بين أروقة جدران التأريخ تسكنُ الكثير من الاسماء التي أخذت مكانها في احدى سطوره إن كانت بالصورة الحسنة أو الصورة السيئة.
سمعتُ كثيراً ان الاممُ بعظمائها، وأيضاً سمعتُ ان الامُم التي تحترم عظماءها وتسيرُ على خُطاهم هي أُمم عظيمة لا تهزها رياح الويلات، لكني ما زلتُ أسمع وأقرأ إذ لم أرى يوماً عظيماً يجسد تلك العظمة لبيت الرسالة واعظم مخلوقات الله عزوجل، لم أرى ذلك العظيم الذي يتخلق بأخلاق نبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول إنني قد تخلَّقتُ بأخلاق محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).. لم أرى ذلك الاستاذ الذي يبرع في تعلم علومهم ونشرها.. لم أرى ذلك العاشق الذي يسيرُ على خطى تعاليمهم دونما أي مصلحة تُرجى..
ما زلت لم أرى حتى سمعتُ يوماً أن هناك (محمداً) استحال سلطاناً وانه لم يغبْ خلف سحاب الموت لان شمسه كانت أقوى من تلك السحابات الخجلة من نوره..
فحضوره كان طاغي اللون في كل شيء..
يترك بصمته على الماء والرمال، ينقشُ الحجر ويعانق القمة، يُغازل القلم ويتغنى بالحروف وكأنها تسابيحه في ليلةً ظلماء لا تصلحُ الا للمناجاة والدعاء..
رأيتهُ خالداً في كل شيء، رأيته حضوراً لا يفنيه الموت، رأيته قمراً يرتسمُ بين طيات صفحاته التي كانت تعشقُ مداده حين ينسكب عليها.
تعشقُ تراقص يداه المنغمسة بحب آل محمد ص على سطورها البيضاء فتكسبها بهاءاً من ضياءاً آخر.
قرأته خلف كل عنوان لكتاب يحمل اسمه ووجدته يسكنُ في أعماق كل وصية أشبع التأريخ بها
ورأيته يحطم ذلك الوهم الذي صنعوه حول الانسانية باسم الدين والتدين.
رأيته يفتكُ بابتسامته الرائعة بأساليب تعذيبهم وقتلهم، رأيته يحطم اسوار إقامتهم الجبرية ويصدحُ بالولاء لآل علي لكل أنحاء المعمورة.
ويشتاق لكربلاء اشتياق الماء للماء، رأيته كيف يصنعُ من الفرد أُمة ترتقي مدارج الانسانية، سألوه في ذات مرة لماذا تضعُ (العمامة) على رؤوس الاطفال؟
فأجابهم: ليشعروا أن بداخل كل واحد منهم مشروع المرجع الذي يقود الأمة وينهض بأعباءها، رأيته حين ذَكَّر بعض من تناسى أن الانسان بُني على (لا إله) وهي -لا- كبيرة (إلا الله ) وهي -نعم- كبيرة تعادلها! فكفاكم من جنون النفاق!
سيدي محمد.. شُكراً فكثيرُ من عشقي للحُسين (عليه السلام) عرفته منك، شربته من يديك، واكتشفتُ أنكَ قلبُ تغذى بحب الحسين منذُ الطفولة واستلهم معاني الولاء من اجداده الابرار، شُكراً لأنكَ قدمت دماء وعطاء وفكر واخلاص، شُكراً لأنك قائد تعرف أصول القيادة الاسلامية الحقة.
والشمس لا يحجبها الغربال، ولا بد لشمس الحقيقة ان تبزغ.
اضف تعليق