يتوقع بحلول عام 2020 أن يباع مليون طابعة منزلية سنوياً، تتراوح أسعارها بين 300 و1000 دولار للطابعة الواحدة، وذلك حسب خصائصها وسرعتها وحجم المساحة التي تستطيع طبع الأشياء داخلها. لكننا نتحدث هنا عن محدودية في عملية الطباعة، رغم أن العديد من الأشكال الهندسية موجودة على الإنترنت...
منذ بداية تسجيل براءة الاختراع عام 1984، تطورت الطابعات الثلاثية الأبعاد بمنحى تصاعدي وفي كل الميادين، فتجدها اليوم تطبع الطعام وأعضاء الجسد وقطعاً هندسية من البلاستيك والحديد، حتى إنه مؤخراً قامت شركة بـ"طباعة" منزل كامل من الإسمنت.
تعمل هذه الآلة من خلال طبع طبقات بعضها فوق بعض، وخلال دقائق أو ساعات قليلة (حسب حجم الشيء المراد صنعه) تبدأ هيئة الشكل المطبوع بالظهور أمامنا.
فلنقل إننا في صدد طباعة كوب من البلاستيك: تبدأ الطابعة بنثر مادة البلاستيك من خلال منفذ صغير يشبه الإبرة، فتطبع بدايةً قعر الكوب وتنفث سائل البلاستيك المذاب في شكل دوائر بعضها فوق بعض ليجف ويقسو، قبل أن تعاود العملية نفسها لبناء طبقة أخرى، حتى يصبح الكوب جاهزاً. هذه الطريقة في الطباعة مستخدمة في طباعة كل الأمور الأخرى… حتّى الطعام.
هل يمكن أن نتخيّل مثلاً أننا نأكل طعاماً مطبوعاً؟ مع Foodini يمكنك أن تحصل على الطعام مباشرة من المطعم... عفواً من المطبعة! Foodini هي طابعة ثلاثية الأبعاد تستطيع أن تطبع البيتزا، البرغر وحتى الشوكولا، وهي تعمل بنفس طريقة عمل الطابعات الأخرى من صنفها، إلا أن الفرق الوحيد هو أن المواد المستخدمة فيها هي للاستخدام البشري بدل البلاستيك أو المعادن.
يعوّل على تكنولوجيا الطباعة الثلاثية الأبعاد كثيراً في قطاع الطب، إذ ستنهي الانتظار في المستشفيات لأشهر أو لسنوات ليتبرع شخص ما بقلب أو كلية يحتاج إليها إنسان آخر للبقاء على قيد الحياة. فقد نجح فريق من العلماء من معهدWake Forest للطب الإصلاحي بعد 10 سنوات من التطوير في طبع أذن بشرية من مواد بيولوجية تحاكي الأنسجة البشرية ويستقبلها جسم المصاب من دون أي مقاومة أو رفض للطرف الجديد. كذلك فإن بعض المراكز البحثية تعمل على أفكار جديدة وثورية في هذا المجال، مثل طباعة الأنسجة بشكل مباشر فوق المنطقة المتضررة من جسم المريض، ما يشبه أفلام الخيال العلمي عندما يصاب أحد الأبطال بطلقة في جسمه فيدخل إلى آلة تحدد مكان الإصابة وتبدأ بطباعة الأنسجة بدل تلك التي فقدت. لكن رغم هذا التطور المهم في مجال الطب وصناعة الأنسجة والأعضاء البشرية، لا تستطيع الطابعات الحالية صناعة شرايين، وهو ما يعدّ تحدياً أمام هذه التكنولوجيا، اذا ما أرادت أن تثبت نفسها في هذا المجال، ولكن ما يبعث الأمل أن العديد من الجامعات والمراكز تعمل على حل هذه المشكلة حتى نصل إلى اليوم الذي نستطيع فيه طباعة أيّ عضو من جسم الإنسان.
ستغيّر الطابعات الثلاثية الأبعاد طريقة شرائنا للسلع في المستقبل؛ فلنقل إنك تتسوّق عبر الإنترنت وأعجبتك قطعة ما من الثياب، فقمت بشرائها. الجديد هنا أنك لن تتنظر عامل البريد ليوصلها إليك، إذ ستتكفل الطابعة بصنعها لك في غضون دقائق، ما يعني أنك اشتريت التصميم، أمّا الصناعة فستحصل داخل منزلك. في المستقبل سيكون بإمكانك أن تصمّم ثياباً بنفسك على الكومبيوتر، ولست بحاجة سوى لشراء المواد الخاصة للطابعة.
أما في مجال البناء، فقد قامت شركة Apis cor، التي يقع مقرّها في ولاية كاليفورنيا، ببناء منزل كامل في إحدى القرى في روسيا في خلال 24 ساعة فقط. استعملت الشركة طابعة ثلاثية الأبعاد محمولة تطبع بمادة الاسمنت ومواد أخرى تستخدم في البناء، والنتيجة كانت منزلاً جميلاً وعصرياً يمتد على مساحة 400 متر مربع، وبكلفة بخسة تبلغ نحو 10134 دولاراً. المضحك في الأمر هو أن الأبواب والنوافذ التي وضعت في المنزل استهلكت الجزء الأكبر من القيمة التي دفعت. الجدير بالذكر أن العديد من الشركات الصينية قد أخذت تكنولوجيا البناء عبر الطابعات إلى مستوى جديد، إذ تحاول اليوم بناء ناطحات السحاب عبر الطباعة الثلاثية الأبعاد. فقد بنت شركة WinSun للديكور والهندسة مبنى مؤلفاً من خمس طبقات، إضافة إلى العديد من البيوت، باستعمال مواد بناء مختلفة، ومنها ما قد أعيد تدويره.
يتوقع بحلول عام 2020 أن يباع مليون طابعة منزلية سنوياً، تتراوح أسعارها بين 300 و1000 دولار للطابعة الواحدة، وذلك حسب خصائصها وسرعتها وحجم المساحة التي تستطيع طبع الأشياء داخلها. لكننا نتحدث هنا عن محدودية في عملية الطباعة، رغم أن العديد من الأشكال الهندسية موجودة على الإنترنت، والكثير منها معروض للتحميل على أجهزة الكومبيوتر مجاناً، إلا أنها تبقى أشكالاً بسيطة تطبع بمادة البلاستيك ولا تحرر الأفراد من إلزامية شراء الحاجات الأساسية من الأسواق. فالطابعات الأخرى ما زالت حكراً على مؤسسات وشركات لم تنشر هذه التكنولوجيا للمستخدم العادي، وربما لن تفعل ذلك في القريب العاجل.
اضف تعليق