ماذا لو استوقفك معلم الاسلامية ووجهه لك هذا السؤال من هو امين الاسلام؟، ماذا ستجيب؟، لا اعرف من هو امين الاسلام؟ لم اسمع بهذا الاسم من قبل؟، هل هو قائد ام محارب ام ماذا؟، لا تقلق انا ايضا سألني المعلم ذات يوم من هو امين الاسلام فلم اجب؟، وعندما سألني عن رهين المحبسين؟، قلت أبو العلاء المعري وهو من سمى نفسه بذلك لأنه رهين العمى والبيت، استغرب المعلم من سرعة جوابي، وقال بنبرة حادة تعرفين ابو العلاء ولا تعرفين امين الاسلام، يا ويل قلبي من ابناء هذا العصر! هل تعرفين من هو المختار الثقفي؟ نعم ثلاث مرات شاهدتها اعرف المختار وكيان! علامات الدهشة والاستغراب تعلو وجه، اوقفني امام الطلاب وقال درس الاسلامية غدا يكون عن هذا الرجل المظلوم! ومن يحضر الدرس هو انتم يا طلاب؟ ارجو منكم البحث والمطالعة عن ( امين الاسلام ) نلتقي غدا ان شاء الله، رن الجرس فكانت تلك امنيتي الوحيدة في هذا اليوم ان يخرج المعلم وينتهي الدرس .
رجعت وانا حاملة هموم الواجبات المدرسية على راسي، ومازال سؤال المعلم يدور في عقلي، فمن هو (أمين الاسلام ) وما الذي يهمنا في أمره؟ في باحة المنزل كان يجلس ابي وبيده سيجارته يتصفح في جريدة اليوم، ودخان سيجارته تغطي ملامحه، اقتربت منه واكاد اختنق من الدخان المتصاعد، طلبت منه ان يجلب لي كتب من جارنا، كثيرا ما استعار منه الروايات والكتب التاريخية، لان ابي ينسى كثيرا، كتبت في قصاصة صغيرة ما طلبه الاستاذ عن (امين الاسلام)، مسك ابي القصاصة وجعلها في محفظته.
في المساء جاء ابي ومعه اكوام من الكتب يحتضنها كما تحتضن الام صغيرها، دفعها لي وهو يرتل على مسامعي حافظِ عليها جيدا، لا نها امانه، افردتها جانبا وبدأت بالقراءة و الاطلاع.
سيرة حياته من الولادة الى الشهادة
(أمين الاسلام) هو الفضل بن الحسن الطبرسي ولد في مدينة مشهد سنة ( 468 أو 469 هـ) نشأ في بيئة عرف عنها العلم والفضيلة فكان من الأسر المعروفة بين الشيعة والده الحسن بن الفضل أحد علماء عصره وابنه رضي الدين الحسن بن الفضل الطبرسي وكان من تلامذة أبيه وله مؤلفات كثيرة منها " مكارم الأخلاق"، أخذ العلم من وجهاء قومه ومشايخ عصره وشاركهم في مجالسهم، حتى صار معروفا في قومه، اختص في علم اللغة، والاشتقاق، والمعاني والبيان، والتاريخ، والحساب، وله مؤلفات كثيرة، ومن أهم أساتذة أمين الإسلام الطبرسي و مشايخه في الرواية ( أبو علي الطوسي ابن شيخ الطائفة الشيخ الطوسي، الحسن بن الحسين جد الشيخ منتجب الدين صاحب كتاب الفهرس، موفق الدين بكر آبادي، أبو الحسن عبيد الله البيهقي، الشيخ جعفر الدوريستي أحد تلامذة الشيخ المفيد) .
كنيته أبو عليّ، ولقبه أمين الإسلام، ولقّب بأمين الملة والإسلام، اختلف الباحثون في نسبه، وذهب الأكثر إلى أ نّها نسبة إلى طبرستان وهو غير صحيح، نظراً إلى انّ قانون النسبة يقضي بأن تكون النسبة إليها طبري لا طبرسي، وقد تكفلت كتب البلدان والأنساب ببيان ذلك، على انّ لدينا ما يغنينا عن التمحّل الّذي ذهبوا إليه، وذلك تصريح مؤرّخ معاصر له ذلك هو أبو الحسن عليّ بن زيد البيهقي (ت 565 هـ) فقد قال: أصله من طبرس، وهو منزل بين قاسان واصفهان ينسب الكثير من العلماء الكبار الطبرسي إلى طبرستان فتكون القراءة الصحيحة: الطَبرَسي و لكن التحقيق لا يدل على ذلك! و إنما الطبرسي نسبة إلى تفرش و يكون التلفظ الصحيح لها الطَبرِسي، كان ذكياً نابهاً تفوق على جميع أقرانه، وكانت نشأته الاُولى في خراسان، ايام حكم السلاجقة. فعدّ من أئمّة التفسير في القرن السادس الهجري.
قال عنه الشيخ أسد الله التستري في كتابه المقابيس: «أمين الاسلام للشيخ الأجل الأوحد، الأكمل الأسعد ،قدوة المفسرين، وعمدة الفضلاء المتبحرين، أمين الدين أبي علي» قال الحر العاملي في كتابه أمل الآمل عنه: «ثقة فاضل دين عين.» قال عنه العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار:« ثقة فاضل دين» قال عنه عباس القمي في كتابه الكنى والالقاب< فخر العلماء الاعلام امين الملة والاسلام والمذعن بفضله أعداؤه ومحبوه الفقيه النبيه الثقة الوجيه العالم الكامل المفسر العظيم الشأن.
مؤلفاته (مجمع البیان يعتبر من أبرز التفاسير الشيعية وهو يقع في عشرة مجلدات وله منزلة رفيعة يضاهي منزلة «جامع البيان في تفسير القرآن» عند أهل السنة، تفسير جوامع الجامع، المستمد من البيان وهو منتخب لكتاب البيان للشيخ الطوسي)، لا توجد مكتبة في الشرق الإسلامي بل وحتّى في الغرب لا تحتضن مؤلفاته في رفوفها العالية لمكانته الجليلة ولمعلوماته القيمة.
حكاية الطبرسي مع القبر
حكاية عجيبة تدل على كراماته في سنة (548هـ) توفي صاحب كتاب امين الاسلام الطبرسي في سب زوار ونقلت جنازته الى المشهد المقدس ودفن في المقبرة المعروفة بـ (فتلكاه) وقد نقل صاحب روضات الجنان عن صاحب رياض العلماء أنه قال ومن عجيب امر هذا الطبرسي أنه أصابته السكتة، فظنوا انه مات، فغسلوه وكفنوه ودفنوه وانصرفوا، فأفاق ووجد نفسه مدفونا، فنذر إن خلصه الله من هذه البلية، أن يؤلف كتابا في تفسير القرآن الكريم، واتفق أن بعض النباشين كان قد قصد قبره في تلك الحال، وأخذ في نبشه، فلما نبشه وجعل ينزع عنه الأكفان، قبض بيده عليه، فخاف النباش خوفا عظيما، ثم كلمه فازداد خوف النباش، فقال له لا تخف، وأخبره بقصته فحمله النباش على ظهره، وأوصله إلى بيته، فأعطاه الأكفان، ووهب له مالا جزيلا، وتاب النباش على يده ثم وفى بنذره وألف كتاب مجمع البيان.
توفي المفسر الكبير و العالم الرباني أمين الإسلام الطبرسي (سنة 548) للهجرة في بيهق بعد أن عاش ما يقارب 90 سنة وقد نقل عن العلامة السيد محسن الأمين إن الطبرسي لم يمت وإنما مات شهيداً ولكنا لم نحصل على معلومات عن كيفية استشهاده، و نقل جسده الشريف من مدينة بيهق إلى مدينة مشهد المقدسة و دفن إلى جوار مرقد الإمام الثامن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وأصبح قبره مزاراً للشيعة.
دونت كل ما عثرت عليه من المعلومات حول الشيخ الطبرسي، في دفتر التحضير، وتعلمت درسا لا ينسى من المعلم حول اقتضاب الحديث عن تلك الشخصية التاريخية الفذة والتي تستحق ان تكون منارا لنا، وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) "من وقَّر عالماً فقد وقَّر ربَّه"، علمائنا تاريخنا ويجب ان نحافظ على التاريخ كما نحافظ على المنهاج والادعية بهذه الكلمات ختم المعلم الدرس.
اضف تعليق