q

عاشت حلب في عصر الدولة الحمدانية ذروة عصرها الحضاري والثقافي حيث لم يشهد تاريخها الطويل عصراً زخر بالأمجاد كالعصر الذي عاشته في عهد سيف الدولة الحمداني الذي أصبحت فيه من أهم المراكز العلمية والثقافية في العالم الإسلامي وملتقى رجال العلم والفكر والأدب، فكان لهذه النهضة الثقافية والحضارية أثر كبير ودور عظيم على مدى قرون عديدة، يقول المستشرق الأمريكي ستيفن همفريز عن عصر سيف الدولة (في زمنه كان من الممكن لحلب أن تجاري أي بلاط في إيطاليا في عصر النهضة).

سيادة التشيع والتسامح الديني

وعلى الرغم من أن الحمدانيين كانوا من الشيعة الإثني عشرية، إلا أنهم لم يرغموا الناس على اتباع مذهبهم ولم يكرهوهم عليه كما فعل صلاح الدين الأيوبي عندما دخل مصر وحكم أهلها بسياسة طائفية بغيضة أهرق بسببها من دماء المسلمين الشيعة أكثر ممن قتل من الروم، أما سياسة الحمدانيين في حلب فقد كانت غاية في التسامح المذهبي والحرية الدينية، فقد كان أكثر أهل حلب من الحنفية والشافعية ولم يغير هؤلاء الناس مذهبهم بعد دخول الحمدانيين حلب وحافظوا عليها ثم ساد التشيع واعتنقه أغلب الناس.

ولم يحدث في مجتمع حلب أي مشاحنات أو مصادمات بين الشيعة والسنة بل لا تجد أي نعرات طائفية أو أي أحد ممن يثيرها فقد كان مجتمعا خالياً من أي نوع من أنواع التعصب المذهبي، ومما يدل على نزوع الحمدانيين إلى الحرية الفكرية والدينية أن تولى منصب القضاء في حلب القاضي أحمد بن إسحاق الملقب بـ (أبي الجود) وكان حنفي المذهب.

ومن المضحك أن نجد ابن كثير يشيد بهذا التسامح الديني في سياسة سيف الدولة ثم يعزو ذلك إلى الغرابة كونه شيعي فيقول عن سيف الدولة:(أحد الأمراء الشجعان والملوك الكثيري الإحسان على ما كان فيه من تشيّع، وقد ملك دمشق في بعض السنين واتفق له أشياء غريبة منها أن خطيبه كان مصنف الخطب النباتية أحد الفصحاء البلغاء ومنها أن شاعره كان المتنبي وكان سيف الدولة كريماً جواداً معطياً للجزيل) ثم يذكر بعض أشعاره ؟

فكأنه يريد أن يعزل صفات الشجاعة والجود والتسامح المذهبي والحرية في الرأي كون ابن نباتة من السنة وغيرها من الصفات التي اتصف بها سيف الدولة عن التشيع !! نقول له وهل اتصفت بهذه السياسة غير دول الشيعة الذين اقتبسوا من أمير المؤمنين قوله: (الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) أما غيرهم فقد طغت الطائفية على سياستهم ونكلوا بالشيعة واضطهدوهم كما فعل المجرم صلاح الدين الأيوبي الذي قتل الآلاف من الأبرياء لا لشيء إلا لأنهم شيعة

نقول له نحن لا نلومك فلك الكثير من أمثال هذه المواقف الدنيئة للحط من رموز الشيعة وقد عبرت عن معدنك الخسيس وأصلك الوضيع.

كما لم يقتصر هذا التسامح في الرأي والمعتقد على المسلمين من سنة وشيعة بل عاش غير المسلمين من اليهود والنصارى هذا التسامح على الرغم من العداء والحرب التي شنها الروم البيزنطيين على البلاد الإسلامية وخاصة حلب، إلا أن الحمدانيين لم يكنوا لهؤلاء اليهود والنصارى من أهل حلب المسالمين سوى الاحترام ولم يمزجوا بين السياسة العدائية للنصارى الروم وبين الناس البسطاء الأبرياء، فعاش هؤلاء حياة آمنة مطمئنة في مدنهم، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ولهم الحرية المطلقة في تمسكهم بدينهم وتقاليدهم ولغاتهم الآرامية والسريانية.

وكان الحمدانيون يقربون الكفاءات ويجزون المخلصين لوطنهم ويكافئون المبدعين بغض النظر عن دينهم وانتمائهم فكان أقرب الناس إلى سيف الدولة ابن دنحا وكان نصرانياً، كما كان كبير أطبائه عيسى الرقي وهو نصراني أيضاً، وهناك الكثير من العلماء من النصارى في شتى العلوم عاشوا في ظل الدولة الحمدانية حياة حرة كريمة استطاعوا أن يؤلفوا ويبدعوا منهم الفلكي والرياضي ديونيسيوس بطريرك اليعاقبة والمجتبي الأنطاكي وقيس الماروني وغيرهم.

العصر الذهبي

ورغم كل الظروف العصيبة التي مر بها سيف الدولة بسبب حروبه مع الروم وحروبه مع الأخشيدين والفتن التي أثارتها بعض القبائل ضده إلا أن حلب عاشت عصرها الذهبي في عهده وقد فاقت في حضارتها حواضر العالم الإسلامي وازدهرت فيها العلوم والآداب والفنون وراج فيها العلم والتعليم ووجد الكتاب والشعراء والمؤرخون والفلاسفة والعلماء في حلب ضالتهم المنشودة، فضم قصره أعلام العالم الإسلامي في شتى العلوم يقول الثعالبي في (يتيمة الدهر): (لم يجتمع بباب أحد من الملوك بعد الخلفاء ما اجتمع بباب سيف الدولة من شيوخ الشعر ونجوم الدهر).

وقد زخرت حلب بالعلماء والأطباء والفقهاء والفلاسفة والأدباء والشعراء وأعلام العصر، يقول الغزالي: (إنه قد اجتمع له ما لم يجتمع لغيره من الملوك فكان خطيبه ابن نباتة الفارقي، ومعلمه ابن خالويه، و خزّان كتبه الخالديان والصنوبري، وشعراؤه المتنبي وكشاجم والسلامي والوأواء الدمشقي والببغاء والنامي وابن نباتة السعدي وغيرهم).

وإضافة إلى هؤلاء فقد ضمت ندوته العلمية والفكرية التي كان يعقدها في قصره كبار علماء اللغة والتاريخ في التاريخ الإسلامي أبرزهم: (أبو بكر الخوارزمي) شيخ أدباء نيسابور الذي يقول عن تلك الندوة العلمية التي كانت تعقد في قصر سيف الدولة: (ما فتق قلبي وشحذ فهمي وصقل ذهني وأرهف لساني وبلغ هذا المبلغ بي إلا تلك الطرائف الشامية واللطائف الحلبية التي علقت بحفظي وامتزجت بأجزاء نفسي). فكان لسيف الدولة دور كبير في ارتقاء الشعر العربي واستحداث فنون جديدة وسعت دائرته وأخرجته في محيط التقليد والجمود.

ومن علماء اللغة الكبار والأدباء التي ضمتهم ندوة سيف الدولة وأبدعوا في ظل دولته الشاعر والعالم واللغوي والناقد الكبير (أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني) صاحب كتاب (الوساطة بين المتنبي وخصومه) والعالم اللغوي الكبير (أبو الفتح بن جني)، و(أبو علي الفارسي). و(ابن خالويه)، و(أبو على الحسين بن أحمد الفارسي)، و(عبد الواحد بن علي الحلبي) المعروف بـ(أبي الطيب اللغوي)، ومن الأدباء الكبار الذين برزوا في حلب (أبو الفرج الأصفهاني) صاحب كتاب (الأغاني) الذي أهداه إلى سيف الدولة، و(ابن نباتة)، ومن الجغرافيين، (ابن حوقل الموصلي) صاحب كتاب (المسالك والممالك)

ومن أبرز من ضمتهم هذه الندوة من الشعراء أعظم شاعر عرفته العربية على مدى تاريخها الطويل وهو (أبو الطيب المتنبي) الذي كتب خلال السنوات التسع التي قضاها في البلاط الحمداني بكتابة (22) قصيدة في مدح سيف الدولة.

كما ضمت ندوته إضافة إلى المتنبي الشاعر الفارس (أبي فراس الحمداني) الذي أسره الروم في إحدى المعارك ومات في الأسر، كما عاش في ظل دولة سيف الدولة أشهر خطاط عرفه التاريخ الإسلامي وكان الخطاط الخاص به ويصحب مخطوطاته أينما رحل وهو عبد الله بن مقله المعروف بـ (ابن مقلة) وهو أخو الوزير أبي علي محمد بن علي.

وظهر في عصر سيف الدولة أشهر الأطباء الذين عرفهم التاريخ الإسلامي مثل (عيسى الرَّقي) المعروف بـ (التفليسي)، و(أبو الحسين بن كشكرايا)، و(أبو بكر محمد بن زكريا الرازي) الذي يعد من أعظم أطباء الإسلام وأكثرهم شهرة وإنتاجا، ومن الفلكيين والرياضيين: (أبو القاسم الرَّقي) (والمجتبى الإنطاكي) و(ديونيسيوس) و(قيس الماروني).

ومن أبرز الفلاسفة والمنطقيين الذين زخرت بهم حلب والذين أثروا الساحة الإسلامية بعلومهم الفيلسوف (أبو نصر الفارابي) ـ المعلم الثاني ـ ، و(ابن سينا).

الندوة العلمية الكبرى

وإلى جانب ذلك فقد كان سيف الدولة أديباً شاعراً وقد ضمّ قصره مكتبة كبيرة زاخرة بأنواع الكتب، وقد تولّى أمانتها ثلاثة من كبار الأدباء والشعراء هم: الشاعر الكبير الصنوبري والخالديان، وكان لندوته صدى كبير وواسع في الأوساط العلمية والأدبية في البلدان الإسلامية، فكانوا يتناقلون أخبار هذه الندوة الكبرى التي ضمت هذه النخبة من كبار علماء وأدباء العالم الإسلامي.

فرغم أن بغداد كانت تعيش قمة عصرها الثقافي والحضاري في عصر البويهيين وكان مجلس وزيرها الصاحب بن عباد زاخراً بالعلماء والأدباء إلا أن الصاحب ـ وهو الأديب والشاعر الكبير ـ كان لا ينفك يتزود من مجلس سيف الدولة ما تجود به ندوته من العلم والأدب.

يقول الثعالبي في يتيمة الدهر: (كان ـ أي الصاحب ـ يحرص على تحصيل الجديد من الشعر الذي يصدر عن شعراء الندوة ـ أي ندوة سيف الدولة ـ ويستملي الطارئين عليه من حلب ما يحفظونه من البدائع واللطائف حتى كتب دفتراً ضخم الحجم كان لا يفارق مجلسه ولا يملأ أحد منه عينيه غيره، وصار ما جمعه منه على طرف لسانه يحاضر منه ويستشهد به).

النهضة الحضارية الشاملة

ولم تقتصر النهضة الحضارية في حلب على ميدان الثقافة والفكر، فقد شهدت حلب في عصر سيف الدولة ازدهاراً ونمواً لم تشهده في تاريخها الطويل، وقد شمل هذا الازدهار والنمو شتى ميادين الحياة، فقد اهتم سيف الدولة بالعمران فقام بتشييد العديد من المساجد، واهتم ببناء الحصون المنيعة والقلاع القوية لرد هجمات الروم كما شهدت الحياة الاقتصادية ازدهاراً ملحوظاً في العديد من المجالات، فمن ناحية الزراعة كثرت المزروعات، وتنوعت المحاصيل فجادت الزراعة بالخيرات الوفيرة على حلب كما وظهرت الصناعات العديدة ونشطت التجارة، وظهر العديد من المراكز التجارية المهمة في حلب والموصل والرقة وحران وغيرها.

ازدهار الفقه الشيعي

كما اشتهرت حلب بالفقه الشيعي وتشيع أهلها كلهم حيث أدت جهود سيف الدولة النشطة لرعاية العلم والثقافة إلى نشر الفكر الشيعي وبقي التشيّع سائداً في حلب حتى بعد زوال الدولة الحمدانية وبقي متغلغلا في نفوسهم، وتدلنا رسالة ابن بطلان الطبيب البغدادي التي كتبها إلى هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابئ في بغداد سنة (440هـ) في دولة بني مرداس يذكر فيها ما رآه في سفره إلى حلب فيقول من ضمنها: (والفقهاء فيها يفتون على مذهب الإمامية)، وقد أورد هذه الرسالة ابن القفطي في تاريخ الحكماء وياقوت الحموي في معجم البلدان.

وقال ابن جبير في رحلته: (للشيعة في هذه البلاد أُمور عجيبة، وهم أكثر من السنيين بها، وقد عموا البلاد بمذاهبهم)

وذكر ابن كثير في تاريخه: (كان مذهب الرفض فيها في أيام سلطنة الأمير سيف الدولة بن حمدان رائجاً رواجاً تاماً)

تمسك الحلبيين بتشيعهم

ويذكر ابن كثير في تاريخه في حوادث سنة (507هـ): (أنه لما فرغ بال صلاح الدين الأيوبي من مهمات ولاية مصر توجه نحو بلاد الشام ثم جاء إلى حلب ونزل في ظاهرها فاضطرب والي حلب وطلب أهلها إلى ميدان باب العراق وأظهر لهم المحبة واللين وبكى كثيراً ورغبهم في قتال صلاح الدين وتعهد لهم بكل ما يلزم، وشرط الروافض عليه شروطاً وهي: إعادة الآذان بحي على خير العمل وأن يقولوها في مساجدهم وأسواقهم، وأن يكون لهم جامع الجانب الشرقي الذي هو الجامع الأعظم، وأن ينادوا بأسماء الأئمة الاثني عشر أمام الجنائز ويكبروا على الجنازة خمس تكبيرات، وأن يكون أمر عقودهم وأنكحتهم مفوّضاً إلى الشريفين أبي الطاهر وأبي المكارم حمزة بن زهرة الحسيني اللذين هما مقتدى شيعة حلب، فقبل الوالي جميع ذلك وأذنوا في تمام البلد بحي على خير العمل)‌.

الحرب على الشيعة والتشيع

وينقل السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة) عن كامل البالي الحلبي الغزي في كتابه (نهر الذهب في تاريخ حلب) قوله: (لم يزل الشيعة بعد عهد سيف الدولة في تصلبهم حتى حل عصبتهم وأبطل أعمالهم نور الدين زنكي سنة (543هـ) ومن ذلك الوقت ضعف أمرهم غير أنهم ما برحوا يجاهرون بمعتقداتهم إلى حدود (600هـ) فاخفوها).

ونور الدين زنكي هذا هو من سلالة السلاجقة الأتراك وهو الذي مهد لرفيقه في الإجرام صلاح الدين الأيوبي حربه على الشيعة

ثم يذكر البالي: (أن مصطفى بن يحيى بن قاسم الحلبي الشهير بطه زاده فتك بهم في حدود الألف فاخفوا أمرهم)

ويواصل السيد محسن الأمين كلامه عن حال الشيعة في حلب فيقول نقلا عن البالي: (وذكر بعض ما كان يفعله الحلبيون مع الشيعة من الأعمال الوحشية والمخازي والقبائح التي سودت وجه الإنسانية ويخجل القلم من نقلها، وقد كان في الحجة والبرهان لو كان ما يغني عن الأذى والأضرار والأعمال الوحشية).

ويقول السيد نور الله المرعشي التستري في كتابه (مجالس المؤمنين): (أهل حلب كانوا في الأصل شيعة وإلى أواخر زمان الخلفاء العباسية كانوا على مذهب الإمامية، والظاهر أنه في زمان انتقال تلك الولاية إلى حكم السلاطين العثمانية أجبروا على ترك مذهبهم‌ وما مر من فعل طه زاده يؤيد ذلك فان استيلاء العثمانيين على حلب كان في أوائل المائة العاشرة).

ويقول السيد حسن الأمين: (وبالجملة سبب انقراض الشيعة من حلب هو ظلم الملوك وجورهم وتعصب العامة وابتداؤه أوائل القرن السادس وشدته في القرن السابع وتناهيه في أوائل القرن العاشر، ولكن العادة قاضية أنه لا بد أن يكون بقي فيها جماعات من الشيعة تحت ستر الخوف والتقية فإما أنهم بقوا على تشيعهم حتى اليوم مستترين أو أخرجهم عن التشيع تعاقب السنين)

بقايا الأسر الشيعية في حلب

وينقل السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة عن البالي في كتابه (نهر الذهب) قوله : (أنه لم يزل يوجد في حلب عدة بيوت معلومة يقذفهم بعض الناس بالرفض والتشيع ويتحامون الزواج معهم مع أن ظاهرهم على كمال الاستقامة وموافقة أهل السنة‌ فانظر واعجب، وينسب إلى حلب من رواة الشيعة الأقدمين آل أبي شعبة في أواسط المائة الثانية وهم: عبيد الله بن علي بن أبي شعبة الحلبي، واخوته محمد وعمران وعبد الأعلى، وأبوه علي بن أبي شعبة، وعمه عمر بن أبي شعبة الحلبي، وابن أخيه أحمد بن عمران بن علي بن أبي شعبة، وهم بيت مذكور في الشيعة وكان عبيد الله كبيرهم ووجههم صنّف كتاباً فيما رواه عن أئمة أهل البيت مشهور، وهو أول ما صنفه الشيعة، وكانوا من أهل الكوفة يتجرون إلى حلب فنسبوا إليها).

علماء الشيعة في حلب

ويواصل السيد الأمين كلامه فيذكر علماء حلب الشيعة وأسرها الشيعية فيقول: (وخرج من حلب عدة من علماء الشيعة وفقهائهم يأتي ذكرهم كل في بابه، ومنهم الشيخ كردي بن عكبري بن كردي الفارسي الفقيه الثقة الصالح قرأ على الشيخ الطوسي وبينهما مكاتبات ومسائل وجوابات. وكان في حلب سادات آل زهرة كانوا نقباء وخرج منهم جملة من العلماء منهم السيد أبو المكارم حمزة صاحب الغنية وقبره بسفح جبل الجوشن إلى اليوم، وذرية بني زهرة الآن يوجدون في الفوعة من قرى حلب وهم أهل جلالة ومكانة لكنهم ليسوا بأهل علم، وعندهم كتاب نسب عظيم جليل قديم عليه خطوط نقباء حلب وعلمائها، وكانت لهم أوقاف جليلة في حلب مغتصبة منهم ويوجد في جهات حلب عدة قرى أهلها شيعة من قديم الزمان إلى اليوم وهي: الفوعة. نبل. النغاولة. كفريا. وبعض معرة مصرين وهم أهل المحلة القبلية. التشيّع في حلب عبر القرون).

ومن كبار فقهاء حلب الشيعة أيضاً العالم والفقيه الكبير أبو الصلاح تقي بن نجم الحلبي (374 ـ 447) الذي ترك العديد من الآثار والمؤلفات منها: (الكافي)، و (التهذيب) و (المرشد) و (تقريب المعارف)، وغيرها.

عمليات إبادة الشيعة في حلب

وقد جرى للشيعة في حلب من المجازر والكوارث ما يفوق التصور على يد الأيوبيين والعثمانيين مما أدى إلى انحسار التشيع فيها، يقول محمد كرد علي في كتابه (خطط الشام): (كان أهل حلب سنة حنفية، حتى قدم الشريف أبو إبراهيم الممدوح ـ في عهد سيف الدولة ـ فصار فيها شيعة وشافعية، وأتى صلاح الدين، وخلفاؤه فيها على التشيّع، كما أتى عليه في مصر، وكان المؤذن في جوامع حلب الشهباء يؤذّن بحيّ على خير العمل، وحاول السلجوقيون مرات، القضاء على التشيّع، فلم يوفَّقوا إلى ذلك، وكان حكم بني حمدان وهم شيعة، من جملة الاَسباب الداعية إلى تأصل التشيّع في الشمال، ولا يزال على حائط صحن المدفن الذي في سفح جبل «جوشن» بظاهر حلب ذكر الاَئمّة الاثني عشر، وقد خرب الآن)

وقد دخل صلاح الدين الاَيوبي إلى حلب عام (579) وفرض التسنن وعقيدة الأشعري على الناس وعمل جاهداً على محو أي أثر للشيعة وأمر بقتلهم وإبادتهم كما فعل بمصر يقول محمد عبد المنعم خفاجي في كتابه (الأزهر في ألف عام): (فقد غال الاَيوبيّون في القضاء على كلّ أثر للشيعة).

اضف تعليق