رفعت وزارة العدل الأميركية، دعوى قضائية أمام المحاكم المدنيّة ضدّ عملاق محرّكات البحث، غوغل، على خلفية احتكار الشركة خدمات البحث العامة. ردّت الأخيرة بالقول إن الإجراء منحاز في العمق، وإن الناس يستخدمون غوغل بإرادتهم وليس لأنهم مرغمون أو لأنهم لا يجدون بديلاً...
رفعت وزارة العدل الأميركية، دعوى قضائية أمام المحاكم المدنيّة ضدّ عملاق محرّكات البحث، «غوغل»، على خلفية احتكار الشركة خدمات البحث العامة. ردّت الأخيرة بالقول إن الإجراء «منحاز في العمق»، وإن «الناس يستخدمون غوغل بإرادتهم وليس لأنهم مرغمون أو لأنهم لا يجدون بديلاً».
الدعوى القضائية المرفوعة مِن قبل وزير العدل، ويليام بار (يتّهمه الحزب الديموقراطي بتغطية مخالفات ترامب وتنظيف أعماله القذرة)، هي الأولى ضدّ شركة تكنولوجيا عملاقة، منذ القضيّة التي رُفعت ضدّ «مايكروسوفت» أواخر التسعينيات. ومن شأن هذه الدعوى أن تمهّد الطريق أمام بدء عملية تفكيك عمالقة التكنولوجيا على يد الحزب الديموقراطي، في حال فوز جو بايدن، أو الخروج بخسائر أقلّ إذا أعيد انتخاب ترامب لولاية رئاسية ثانية.
فحوى الدعوى
تركّز الدعوى القضائية على مليارات الدولارات التي تدفعها «غوغل» كل عام لضمان تثبيت محرك البحث الخاص بها على برامج تصفّح الإنترنت (Browsers) والأجهزة مثل الهواتف المحمولة. ويقول المسؤولون الأميركيون إن صفقات مثل هذه، ساهمت في تنصيب «غوغل» حارسة لبوابة الإنترنت، كونها تمتلك أو تتحكّم في قنوات التوزيع لحوالى 80% من عمليات البحث في الولايات المتحدة. على هذه الخلفية، قالت وزارة العدل الأميركية إن الشركة تُقدّر أن نحو 50% من عمليات البحث نشأت على أجهزة "آبل" في عام 2019. ولأن النسبة عالية جداً، تدفع «غوغل» لـ«آبل» ما يقدَّر بـ 8 مليارات إلى 12 مليار دولار سنوياً، لتبقى الخيار على هواتفها وأجهزة «آيباد» وحواسيبها.
«غوغل» تجمع الأضداد
يتّفق الحزبان الجمهوري والديموقراطي على أن عمالقة التكنولوجيا باتوا يملكون الكثير من القوة، وأنه يجب القيام بشيء حيال ذلك. ترامب وحزبه يبحثان عن مساحة أكبر وأكثر عدالة لهما على منصات التواصل الاجتماعي، بينما يريد بعض الديموقراطيين فرض ضرائب أكبر على تلك الشركات، فيما يذهب آخرون نحو اقتراح تفكيك تلك الشركات، بعدما أصبحت عبارة عن «مونوبولي» ضخمة، تتمتّع بقوّة احتكارية بات واجباً كبحها. يُعتبر السيناتور بيرني ساندرز من دعاة تفكيك تلك الشركات، ويطالب بتحسين شروط عمل الموظفين لديها والقيام بإصلاحات شاملة في هذا الشأن. وبدا لافتاً، وفق ما أوردت صحيفة «فايننشال تايمز»، أن ساندرز والسيناتور إليزابيث وارن حصلا، كمُرشَّحين رئاسيَّين مُحتملَين، على الحصة الأكبر من المال الانتخابي، من قِبَل موظّفي قطاع التكنولوجيا، وليس مِن الشركات نفسها.
أما وارن التي دعت وزير العدل إلى الاستقالة مراتٍ عدة، فباتت تجد أرضية مشتركة بينهما على خلفية الدعوى المُقدَّمة. وفي تصريحٍ لها عبر موقع «ريكود»، قالت السيناتور الديموقراطية: «هناك أمران يمكن أن يكونا صحيحين في الوقت نفسه: بيل بار هو صديق فاسد لترامب ولا ينبغي أن يكون المدعي العام. لكن وزارة العدل لديها سلطة متابعة دعوى قضائية مشروعة ضد غوغل لمشاركتها في سلوك تنافسي متلاعب وغير قانوني في كثير من الأحيان».
لكن، ألن تتضرّر مصلحة الحزب الديموقراطي بدعم الدعوى ضد «غوغل» والمقدمة مِن قِبَل فريق ترامب؟ سيكون هذا تحالفاً لافتاً في أي وقت، وخصوصاً أنه يأتي قبل أسبوعين من الانتخابات، وفي اللحظة التي لا يريد فيها أي ديموقراطي دعم خيارات الإدارة الحالية. لكن وارن وآخرين قرّروا أن ملاحقة «غوغل» تستحق إيجاد أرضية مشتركة مع عدوّ لدود.
في المحصلة، توقع ممثّلو «غوغل» مرور عام على الأقل قبل إحالة القضية على المحاكمة، فيما قال الخبراء إن من غير المرجّح أن تسحب القضية تحت قيادة رئيسٍ جديد. هنا، يكون ترامب وإدارته قد سحبا البساط من تحت أقدام الجناح التقدّمي في الحزب الديموقراطي، ومهّدا الطريق أمام محاسبة تلك الشركات أولاً، بعد إيصال رسالة واضحة إلى شركات التكنولوجيا الكبرى، وتحديداً المالكة لمنصّات التواصل الاجتماعي، ثانياً. وفي حالة إعادة انتخابه، يمكن القضية عندها أن تأخذ منحىً مغايراً وأقلّ قسوة، على شكل غرامات مالية.
اضف تعليق