ارتفاع اعداد الإصابات بفيروس كورونا يثير مخاوف الجهات الصحية، وهو ما دفعها الى التعاقد مع الجهات المنتجة له، لطرحه في الأسواق المحلية وامام المواطنين لتقليل هذه الاعداد، إلا ان الصدمة الكبيرة وغير المتوقعة هي ان شريحة واسعة من المواطنين يخشون التطعيم خوفا من الآثار الجانبية...
ارتفاع اعداد الإصابات بفيروس كورونا يثير مخاوف الجهات الصحية، وهو ما دفعها الى التعاقد مع الجهات المنتجة له، لطرحه في الأسواق المحلية وامام المواطنين لتقليل هذه الاعداد، إلا ان الصدمة الكبيرة وغير المتوقعة هي ان شريحة واسعة من المواطنين يخشون التطعيم خوفا من الآثار الجانبية بحسب اعتقادهم، وهم الآن رهينة شكوكهم.
سبعة آلاف وثلاثة مئة إصابة سجلها العراق وهو الرقم الأعلى منذ تسجيل اول إصابة في شباط من العام الماضي، وارتفاع الاعداد بهذه المستوى يجعل من رفع معدلات الخطر والاستعداد لها بصورة مضاعفة امرا لابد منه، وان تتناسب تلك الاجراءات وخطورة الوضع الصحي الذي اخذ بالتدهور تدريجيا.
مشهد التعاون بين المواطن والفيروس، لا يمكن وصفه بالجيد، فمن يسلك الطرقات يلحظ عدم الحذر والاهتمام بالإجراءات الاحترازية، وكأن الجميع قرروا الاستمرار بعدم الالتزام، بعدما خففت الجهات المعنية من حدة المحاسبة والمراقبة.
بينما الكمامات لم تعد من أولويات الأشخاص الخارجين الى التبضع، وبات التباعد الاجتماعي اضحوكة بين الجالسين، او جانبا من جوانب التسلية اليومية عند تبادل أطراف الحديث عن هذا وذاك.
ورغم حملات الدعوة والترويج قائمة من قبل الجهات الصحية، الا ان لايزال الاقبال على اللقاح ضعيفا ومفاجئ، رغم توفره في الكثير من المنافذ الصحية، وعدم وجود أي صعوبة في الحصول عليه، كما كان في السابق، فأمام المزيد من التسهيلات التي ذوبت الصعوبات لا نجد المواطن مقتنع وذاهب للحصول عليه.
فما هو السر الذي يقف وراء عدم الثقة في اخذ العلاج؟، وهل تعدد اللقاحات جعل الفرد يتخبط ولا يعرف اكثرها فائدة له، وايها ناجع لصد مهاجمة الفيروس؟
في نظرة سريعة على موقع العراق بين دول العالم، نجده يأتي بالمرتبة السادسة والعشرين من بين مائتين وواحد وعشرين دولة هي الأكثر إصابة، ما يعني ان العراق يمر في نقطة حرجة، ولا نزال نحن في منتصف المعركة.
وفي أي معركة تحصل حالات من الكر والفر، وفي الأيام الماضية التي انخفضت فيها اعداد الإصابات، اعتقد البعض ان الفيروس انحسر وضعفت قوته، اما بعد الموجة الثانية فقد جمع جنوده وهجم على المواطنين، واودى بحياة مئات الآلاف.
قبل وصول اللقاحات الى العراق، ارتفعت الأصوات المشككة بفاعليتها، اذ كان نصيب لقاح استرازينيكا البريطاني كبيرا من الهجمة الموجهة من قبل شخصيات في أحيان كثيرة متخصصة، تريد ان تربك الأوضاع والاستفادة بشكل شخصي، عبر الاستمرار ببيع المضادات المؤقتة والباهظة الثمن مقارنة بغيرها من العلاجات.
أضف الى ذلك ان اغلب الدول التي اكتشفت اللقاحات ومن بينها بريطانيا، امتنعت عن تزويد البلدان الأخرى باللقاح لحين تحقيق الاكتفاء الذاتي او الوصول الى المناعة المجتمعية، وبعد الشروع بعمليات التطعيم، ظهرت لنا بعض حالات التجلط، والسبب يعود بذلك الى ان نسبة المسنين بالمجتمعات الاوربية اعلى من المجتمعات العربية، وبالنتيجة فهم أكثر عرضة الى الإصابة بالتجلطات، وهذا الخوف غير مبرر في اغلب الأحيان.
وعلى الرغم من هذه المخاوف التي اُشيعت، فقد اكدت وزارة الصحة العراقية وجود تصاعد في اعداد المقبلين على اللقاح، لكن النسبة بالمجمل تؤشر الى انخفاض النسبة الكلية، وهو ما يستدعي القيام بحملة إعلانية الهدف الأساس منها هو توضيح ان العلاج آمن ومعتمد من قبل منظمات صحية عالمية، والتأكيد على موضوعة العالمية لإقناع المواطنين بفاعليته.
كما يجب تكثيف الجانب الرقابي على المقصرين ومحاسبتهم، مثلا أصحاب المولات التجارية، والأماكن التي تكون بالعادة مزدحمة، كأماكن بيع الوجبات السريعة وغيرها، وعدم الاكتفاء بالحضر الجزئي او المقتصر على أيام معدودات من الأسبوع وكأن الفيروس يبدأ نشاطه من الاحد ولغاية يوم الخميس وبعد ذلك يأخذ قسطا من الراحة!!
وبهذه الصيغة يكون الحضر شوارعي وليس حضر صحي، ففي أي منطقة لا توجد إجراءات صحية، ومن الأفضل الغاءه والبديل هو فرض عقوبة رادعة، بديلة عن عقوبة ال25 الف دينار التي بقيت حبر على ورق، وبالنتيجة المواطن أصابه الفتور كثيرا في التعامل مع هذا الملف الوقائي.
لمثل الوضع الذي يمر به العراق نحتاج الى جملة من المعالجات والعمل على تفعيلها وسنسرد أهمها في السطور الآتية:
1. إصدار توجيهات مباشرة من قبل الأطباء الاختصاص لزرع الثقة بين الأوساط المجتمعية، والعمل بصورة مستمرة على تفنيد الاشاعات التي تثار حول اللقاحات المعتمدة من قبل الجهات الصحية العالمية.
2. تفعيل دور الشخصيات المؤثرة بالمجتمع، كالفنانين والأطباء وأساتذة الجامعات، عن طريق اخذهم اللقاح والحديث عن تجربتهم مع الرحلة العلاجية، التي يعتقد البعض انها محفوفة بالمخاطر.
3. وضع الكرة بملعب المواطنين، والتأكيد على انه وعيهم هو العامل الأساس في عملية تقليل الإصابات والحد من انتشار الفيروس، فمهما تكون الإجراءات صارمة وحازمة يبقى التعويل على وعي الفرد.
4. من الأفضل قيام أصحاب القرار مراقبة الاختبارات الدولية للقاحات المكتشفة واختيار أفضلها من حيث النتائج وتقليل خطر الإصابة، والاكتفاء به، وعدم تشتيت الأشخاص وتحديد بوصلتهم صوب لقاح من بين الأربعة المعتمدة.
5. جعل اخذ اللقاح عملية اجبارية، ولا يترك الامر بصورة اختيارية، ذلك للإسراع في تحصين أكبر عدد ممن من الافراد ضد الفيروس، وكذلك ضمان عدم إصابة اعداد أخرى من المواطنين الذين يحتم عليهم عملهم الخروج والتجول بشكل دائم.
اضف تعليق