غرفة مليئة بدخان السجائر، بالكاد ترى إنارة الضوء، دخان يتسرب في كل مكان، شفاه تميل إلى السواد، أسنان صفراء، رائحة الدخان تنبعث من ثيابه، لا يتجاوز العاشرة من عمره، فوجئت الأم به يدخن سيجارة؟ وما ان رآها حتى ألقى بالسيجارة من يده، وأسرع بفتح النافذة والمروحة، تلفتت الأم في أرجاء الغرفة بذهول عميق، لا تدري ماذا تفعل؟ وماذا تقول، ابنها يدخن؟ وهل تخبر أحدا بفعلته أم تكتفي بعقوبته؟.
الأم التي ترى طفلها يدخن؟ عليها اولا إن تبحث عن الأسباب التي دفعت بالابن الى التدخين، اسباب كثيرة ذكرها أخصائيو علم النفس من ضمنها، غياب الام والاب والعنف الأسري، غياب التربية الصحيحة، ومن ناحية أخرى فإن الأطفال عادة ما يقلدون الكبار في سلوكهم، وتصرفاتهم,، فإذا كان الأب يدخن داخل البيت وفي وجود الأبناء، والمعلم يدخن أمام الطلاب، فهم القدوة في تربية الاولاد.
لذا فالأبناء يفكرون في أول الأمر بالتدخين، عند استنشاق هواء الحجرة المملوء بالدخان، ثم يبدأ الطفل يقلد السيجارة بوضع القلم في فمه ويبدأ يأخذ دوره، كما فعل أبوه، إن غياب الابن المراهق المتكرر عن البيت، يجعله اكثر عرضة للتدخين، لذا فهو يبحث عن رفاهية وأمان خاص به بعيدًا عن البيت، فيصبح التدخين في هذه الحالة جزءاً من شخصيته، فيلجأ لأخذ السجائر من علبة أبيه، أو أخذها من قرين له، أو شراءها من مصروفه الخاص.
مسؤولية الأسرة ودورها
إيقاف التدخين سوف يكون محاولة صعبة جدا، وذلك لأن الأسباب التي دفعت بالطفل للتدخين مازالت موجودة، والعلاج الفعال يكمن في التعامل مع قضية التدخين كقضية صحية بعيدا عن العيب والحرام، سواء كانت من داخل الأسرة، فإذا قامت الأسرة بدورها وحققت الرعاية المناسبة لأطفالها، فسوف تحميهم من التدخين الذي يدمر مستقبلهم، وذلك لأن التدخين هو الخطوة الأولى في طريق الإدمان.
فالتدخين لا يحدث فجأة، وانما عن طريق الاختيار، فأين كانت الأسرة طوال هذه المدة؟ إننا عندما نتحدث عن مشكلة التدخين عند اكتشافها تكون قد تحولت إلى عادة، ولكن الأخطر من العادة هو أن هذا الشاب قد اعتاد على أخذ السجائر، إن هذا الشاب يحتاج إلى من يقترب منه ويعرف مشاكله، ويشعره بقيمة صحته، ويتعامل معه باحترام وتقدير، ويحسن الإصغاء إليه، وعندما يشعر الشاب بالثقة بكل ما تقوله، سيكون لديه استعداد لأن يسمع ويدرك؛ لأنه يشعر أن من يتحدث إليه يشعر به ويحس بمشاعره ويقدرها؛ ولذا يكون على استعداد للقيام بأي شيء حتى ولو كان ترك التدخين، ولكن إذا ما كان الحديث عن التدخين حديث الوعظ والإرشاد الجاف، واحيانا الضرب، والعقوبة القاسية والاتهام بالتسيب،فإن ذلك يجعله اكثر ادمانا، فإذا تمكنت من أن تعيد جسر التواصل بينك وبين ابنك، واستطاعت الأسرة أن تفعل ذلك فسيكون عندها التدخين هو أبسط الأمور التي يمكنك مناقشته معه.
خلاصة الموضوع الأسباب التي دفعت ابنك للتدخين هي: 1- انغماس الآباء في مثل هذه العادات السيئة امام الابناء. 2- حب التجريب وإظهار الشخصية الذكورية امام الأصدقاء أو الصديقات، والظهور بمظهر المتمرد وعدم الخوف. 3- تقليد الأصدقاء. 4- توفر السجائر في المحلات وفي الاسواق وفي الشوارع. 5-توفر المصروف الزائد عن الحاجة ما يدفع بالمراهق للتجريب والاستمرار بذلك.
السرطان يتحالف مع التدخين
ازدياد نسبة الإصابات بسرطان الرئة بازدياد عدد السجائر المستهلكة. التدخين قد يعرض إبنك المراهق لأمراض الرئة المزمنة، التي تنشأ بعد تدخينه من 5 إلى 10 سجائر يوميًا، ولمدة عام أو عامين. إمكانية الإصابة بتقلص في شرايين القلب، وهذا بدوره يسبب الذبحة الصدرية؛ فمادة النيكوتين تذوب في اللعاب وتُمتص بواسطة الدم، وتسبب تقلصًا واضحًا في شرايين القلب وباقي شرايين الجسم. إمكانية الإصابة بالصلع، فالدراسات تشير الى أن 75% من الرجال المصابين بالصلع تتراوح أعمارهم بين 21 و22 عامًا كانوا من المدخنين.
نصائح هامة
عندما تفكرون كيف تمنعون ابناءكم عن التدخين قوموا بما يلي: 1- رفض فكرة التدخين، قل له في كل مرة يطرح فيها موضوع التدخين بأنك غير موافق على مبدأ التدخين وبأن التدخين غير مسموح به. رأيك قد يجعله يفكر بالأمر، فإن المراهقين الذين امتنعوا عن التدخين قالوا بأن آبائهم اخبروهم بأنه غير مسموح ومرفوض بصورة غير مباشرة ومن دون تجريح. 2- كن قدوة ومثالا له ولا تقل لا تدخن بينما أنت تحمل علبة سجائر بيدك، كن مثالا يحتذى به. 3- التدخين يسبب مشاكل صحية عديدة، منها رائحة الفم الكريهة، اصفرار الأسنان، رائحة الثياب، مشاكل تنفسية، وتجاعيد مبكرة على البشرة. هل تحب ان تبدو كعجوز في سن المراهقة؟ اذكر مساوئ التدخين ودعهم يفكروون بمظهرهم. 4- أكثر المراهقين يعتقدونَ بأنّهم يمكن أن يتركوا التدخين في أي وقت يريدون. لكن المراهقين يصبحون مدمنين على النيكوتينِ، وعندما يعلق سيكون من الصعب أن يتخلى عن هذه العادة السيئة.5- توقع ضغوط رفاق السوء، يجب أن تعلمهم كيف يرفضوا العروض المقدمة لهم بتناول السيجارة.6- تجنب التهديدات والإنذارات، بدلاً مِن ذلك، يمكن مساعدة المراهق على التخلص من الإدمان على التدخين من خلال اصطحاب المراهق إلى حملات التوعية من التدخين، ومراكز مكافحة التدخين. اكتب لوحة في غرفته، التدخين ممنوع، ابدأ حديثك معه بهدوء، فالسلبية لن تعكس إلا طاقات سلبية، اهدي له كتابا عن التدخين واضراره، تحدث عنه امام الاقارب بتصرفاته الايجابية، فبهذه الاعمال تزرع الثقة في داخله وتبني فيه شخصية صالحة يحافظ عليها وعلى سمعته امامك، حافظوا على صحته ابنائكم فهي امانه بأعناقكم.
اضف تعليق