q
{ }
إنسانيات - تاريخيات

ندوة تخصصية تناقش أثر المنهج الكلامي للشيخ نصير الدين الطوسي

مركز الإمام محمد الباقر(ع) بالتعاون مع مؤسسة كاشف الغطاء

أقام مركز الإمام محمد الباقر(ع) بالتعاون مع مؤسسة كاشف الغطاء العامة ندوته الفكرية التخصصية الدورية في مستهل برنامجه السنوي الفكري، بعنوان (أثر المنهج الكلامي للشيخ نصير الدين الطوسي). في باحة المدرسة المهدية الدينية، ألقاها سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد طاهر الجزائري. يوم الثلاثاء...

أقام مركز الإمام محمد الباقر(ع) بالتعاون مع مؤسسة كاشف الغطاء العامة ندوته الفكرية التخصصية الدورية في مستهل برنامجه السنوي الفكري، بعنوان (أثر المنهج الكلامي للشيخ نصير الدين الطوسي). في باحة المدرسة المهدية الدينية، ألقاها سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد طاهر الجزائري. يوم الثلاثاء 24 ربيع الآخر 1440 هـ.

وبعد أن أنصت الحاضرون لتلاوة آي من الذكر الحكيم، شرع السيد المحاضر بإلقاء بحثه عن أثر المنهج الكلامي للشيخ نصير الدين الطوسي المتوفى سنة (672 هـ) والذي كان علما من أعلام الإمامية، وقطبا من أقطابها، وهو أستاذ العلامة الحلي الذي قال في حقه: إنه أفضل أهل زمانه في العلوم العقلية والنقلية وهو أستاذ البشر.

يعدّ من متكلمي مدرسة الحلة في مرحلة استقرار ونضج علم الكلام. وقد تمكن من بيان الكثير من المسائل الكلامية مستفيدا من القواعد والبراهين الفلسفية.

اتسم المنهج الكلامي قبل المحقق الطوسي بكونه منهجا قائما على الجدل والمغالطة والغلبة على الخصم. وقد تصدى المحقق الطوسي لمحاولة تصحيح المنهج الكلامي، ليكون المنهج الذي اقتدى به من بعده، بل أصبح هو المنهج الوحيد السائد على مختلف المناهج الفلسفية والكلامية، ومن جاء من بعد المحقق الطوسي – كالتفتازاني، بل المدرسة الإشراقية كالأسفار أو المنظومة – قد نسجوا على منواله.

ولم يكن نجاح منهج المحقق الطوسي اعتباطيا، كما أن منهجه لم يُبْنَ على أنقاظ آراء الفخر الرازي كما قيل؛ لأن المحقق الطوسي حقق أمورا واقعية، وحاول أن يجعل لمسائل علم الكلام أسسا وقواعد يخرج به عن وعاء الجدل إلى وعاء البرهان. وهذا هو السر في تميزه وبقاء منهجه.

ومن آثار المنهج الكلامي للمحقق الطوسي:

1- ترتيب المنهج.

كما أشار إلى ذلك في بداية كتاب التجريد بقوله (وقد رتبته على مقاصد ستة)، فقد جاءت مسائل الكتاب مترتبة من ناحية التقدم والتأخر، بحيث تكون المسألة المتقدمة مبدأً للمسألة اللاحقة، وهكذا، حتى وصل إلى مسألة إثبات المعاد، فكان آخر بحثه. فجعل المحقق الطوسي الترتيب بين المقاصد من مهام المطالب في كتابه المذكور؛ فالإمامة موقوفة على النبوة، والنبوة موقوفة على إثبات الخالق، وإثبات الخالق موقوف على دراسة أحوال الموجود، وأحوال الموجود في الرجوع إلى البديهيات.

2- تعرض المحقق الطوسي في كتبه إلى مسألة الربط بين الحادث والقديم، والتي تعدّ من أمهات المسائل الفلسفية، مستفيدا من ظاهر كلام الأنبياء في مسألة حدوث العالم وعدم قدمه. فقد رفض رأي المتقدمين من الفلاسفة من كون (الحدوث) هو السر في التعلق والربط بالخلق، وأقام البراهين على كون علة الربط بين القديم والحادث هو (الإمكان). وذكر أن المقصود من الإمكان في هذه المسألة هو (عدم الاقتضاء)، وأن المقصود من مقولة (الشيء ما لم يجب لم يوجد) المشتركة بين جميع المناهج الفلسفية: إن الوجوب الغيري الذي يتعلق بالماهيات هو الوجوب الغيري السابق، الذي هو فرع الإمكان ولازم للماهيات، وهو السر في الربط في الوجود. فتفتقر الماهيات إلى الربط في كل آن، خلافا لمدرسة المتكلمين اليهودية من كون الوجوب هو الوجوب الغيري اللاحق، بمعنى أنها وجدت حتى استغنت عن خالقها، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله تعالى (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ).

ورتب المحقق الطوسي على ذلك مسألة الأكوان الأربعة المعروفة في عبارات الفقهاء والأصوليين، فضلا عن الفلاسفة.

3- بحث المحقق الطوسي في مقولات المعرفة، وأرسى مباني نظرية المعرفة، فبين أن العقل له مراتب في الإدراك: فقد يكون العقل (هيولى) أي محض الاستعداد للإدراك، وقد يكون (عقلا بالفعل).

4- إبرز دور العقل في إثبات بعض المطالب. فقد أرجع المحقق الطوسي بعض الصفات الخالق تعالى الى العقل، كوجوب الوجود، وبنى عليه بعض الآثار، ثم بحث إثبات الصفات العقلائية، والمقدرة العقلائية في مسألة التحسين والتقبيح العقليين، وأثبت بعض الصفات من الأخرى من القادرية وما شاكل ذلك.

5- تقسيم الباحث ينبغي أن يكون بلحاظ المسألة المبحوث عنها:

(1) فإن كانت المسألة تقتضي تحكيم العقل، فهو فيلسوف في بحثه.

(2) وإن كانت المسألة موقوفة على توسط النقل، فهو كلامي.

وتقسيم المشهور الباحث إلى متكلم وفيلسوف هو خطأ، بل العالم الواحد في كتاب واحد ممكن أن يتصف بأكثر من صفة.

 وفي هذا الوقت لا بد من الاستعانة بمنهج المحقق الطوسي في القراءة والفهم، فإن قراءة الروايات وما فيها من أمور شرعية اعتبارية، لا يمكن أن تكون مسرحها العقل، كما أن مطالب الحكمة والأمور التكوينية لا يمكن استقلال المطالب النقلية بها، فلكل منهما مسرح، فتارة يستبد العقل في إدراك المسألة، وأخرى يفتقر العقل إلى وسائط في إثبات مطلوبه.

وبعد أن أنهى السيد المحاضر بحثه، كانت هناك مجموعة من الإضافات والمداخلات من قبل الفضلاء الحضور، ألقت بفائدتها على مجمل المحاضرة، وأسهمت في تعميم الفائدة.

اضف تعليق