تنقذ المواصفات الغذائية الأرواح من خلال الاضطلاع بدور حاسم في الوقاية من الأمراض التي تنقلها الأغذية ويصاب أكثر من شخص واحد من أصل عشرة أشخاص سنويًا بالمرض وتوافي المنيّة 420,000 شخص بسبب تناول أغذية ملوثة. ويتأثّر الشباب والأشخاص الضعفاء أكثر من غيرهم بنحو 200 مرض مختلف منقول عن...
في اليوم العالمي لسلامة الأغذية، تسلط منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية الضوء على الدور الذي تضطلع به المواصفات الغذائية في حماية صحة الإنسان.
وتحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي لسلامة الأغذية سنويًا منذ عام 2019، ويسعى هذا اليوم إلى استرعاء الانتباه وإلهام العمل من أجل المساعدة في الوقاية من المخاطر المنقولة عن طريق الأغذية والكشف عنها وإدارتها، والمساهمة في الأمن الغذائي، وصحة الإنسان، والتنمية المستدامة.
وتنقذ المواصفات الغذائية الأرواح من خلال الاضطلاع بدور حاسم في الوقاية من الأمراض التي تنقلها الأغذية - كانت تلك الرسالة الرئيسية المنبثقة عن حدث مختلط رفيع المستوى عقدته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) ومنظمة الصحة العالمية للاحتفال بالدورة الخامسة لليوم العالمي لسلامة الأغذية.
ويصاب أكثر من شخص واحد من أصل عشرة أشخاص سنويًا بالمرض وتوافي المنيّة 420,000 شخص بسبب تناول أغذية ملوثة. ويتأثّر الشباب والأشخاص الضعفاء أكثر من غيرهم بنحو 200 مرض مختلف منقول عن طريق الأغذية وذلك نتيجة الأغذية غير المأمونة التي يمكن الوقاية من معظمها.
مواصفات الدستور الغذائي
تم اختيار موضوع حدث هذا العام ليتزامن مع الذكرى السنوية الستين لإنشاء هيئة الدستور الغذائي (المصطلح اللاتيني للدستور الغذائي) التي أنشأتها المنظمة ومنظمة الصحة العالمية، والتي تتولى وضع المواصفات الدولية لسلامة الأغذية وجودتها من أجل حماية صحة المستهلكين وتشجيع الممارسات المنصفة في تجارة الأغذية.
وقال السيد شو دونيو مخاطبًا الجمهور بالوسائل الافتراضية: "نحن بحاجة إلى فهم مشترك لهوية أغذيتنا وجودتها وسلامتها. وقد قامت هيئة الدستور الغذائي المشتركة بين المنظمة ومنظمة الصحة العالمية بوضع مثل هذا الدستور الغذائي".
"إنّ المنظمة تدرك الدور الحاسم للمواصفات الغذائية من أجل ضمان سلامة الأغذية، والمساعدة في حماية صحة الإنسان، وتسهيل الممارسات المنصفة في تجارة الأغذية، لا سيما مع استمرار نمو هذه التجارة. ولا يمكن للأغذية أن تكون آمنةً إلا إذا كان كل شخص يشارك في إنتاجها وتوزيعها وإعدادها يضمن سلامتها".
ويؤثر الدستور الغذائي على الجميع انطلاقًا من المستهلكين ومنتجي الأغذية ومجهزيها ووصولًا إلى الوكالات الوطنية لمراقبة الأغذية. ويشكل الدستور الغذائي أيضًا المواصفات المرجعية لمنظمة التجارة العالمية في ما يتعلق بسلامة الأغذية.
وتزود المنظمة ومنظمة الصحة العالمية، من خلال أمانة الدستور الغذائي، الأعضاء البالغ عددهم 189 عضوًا والذين يشكلون جزءًا منها، بمواصفات السلامة المستندة إلى العلوم، مثل تلك الخاصة بالمواد المضافة إلى الأغذية، أو مخلفات مبيدات الآفات أو الخطوط التوجيهية للتعامل مع مسألة مقاومة مضادات الميكروبات التي تنقلها الأغذية.
ويشمل عمل المنظمة ومنظمة الصحة العالمية، مجموعة من القضايا لدعم سلامة الأغذية العالمية وحماية صحة المستهلك. وتعالج المنظمة قضايا سلامة الأغذية على طول سلسلة أنتاج الأغذية، في حين تشرف منظمة الصحة العالمية على العلاقات القوية مع القطاع الصحي العام وتحافظ عليها.
صندوق أدوات
أطلقت المنظمة صندوق أدوات مصممًا لمساعدة جميع العاملين في قطاع الأغذية على الالتزام بالمواصفات الدولية لنظافة الأغذية. ويستند صندوق الأدوات إلى مواصفات الدستور الغذائي ويوفر مجموعة من الخطوط التوجيهية والقواعد من خلال صفحة إلكترونية للمنظمة من أجل مساعدة العاملين في مجال الأغذية على التواصل بشكل أفضل مع السلطات المحلية المعنية بسلامة الأغذية لأغراض إنتاج أغذية آمنة وتجهيزها وتوزيعها.
مجموعة الأدوات هذه، تستند إلى الدستور الغذائي، وهي عبارة عن مجموعة مواصفات وخطوط التوجيهية ومدونات ممارسات تديرها منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية وتهدف إلى حماية صحة المستهلك وتعزيز الممارسات المنصفة في تجارة الأغذية.
وتترجم مجموعة الأدوات هذه الطائفة الواسعة من الخطوط التوجيهية والقواعد التي تنظم الممارسات الصحية الجيدة ونظام تحليل مصادر الخطر ونقاط الرقابة الحرجة، إلى معلومات سهلة الفهم عبر موقع إلكتروني تابع لمنظمة الأغذية والزراعة. وهي تولي عناية خاصة بالتحديات التي يواجهها صغار مشغلي الأعمال التجارية والمنتجين في مجال الأغذية لدى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. فعلى سبيل المثال، صُمّم الموقع الإلكتروني ليعمل بشكل جيد على الأجهزة المحمولة، إذ أن انتشار هذه الأجهزة في بعض البلدان النامية يفوق بأشواط انتشار الحاسوب.
ويتمثل الهدف الشامل من مجموعة الأدوات في منح جميع مشغلي الأعمال الغذائية، سواء أكانوا في المزرعة أم على طول سلسلة القيمة، بغض النظر عن حجمهم وموقعهم، أداةً تمكّنهم من التعامل بشكل أفضل مع السلطات المحلية المعنية بسلامة الأغذية من أجل إنتاج أغذية مأمونة وتوزيعها وتجهيزها. وتلبي مجموعة الأدوات أيضًا الجهات التي تضطلع بدور مؤسسي، كالمسؤولين الحكوميين والأوساط الأكاديمية والمنظمات المعنية ببناء القدرات.
وتقول السيدة Corinna Hawkes، مديرة شعبة النظم الغذائية وسلامة الأغذية في المنظمة: "تشكّل هذه الأدوات نقطة مرجعية مهمة لسلامة الأغذية على الصعيد العالمي. فهي لا تقتصر فقط على نشر مبادئ سلامة الأغذية المتفق عليها دوليًا، وإنما ترسي لغة مشتركةً، تتيح بدورها إطارًا وقاعدة مشتركة يمكن من خلالهما للبلدان أن تتفاوض ولشركات الأغذية أن تتواصل بشأن سلامة الأغذية."
تعزيز سلامة الأغذية
عندما يشحّ الغذاء يبذل الناس قصارى جهدهم لتأمين المأكل لأنفسهم ولعائلاتهم. وهناك علاقة مباشرة بين حالات الشح في الغذاء وبين تزايد الأخطار التي تتهدد سلامة الأغذية. وإذ يصاب 600 مليون شخص بالأمراض المنقولة بواسطة الأغذية كل عام، يتمثل أحد المجالات ذات الأولوية للمنظمة في المساعدة على ضمان الغذاء المأمون للجميع.
وتدعم المنظمة بطرق مختلفة أعضاءها في جهودهم الرامية إلى تحسين سلامة الأغذية. وهي تقدّم، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، المشورة التي تشكل الأساس العلمي لمواصفات الدستور الغذائي. كما تقدم الدعم في تنفيذ المواصفات وتطوير الأطر والقدرات التشريعية لضمان سلامة الأغذية.
وتعد هذه المجموعة من الأدوات، التي أتيحت في بادئ الأمر بثلاث لغات (الإسبانية والإنكليزية والفرنسية)، من بين الموارد التي تساند هذه المبادرات.
وقام مسؤولون عن سلامة الأغذية في المنظمة وفريق من قسم علوم الأغذية في جامعة Guelph في كندا، بوضع المحتوى الفني لمجموعة الأدوات واستعراضه بصورة مشتركة. ويلبي المحتوى طلبات تقدمت بها البلدان الأعضاء بجعل إرشادات الدستور الغذائي أيسر منالاً.
ويشمل المحتوى أدلة للنظافة الصحية الشخصية، مثل كيفية تثقيف الزوار الخارجيين الذين يدخلون موقعًا لإنتاج الغذاء، والإجراءات الملائمة وتكرار غسل اليدين، واقتراحات بشأن الملابس المناسبة.
وفي المستقبل، تهدف الخطة إلى جمع التعقيبات وربما توسيع مجموعة الأدوات لكي توفر إرشادات مفصّلة لقطاعات أخرى في النظام الزراعي والغذائي، كمصايد الأسماك. وقد سبق للأوساط الأكاديمية أن أعربت عن اهتمامها باستخدامها كأساس لإنشاء دورات تعليمية مخصصة بشأن سلامة الأغذية.
لمحة عامة عن السلامة الغذائية
تُعد إتاحة الكميات الكافية من الأغذية المأمونة والمغذية عنصراً أساسياً في الحفاظ على الحياة وتعزيز الصحة الجيدة. ويمكن أن تسبب الأغذية غير المأمونة التي تحتوي على جراثيم أو فيروسات أو طفيليات أو مواد كيميائية ضارة أكثر من 200 مرض مختلف، من الإسهال إلى السرطان. وفي شتى أنحاء العالم، يُصاب ما يُقدر بـ600 مليون شخص كل عام - أي شخص واحد تقريباً من بين كل 10 أشخاص - بالإعياء بعد تناول غذاء ملوث، وهو ما يسفر عن وفاة 420000 شخص وفقدان 33 مليون سنة من الحياة المفعمة بالصحة (سنوات العمر المصحّحة باحتساب مدد الإعاقة).
وثمة ارتباط وثيق بين سلامة الأغذية والتغذية والأمن الغذائي. فالأغذية غير المأمونة تخلق حلقة مفرغة من الأمراض وسوء التغذية، لا سيما الأمراض التي تؤثر بشكل خاص على الرُضَّع والأطفال الصغار والمسنّين والمرضى. وتسهم إمدادات الغذاء المأمون في تحقيق الأمن الغذائي والتغذوي، ليس هذا فحسب، وإنما تدعم الاقتصادات الوطنية والتجارة والسياحة، وهو ما يحفز التنمية المستدامة. ومن شأن عولمة تجارة الأغذية، وتزايد عدد سكان العالم، وتغير المناخ، والنظم الغذائية السريعة التغير، أن تؤثر على سلامة الأغذية. وتهدف المنظمة إلى تعزيز القدرات العالمية والقُطرية في مجال الوقاية من الأخطار التي تهدد الصحة العامة وترتبط بالأغذية غير المأمونة، والكشف عنها، والتصدي لها.
تقف الأمراض المنقولة بالأغذية حائلاً أمام تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، إذ تتسبب في إجهاد نظم الرعاية الصحية، وتضر بالاقتصادات الوطنية والتجارة والسياحة. ولطالما كان هناك تقليل من أهمية عبء الأمراض المنقولة بالأغذية الملقى على كاهل الصحة العامة والاقتصادات بسبب نقص الإبلاغ وصعوبة إقامة علاقات سببية بين تلوث الأغذية وما ينتج عنه من أمراض ووفيات. ويتحمل الأطفال دون سن الخامسة 40% من عبء الأمراض المنقولة بالأغذية، مع حدوث 125000 حالة وفاة كل عام.
ولاستهلاك الغذاء المأمون وإنتاجه فوائد مباشرة وطويلة الأمد للناس والكوكب باسره والاقتصاد. والغذاء الآمن عنصر أساسي للحفاظ على صحة الإنسان وعافيته، وينبغي ألا تتداول أي أغذية سوى المأمون منها. ويتيح الغذاء المأمون امتصاص المغذيات، ويعزز التنمية البشرية على المدى الطويل. فعندما لا يكون الغذاء مأموناً، لا يمكن للبشر أن يتطوروا، ولا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقد أشار تقرير البنك الدولي لعام 2019 عن العبء الاقتصادي للأمراض المنقولة بالأغذية إلى خسارة 110 مليارات دولار أمريكي سنويًا من عائدات الإنتاجية والنفقات الطبية الناجمة عن الأغذية غير المأمونة في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل. وتؤدي الأغذية غير المأمونة أو الملوثة إلى رفض المعاملات التجارية، والخسائر الاقتصادية، وفقدان الأغذية وهدرها، في حين يؤدي إنتاج الأغذية المأمونة إلى تحسين الفرص الاقتصادية من خلال تمكين الوصول إلى الأسواق والإنتاجية.
وهناك ارتباط وثيق بين السلامة الغذائية والتغذية والأمن الغذائي. وتولّد الأغذية غير المأمونة حلقة مفرغة من الأمراض وسوء التغذية إذ تؤثر بشكل خاص في الرُضع وصغار الأطفال والمسنّين والمرضى.
يتحمل الأطفال دون سن الخامسة 40% من عبء الأمراض المنقولة بالأغذية ويتوفى منهم 000 125 طفل سنوياً.
الأمراض المنقولة بالأغذية تعرقل التنمية الاجتماعية والاقتصادية نتيجة إرهاق نظم الرعاية الصحية وإلحاق الضرر بالاقتصادات الوطنية والسياحة والتجارة.
الأمراض الرئيسية المنقولة بالأغذية وأسبابها
تكون الأمراض المنقولة بالأغذية عادة معدية أو سامة بطبيعتها وتسببها جراثيم أو فيروسات أو طفيليات أو مواد كيميائية تدخل الجسم عن طريق الأغذية أو المياه الملوثة.
ويمكن أن تسبب الممرضات المنقولة بالأغذية الإصابة بإسهال وخيم أو عدوى موهنة، بما فيها التهاب السحايا. ويُحتمل أن يسبب التلوث الكيميائي تسمماً حاداً أو أمراضاً طويلة الأمد مثل السرطان. وقد تسبب الأمراض المنقولة بالأغذية الإعاقة الطويلة الأمد والوفاة. ومن بين الأمثلة على الأغذية غير المأمونة الأغذية الحيوانية المصدر غير المطهية، والفواكه والخضروات الملوثة بالبراز، والمحاريات النيئة المحتوية على سموم بحرية حيوية المنشأ.
الجراثيم:
السلمونيلة والعطيفة والإشريكية القولونية المنزفة للأمعاء هي من بين الممرضات المنقولة بالأغذية الأكثر شيوعاً التي تصيب ملايين الأشخاص سنوياً ولها عواقب وخيمة ومميتة في بعض الأحيان. وأعراضها هي الحمى والصداع والغثيان والقيء وآلام البطن والإسهال. ومن الأمثلة على الأغذية المسبّبة لفاشيات داء السلمونيلات البيض ولحم الدواجن ومنتجات أخرى حيوانية المصدر. وتنجم حالات الإصابة بالعدوى بجرثومة العطيفة أساساً عن اللبن النيّء ولحم الدواجن النيء أو غير المطهي بقدر كاف وماء الشرب. وترتبط حالات الإصابة بالإشريكية القولونية المنزفة للأمعاء بتناول اللبن غير المبستر واللحم غير المطهي بقدر كاف والفواكه والخضروات الطازجة.
تسبّب العدوى بالليسترية الإجهاض التلقائي لدى الحوامل أو وفاة المواليد. وعلى الرغم من أن معدل الإصابة بالمرض منخفض نسبياً، فإن العواقب الصحية الوخيمة التي تنجم عن الليسترية وتكون مميتة في بعض الأحيان ولاسيما لدى الرُضع والأطفال والمسنين تجعل هذا المرض في عداد أخطر الأمراض المنقولة بالأغذية. وتوجد جرثومة الليسترية في منتجات اللبن غير المبستر ومختلف الأغذية الجاهزة ويمكن أن تنمو في درجات حرارة التبريد.
يُصاب الأشخاص بالعدوى بالضمّة الكوليرية عن طريق المياه أو الأغذية الملوّثة. وتشمل أعراضها آلام البطن والقيء والإسهال المائي الغزير الذي قد يسبب جفافاً شديداً وربما يؤدي إلى الوفاة. وقد كان ظهور فاشيات الكوليرا متصلاً بالأرز والخضروات وعصيدة الدخن وأنواع مختلفة من الأغذية البحرية.
ومن الضروري استعمال مضادات الميكروبات، مثل المضادات الحيوية، لعلاج حالات العدوى التي تسبّبها الجراثيم. ومع ذلك، ارتبط الإفراط في استعمالها وإساءة استعمالها في الطب البشري والطب البيطري بظهور جراثيم مقاومة وانتشارها، مما يجعل علاج الأمراض المُعدية غير فعال لدى الحيوان والإنسان. وتدخل الجراثيم المقاومة في السلسلة الغذائية عن طريق الحيوانات (مثل دخول السلمونيلة عن طريق الدجاج). وتُعد مقاومة مضادات الميكروبات من التهديدات الرئيسية المحدقة بالطب الحديث.
الفيروسات:
خصائص العدوى بالنوروفيروس هي الغثيان والقيء القذفي والإسهال المائي وآلام البطن. وفيروس التهاب الكبد A يمكن أن يسبب أمراضاً كبدية طويلة الأمد وينتشر عادة عن طريق الأغذية البحرية النيئة أو غير المطهية بقدر كاف أو المنتجات النيئة الملوثة. وغالباً ما يكون القائمون على مناولة الأغذية المصابون بالعدوى مصدر تلوث الأغذية.
الطفيليات:
الأغذية هي السبيل الوحيد لانتقال العدوى ببعض الطفيليات مثل الديدان المثقوبة المنقولة بالأسماك. وقد يُصاب الأشخاص بالعدوى ببعضها الآخر مثل الديدان الشريطية كالشريطية المشوكة أو الشريطية الوحيدة عن طريق الأغذية أو الاحتكاك المباشر بالحيوانات. وهناك طفيليات أخرى مثل الأسكاريس أو خفيّة الأبواغ أو المتحوّلة الحالة للنُسج أو الجيارديّة تدخل في السلسلة الغذائية عن طريق المياه أو التربة ويمكن أن تلوّث المنتجات الطازجة.
البريونات:
البريونات هي عوامل مُعدية مكوّنة من البروتين فريدة من نوعها حيث إنها ترتبط بأشكال محددة من الأمراض التنكسية العصبية. والاعتلال الدماغي الإسفنجي البقري (أو "مرض جنون البقر") هو مرض بريوني يصيب الماشية ويرتبط بشكله المختلف الذي يصيب الإنسان أي داء كروتزفلد-ياكوب. والطريق الأكثر احتمالاً لانتقال العدوى بعامل البريون إلى الإنسان هو استهلاك المنتجات البقرية المحتوية على مواد تنطوي على مخاطر محددة مثل أنسجة الدماغ.
المواد الكيميائية:
أكثر المواد المثيرة للقلق بالنسبة إلى الصحة هي السموم الطبيعية المنشأ والملوّثات البيئية.
السموم الطبيعية المنشأ تشمل السموم الفطرية، والسموم البحرية الحيوية المنشأ، والغليكوزيدات السيانوجينية، والسموم التي تنتجها الفطريات السامة. ويمكن أن تحتوي الأغذية الأساسية مثل الذرة أو الحبوب على مستويات مرتفعة من السموم الفطرية، مثل الأفلاتوكسين والأوكراتوكسين، الناتجة عن تعفّن الحبوب. وقد يكون للتعرض الطويل الأمد لهذه المواد تأثير في الجهاز المناعي والنمو الطبيعي أو يسبب الإصابة بالسرطان.
الملوثات العضوية الثابتة هي مركبات تتراكم في البيئة وجسم الإنسان. ومن بين الأمثلة المعروفة عليها الديوكسينات وثنائي الفينيل متعدد الكلور، وهي منتجات ثانوية غير مرغوب فيها تنشأ عن العمليات الصناعية وعلى حرق النفايات. وتوجد في البيئة في جميع أنحاء العالم وتتراكم في سلاسل الأغذية الحيوانية المصدر. والديوكسينات مواد شديدة السمية يمكن أن تسبب مشاكل متصلة بالإنجاب والنمو وتلحق الضرر بالجهاز المناعي وتتداخل مع الهرمونات وتسبب السرطان.
المعادن الثقيلة مثل الرصاص والكادميوم والزئبق تسبب تضرر الأعصاب والكلى. وتتلوث الأغذية بالمعادن الثقيلة أساساً عن طريق تلوث الهواء والماء والتربة.
السلامة الغذائية في عالم متغير
تدعم الإمدادات الغذائية المأمونة الاقتصادات الوطنية والتجارة والسياحة وتسهم في تحقيق الأمن الغذائي والتغذوي وتعد سنداً للتنمية المستدامة.
وقد أدى التوسع الحضري وما طرأ من تغيرات على عادات المستهلكين، بما في ذلك السفر، إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يشترون ويأكلون الأغذية المجهزة في الأماكن العامة. وأفضت العولمة إلى تزايد طلب المستهلكين على طائفة أوسع من الأغذية المتنوعة، مما أسفر عن زيادة السلسلة الغذائية العالمية تعقيداً وطولاً.
وإذ يتنامى عدد سكان العالم، ينطوي تكثيف الإنتاج الزراعي والحيواني وتصنيعه من أجل تلبية الطلب المتزايد على الغذاء على فرص وتحديات في مجال السلامة الغذائية. ومن المتوقع أيضاً أن يؤثر تغير المناخ في السلامة الغذائية.
وتلقي هذه التحديات مسؤولية أكبر على عاتق منتجي الأغذية ومناوليها من أجل ضمان السلامة الغذائية. ويمكن أن تنقلب الحوادث المحلية بسرعة إلى طوارئ دولية بفعل سرعة توزيع المنتجات ونطاقه. وقد شهدت كل القارات خلال العقد الماضي فاشيات أمراض خطيرة منقولة بالأغذية غالباً ما ضخمتها عولمة التجارة.
ومن الأمثلة على ذلك تلوث اللحوم الجاهزة للأكل بالليسترية المستوحدة في جنوب أفريقيا في الفترة 2017/2018، مما أسفر عن 1060 حالة إصابة بداء الليستريات و216 حالة وفاة. وفي هذه الحالة، صُدّرت المنتجات الملوثة إلى 15 بلداً آخر في أفريقيا، مما تطلّب استجابة دولية لغرض اتخاذ تدابير خاصة بإدارة المخاطر.
من أولويات الصحة العمومية
تشكل الأغذية غير المأمونة خطراً عالمياً يهدد صحة الجميع. ويعد الرضع وصغار الأطفال والنساء الحوامل والمسنون والأشخاص المصابون باعتلالات سابقة من الفئات المعرضة للخطر بشكل خاص. ويُصاب سنوياً 220 مليون طفل بأمراض الإسهال التي تودي بحياة 96000 طفل منهم.
وتولّد الأغذية غير المأمونة حلقة مفرغة من أمراض الإسهال وسوء التغذية، مما يهدد الوضع التغذوي لأكثر الفئات ضعفاً.
وقد تتلوث الأغذية في أي مرحلة من مراحل إنتاجها وتوزيعها وتقع المسؤولية الأولية عن ذلك على عاتق منتجي الأغذية. ومع ذلك، فإن نسبة كبيرة من حالات الإصابة بالأمراض المنقولة بالأغذية تسببها أغذية أُعدت بشكل غير سليم أو أُسيئت مناولتها في المنزل أو في منشآت تقديم الخدمات الغذائية أو في الأسواق. ولا يدرك كل القائمين على مناولة الأغذية وكل مستهلكيها الدور الذي يجب عليهم الاضطلاع به مثل دورهم في تطبيق ممارسات النظافة العامة الأساسية عند شراء الأغذية وبيعها وإعدادها من أجل حماية صحتهم وصحة المجتمع المحلي الأوسع.
ويمكن للجميع المساهمة في ضمان السلامة الغذائية. وفيما يلي بعض الأمثلة على الإجراءات الفعالة في هذا الصدد:
يمكن لراسمي السياسات الاضطلاع بما يلي:
إقامة نظم وبنى تحتية غذائية ملائمة (مثل المختبرات) وصونها من أجل التصدي للمخاطر المحدقة بالسلامة الغذائية وإدارتها على مدى السلسلة الغذائية بأكملها، ولا سيما خلال حالات الطوارئ؛
تعزيز التعاون المتعدد القطاعات بين قطاعات الصحة العمومية وصحة الحيوان والزراعة وغيرها من القطاعات من أجل تحسين التواصل والعمل المشترك؛
إدماج السلامة الغذائية في سياسات وبرامج غذائية أوسع نطاقاً (مثل ما يتعلق منها بالتغذية والأمن الغذائي)؛
التفكير على الصعيد العالمي والعمل على المستوى المحلي لضمان أن تظل الأغذية المنتجة محلياً مأمونة عند استيرادها على المستوى الدولي.
يمكن لمناولي الأغذية ومستهلكيها الاضطلاع بما يلي:
معرفة الغذاء الذي يستعملونه (قراءة بطاقات التعريف الموجودة على أغلفة الأغذية واختيار الأغذية المستنير والإلمام بالمخاطر الغذائية الشائعة)؛
مناولة الأغذية وتحضيرها على نحو مأمون بتطبيق وصايا المنظمة الخمس لضمان مأمونية الغذاء في المنزل أو عند بيعها في المطاعم أو في الأسواق المحلية؛
زراعة الفواكه والخضروات حسب وصايا المنظمة الخمس لزراعة الفاكهة والخضر المأمونة بهدف الحد من التلوث الميكروبي.
اضف تعليق