ما تم ذكره من سلبيات النشر غير المدروس لم يكن بالمرة بمثابة الدعوة لوقف النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، بل يمكن ان يكون الضوء الأصفر الذي يحذرنا من الاستمرار في فوضى النشر غير اللائق والتأكد من جميع المنشورات والتفكر قليلا، كون الذي يظهر للعلن لا يمكن التراجع عنه وحذفه...
عزيزي القارئ دعنا نذهب سوية برحلة مؤقتة نتحدث فيها عما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ونتساءل عن الأسباب التي تدفع الافراد لنشر جميع ما يجول بالخواطر، اذ سنتطرق معكم أصدقائي القراء الى الأسباب التي تجعل الكثير من الأشخاص ينشرون دون تأن او مراجعة لبعض الأفكار قبل اتاحتها امام الجميع.
لمواقع التواصل الاجتماعي خصوصية مختلفة عن باقي وسائل الاتصال، فهي تغلغلت مع الجميع ودخلت بكافة التفاصيل، أصبحت رفيقتنا في السفرات والمؤتمرات، وكذلك أوقات الراحة والاستجمام، حتى تكاد لا تفارقنا ولو لساعات معدودات، بينما الوسائل التقليدية الأخرى نتخلص منها بمجرد الخروج من المنزل الى مكان العمل او قضاء المشاوير.
ونظرا لهذه العلاقة الوثيقة بين الطرفين أي الانسان واستخدام الشبكات الاجتماعية، ظهرت لنا صفة يمكن ان نصنفها بالسلبية الى درجة معينة، فقد عمد الكثير من الأشخاص الى نشر جميع التحركات اليومية لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، دون التمييز بين حدود الخصوصية والاشياء العامة، وبذلك صرنا نرى على الصفحات اشتراك الفرد في ندوة علمية او ورشة فنية، وأيضا المؤتمر العلمي.
أضف الى ذلك الذهاب الى مجالس العزاء وتبادل الزيارات الاعتيادية، وكأن الجميع يهتم لمعرفة تحركات الفرد الناشر، وما طبيعة قضاءه للوقت بصورة يومية، بينما في الحقيقة اغلب المنشورات لا تستحق الوقوف عندها او التفاعل معها، كونها خالية من المضمون ولا تقدم أي منفعة للمجتمع او للمستخدمين.
انت كمستخدم لك الحرية في طريقة وأساليب الاستخدام، شريطة ان تحافظ على المبادئ العامة للمجتمع الذي تنتمي اليه، ولا يجوز نشر الأشياء التي تدخل ضمن خانة التفاهة او الابتذال، والاعتداء على خصوصيات الافراد او الجماعات، ويحصل ذلك في العادة عندما لا يسبق عملية النشر تفكير عميق بماذا سيحقق هذا المنشور واي ظاهرة سيعالج.
لقد فرض التقدم التكنولوجي وصول جميع المنشورات الى اعداد كبيرة من المواطنين، ولذا نحن اليوم بحاجة ماسة الى نشر الإيجابية أكثر ونمنع السلبية من الانتقال بين الأوساط المجتمعية، ففي بعض الأحيان تعم الاخبار الكاذبة ومن ساعد على نشرها شخصيات تتمتع بالعمومية، لكن أخفقت في نشر اخبار وقضايا مزيفة.
وبعد ذلك يزداد نشر هذه الاخبار وتشيع عبر الانتقال مع مجتمع الى آخر وفي الحقيقة لا يوجد لها أي أساس، فقد يكون الهدف من نشر أخبار غير حقيقية مضللة لإثارة الغضب وزعزعة الثقة بين المواطن والنظام أو الحكومة، او قد يكون الغرض منها تسقيط جهة بعينها بصرف النظر عن هوية هذه الجهة سياسية كانت ام حزبية، ومن هنا يتوجب الحذر وعدم التعاطي مع تلك الاخبار لحين التأكد من صحتها.
ويقف وراء النشر العشوائي بعض الأسباب النفسية والامراض الاجتماعية، بعد ان أصبحت مواقع التواصل ضرورة من ضرورات الحياة، لا يمكن لاحد ان يستغني عنها، ولا يتخيل نفسه بعيد عنها وبالنتيجة حدث الافراط في كل شيء عبر نشر قصص مفصلة للغاية لا حاجة من نشرها وإطلاع الرأي العام عليها.
يجد بعض الأشخاص ضالتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، فيتولد لديهم شعور بأن ما فقدوه في الحياة العامة، عوضتهم به الشبكات الاجتماعية، وهنالك من يستمتع بما ينشرون، ويتفاعل مع موضوعاتهم، وهنا يصيبهم قسط كبير من الراحة النفسية، تزيد من رغبتهم بمواصلة الطرح بغض النظر عن الحصول على تفاعل من قبل المتابعين او لا.
ما تم ذكره من سلبيات النشر غير المدروس لم يكن بالمرة بمثابة الدعوة لوقف النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، بل يمكن ان يكون الضوء الأصفر الذي يحذرنا من الاستمرار في فوضى النشر غير اللائق والتأكد من جميع المنشورات والتفكر قليلا، كون الذي يظهر للعلن لا يمكن التراجع عنه وحذفه، وربما تعرض له اشخاص يضمرون العداوة لنا، ويتحينون الفرص للوقوع بنا.
اضف تعليق