في البداية قد تشعر ببعض الغرابة تجاه المشي فجأة إلى الخلف في الحديقة. ومع ذلك، فإن تغيير اتجاه الجري من وقت لآخر له آثار إيجابية عديدة. ولقد وجد الباحثون أن المشي للخلف يمكن أن يحسن التوازن والحركة لدى الأطفال والبالغين المصابين بالسكتة الدماغية...

يكتسب المشي الرجعي (لمشي للخلف)، صيتا واسعة على منصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، على الرغم من أن الخبراء في مجال العلاج الطبيعي والتدريب الرياضي قد أشاروا إلى فوائده منذ سنوات طويلة.

وتعتبر هذه النوع من المشي، وفق مجلة تايم الأميركية، طريقة فعالة لحرق السعرات الحرارية بأثر قليل على الجسم، وتقوية عضلات الساقين، وتحسين التنسيق الحركي، وحتى تخفيف الألم، وفق الخبراء.

على الرغم رواجه على منصات وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي، إلا أن المعالجين الفيزيائيين ومدربي اللياقة البدنية ظلوا يروجون لفوائد المشي للخلف لسنوات، فهي طريقة منخفضة التأثير لحرق السعرات الحرارية، وتقوية ساقيك، واختبار التنسيق، وحتى تحسين الألم، كما يقول الخبراء.

ويعد المشي للخلف طريقة فعّالة لتقوية عضلات الأرداف، الساقين، والقدمين، كما يقول جو ماير، مدرب شخصي، مشيرًا إلى أن هذا النوع من المشي يقلل من الضغط على الركبتين وأسفل الظهر. يُعتبر المشي للخلف مناسبًا للأشخاص من جميع الأعمار ومستويات اللياقة البدنية، وخصوصًا كبار السن الذين يجدون فيه طريقة بسيطة لتحسين رويتنهم الرياضي.

ويتطلب المشي للخلف استقامة أكبر من المشي للأمام، مما يُحدث تحديًا جديدًا لعضلات البطن، الأطراف السفلية والظهر. "قد تلاحظ أن عضلات الأرداف تعمل بجهد أكبر،" يقول ماير. بالإضافة إلى ذلك، تعمل عضلات الساق بطريقة معاكسة للطريقة التي تعمل بها عند المشي للأمام، مما يُحسن لياقتك البدنية بشكل عام.

التأهيل والعلاج

وتقول مارسيل دينكنز، مدربة في بيلوتون "بدأت المشي للخلف لتعافي من مشاكل الرضفة الإصابة بتمزق الرباط الصليبي (...) يوفر المشي للخلف راحة عند الشعور بألم تحت الرضفة. استُخدم المشي للخلف أيضًا لتقليل الألم وتحسين الوظيفة لدى الأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل".

ووفق مجلة تايم، يساهم المشي للخلف في تمدد العضلات التي قد تتقلص وتتصلب نتيجة الجلوس لفترات طويلة. يساعد هذا التمرين على تحسين المرونة ويقلل من خطر الإصابات. كما أنه يعزز التوازن، خاصة بين كبار السن الذين يواجهون خطر السقوط أكثر من غيرهم.

تعزيز قوة العضلات

يقول جو بامير (مدرب شخصي): يتطلب المشي للخلف وقفة أكثر استقامة مقارنةً بالمشي للأمام، مما يشكل تحديًا جديدًا لعضلات البطن، الأطراف السفلية، والظهر (...) ستلاحظ أن عضلات الأرداف تعمل أكثر". وأضاف " يؤدي المشي للخلف إلى تقوية العضلات بطريقة تختلف عن المشي العادي، مما يساهم في تحسين اللياقة البدنية".

من جانبها، تقول أخصائية العلاج الطبيعي كريستين هولك: "يساعد المشي للخلف على تمدد العضلات التي تتقلص وتتصلب نتيجة الجلوس لفترات طويلة (...) إن هذا التمدد يؤدي إلى تحسين المرونة وتقليل خطر الإصابات. يعزز أيضًا التوازن، خاصة بين كبار السن الذين يواجهون خطر السقوط".

استخدم جهاز المشي بهذه الطريقة

ولممارسة المشي للخلف بأمان "يمكن استخدام جهاز المشي دون تشغيله، حيث يقوم الشخص بتحريك الحزام بقوة (...) إذا كنت تدفعه، فسوف تحصل على المزيد من المقاومة، مما يؤدي إلى تمرين أفضل"، بحسب دينكنز. وفقًا لموقع “سكاي نيوز عربية”.

توجه إلى أي صالة ألعاب رياضية، وقد تجد شخصاً يمشي للخلف على جهاز المشي. وفي حين أن البعض قد يستخدم الحركة العكسية كجزء من نظام العلاج الفيزيائي، فقد يفعل البعض الآخر ذلك لتعزيز لياقتهم البدنية وصحتهم العامة، وفقاً لشبكة «سي إن إن».

قال غرايسون ويكهام، متخصص العلاج الفيزيائي في مركز «لوكس» للعلاج الفيزيائي والطب الوظيفي في مدينة نيويورك: «أعتقد أنه من المدهش إضافة بعض الحركة إلى الوراء إلى يومك... يجلس الناس كثيراً اليوم، بالإضافة إلى أنهم يفتقرون إلى الحركة المتنوعة».

تم إجراء عدد لا بأس به من الدراسات حول الفوائد المحتملة للمشي إلى الخلف. المشاركون الذين ساروا للخلف على جهاز المشي لمدة 30 دقيقة في كل مرة على مدى أربعة أسابيع زادوا من توازنهم وسرعة المشي واللياقة القلبية الرئوية، وفقاً لدراسة أجريت مسبقًا.

بالإضافة إلى ذلك، تمكنت مجموعة من النساء من خفض نسبة الدهون في الجسم وتعزيز اللياقة القلبية التنفسية بعد برنامج مدته ستة أسابيع من الجري والمشي إلى الخلف، وذلك وفقاً لتجربة سريرية نُشرت نتائجها في وقت سابق.

تشير دراسات أخرى إلى أن الحركة إلى الخلف قد تساعد المصابين بالتهاب مفاصل الركبة وآلام الظهر المزمنة، بالإضافة إلى تحسين المشية والتوازن.

قد يؤدي المشي للخلف إلى زيادة حدة عقلك، ويساعدك على أن تصبح أكثر وعياً؛ إذ يحتاج دماغك إلى أن يكون أكثر يقظة عند التحرك بهذه الطريقة الجديدة. لهذا السبب، بالإضافة إلى حقيقة أن الحركة للخلف تساعد في تحقيق التوازن، قد يستفيد كبار السن بشكل خاص من دمج بعض المشي للخلف في روتينهم، كما تشير إحدى الدراسات التي أجريت في الأعوام السابقة على المرضى الذين يعانون من السكتة الدماغية المزمنة.

تبديل العضلات التي تستخدمها

لماذا تعد الحركة الخلفية مفيدة جداً؟ قال لاندري إستس، وهو متخصص معتمد في القوة والتكييف في «كوليج ستيشن» بولاية تكساس: «عندما تدفع نفسك للأمام، فهذه حركة تهيمن على أوتار الركبة... إذا كنت تمشي إلى الوراء، فهذا هو العكس، حيث تقوم عضلاتك الرباعية بالتحرك وتقوم بتمديد الركبة».

نتيجة لذلك، فأنت تقوم بتمرين عضلات مختلفة، وهو أمر مفيد دائماً، بالإضافة إلى اكتساب القوة. قال إستس: «القوة تتغلب على الكثير من أوجه القصور».

كما أنك بهذه الطريقة أيضاً تحرك جسمك بطريقة غير نمطية. قال ويكهام إن معظم الناس يقضون أيامهم في العيش والتحرك في المستوى السهمي (الحركة للأمام والخلف)، وبشكل حصري تقريباً في المستوى السهمي الأمامي.

وأضاف ويكهام: «يتكيف الجسم مع الأوضاع والحركات والوضعيات التي تقوم بها في أغلب الأحيان... يمكن أن يؤدي ذلك إلى شد العضلات والمفاصل، مما يؤدي إلى تأكّل المفاصل، ثم الألم والإصابة. كلما أضفنا المزيد من الحركة المتنوعة إلى أنشطتنا اليومية أو في صالة الألعاب الرياضية، أصبح ذلك أكثر فائدة للجسم». وفقًا لصحيفة “الشرق الأوسط”.

فوائد المشي "100 خطوة إلى الوراء"

رغم الدراسات العديدة التي أثبتت فوائد المشي على الصحة العامة، إلا أن هدف الوصول إلى 10 آلاف خطوة في اليوم، قد يبدو صعبا بعض الشيء على الكثيرين.

ومن أجل الاستفادة من المشي دون القيام بآلاف الخطوات يوميا، يقول الدكتور مايكل موسلي، مضيف البودكاست Just One Thing، إن المشي إلى الخلف (المشي العكسي) بدلا من الأمام لبضع دقائق فقط يمكن أن يكون له بعض الفوائد الصحية المدهشة.

وأشار في أحدث حلقة من البودكاست الخاص به إلى أنه يتبع هذه الممارسة "الغريبة" (المشي إلى الوراء)، للمساعدة في علاج "الوخزات" التي يتعرض لها في أسفل ظهره وركبتيه.

وأوضح أن "هذه تقنية تم استخدامها في العلاج الطبيعي لعقود من الزمن لإعادة تأهيل إصابات أسفل الساق. ويمكن أن تحسن مشيتك وقدرتك على الحركة، وهناك قدر مذهل من الدراسات العلمية الجيدة التي توضح كيف يمكن للمشي للخلف أن يقوي ذاكرتك ومهارات حل المشكلات".

ووصف موسلي المشي إلى الوراء بأنه "ممارسة قديمة جدا. ويعتقد أنها نشأت في الصين، حيث ما تزال شائعة حتى يومنا هذا".

وتابع: "في الواقع، لدى الصينيين قول مأثور مفاده أن "100 خطوة إلى الوراء تساوي 1000 خطوة إلى الأمام".

وللمشي 100 خطوة إلى الوراء فوائد عدة تشمل:

1. حرق المزيد من السعرات الحرارية

وفقا لموسلي، خبير النظام الغذائي، فإن السير إلى الخلف يستهلك طاقة أكبر - نحو 30%، وفقا للدراسات - لذلك فهو يساعد الجسم على حرق سعرات حرارية أكثر قليلا من المشي إلى الأمام.

وأشار إلى دراسة نشرتها مجلة International Journal of Sports Medicine، وجدت أن المشاركين الأصحاء فقدوا 2.5% من الدهون في الجسم عن طريق إضافة المشي إلى الوراء إلى خطة تمارينهم.

وقال الدكتور موسلي: "يستخدم المشي للخلف عضلات أقل نشاطا في أثناء المشي للأمام، مثل ربلة الساق، بالإضافة إلى عضلات الفخذ الرباعية، وهي العضلة الكبيرة الموجودة في الجزء الأمامي من الفخذ".

2. يعزز الذاكرة قصيرة المدى

قال الدكتور موسلي إن المشي العكسي يمكن أن يعزز الذاكرة قصيرة المدى أيضا.

واستشهد موسلي بدراسة أجراها باحثون من جامعة روهامبتون، حيث اختبروا ذاكرة المشاركين بشأن مقطع فيديو بعد أن طلبوا منهم المشي إلى الخلف أو الأمام أو الوقوف ساكنين، ووجدوا أن الذين يمشون بشكل عكسي "يتذكرون باستمرار المزيد عن الفيديو أكثر من الآخرين".

وأوضح أن "المشي إلى الخلف ينشط أجزاء مختلفة من الدماغ مقارنة بالمشي إلى الأمام"، ما يساعد على "تعبئة موارد الدماغ"، ويشمل ذلك قشرة الفص الجبهي، التي تشارك في التخطيط وصنع القرار والذاكرة.

3. يقلل من آلام الظهر ويحسن التوازن

قالت البروفيسور جانيت دوفيك من جامعة نيفادا، لاس فيجاس، التي كانت ضيفة في البودكاست، إن إحدى الفوائد الرئيسية للمشي العكسي هي "الاستخدام المختلف لمجموعات العضلات الرئيسية"، والتي يمكن أن تساعد في علاج آلام الظهر والمرونة.

وأوضح الدكتور موسلي أن العضلات الموجودة في الجزء الخلفي من الساقين، أوتار الركبة، تمتد عند المشي إلى الخلف.

وأضافت الدكتورة دوفيك أن "وجود هذا التمدد يسمح بنطاق أكبر من الحركة وبالتالي يقلل الضغط على الظهر".

وأشارت إلى أنها أجرت دراسة صغيرة على رياضيين وجدت أن 80% منهم تمكنوا من تخفيف آلام الظهر من خلال المشي العكسي. وقالت إن هذه الممارسة يمكن أن تساعد على "تحسين الاستقرار والتوازن".

ووجدت الدكتورة دوفيك أن كبار السن الذين ساروا لمدة 15 دقيقة خمسة أيام في الأسبوع، لمدة أربعة أسابيع، كانوا قادرين على تحسين توازنهم.

واقترحت الدكتورة دوفيك البدء في تجربة المشي العكسي ببطء وزيادة السرعة بشكل تدريجي لفترة أطول من الوقت، وأوصت بالبدء بدقيقة أو دقيقتين، ثم إضافة دقيقة أخرى كل يومين. وفقًا لموقع “RT”.

يحسن التوازن والحركة

في البداية قد تشعر ببعض الغرابة تجاه المشي فجأة إلى الخلف في الحديقة. ومع ذلك، فإن تغيير اتجاه الجري من وقت لآخر له آثار إيجابية عديدة. ولقد وجد الباحثون أن المشي للخلف يمكن أن يحسن التوازن والحركة لدى الأطفال والبالغين المصابين بالسكتة الدماغية.

كبار السن الذين يسيرون إلى الوراء بانتظام هم أقل عرضة للسقوط. وإذا كنت تمشي للخلف بشكل منتظم، فإن مشيتك الطبيعية تصبح أكثر توازنا لأن هذا التدريب يساعد على تنسيق الحركات. ومن الأفضل في البداية تجربة هذا التمرين مع شريك لتجنب السقوط. أو بدلا من ذلك يمكنك أيضا التدرب على المشي للخلف من خلال البدء بالنظر خلفك وإلقاء نظرة على كتفك. وفقًا لموقع “DW”.

اضف تعليق