أحاط علماء الشيعة منذ صدر الإسلام بشتى العلوم والفنون فكانوا روادها وأربابها وأقطابها, ففي كل علم كانوا هم من فتق معانيه وسبر أغواره ومبانيه فحازوا الريادة والطليعة في علوم الفقه والتفسير والحديث والمنطق والفلسفة والتاريخ والأدب والنحو واللغة والاجتماع والسياسة والفلك والرياضيات والجغرافية، فبلغت بهم العلوم أوج كمالها وأشرقت باتساق معالمها في كل مراحل التأريخ الإسلامي, وقد أفرز الفكر الشيعي ما لا يُعد ويُحصى من الآثار والمؤلفات العلمية والفقهية والفكرية والفلسفية والأدبية, والسياسية والاجتماعية, وكان دور دول الشيعة كالبويهية والحمدانية والفاطمية والمزيدية كبيراً ومؤثراً في تفعيل ودعم العلماء والحركات العلمية.
ولما كان هذا التاريخ الطويل والحافل بالمنجزات لعلماء الشيعة مما لا يُدرك بالبحث والتقصّي, فقد اقتصر موضوعنا هذا على تسليط الضوء على بعض أعلام الشيعة الأفذاذ الذين خاضوا ميدان العلم والفكر في شتى مجالاته وفنونه, وطرقوا جميع أبوابه فحازوا مراكز الطليعة فيها وبقيت آثارهم تمهد السبل لإذكاء النهضات العلمية والأدبية والفكرية والتي كونت إرثاً حضارياً عظيماً في التاريخ الإسلامي.
الانسكلوبيديا الأصل والمعنى والتأريخ
الانسكلوبيديا كلمة يونانية وتعني مجموعة العلوم والفنون, وتقابلها في العربية (الموسوعة) أو (دائرة المعارف) وتشير الدراسات إلى أن أول من وضع (انسكلوبيديا) هو (سيو سبيوس) اليوناني وهو تلميذ إفلاطون وابن أخيه، فقد قام بجمع البحوث في مختلف العلوم والفنون, وهذه الموسوعة أو الانسكلوبيديا مفقودة, ولكنها لم تكن الوحيدة فقد وضع بعدها (ستوبينوس) و(سويداس) و(كابلا) موسوعات تعد من أهم الموسوعات في التأريخ, ومن الموسوعات القديمة في التأريخ الموسوعة الصينية (كوكين سي فون لوي تسي) وهي من تأليف (شوهوفو), و(التأريخ الطبيعي) للروماني (غايوس بلينوس) والذي يعد أول كاتب موسوعي (انسكلوبيدي) في التأريخ (23ــ79م), وقد تضمنت موسوعته (37) كتاباً ضمّت مواضيع وعلوم حول الأرض والشمس والقمر والكواكب والنجوم والجغرافية والحيوان والنبات والطب النباتي والأدوية والمعادن والنحت والتصوير والبناء.... وقد أهداها للإمبراطور (تيتوس).
الانسكلوبيديا العالمية
اتجهت أنظار الأوربيين نحو الموسوعة في العصر الثاني عشر بعد النهضة العلمية التي استمدت من المسلمين ركائزها, فتأسست جامعة اوكسفورد عام (1200م) ثم جامعة كمبردج, وانتعشت الحركة الفكرية فكانت الحاجة ملحة إلى الموسوعية في التأليف فصدرت (دائرة المعارف البريطانية) عام (1768), كما صدر الجزء الأول من المعارف الفرنسية عام (1759), وتلتها الأجزاء الأخرى وقد شارك في كتابتها فولتير وروسو ودالمبرت وأشرف عليها دنيس ديدرو, ثم صدرت الموسوعة الألمانية (ارش وغروير) في ست مجلدات بين عامي (1796 ــ 1810), وقد أشرف عليها (وختر), ثم الموسوعة الإيطالية (بيفاتي) التي بدأ طبعها عام (1884).
أما في آسيا فقد سبق الصينيون واليابانيون الأوربيين في تأليف الموسوعات ولهم العديد منها أشهرها الموسوعة اليابانية (ينغ لوتاتين) وهي من أهم وأوسع الموسوعات وقد شارك في تأليفها (2200) كاتب وبلغت مجلداتها (892) إلى سنة (1407م), والموسوعة الصينية (سن تسان تو فهي) التي ترجمت إلى اللغة اليابانية.
الانسكلوبيديا الإسلامية
اهتم رجالات الشيعة منذ صدر الإسلام بتدوين سيرة النبي وأهل البيت والصحابة والحوادث والمعارك والغزوات وغيرها من الأمور, كما اهتموا بالفقه والتفسير والحديث وشرح الآيات وقصص الأنبياء والتأريخ وكل ما يهم دينهم ودنياهم يحثهم على ذلك التزود من دينهم، وكان للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) من بعده دور كبير في رفد العلماء الموسوعيين بمختلف العلوم الدينية والدنيوية وخاصة الإمام الصادق (عليه السلام) المدرسة الإسلامية الشاملة التي خرجت أفذاذ العلماء في شتى صنوف العلم.
ويطالعنا التأريخ بأسماء لامعة ألفت وأبدعت وتربعت على ريادة العلوم والفنون الإسلامية أفرد لكل منها فصلاً خاصاً السيد حسن الصدر في كتابه القيم (الشيعة وفنون الإسلام), وبقيت ريادة هذه العلوم وأزمّة فصولها بيد الشيعة بعد الإئمة (عليهم السلام), وخاصة في القرن الرابع الهجري الذي يمثل الفترة الذهبية في تاريخ العلوم والمعارف الاسلامية حيث شهد حركة علمية وأدبية شاملة كان محورها الكثير من العلماء والأدباء والمفكرين الذين كانوا أقطاب مجالس الفقه والتفسير والحديث والمنطق والفلسفة والتاريخ والأدب والنحو واللغة.
وتلته عصور بقي فيها الشيعة ينهلون من الثقافة الإسلامية تراثها العظيم ومن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) أسس العلوم والثقافة والفكر فكان هذا العامل هو المحور الذي دارت عليه العلوم والمعارف التي أبدعوا فيها والتي ازدهرت بتعدد عناصرها وتشكيل سماتها.
وكان من الأسباب التي ساعدت على ديمومة هذه الحركات العلمية هو حرية الرأي وتتبع العلاقات الواشجة بين الأمم وتلاقح الثقافات وغيرها من العوامل المؤثرة والمتأثرة التي اتكأت عليها النهضات العلمية, غير أن العامل الأهم في إزدهار العلوم هو أنها بقيت محافظة على طابعها الإسلامي العظيم المستمد من فكر أهل البيت وسيرتهم الخالدة.
وهذه بعض الأسماء من خيرة المفكرين وفحول العلماء وكبار العباقرة (الانسكلوبيديين) من الشيعة والذين ألفوا في شتى مجالات العلم ومختلف أبوابه وفنونه فكانو مصدر فخر للعالم الإسلامي على مدى تاريخه الطويل.
البيروني
أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني (362 ــ 440هـ/973 ــ 1048م) أحد عباقرة الدنيا، وواحد من أعمدة الفكر العلمي وصاحب العقلية الجبارة في كافة الميادين العلمية فهو موسوعة علمية كبيرة ضمّت علوم (الفلك والرياضيات والتاريخ والأدب والشعر والفيزياء والكيمياء والطب والفلسفة والجغرافيا والطب والصيدلة)، فحفر اسمه بأنامل عبقريته في سجل التاريخ الإسلامي وبرز كأحد أعمدة الفكر الإنساني.
وصفه المؤرخ البلجيكي (جورج سارتون) الذي يعتبر مؤسس تاريخ العلوم في كتابه (مقدمة لدراسة تاريخ العلم) بأنه (من أكبر عظماء الإسلام) و(من أكابر علماء العالم), وقال عنه المستشرق الألماني كارل سخاو: (إن البيروني أكبر عقلية في التاريخ), وقد عده فيليب حتّى: (أعظم بحاثة وعالم في الإسلام في العلوم والطبيعية والرياضية), وقال الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب: (إنه الحكيم الرياضي والطبيب المنجم المعروف), بل قيل إنه أشهر علماء النجوم والرياضيات من المسلمين... الخ. وقد عدّه السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة) والشيخ أغابزرك الطهراني في الذريعة إلى تصانيف الشيعة من علماء الشيعة الكبار.
درس في بداية حياته على يد العالم الفلكي والرياضي أبي نصر منصور وبدأ بحوثه العلمية وهو في سن الثامنة عشرة من عمره حيث اجتهد في تطبيق ماحققه من الارصادات الشمسية والبحوث الفلكية التي قام بها أبو الوفاء أستاذ أبي نصر. ثم اضطرته الأوضاع السياسية المضطربة إلى مغادرة خوارزم فانتقل إلى سواحل بحر قزوين ومنها الى ناحية (كوركنج) ثم انتقل منها إلى مقاطعة (جرجان) وفيها التقى بأكبر أساتذته وهو الطبيب والفلكي أبو سهل عيسى المسبحي كما التقى أيضا بالشيخ الرئيس ابن سينا الذي كانت له معه مراسلات ومناظرات في مواضيع مختلفة نشرت في كتاب (جامع البدائع) سنة 1335هـ تحت عنوان (أجوبة عن مسائل أبي الريحان) وترجمت كذلك إلى اللغة الفارسية. وقد ألف البيروني خلال إقامته في جرجان كتاب (الآثار الباقية عن القرون الخالية).
عمل أستاذاً في مجمع العلوم الذي أسسه أمير خوارزم وكان يزامله في نفس المجمع الشيخ الرئيس ابن سينا والمؤرخ العربي ابن مسكويه وانصب اهتمام البيروني في تلك المرحلة من حياته على دراسة الفلك والجغرافية الطبيعية وأقام مرصداً في القصر الملكي ووضع نموذجاً مجسماً لنصف الكرة الأرضية بقطر 15 قدماً رسم عليه أطول البلدان وعروضها واشتغل بحساب مساحة الكرة الأرضية واتجه إلى البت في ميل دائرة البروج.
ولعبت الأوضاع السياسية المضطربة دورها ثانية معه فاصطحبه ابن سبكتكين الغزنوي معه إلى الهند لما سمع بمكانته العظيمة بين العلماء وإنه إمام زمانه في علم الفلك وفي هذه البلاد بقي البيروني مدة زادت على أربعين عاماً استطاع خلالها أن ينفذ إلى عقائدهم وتقاليدهم وعلومهم وتعلم لغاتهم وخاصة السنسكريتية واطلع على كتبهم فترجم الكثير منها وقد جمع كل ذلك في كتاب أسماه (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة).
ويعد البيروني أقدم من دون ملاحظاته عن تلك البلاد كما يعد كتابه أهم كتب ذلك العصر في مجال الجغرافية الاقليمية وقد عالج فيه تأثير العوامل الجغرافية في الظواهر البشرية. وإضافة إلى اللغة العربية والسنسكريتية اللتين كان يتقنهما فقد كان يحسن عدة لغات منها السريانية والفارسية والعبرية.
ترك البيروني كنوزاً علمية عظمية في شتى حقول العلم لا تقدر بثمن ويدين له الغربيون في أكثر علومهم وخاصة الرياضيات والطبيعيات والفلك. قال (البيهقي): (زادت تصانيفه على حمل بعير. صنف كتباً كثيرة رأيت أكثرها بخطه, وقال ياقوت الحموي: وأما سائر كتبه في علوم النجوم والهيأة والمنطق والحكمة فإنها تفوق الحصر رأيت فهرسها في وقف الجامع بـ (مرو) في نحو الستين ورقة. وقدر الدكتور حسن ابراهيم حسن عدد مؤلفاته بـ (100) مؤلف, والأستاذ قدري طوقان بــ (120) مؤلفاً نقل بعضها الى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية, كما ذكر الأستاذ علي الشحات أسماء (463) مؤلفاً للبيروني.
وتوزعت مؤلفات البيروني بين المفقود والمخطوط والباقي في مكتبات العالم. وهي مؤلفات في مختلف العلوم فقد ألف في الفلك والهندسة والجغرافيا والرياضيات والتاريخ والصيدلة والجيولوجيا والفلسفة وعلم الحياة والأدب والشعر وغيرها من العلوم إضافة إلى سعة اطلاعه على كتب الأديان.
ومن أشهر كتبه في مجالات العلم كافة كتاب: (الآثار الباقية عن القرون الخالية) وهو أول كتاب وضعه ويبحث عن التقاويم والشهور عند مختلف الأمم القديمة وفيه جداول لملوك آشور والكلدان وبابل والقبط والروم واليونان كما ضمَّ الكتاب أيضاً بحوثاً رياضية وطبيعية وفلكية عديدة وقد ترجم الكتاب الى الانجليزية.
ومن كتبه أيضاً كتاب (الصيدنة) ـ أي الصيدلة ـ, وألف في علم الفيزياء كتاب (الجماهر في معرفة الجواهر), وفي التاريخ كتاب (تصحيح التواريخ), وفي الجغرافيا كتاب (تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن), وكتاب (تصحيح الطول والعرض لمساكن المعمور من الأرض), وفي الفلسفة كتاب (الفلسفة الهندية), ووضع في الرياضيات (المتواليات الهندسية), و(تثليث الزوايا), وحل كثيراً من مسائل الهندسة والتي أصبحت تعرف بالمسائل البيرونية, كما وضع نظرية لاستخراج محيط الأرض أسماها العلماء الغربيون بـ (قاعدة البيروني) وكانت له معرفة ودراية واسعة بعلم الفلك لم يسبقه إليها أحد, وقد دل على ذلك مؤلفاته العديدة في هذا المجال ومنها: (الإستشهاد باختلاف الارصاد), و(اختصار كتاب بطليموس), و(الزيج المسعودي), و(الإستيعاب للوجوه الممكنة في صنعة الإسطرلاب), و(تعبير الميزان لتقدير الأزمان), و(قانون المسعودي في الحياة والنجوم).
وإضافة إلى هذه العلوم التي برع بها فقد كان اديباً أريباً لغوياً له تصانيف في ذلك ذكر له ياقوت الحموي كتابين هما مختار الأشعار والآثار وكتاب شرح شعر أبي تمام الذي قال عنه إنه رآه بخطه.
وبعد أن تجلى للعالم الخدمات الجليلة التي أسداها هذا العالم الفذ في سبيل الإرتقاء بالعلم فقد تم إطلاق اسم البيروني على جامعة في أوزبكستان تخليداً لذكراه وتقديراً لجهوده الكبيرة في شتى مجالات العلم، كما وضع له نصب تذكاري في المتحف الجيلوجي في جامعة موسكو، وتم اختيار اسمه من بين (18) عالماً من علماء المسلمين ليطلق على أحد معالم القمر.
نصير الدين الطوسي
أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي المعروف بالفيلسوف نصیر الدین الطوسی (597 ــ 672هـ/1201 ــ 1274م). من أعظم علماء الإسلام ومن أقطاب علوم الفقه والفلك والأحياء والكيمياء والرياضيات والفلسفة والطب والفيزياء وعلم الكلام واللغة والشعر.
من أبرز أعماله إنشاء مرصد مراغة الفلكي الذي يعتبر جامعة علمية كبرى جمع فيه أكثر من 400 ألف مجلد ضمّت نفائس الكتب في مختلف العلوم ومنها الكتب التي استطاع انقاذها من الحرق في بغداد، كما استطاع انقاذ عدد كبير من العلماء وجعل منهم على مكتبته مثل ابن الفوطي ومحيى الدين المغربي.
ألف الطوسي في علم المثلثات، والفلك، والجبر، والهندسة، والحساب، والتقاويم، والطب، والجغرافية، والمنطق، والأخلاق، وعلم التنجيم وترجم بعض كتب اليونان وشرحها وعلق عليها ومن أشهر مؤلفاته:
الرسالة الإسطرلابية وشكل القطاع، التذكرة النصيرية, تجريد العقائد, تجريد المنطق, التذكرة في علم الهيئة, زيج الإيلخاني, قواعد الهندسة, الجبر والمقابلة, ظاهرات الفلك, تحرير المناظر، في البصريات, وتجريد الكلام في تحرير عقائد الإسلام.
وقد كتب نصير الدين مصنفاته باللغتين العربية والفارسية، وترجمت إلى اللغة اللاتينية والفرنسية والإنجليزية وغيرها من اللغات الأوربية في العصور الوسطى، كما تم طبع العديد منها. وبقي العلماء الأوربيون يعتمدون عليه لعدة قرون.
الشريف المرتضى
أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) (355-436 هـ/966-1044م) إمام الفقه والأصول والتفسير والحديث وعلم الكلام, كان نادرة قلّما يجود بها الزمن, وإشراقة أنارت تاريخ العلم والأدب, قال عنه ابن بسّام في كتابه الذخيرة: (كان هذا الشريف إمام أئمة العراق إليه فزع علماؤها ومنه أخذ عظماؤها صاحب مدارسها وجماع شاردها وآنسها وكان ممن سارت أخباره وعرفت به أشعاره وتصانيفه في أحكام المسلمين ممن يشهد إنه فرّع تلك الأصول ومن ذلك البيت الجليل). من أشهر تآليفه (أماليه), و (دليل الموحدين), و(الحدود والحقائق), و(تنزيه الأنبياء), و(جواب الملحدة في قدم العالم من أقوال المنجمين), و(الذخيرة في الكلام وفي أصول الدين)، و (الملخص في اصول الدين), و(الوعيد).
ومن كتبه الفقهية التي كانت تعد مرجعاً مهماً للشيعة في عصره وبعده (الانتصار فيما انفردت به الإمامية), و(المرموق في أوصاف البروق), و(فنون القرآن), و(الذريعة في أصول الفقه), و(شرح الخطبة الشقشقية), و(الذخيرة في الأصول) و(إبطال القياس) و(الذريعة) و(الرسالة الباهرة في العترة الطاهرة) والتي عدت مصدراً للعلماء ومنهلاً للأدباء على مرّ الأجيال.
ومازالت كتبه ومؤلفاته حتى اليوم تُعدّ مصدراً مهماً لأصول الشيعة كما تُعد أراؤه معبراً عنهم في آرائهم حول تنزيه الانبياء والأئمة وعصمتهم، كما يتضح ذلك من كتابيه (تنزيه الانبياء) و(الشافي) في الإمامة.
الإدريسي
أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس بن يحيى بن علي بن حمود بن ميمون بن أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن أدريس بن أرديس بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) (493 ــ 559هـ/1100 ـــ 1166م).
وضع أقدم خريطة عالمية صحيحة كبيرة مفصلة وموضوعة بغاية الضبط والاتقان والوضوح عرفها التاريخ إلى الآن، بين فيها مواقع البلدان والبحار والأنهار والجبال إلى غير ذلك من المواقع, وهي أقرب صورة عرفت في تلك العصور السابقة مطابقة لما وصل إليه العلم الحديث.
وبعد فراغه من وضع هذه الخريطة ألف كتاباً شرح فيه تفاصيل هذه الخريطة وتشكيلاتها شرحاً مفصلاً وبدقة متناهية أضافة إلى تعليقاته وأرشاداته، وهذا الكتاب هو (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) وهو كتاب ضخم يقع في جزئين كبيري الحجم وفيه وضع أرائه وأفكاره نحو شكل الأرض.
يقول (ميللرن) في بحثه في شرح خريطة الإدريسي بقوله: (إن الإدريسي بوضعه هذه الخريطة قد وضع أهم حجر أساسي في تاريخ أنتشار العلم الإنساني) ولقب الإدريسي بـ (سطرابون) العرب نسبة للجغرافي الإغريقي الكبير (سطرابون).
وقد ألف أضافة الى خريطته أربعة كتب هي (نزهة المشتاق في أختراق الآفاق) وتوجد نسخة منه في مكتبة المعهد الشرقي في هامبورغ مطبوعة بروما عام 1592م. وقد أستغرق تأليفه (15) سنة ويعد هذا الكتاب من أهم مؤلفات الإدريسي, أما كتابه الثاني فهو (روض الأنس ونزهة النفس) أو (الممالك والمسالك), وهو كتاب جغرافي أيضاً عثر عليه أحد الباحثين في أسطنبول وهو موجود في مكتبة حكيم أوغلو علي باشا باسطنبول.
أما الكتاب الثالث للإدريسي فهو كتاب في الطب والعلاجات أسمه (الجامع لصفات أشتات النبات) وعنوانه يدل على محتواه, أما كتابه الرابع فهو (أنس المهج وروض الفرج) وقد نشر من هذا الكتاب قسم شمال أفريقيا وبلاد السودان حققه د : الوافي نوحي وصدر في المغرب عام 2007.
ابن الشجري
أبو السعادات ضياء الدين الشريف هبة الله بن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن أبي الحسن بن عبد الله الأمين بن عبد الله بن الحسين بن جعفر بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام المعروف بـ (ابن الشجري) العلوي البغدادي عالم أديب شاعر ولد ببغداد سنة (450)هـ وتوفي فيها سنة (542هـ).
إليه انتهت علوم العربية وآدابها في وقته فأصبح علمها البارز وصرحها الشاخص. وقد تولى نقابة الطالبيين بالكرخ بعد والده الطاهر علي بن محمد لما كان يتمتع به من شخصية مهيبة وصيت جليل ووقار.
قال عنه ياقوت الحموي في معجم الأدباء (ج19) ص (282): (كان أوحد زمانه، وفرد أوانه، في علم العربية ومعرفة اللغة، وأشعار العرب وأيامها وأحوالها، متضلعاً في الأدب، كامل الفضائل), وترجم له بمثل هذا السيوطي في (بغية الوعاة) ص (407), وابن شاكر في (فوات الوفيات) (ج2) ص (610), وابن القفطي في (أنباه الرواة) ج (3) ص (356), وغيرهم ووصفوه بـ (أوحد زمانه وفرد أوانه).
أما آثاره العلمية فهي ثروة عظمية وكنز نفيس مادة ومضموناً وكتبه تعد معولاً ومرجعاً في موضوعاتها وأبرزها كتاب (الأمالي) وهو أكبر كتب الأمالي حجماً ومادة وأكبر مؤلفاته وأمتعها وأغزرها تضمن (84) مجلساً في مختلف الفنون واللغة والأدب والتأريخ.
وهو أول من أرّخ لمجالسه من أصحاب الأمالي ورغم أنه لم يؤرخ لكل مجالسه إلا أننا نستشف من تاريخ المجالس التي أرخها المدة التي استغرقها في تأليف هذا الكتاب الضخم. فأول مجلس أرّخه هو المجلس الثامن وجاء بتاريخ يوم السبت (1) جمادى الاولى عام 524 هـ وآخر مجلس أرخه هو المجلس الثاني والثلاثون وجاء بتاريخ يوم السبت (8) ربيع الاول 536 هـ فقد وضع (24) مجلساً في (12) سنة وقد بلغت شواهده الشعرية (110) بيت غير المكرر.
ويمكن أن يعد هذا الكتاب واحداً من شروح ديوان المتنبي لكثرة ما استشهد فيه بشعره مع الشروح والتعليقات وتعقب غيره من الشراح, إضافة إلى الطابع الذي غلب على الكتاب من مسائل النحو ومعالجة دقائق حروف المعاني كما احتوى على الكثير من التنظيرات التي انفرد بها ابن الشجري ومحاولات التجديد التي سعى لأن تكون ميسرة في النحو بعيدة عن التعقيد ويوجد جزء من هذا الكتاب بخط ابن الشجري في خزانة الرباط أُرخ بعام 539 هـ كما طبع هذا الكتاب لأول مرة في حيدر آباد سنة 1349هـ حتى المجلس (87) في مجلدين وطبع جزء منه في القاهرة ونشر الدكتور حاتم صالح الضامن الستة أجزاء المتبقية من المجالس عام 1984م تحت عنوان (ما لم ينشر من الأمالي الشجرية) ولم ينشر هذا الكتاب كاملاً إلا عام 1992م عندما قام بتحقيقه كاملاً الدكتور محمود الطناحي وقدمه لنيل الدكتوراه.
ومن كتب ابن الشجري أيضاً (الحماسة الشجرية) ضاهى به حماسة أبي تمام وطبع أيضاً في حيدر آباد سنة 1345 وكتاب (شرح التصريف الملوكي), و (شرح اللمع لابن جني), و(ما اتفق لفظه واختلف معناه) و(المنظومة في البلاغة), وتوجد نسخة منها بمكتبة الجامع الأزهر و(مختارات ابن الشجري), إضافة إلى شعره المتناثر في بطون الكتب وثنايا المصادر, وقد جمع منه مايقارب الديوان الأستاذ علي الخاقاني مع إضافة تعليقاته عليه ونشره في موسوعته شعراء بغداد الجزء الخامس عشر.
كشاجم
أبو الفتح محمود بن محمد بن الحسين بن سندي بن شاهك الرملي المعروف بـ (كشاجم) توفي سنة (360هـ).
كانت المجالس العلمية في القرن الرابع الهجري تزخر بمختلف العلوم والثقافات فلم يكن المجلس الواحد يقتصر على علم واحد وهذا ما جعل روادها يبدعون في أكثر من مجال علمي فكان الظرف مهيأ لـ (كشاجم) أن يبدع في كثير منها.
لقب بكشاجم إشارة بكل حرف منها إلى علم: فبالكاف إلى أنه كاتب، وبالشين إلى أنه شاعر، وبالألف إلى أدبه، أو إنشائه، وبالجيم إلى نبوغه في الجدل أو جوده، وبالميم إلى أنه متكلم، أو منطقي، أو منجّم وقيل إنه فضلاً عن نبوغه في هذه العلوم فقد برع أيضاً في الطب فزيد على لقبه حرف الطاء فقيل طكشاجم، إلا أنه لم يشتهر به.
وصف بأنه كان نابغة من نوابغ عصره شاعراً وكاتباً ومتكلماً ومنطقياً ومحدِّثاً ومحققاً ومجادلاً وفلسفيا ورغم براعته في جميع ما ذكرناه من العلوم إلا أنه أولع بالشعر وعرف به, وكان في رحلاته الكثيرة يجتمع ويتصل بأرباب العلم والفقه والحديث والأدب فيقرأ عليهم ويسمع منهم كما جرت بينه وبينهم محاضرات ومناظرات ومكاتبات كثيرة دلت على تضلعه في مختلف العلوم حتى عرّفه المسعودي في مروج الذهب (ج4 ص348) بأنه: (كان من أهل العلم والرواية والأدب)
الطوسي شيخ الطائفة
أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي الملقب بـ (بشيخ الطائفة) (385 ــ460هـ) موسوعة علمية واسعة وثقافية شاملة، ألّف في التفسير والحديث والفقه والأصول والعقائد وعلم الكلام والتراجم والسير والعبادات والفقه المقارن والأدعية وغيرها, وامتاز بسعة الاطلاع في كل باب ألف فيه فكان ذا أفق واسع وعقلية متفتحة على آفاق العلم المتباينة ومصادره المتنوعة.
انتقلت الرئاسة العلمية والأستاذية المطلقة إليه بعد وفاة أستاذه السيد المرتضى, وقد ألف الطوسي في الموضوعات العلمية كافة حتى تجاوزت مؤلفاته (الخمسين) مؤلفاً ما بين كتاب ورسالة ذكر أكثرها في كتابه (الفهرست).
ففي التفسير له ثلاثة آثار هي: (التبيان في تفسير القرآن) وهو من أهم كتب الطوسي وأشهرها وأكثرها تميزاَ، ألفه بنمط جديد ومنهج مبتكر لم يسبقه إليه أحد حيث يعتبر أول تفسير للإمامية يضم في أبواب متفردة مخلتف مباحث التفسير وعلوم القرآن كالقراءات وحجتها والمعاني والإعراب واللغة والنظم وأسباب النزول وغيرها, وقد أشار إلى هذا التفسير الكثير من المؤلفين القدامى في تراجمهم كالسبكي والصفدي والعسقلاني والسيوطي وغيرهم, ويقع هذا التفسير في عشرين مجلداً, أما الأثران الآخران فهما (المسائل الرجبية في تفسير القرآن), و(المسائل الدمشقية في تفسير القرآن) وهما في تفسير آي من الذكر الحكيم.
أما في الحديث فقد ألف (الاستبصار فيما اختلف من الأخبار) وهو أحد المصادر الأصلية الأربعة لدى علماء الإمامية والمعوّل عليها – بعد كتاب الله – في استنباط الأحكام الشرعية منذ عصر الطوسي وحتى يومنا هذا ويحتوي على خمسة آلاف وخمسمائة حديث، ومن مؤلفاته في الحديث أيضاً (تهذيب الأحكام) و(المجالس في الأخبار) وهو المعروف بالأمالي لأنه أملاه مرتباً في عدة مجالس في النجف الأشرف على تلامذته.
أما في أصول الفقه فقد ألّف كتابه (العدة في أصول الفقه) الذي يعد لدى الإمامية من أحسن المصادر الأصلية في هذا الفن عند القدماء، أفاض فيه القول في تتبع مباني الفقه بما لا مزيد عليه في ذلك العصر).
كما ألّف الطوسي في التراجم والسير ثلاثة كتب هي (الرجال) واسم الكتاب يدل على مضمونه وهو من أقدم وأشهر كتب الرجال عند الإمامية ويتضمن الرجال الذين رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الإثني عشر (عليهم السلام) ومن تأخر عنهم ويسمى هذا الكتاب أيضاً بـ (الأبواب) لأنه مرتب على أبواب بعدد أصحاب النبي (ص) وأصحاب كل واحد من الأئمة الطاهرين (ع) أما الكتاب الثاني فهو (اختيار الرجال) وهو تهذيب لكتاب (الرجال) للكشي أبي عمر ومحمد بن عمر بن عبد العزيز، وقد أملى هذا الكتاب على طلابه في مشهد الإمام علي (ع) في النجف الاشرف، أما الكتاب الثالث فهو (فهرست كتب الشيعة) وقد ذكر فيه من صنف من الإمامية وقد رتبهم على حروف المعجم ليسهل الرجوع اليهم، ويعد هذا الكتاب من آثاره الثمينة وقد اعتمد عليه الإمامية منذ عصره وحتى اليوم، يقول عنه الاستاذ محمد ابو زهرة في كتابه (الإمام الصادق) ص458 إنه (سد فراغاً في ذلك المذهب ما كان يمكن لغير الطوسي أن يسده)، وله ايضاً في الرجال كتاب (أخبار المختار) و(مقتل الحسين عليه السلام).
أما في علم الكلام فله أربعة كتب هي (رياض العقول) و(المسائل في الفرق بين النبي والإمام), و(الكافي في الكلام), و(مقدمة في علم الكلام), وقد شرح هذه المقدمة قطب الدين الرواندي وعزيز الله الأردبيلي.
أما في الفقه فله (الايجاز في الفرائض) و(المبسوط في الفقه) وهو كتاب عظيم وأثر جليل يشتمل على ثمانين باباً في فروع الفقه كلها ولذلك وصف بأنه (لم يصنف مثله) ويعد من أجلّ كتبه الفقهية و(النهاية في مجرد الفقه والفتاوي) وهو من (أعظم آثاره وأجلّ كتب الفقه ومتون الأخبار) كما يقول الشيخ آغا بزرك الطهراني حيث كان عليه مدار الدراسات الفقهية عند الإمامية منذ عصر مؤلفه.
ومن مؤلفات الطوسي في الفقه المقارن كتاب مهم هو (مسائل الخلاف مع الكل في الفقه) وقد ذكر فيه مسائل الخلاف في الفقه بين الإمامية وغيرهم من المذاهب الاسلامية.
أما في العبادات فقد ألف الطوسي فيها كتابين هما (الاقتصاد فيما يجب على العباد) وقد بين فيه العبادات الشرعية و(الجمل والعقود في العبادات) كما ألف في العقائد خمسة كتب هي (أصول العقائد) و(تلخيص الشافي في الإمامة) و (شرح ما يتعلق بالأصول من جمل العلم والعمل), و(الغيبة), و(المفصح في الإمامة).
أما في الأدعية فيعد الطوسي من أقدم المؤلفين في هذا الموضوع من الإمامية وغيرهم وقد اعتمد عليه كثير ممن جاؤوا بعده يقتبسون من مؤلفاته أو يختصرونها أو يجعلون لها ذيولاً وتتمات ونحو ذلك مما يدل على اتصالهم العلمي بها واعتمادهم عليها والكتب التي ألفها في هذا المجال إثنين هما: (مختصر المصباح في عمل السنة) و(مصباح المتهجد في عمل السنة) وإضافة الى هذه المؤلفات فللطوسي عدة رسائل ومؤلفات لم تنلها يد الفهرسة والطباعة مطمورة في زوايا النسيان.
الموسوعة الحديثة
وامتد تاريخ الموسوعات العلمية على امتداد زحف التيارات الفكرية والدينية المنحرفة, وظهور البدع والضلالات فأصبح دور العالم مضاعفا في جهوده العلمية لدحض هذه التيارات, وهذه بعض تراجم أبرز العلماء الموسوعيين الذين بذلوا جهوداً كبيرة في نشر تراث أهل البيت (عليهم السلام) والدعوة إلى الإسلام الحق.
السيد الشيرازي
محمد بن المهدي بن حبيب الله الحسيني الشيرازي (1928 - 2001)، الملقب بـ (المجدد الثاني) بلغت مؤلفاته أكثر من ألف كتاب تنوعت فيها المواضيع في شتى العلوم فقد كتب في الفقه والسياسة والتاريخ والاجتماع والاقتصاد والقرآن واللغة السيرة والحديث.
ومن أهم مؤلفاته وأوسعها موسوعة الفقه التي بلغت (165) مجلدا وهي أكبر موسوعة في الفقه الشيعي تناول فيها كل أبواب الفقه، بما فيها المسائل المستجدة والحديثة.
وإضافة إلى هذه الموسوعة الضخمة فقد ألف في السيرة فكتب عن سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) وسيرة السيدة فاطمة الزهراء والأئمة المعصومين (عليهم السلام) وتناول الأحداث والوقائع التي جرت في زمنهم بقراءات موضوعية مستفيضة, كما كتب عن سيرة السيدة أم البنين (عليها السلام), والسيدة زينب (عليها السلام), وكتب في العقائد والتأريخ والاجتماع والسياسة والاقتصاد كثيرا من الكتب المهمة التي عالجت قضايا مهمة في تأريخنا وواقعنا المعاصر برؤية العالم الحريص والأمين على الدين والمذهب.
الشيخ عبد الحسين الأميني
عبد الحسين بن أحمد الأميني التبريزي النجفي (1320هـ - 1390هـ/1902 م - 1971 م). أقترن اسمه بموسوعته الخالدة (الغدير في الكتاب والسنة والأدب) فلا يكاد يذكر اسم الغدير إلا ويذكر الاميني ولا يذكر الاميني إلا وتذكر هذه الدراسة العلمية الشاملة لحادثة وحديث الغدير، هذا الإنتاج العلمي الهائل والعمل القيم الضخم الذي يعد بحق من الظواهر العلمية الفذة في عالم التأليف.
فالجهود الجبارة التي بذلها المؤلف تدل على علميته الموسوعية الواسعة، وقدرته الأدبية الفذة، ويتجلّى ذلك في المادة التاريخية الضخمة والمتنوّعة والتي بذل قصارى جهده في الحصول عليها حتى أخرج كتابه كنزاً من كنوز المكتبة الإسلامية والعربية.
وإضافة إلى هذه الموسوعة الضخمة فقد ألف في التفسير والحديث والتأريخ والآراء والمعتقدات هذه الكتب: شهداء الفضيلة، وتفسير فاتحة الكتاب, وسيرتنا وسنّتنا, وثمرات الأسفار, وأدب الزائر لمن يمم الحائر, والمقاصد العلية في المطالب السنية, وفاطمة الزهراء (عليها السلام) وله من المخطوطات رجال آذربيجان, رياض الأنس, ورسالة في النية, ورسالة في حقيقة الزيارة, والمجالس, والسجود على التربة الحسينية عند الشيعة الإمامية, والمقاصد العلية في المطالب السنية, والعترة الطاهرة في الكتاب العزيز, وإيمان أبي طالب وسيرته, وكامل الزيارة.
محمد حسن آل ياسين
محمد حسن بن الشيخ محمد رضا بن الشيخ عبد الحسين بن الشيخ باقر بن الشيخ محمد حسن آل ياسين الخزرجي، (1350ــ1427هـ/1931-2006م).
امتلك هذا الرجل الفذ نبوغاً علمياً فريداً ورصيداً فكرياً نادراً وثراءً موسوعياً ضخماً قلماً أجتمع لغيره، فالذي خلفه من مؤلفات وتصانيف وتحقيقات وغيرها، تكوّن موسوعة علمية وفكرية وأدبية متنوعة، دلت على سعة ثقافته العامة وانفتاحه على أبعاد المعرفة الانسانية المختلفة.
كان ولعاً في إحياء التراث العلمي الإسلامي فحفلت مؤلفاته برؤية تاريخية تحليلية وطابع علمي في عرض الحقائق التاريخية وتناولها، كما كان ملماً في استعراض حياة الشخصيات الإسلامية التاريخية أفصح فيه عن مخزون ثقافي كبير ودلت مقالاته التي كان ينشرها في مجلة المجتمع العلمي العراقي على نبوغه في النحو واللغة، كما كان مدافعاً مخلصاً عن الإسلام وصيانة شريعته من الشكوك و الشبهات التي يثيرها أعداؤه ضده فألف في الرد على الفكر المادي.
ففي مجال سيرة شخصيات التاريخ الإسلامي ألف العديد من الكتب عن شخصياته العظيمة فكتب عن حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير, وسعد بن الربيع, وسعد بن معاذ, وزيد بن حارثة, وجعفر بن أبي طالب.
أما في مجال الدفاع عن الفكر الديني ودحض شبهات الملحدين فقد ألف كتابه القيم (في رحاب الإسلام) وهو عبارة عن مسائل فلسفية بين المادية والإسلام، ويقع في (520) صفحة ويعد هذا الكتاب من أهم وابرز كتب الشيخ آل ياسين على الصعيد الفكري والعلمي.
ومن الكتب المهمة الأخرى كتابه (الأرقام العربية مولدها، نشأتها، تطورها) وهو من مطبوعات المجمع العلمي العراقي, و(معجم النبات والزراعة) بجزئين وهو أيضاً من مطبوعات المجمع العلمي العراقي ويقع هذان الجزآن في (1130) صفحة و(المعجم الذي نطمح اليه), و(على هامش كتاب العروة الوثقى) و(في رحاب القرآن) و(نهج الشيخ الطوسي في التفسير) و(العدل الإلهي), و(النبوة), و(المهدي المنتظر), و(الإمامة) و(الله بين الفطرة والدليل), و(الإسلام ونظام الطبقات), و(بين يدي المختصر النافع), و(التخطيط القرآني للحياة), و(تاريخ المشهد الكاظمي), و(شعراء كاظميون), و(تاريخ الصحافة في الكاظمية), و(الصاحب بن عباد), و(مفاهيم إسلامية عامة), و(المبادئ الدينية للناشئين), و(الإسلام بين المرجعية والتقدمية), و(الإسلام والرق), و(الإسلام والسياسة), و(الشيخ المفيد), و(نصوص الردة في تاريخ الطبري), و(مالك بن نويرة.. حياته وشعره).
كما حقق العديد من الكتب منها (المحيط في اللغة), و(الفصول الأدبية), و(الأقناع), و(التذكرة) لكافي الكفاة الصاحب أسماعيل بين عباد (326ــ 385هـ), و(العباب الزاخر واللباب الفاخر) للحسن بن محمد الحسن الصنعاني (577- 650هـ), و(ديوان أبي الأسود الدؤلي) صنعة أبي سعيد السكري, و(من وافقت كنيته كنية من الصحابة) لأبي الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيوية النيسابوري، و(كتاب الشجر والنبات), و(كتاب النخل), و(كتاب السحاب والمطر), و(كتاب الأزمنة والرياح) لأبي عبيد القاسم بن سلام المتوفي سنة (224هـ), و(ديوان الخبر أرزي) بخمسة أقسام نشرت في مجلة المجمع العلمي العراقي, و(مسألة في خبر مارية القبطية), و(إيمان أبي طالب) للشيخ المفيد, و(التنبيه على حدوث التصحيف) للأصفهاني, و(شرح قصيدة الصاحب بن عباد) للبهلولي, و(شرح مشكل أبيات المتنبي لأبن سيدة), و(معاني الحروف) للرماني, و(الشافي) للسيد مرتضى, و(مقدمة في الأصول الاعتقادية) للشريف الرضي. كما كان الشيخ آل ياسين شاعراً مطبوعاً تناول في شعره شتى الأغراض مما يجعله في مصاف الشعراء الكبار.
وهناك موسوعات كبرى أخرى ورجال موسوعيين أفذاذ أغنوا الحضارة الإسلامية وأشادوا صرحها الشامخ لا يتسع المجال للتفصيل في عطائهم العلمي والفكري منهم المامقاني وموسوعته (تنقيح رالمقال في أحوال الرجال) والتي احتوت على (13365) ترجمة لرجال الحديث والسند، والسيد محسن الأمين وموسوعته (أعيان الشيعة) والتي ضمت تراجم أكثر من (12000) من العلماء والأعيان من رجال الشيعة من مختلف العصور، والشيخ أغا بزرك الطهراني وموسوعته (الذريعة إلى تصانيف الشيعة)، وغيرهم.
اضف تعليق