q
{ }

اقام مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان (فقه المستقبل... قراءة في رؤية المرجع الشيرازي الراحل)، يوم الأحد الموافق 23/8/2015 على قاعة جمعية المودة والازدهار، وحضر الحلقة النقاشية مجموعة من الأكاديميين والباحثين، حيث اقيمت هذه الحلقة النقاشية تزامنا مع الذكرى الرابعة عشر لرحيل المرجع الديني المجدد الامام السيد محمد الشيرازي (قدس سره)، وتطرقت الحلقة إلى قراءة موضوعية في كتاب الامام الراحل (فقه المستقبل) الذي تناول عصر المستقبل للإنسان واعتبره عصر العلم والإيمان والواقعيات، التي تميز الإنسان على أساس علمه وكفاءته وأخلاقه.

وقدم للحلقة النقاشية الباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية الدكتور قحطان الحسيني الذي اشار الى اهمية المستقبل وضرورة سعي الانسان الى التحكم به لصالح البشرية بعيدا عن وضع التعقيدات الغيبية غير المؤكدة، واصفا عصر المستقبل بعصر النهضة والعلم والايمان إذا اعتمد على اسس صحيحة بإمكانها ان تؤتي اكلها وثمارها مستقبلا.

عصر المستقبل والتنبؤ بالمستقبليات

بدأ صاحب الورقة النقاشية الدكتور انور سعيد الحيدري من كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد، بطرح ما في جعبته من رؤى وافكار حول عصر المستقبل ليشاركه بذلك كوكبة من المفكرين والباحثين ويفتح باب المشاركة امام جميع الحاضرين ليجودوا بما يجول في خواطرهم من أفكار وآراء مرتبطة بموضوع الحلقة النقاشية.

حيث اشار الدكتور الحيدري الى ان "من سنن الحياة ان تدور عجلتها نحو الأمام، ومن يريد الوصول آمناً عليه تحديد السبيل وتتبعه، وخلاف ذلك فإنه إما أن يبقى مراوحاً في مكانه، فيسبقه الآخرون، أو لا يحسن التعامل مع الظروف، فيعود القهقرى، وهو خاسر في كلا الحالين"، موضحا بالقول "لو لا هذا المشهد لما شهدت الإنسانية تقدمها، ولما بات لمعايير التقدم والتخلف من مصاديق".

ولفت الحيدري الى النظرة المستقبلية التي ينبغي على كل انسان التحلي بها، متطلعا الى التنبؤ بالمستقبل بغية التحكم به لصالح الإنسان، حيث تبلور اتجاه يشخص نحو المستقبل يطلق عليه (الدراسات المستقبلية)، وقد تجاوزت هذه الدراسات العلوم الطبيعية الى نحو العلوم الانسانية، التي من خلالها اخذ الباحثون برسم عدة مشاهد مستقبلية (سيناريوهات محتملة) للحدث"، مؤكدا على امكانية وضع افتراضات وحسابات وحلول لكل مشهد، وكذلك وضع خيارات عدة، واختيار البديل الأنسب متى ما جاءت فرصته المستقبلية".

هذا وقد اوضح صاحب الورقة النقاشية الدكتور الحيدري العلاقة بين التنبؤ بالمستقبليات وعصر المستقبل من جهة وعلاقتهما بالدين الاسلامي، لتلازمهم معا وبالفكر الاسلامي الذي لم يكن بعيدا عن عصر المستقبل، معتبرا ان ابرز الذين أسهموا في هذا المجال المرجع الديني الراحل السيد محمد الشيرازي في كتابه (فقه المستقبل) الذي وزعه بين بابين ضما فصولاً خمسة.

هذا وقد ختم الحيدري حديثه بربط الازمنة الثلاثة (الماضي، الحاضر والمستقبل) ارتباطا وثيقا مشبها اياهم بالشجرة التي اينعت ثمارها بقوله "فالماضي كجذور شجرة حاضر قوامها بانتظار قطاف ثمارها مستقبلاً"، مؤكدا في الوقت ذاته على ان "المستقبل يبقى الأهم كون عجلة الزمان تسير إليه، وهو لا يأتي بدون حاضر سيغدو ماضيا".

المداخلات:

بعد الانتهاء من الورقة البحثية، فتح باب النقاشات أمام الحضور لسماع مداخلاتهم وآرائهم بما تم طرحه في الورقة النقاشية للخروج بخلاصة مفيدة تكون مقدمة لنقاشات اخرى حول النظرة بالعقلية المستقبلية لوقائع الاحداث.

فكانت اولى المداخلات من نصيب الاستاذ الجامعي الدكتور حازم البارز الذي يرى "ان فقه المستقبل حسب رؤية الامام الشيرازي الراحل يبتدأ من الحوار والنقد الذاتي والسلم الاجتماعي وصولا الى الهدف المطلوب ألا وهو فقه المستقبل"، متسائلا في الوقت ذاته هل ان فقه المستقبل هو محاكاة للواقع ام هذه الرؤية اهتمت بالحاضر؟.

واما الدكتور بشير المقرم وهو اختصاصي ومدرب تنمية بشرية فقد طرح على الباحثين الحاضرين تساؤلين تمثلا باستعلامه عن أهم الاهداف التي رسمها المرجع الراحل والتي تدخل في صناعة الرؤية والرسالة المستقبلية؟، وايضا هل كان من المقرر رسم خطة مستقبلية للانسان ام ترك الامر للانسان المسلم بوضع خطة شخصية له؟.

هذا وطرح الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية باسم عبد عون بعض التساؤلات التي اشارت الى اننا كيف يمكننا الاستفادة من الماضي والحاضر ونستشرف المستقبل؟ وتساءل من هم المستقبليون الذين تم ذكرهم خلال الورقة البحثية هل هم النخبة الدينية ام النخبة الاكاديمية؟.

واما الاستاذ القانوني جاسم الشمري مدير قسم التدريب والتطوير في محافظة كربلاء المقدسة فقد طرح تساؤل امام الحاضرين اشار فيه الى اين نحن من فقه المستقبل ومن يضع الخطط المستقبلية؟.

توجه بعدها صاحب الورقة البحثية الدكتور انور الحيدري بالإجابة الكافية على التساؤلات والاشكاليات التي طرحها الحاضرون الباحثون، ليتفق الجميع على ان العقلية المستقبلية هي تلك التي تنظر إلى الماضي للاستفادة من تجاربه، وتعزز الحاضر انطلاقاً لمستقبل أفضل، فمن تساوى يوماه فهو مغبون، ولا يمكن لمن يسير إلى الأمام أن يبقى ملتفتاً إلى الخلف ينظر وراءه، والماضويون لا يصنعون المستقبل.

اضف تعليق