بعد عامين من الظهور ولا يزال الحديث عن فيروس كورونا ومتحوراته يحمل الكثير من الخشية، بما يتعلق بالتطورات الحاصلة والسلالات المتواصلة منه، وهنا يصبح الجزم بانتهاء هذا الفيروس سابق لأوانه، لا سيما مع وجود مؤشرات من قبل المختصين تخبر ببقاء الجائحة على الأقل للسنوات الثلاث القادمة...
غمرتنا الفرحة عندما أعلنت دول العالم بأنها اهتدت الى لقاح يحاصر فيروس كورونا ومنعه من الانتشار والفتك بالبشر، لكن هذه الفرحة سرعان ما تبددت بعد سماع انباء انتشار متحورات جديدة من الفيروس، قد تشكل خطرا أكبر من الفيروس الأصلي الذي دخل الى عالمنا منذ عام 2019.
وفي هذا التاريخ دخل العلماء في معركة اثبات الوجود امام النوع الجديد من الفيروسات المسمى بفيروس كورونا، والذي تم تحديده لأول مرة في مدينة ووهان بالصين، ولم تنتظر الدول كثيرا حتى بدأت تتسابق لإعلان افضليتها بإنتاج اللقاح، وقبل ان تتشبع الافراد بأجواء الفرح، صُدمت مرة أخرى بوجود طفرات واحدة بعد الثانية، وكأن الفيروس يريد القول بصورة لا تقبل التأويل وبلسان فصيح يفهمه الجميع، أني موجود افعلوا ما تقدرون عليه ولكنني لا افارقكم الا بعد حين.
فقد ظهر بعد جملة من المتحورات متحور أطلق عليه اوميكرون، وبطش كسابقاته في البشرية، ولم يترك أحدا من الملقحين وغيرهم، وبعد ان تعايشت المجتمعات معه، ظهر لنا ما يعرف باسم BA.2، وهذا يعني اننا امام سلسلة من المتغيرات ولا يمكن التنبؤ بمدة الخلاص من الفيروسات والوقوف على ثغراتها.
في لحظات الانتصار الأولى على الفيروس، يظن الانسان، (العلماء)، انه تربع على عرش الوجود، وهزم من حوله في الساحة، لكن ومع الظهور الجديد تحول الاعتقاد القديم الى مجرد رغبة او حلم سرعان ما تبدد امام العجز الحقيقي الذي مني به الفرد وبالأخص العلماء العاجزين عن التوصل الى طريق الصواب، والاهتداء لعلاج يكبح الأذى عن بني جنسهم، وفي الحقيقة كل ما توصل اليه الانسان، لا يمكنه من إعلان الانتصار مهما بلغت الرغبة لذلك.
فبالرغم من سعي العلماء ومراكز الأبحاث الدولية الى إيقاف المد الميكروبي تجاه البشر، يبقى لهذه الكائنات كلمتها، وهي أيضا مستعدة للمقاومة من اجل البقاء، فهي لا تختلف عن بقية الكائنات التي تريد ان تتمتع بالوجود، وتعيش دون قيود، والدليل على ذلك هو أنتاجها طفرات تُنبئ بظهور جيل جديد منها أشد مقاومة للعقاقير المختلفة، وادخلت الانسان في دوامة الصراع ربما تدوم طويلا.
نعم اختفت الخشية الأولى من الفيروس باختفاء التسمية التي علقت بأذهان الأشخاص، وتكونت لديهم قناعة بأن اللقاحات والعقاقير المتوفرة بمتناول الجميع قادرة على القضاء على معظم الأمراض، ولكن يبدو انها لا تحب أن تترك فراغا في مكان ما، فاختفاء فيروس يفسح المجال لظهور آخر يحمل مواصفات مغايرة، وعلى هذا الأساس يصدق التصور الذي يقول لا يزال هناك الكثير من الميكروبات التي ستقف حجر عثرة أمام العلماء وتمنعهم من المضي بمشوارهم البحثي.
يدور الحديث عن عدم فاعلية اللقاحات التي اثبتت نجاحها مع النسخ القديمة من فيروس كورونا، اذ ضاعف ذلك من احتمالية إصابة الأشخاص المتعافين من المرض بالمتحورات الجديدة، وهذا بالمجمل يضع البشرية امام تحدي كبير يتمثل بالحاجة الفعلية الى أموال طائلة من اجل اجراء الدراسات والبحوث العديدة التي تتناسب من التطورات الحاصلة في هذا المجال.
ولحين الوصول لهذا المنطقة من الامل، لا يمكن التغلب على المخاوف الناجمة من احتمالية ظهور سلالات أخرى من فيروس كورونا، ولذا فالمطلوب بالمرحلة القادمة هو جيل فعال من اللقاحات يكون لديه القدرة على القضاء الكامل على الفيروس، ولن يحصل هذا الا في حال اتفقت المراكز البحثية المختصة حول العالم الابتعاد عن الصبغة السياسية التي تصاحب عملية الإنتاج، ووضع مصلحة الانسان في المقدمة بعيدا عن الجوانب الربحية.
بعد عامين من الظهور ولا يزال الحديث عن فيروس كورونا ومتحوراته يحمل الكثير من الخشية، بما يتعلق بالتطورات الحاصلة والسلالات المتواصلة منه، وهنا يصبح الجزم بانتهاء هذا الفيروس سابق لأوانه، لا سيما مع وجود مؤشرات من قبل المختصين تخبر ببقاء الجائحة على الأقل للسنوات الثلاث القادمة، لذا يجدر بنا أن نضاعف من جهودنا من زاوية التجهيزات الطبية، يصاحب ذلك تطوير أساليب التعامل مع المخاطر الطبية المرتبطة بحياة الانسان.
اضف تعليق