوتيوب) الذي باتت لهم فيه قنوات كثيرة سواء بأسماء أشخاص معينين أو مسميات مؤسسية وجهوية.
وقد أخذت بعض تلك القنوات تنشر محتواها من خلال هذه النافذة في موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك)، الذي يعرض أفلاما ومقاطع مختارة ترسلها إليه تلك الجهات أو جهات أخرى مختلفة التوجهات، لكن الأخطر بينها تلك التي تهدف لإثارة الفتن والتحريض على العنف وإشاعة ثقافة الكراهية وبشكل سافر ومخيف.
ولو استعرضنا لنماذج من هذه القنوات سنتوقف عند تلك التي ينتقي صاحبها مقاطع معينة مأخوذة لأمثاله من الطرف الآخر أو يستقبل أسئلة من مشاهدين ثم يبدأ بالتعليق عليها طارحا نفسه ممثلا عن هذه الطائفة أو تلك ويرد على الطائفة أو الجهة الأخرى، بعد أن يستدعي الطرفان حدثا من أعماق التاريخ، ويكون التعليق عليه بطريقة تهدف إلى إثارة العواطف من خلال شتم جهة معينة أو تسفيهها بطريقة غير مباشرة، وهكذا صار (اليوتيوب) أو المقاطع المنتقاة منه بابا للفتنة وطريقة للابتزاز.
أشخاص يطرحون انفسهم رجال دين، يعيشون في أوروبا ويصدّرون خطابهم المريض من هناك إلى جمهور المسلمين، بقصد إشاعة ثقافة الفرقة والاحتراب بين ابناء الدين الواحد، وهناك من يوجه شتائمه واتهاماته ضد هذا الدين أو تلك الطائفة، ثم يجد نفسه مشتبكا مع جمهور لا يمتلك أغلبه الثقافة اللازمة للتصدي لموضوعات كبيرة يفترض أن يكون ميدانها البحوث والدراسات والكتب الرصينة، التي تغني الحوار من خلال الاختلاف العلمي بقصد إضاءة بعض مراحل التاريخ البشري، وليست المهاترات الساذجة، التي تشنّج الأجواء وتسهم في خلق رأي عام زائف.
وكأن الفضائيات الطائفية التي تبث على مدار الساعة لا تكفي هؤلاء فأرادوا أن يلاحقوا الناس من خلال مقاطع (اليوتيوب) على (الفيسبوك) ليدخلوا البيوت ليكونوا مع الناس بخطابهم المشوّه هذا، ليقينهم أن الغالبية من الناس لا تتابع قنواتهم ولم تعد مكترثة لما تطرحه من خلافات تاريخية، صارت تعتاش عليها جماعات مأزومة، وتستثمرها سياسيا وتجاريا بطريقة مكشوفة.
لا ندري اذا كنّا قد انتهينا من حل مشكلاتنا الراهنة، ولم يعد لدينا شيء يشغلنا اليوم، لكي نزجي وقتنا باستحضار خلافات قديمة لنجعل منها محورا لمناكفات وشتائم متبادلة، يقترحها هؤلاء المرضى ويسعون اليها مع أنهم لا يعرفون شيئا مهما عن حقيقة تلك الخلافات وخلفياتها والسياق التاريخي، الذي حصلت فيه قبل ألف عام وأكثر!
وما الذي ينفع الناس حين يزج بهم للخوض في أمور لم تعد أولوية عندهم وهم الغارقون في مشاكل الحاضر وتداعياتها على لقمة عيشهم التي صار الحصول عليها يصعب كل يوم، نتيجة لما فعلته تلك الثقافات المريضة، التي اقتحمت حياة الشعوب في السنين الاخيرة وتسببت في تخريب دولها واقتصادياتها ومزقت نسيجها المجتمعي الجميل، بعد أن هبّت عليه فجأة ريح هؤلاء الأصوليين والمتطرفين والمرضى واحرقت الأخضر واليابس.. وماذا يريد هؤلاء اكثر من الذي فعلوه حتى الآن والى أين يريدون ان يأخذوا الناس بجنونهم هذا؟
اضف تعليق