أصبح إخفاء الهوية الحقيقية على منصّات الإنترنت مدعاة الى عدم شعور الفرد بالأمان الكافي، الامر الذي دفع الخبراء الى تعزيز آليات التحقق من صحة ملفات تعريف المستخدمين، فيما المرجح ان تبتكر المنصّات، هويات مدنية الكترونية كتلك المعمول بها في العالم المتقدم، حيث لكل مواطن رقمه الالكتروني الذي يعد المفتاح لكل معلوماته...
التواصل بنوافذه المختلفة يصبح بيئة اجتماعية مستحكِمة، و”تجمّعا افتراضيا” عملاقا، يتجاوز حدود إمكانيات التعبئة الجماهيرية في الواقع.، ومثل أية بيئة مخالطة، فانه ثريّ بالتنوع في الأمزجة، والتوجّهات السياسية والثقافية، والفكرية، والأخلاقيات، بما تحفل به من فضائل ورذائل، وشكاوى وتجاوزات وانتقادات، وانتهاك للخصوصية، وانقلاب في أنماط المشاعر والعلاقات، بل انه نجح في التأثير في ثقافة المجتمع، وأصبحت الرغبة في الحديث مع أشخاص في Facebook و LinkedIn و Twitter، تتفوق على الميل الى التفاعل معهم في الواقع، ولم يعد السلوك “تصرّفا” خاصا، بل “عاما” يراقبه ويتفاعل معه عشرات الآلاف من الأشخاص في العالم.
بل وتفرض عليك قوانين وانساق الحوار في التواصل، أنك تتلقى ما لا يسرك من وجهات النظر، ويتحاور معك الذي لا تتفق معه في الأفكار، ويقتحم صفحتك الذي لا تطيق الحديث معه في الشارع.
هذه البيئة الغنية بالبشر والسرائر، والثقافات تحتاج الى أدوات كافية للتنظيم الذاتي، وهو ما تشتغل عليه إدارات التواصل الاجتماعي، ومن ذلك، - على سبيل المثال لا الحصر-، وضْع علامة على المحتوى المسيء ثم إزالته، والحيلولة دون تحوّل النوافذ الى إعلانات سياسية وتجارية. وفي اجراء ملفت، نصحت لجنة تحقيق برلمانية بريطانية بضرورة حرمان مستخدمي الإنترنت البريطانيين الذين ينشرون أفكارا عنصرية، من وسائل التواصل.
لكن الأصعب من كل ذلك، هو تحديد هويات الأشخاص الحقيقية، وفيما إذا هي “منتحلة” أم لا، بعد ان تعرّضت هذه النوافذ التفاعلية الى نوع من الاهتزاز السلبي بسبب الانغماس المفرط في صناعة الشخصية الوهمية التي تتيح للأشخاص، ضخّ سلبياتهم بأسماء مزيفة.
أصبح إخفاء الهوية الحقيقية على منصّات الإنترنت مدعاة الى عدم شعور الفرد بالأمان الكافي، الامر الذي دفع الخبراء الى تعزيز آليات التحقق من صحة ملفات تعريف المستخدمين، فيما المرجح ان تبتكر المنصّات، هويات مدنية الكترونية كتلك المعمول بها في العالم المتقدم، حيث لكل مواطن رقمه الالكتروني الذي يعد المفتاح لكل معلوماته الشخصية المسجلة لدى السلطات الرسمية.
انطلقت مواقع التواصل منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، على أيدي الجيل الذي يسميه الاوربيون، بـ الجيل Z ، Y، كما يطلق عليه اسم “جيل لوحة المفاتيح» .
كانت أول وسيلة تواصل بشكلها الحالي على الإنترنت هي شبكة Six Degrees المشتق اسمها من عنوان نظرية “ست درجات من الفصل” واستمرت من العام 1997 إلى العام 2001، لتتوالى بعدها إصدارات مثل Myspace في العام 2003، وأصبح Facebook متاحا للجميع في العام 2005. ثم انطلق Twitter في العام 2005، وتبعه Instagram في العام 2010 . وفي العام 2011 دّشن Snapchat انطلاقته.
يجب انْ لا نشعر بالإحباط في العراق، من سوء الأخلاق الرقمية والغش السيبراني، ذلك ان دولة مثل المملكة المتحدة يعتقد غالبية الآباء فيها أن التواصل الاجتماعي يضر بالتطور الأخلاقي لأطفالهم، لاسيما بعد انتشار الهواتف الذكية.
كما يتوجّب التفكير في الجانب الإيجابي لنوافذ التواصل، إذا ما نجحنا في توظيفها في تعزيز الشخصية الإيجابية والفضائل الأخلاقية مثل الحب، واللطف، والحوار، والسلام بين الأديان والشعوب.
اضف تعليق