يقول إدوار كار في كتابه (ماهو التاريخ ص45): (إن حقائق التاريخ هي بالتأكيد حقائق حول الأفراد، بيد أنها ليست حول أفعال الأفراد التي أنجزت في عزلة، وهي ليست حول الدوافع حقيقية كانت أم وهمية التي يعتقد الأفراد بأنهم تصرفوا بموجبها، إنها حقائق حول علاقة الأفراد ببعضهم في المجتمع وحول القوى الإجتماعية التي تنتج من أعمال الأفراد نتائج على خلاف مع النتائج التي توخوها هم أنفسهم أو مضادة لها).
يمكن أن نعدّ قول كار حول دراسة التاريخ هو وضع اليد على الداء إن صح التعبير أو وضع النقاط على الحروف، فدراسة التاريخ في الزمن الحاضر بعين واحدة والرؤية باتجاه واحد هو مصدر كل المغالطات والإلتباس والنزاع حول حقائق التاريخ، والتي ترتبت عليها الويلات والمآسي التي مرت بها الأمة الإسلامية. إذ أن أغلب ما كُتب عن التاريخ من دراسات وبحوث وسير كان نتاج عقليات مريضة فاسدة انجرفت وراء تحيّزها المذهبي ساعدها على ذلك (مباركة) السلطات المنحرفة التي اتبعت سياسة (التدجين) لهؤلاء الكتاب فشوّهت صورة الإسلام الحقيقي، فلم تكن تلك الدوافع ــ كما أطلق عليها كار ــ التي جعلت الكتاب يشوّهون حقائق التاريخ لها تأثير سلبي على المجتمع الإسلامي في نطاق محدود، وإلّا لما كنا سنناقشها هنا بل، إن تأثيراتها امتدت إلى رقعة جغرافية كبيرة وتغلغلت في أذهان البسطاء وشكّلت حافزاً عدوانياً وصل إلى القتل والسبي وإباحة الأعراض والممتلكات
ولم تقف الكارثة التي أصابت تاريخنا وأمتنا عند هذا الحد فقد تفشّى ذلك الداء العضال فسخّرت السلطات المعادية للإسلام والمنضوية تحت لوائه في نفس الوقت كل طاقاتها وإمكانياتها لترويج هذا التحريف والتزييف لأغراض سياسية ومذهبية، وأعدت لكل ذلك عدته من الإعلام الكاذب فانتشرت الفضائيات المأجورة التي عملت بكل جهدها على نشر هذه الترهات والسفاسف ونقلها إلى الناس على أنها حقائق لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
ومن أهم هذه الأمور التي لعبت بها تلك الأيادي الملوّثة للتاريخ هي محاولتهم البائسة واليائسة لإبعاد التشيّع عن ساحة الإسلام وفصله عنه واعتباره ظاهرة طارئة على المجتمع الإسلامي تكوّن نتيجة لأحداث وتطورات سياسية واجتماعية معينة. وقد تخبّط هؤلاء الكتاب في نسبته حسب أهوائهم ونزعاتهم، فمنهم من نسبه إلى شخصية وهمية اخترعتها أخيلة المؤرخين المرتزقة كشخصية عبد الله بن سبأ فقالوا: إن الفتنة المزعومة التي أحدثتها هذه الشخصية بعد مقتل عثمان أدى إلى ظهور التشيع ثم يطلق أولئك المؤرخون على هذه الشخصية لقب: (ابن اليهودية) وهذا اللقب لا يقصدون منه الإساءة إلى تلك الشخصية الوهمية بقدر الإساءة إلى من ينسبون إليه فلا يخفى ما لهذه الكلمة من معنى قذر في نفوس هؤلاء.
ومن ضمن من تبنّى هذا الترهات الدكتور حسن إبراهيم حسن في كتابه (تاريخ الدولة الفاطمية ص6) حيث يقول في حديثه عن بداية التشيع: (إن الإهتداء إلى رأي قاطع في هذه المسألة وهي هل كان أبو ذر أو ابن سبأ هو المؤسس الحقيقي لمذهب الشيعة في الإسلام ليس من الأمور السهلة)..!! ولكنه حتى يستكثر على التشيع أن ينتسب إلى صحابي جليل لا يراود كل من له أدنى اطلاع على التاريخ أدنى شك في كونه من أفذاذ الشيعة الأوائل، فترك كل الحقائق والشواهد التاريخية في نسبة التشيع الحقيقية وراء ظهره وجردته عصبيته من ضميره وكل ما يجب أن يتصف به من الموضوعية والحيادية، فأراد إخراج التشيع من دائرة الإسلام ونسبته إلى رجل دلت كل الحقائق التاريخية على أنه شخصية اختلقها المؤرخون لأغراض سياسية ومآرب مذهبية، فقال في نفس الصفحة من كتابه المذكور: (إن ذلك لا يمنعنا من أن ندلي بالرأي الذي نراه وهو أن ابن سبأ هو أول من وضع عقائد مذهب الشيعة الغالية في الإسلام)...!!! ومضى من أمثال هؤلاء من المعدودين على الباحثين والدارسين والمؤرخين في إسفافهم ومغالطاتهم فنسبوا التشيع إلى أحداث متأخرة في التسلسل التاريخي لظهور الإسلام وقالوا: إن التشيّع ظهر بعد مقتل الحسين فكانت: (نقطة تحول عامة في التاريخ الفكري والعقائدي للتشيع) وعده مؤيدو هذا الرأي من الكتاب: (حركة انشقاقية على نطاق واسع بين المسلمين، ومن ثم انفصل الشيعة عن ـ الإسلام السنة ـ
انفصالا يكاد يكون تاما في الآراء والمعتقدات) كما يقول الدكتور علي الخرطبولي في كتابه: (تاريخ العراق في ظل العهد الأموي) ويلاحظ من خلال جملته (الإسلام السنة) محاولته حصر الإسلام في السنة وفصل الشيعة عن دائرة الإسلام. ونترك الرد عليه بعد أن نستعرض أقوال أمثاله من (الدكاترة)، فنسب البعض منهم التشيّع إلى ثورة زيد بن علي(ع) فوصفوا من تخاذل عن ثورته بالرافضة الذين كانوا أساس التشيّع ومنهم من نسبه إلى التصوف لإبعاده عن الساحة السياسية في المجتمع الإسلامي إلى غيرها من الأقوال.
ولم تقف ترهات أولئك الكتاب عند هذا الحد بل إنهم ألصقوا به التهم الباطلة التي أفرغوا فيها كل ما أضمرت عليه نفوسهم المريضة من حقد أعمى. يقول الدكتور محمود علي مكي في بحث له حول التشيّع في الأندلس: (وبين التشيع واليهودية صلة قديمة وتأثر الشيعة منذ نشأتهم بتعاليم الديانة اليهودية)..!! ويمضي أمثال هؤلاء في ترهاتهم فعندما يتناول (الأستاذ) طه الراوي في بحث له عن بغداد ويذكر ولاية الإمام الرضا للعهد وإشارته(ع) للمأمون باستعمال اللون الأخضر شعاراً لدولته بدلاً من اللون الأسود شعار العباسيين فإنه يستعين بخياله (الواسع جداً) بدلاً من الإستناد على حقائق التاريخ فيقول: (فأرجف أعداء المأمون بأن اللون الأخضر يرمز إلى لون النار وإنما اختاره الفضل بن سهل تقرّباً إلى المجوسية التي كان يدين بها من قبل)..!! كانت تلك لعبة الكاتب الذي يدس السم بالعسل، فرغم أنه لا ينسب القول لنفسه وإن كان من اختراعاته إلّا أنه يذكره بأسلوب لا ينفذ إليه الشك أو على الأقل ترك بصمات من الشك يمكن لمن يأتي من بعده على شاكلته أن تدله نفسه المريضة عليها فيضيف إليها اختراعا آخر. وجرى مجراهم في تلك الآراء المنحرفة والطامات الكبرى الكثير من (الدكاترة) من أمثال الدكتور أحمد أمين ورشيد رضا وغيرهم، الذين أعمتهم العصبية المذهبية البغيضة عما كان يفترض بهم كـ (دكاترة) وباحثين أن يتناولوا هذه الأمور بالموضوعية ويتصفوا بالحصافة الفكرية لكن أهواؤهم ونزعاتهم تجردت عن كل ما يجب أن يتصف به الدارس والباحث.
التشيع ولد مع ظهور الإسلام
نقول لهؤلاء: إنكم لم تسيئوا إلى الشيعة والتشيع بقدر إساءتكم إلى أنفسكم وألقابكم العلمية إن كنتم تستحقونها فعلا، وبدورنا نضع بعض الحقائق التاريخية التي تركها هؤلاء وراء ظهورهم وتمادوا في أكاذيبهم وأباطيلهم والتي زمرت بها الفضائيات المأجورة وطبلت لتأجيج الفتنة بين المسلمين. يرى كل دارس (منصف) للتاريخ بوضوح إن التشيع ولد مع ظهور الإسلام وهو المسار الطبيعي له وإن لم يأخذ في وقته هذا المصطلح (التشيّع) فنشوء المحتوى والإطار للتشيّع كان موجوداً في حياة الرسول (ص) بل منذ بداية دعوته الشريفة.
روى الطبري في تاريخه (ج19ص74) إنه لما نزلت هذه الآية (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا النبي قومه من بني هاشم وكانوا نحو أربعين رجلاً وفيهم أعمامه أبو طالب والحمزة والعباس وأبو لهب وصنع لهم طعاما ثم قال لهم: يا بني عبد المطلب: إني والله ما أعلم شاباً من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنها جميعا، فقال علي: أنا يا رسول الله، أكون وزيرك عليه، فقال له النبي: (أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا)، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: (قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع).
وقد روى هذه الحادثة إضافة إلى الطبري كل المؤرخين بألفاظ مختلفة وبمضمون واحد منهم: الحلبي في السيرة الحلبية (ج1ص460) وابن الأثير في الكامل (ج2ص63) وابن كثير في تفسيره (ج3ص561) والمحب الطبري في الرياض النضرة (ج2 ص234) والإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج1ص111) والحاكم في المستدرك (ج3ص125) والهيثمي في مجمع الزوائد (ج8 ص 253)، والمناوي في كنوز الحقائق (ص42،121)، والمتقي الهندي في كنز العمال (ج6 ص 153) وأبو نعيم في حلية الأولياء (ج1 ص 63)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (ج11 ص 112) والنسائي في تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ص 29) وابن سعد في طبقاته ابن سعد (ج1 ص 124) وأحمد بن حنبل في فضائل الصحابة (ج2ص651) كما رواه البغوي والثعلبي وابن قتيبة وغيرهم الكثير من المؤرخين.
ولنا أن نسأل هؤلاء (الدكاترة) وغيرهم: على ماذا يدل هذا الحديث الذي أجمعت عليه كل مصادر (إسلام السنة) كما يطلق عليه الخرطبولي؟ أليس أساس التشيع هو قولهم إن الوصي بعد رسول الله هو علي بن أبي طالب؟ أين ابن سبأ من هذا الحديث؟ قاتلهم الله أنى يؤفكون. أليست هذه دعوة صريحة من النبي في تنصيب الخليفة الشرعي والدعوة إلى مبايعته بيعة تحفظ للإسلام خطه في بناء دولة متماسكة رصينة أساسها العدل والحق وترسم له منهجه القويم؟ أم كانت حركة انشقاقية عن الإسلام من رسول الله؟..!!!! أليست هذه خطوة استباقية من النبي لنجاة الأمة من الإختلاف والتنازع والإنشقاق وتوحيدها تحت راية الإسلام الصحيح ونبذ الجاهلية وإعداد القائد لها لمواصلة قيادة الدعوة إلى الإسلام بعده أم هي فلتة منه ـ والعياذ بالله ـ وقى الله المسلمين شرها كما روى الطبري في تاريخه(ج3ص20) عن عمر قوله: (إن بيعة أبي بكر كانت فلتة غير أن الله وقى شرها). ولكن يد الضلال والظلام امتدت أيضاً إلى هذا الحديث !!
العجيب إن ممن يعدّهم البعض قادة الفكر الإسلامي والذين من المفروض أن تقع على عاتقهم توحيد الأمة ورأب الصدع والتقريب بين المسلمين هم أساس الفتنة والنزاع والشقاق، لنأخذ هذا النموذج الذي سيتفاجأ القارئ كونه أحد هؤلاء (القادة) والذي كان أحد الذين كانت لهم يد في إخفاء الحقائق وتحريف التاريخ.
ذكر السيد حسن الأمين في دائرة المعارف الإسلامية الشيعية (ج1ص20 وفي الهامش ص39) في معرض حديثه عن هذا الحديث فقال مانصه: (نشر الدكتور محمد حسين هيكل كتابه (حياة محمد) أول ما نشره فصولاً متتابعة في جريدة السياسة الإسبوعية، ونشر هذا الحديث كاملاً كما هو، ولما اعترض عليه معترض، أجاب بأني لست أنا الذي أقول هذا القول ولكنه التاريخ، ثم ذكر الحديث في الطبعة الأولى من الكتاب، ولكن شوّهه وأفسده في الطبعة الثانية وما جاء بعدها من طبعات، ولما سأل الناس عرفوا أن إحدى الجهات الحكومية عرضت على الدكتور أن تشتري ألف نسخة من الكتاب تدفع ثمنها سلفاً (خمس مائة جنيه) ولكنها اشترطت عليه أن يشوّه هذا الحديث بلفظ: إن هذا أخي وكذا وكذا!!!! فنزل عند رغبتها ولم يرَ حرجاً في ذلك، وكان إغراء الخمسمائة جنيه فوق مبدأ الدفاع عن التاريخ ثم تتابعت الطبعات بعد ذلك وكلها مشوّهة).
ثم يعقب السيد حسن الأمين بقوله مؤكداً هذه الفضيحة والكارثة التي ألمت بتاريخنا بقوله: (وجريدة السياسة الأسبوعية موجودة والطبعة الأولى موجودة والطبعات التالية موجودة)!!!!! أهذه الأمانة التاريخية والفكرية التي يجب أن تتصف بها يا (دكتور)؟ أهذا ما تعلمته من أخلاق الدراسة والبحث وما يجب أن تعلمه للأجيال؟ لا إله إلا الله. إنها كلمة (الوصي) التي تزعجهم والتي كان النبي (ص) هو أول من أطلقها على علي(ع) فهل يستطيعون محوها؟ إنها الحقيقة فهل يستطيعون دفنها كلا وألف كلا.
لقد ولد التشيع منذ ذلك اليوم، وهو النتيجة الطبيعية للإسلام، ورجاله هم رجال الإسلام الذين قامت على أيديهم الدعوة الإسلامية، ومن العجيب أن يُتهم الشيعة بسب الصحابة وكرههم وكان أجلاؤهم وأفاضلهم من الشيعة وممن كان يطلق على علي(ع) هذا اللقب ــ الوصي ــ وينضوي تحت قيادته وهناك أسماء كثيرة منهم، لا مجال لحصرها ذكرها السيد عبد الحسين الأميني في موسوعته الخالدة (الغدير) والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في كتابه (أصل الشيعة وأصولها) والسيد عبد الحسين شرف الدين في كتابه (تأليف الأمة).
ولنرجع إلى (دكاترتنا) الأعزاء فنقول للدكتور محمود علي مكي الذي اتهم الشيعة بالأخذ من اليهودية: هل اعتمد الشيعة في أحكامهم وتعاليمهم على كعب الأحبار اليهودي المتظاهر بالإسلام كما اعتمد عليه غيرهم وهل اتخذوه صفياً ومستشاراً في دينهم كما اتخذه بنوا أمية واتخذه من جاء بعدهم إماماً واعتبروه من علماء الصحابة وأخذوا دينهم عنه؟ هذا اليهودي الذي تضفون عليه لقب (رضي الله عنه) وقف محارباً بآرائه الفاسدة ثورة الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري ضد الفساد والمفسدين، حارب أبا ذر الذي يقول عنه رسول الله (ص): (ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر)!! ويقسم أبو ذر بالله إن هذا الرجل لا يزال على يهوديته بعد حوار ساخن بينهما بقوله: (وما يدريك يا ابن اليهوديين؟! أتعلمنا ديننا؟! والله ما خرجت اليهودية من قلبك). ولكم أن تميّزوا من أخذ عن اليهودية الشيعة أم غيرهم؟ أما الأستاذ الراوي فننقل له عبارة ذكرتها كل التواريخ والسير في فتح مكة عندما يصف العباس بن عبد المطلب لأبي سفيان الجيش الإسلامي بقيادة النبي في دخول مكة حتى يصل إلى كتيبة رسول الله فيقول: (حتى مر به رسول الله في كتيبته الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد، قال: سبحان الله يا عباس، من هؤلاء؟، قال: قلت: هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار.
نقول للأستاذ الراوي هل اتخذ رسول الله (ص) شعار المجوسية في دخوله إلى مكة؟!! نقول له إنه شعار رسول الله الذي أمر الإمام الرضا المأمون باتخاذه والذي تمسك به الشيعة دون غيرهم، فهل يتخذ الإمام الرضا العربي بن رسول الإسلام شعار المجوسية من الفضل بن سهل؟!!!!
ونترك الرد على من نسب التشيع إلى التصوف للشيخ هاشم معروف الحسني ننقلها من كتابه الإنتفاضات الشيعية عبر التاريخ (ص17) حيث يقول: (إن الولاية التي جعلها النبي (ص) لعلي(ع) من بعده هي عين الولاية التي جعلها الله له، وعلى أساسها كان يمارس جميع الشؤون الدينية وغيرها، ويخطط لإنقاذ العالم من الوثنية، ومما كان يعانيه من ظلم الحاكمين والمتسلطين خلال المدة التي أقامها في المدينة بعد هجرته من مكة، بل هي في واقعها امتداد لولايته لتبقى المسيرة التي استقطبت ثلاثة وعشرين عاماً من حياته في مكة والمدينة لتحرير العالم بأسره مما كان يتخبط فيه في طريقها الصحيح. ومن هذه الولاية ولد التشيع لعلي منذ أن جعلها له النبي بمعنى إسناد الزعامة إليه من بعده وإعطائه الصلاحيات التي كان يمارسها ويقوم بها من روحية واجتماعية وسياسية وما إلى ذلك من الشؤون والمهمات التي لا مجال لتجريد الولاية عنها وأصبح أكثر المسلمين لا يرون لقيادته بديلا)، وبدورنا نقول لكل هؤلاء وغيرهم ممن ساروا على نهجهم والمطبلين معهم والمروجين لترهاتهم والناعقين في الفضائيات: ابحثوا قبل أن تطلقوا الأحكام جزافا.
ابحثوا ودققوا (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة). إن التشيع في جوهره هو الإسلام في كل مضامينه وتعاليمه والذي حُورب من قبل الأمويين والعباسيين ومن نهج منهجم الدموي لأنه حمل روح الحق والعدل وكل المبادئ السماوية التي جاء بها الرسول محمد(ص).
اضف تعليق