إسرائيل التي عُدت الأولى عالميا من حيث الإصابات بالنسبة إلى عدد السكان بحسب تقرير نشرته \"يديعوت أحرنوت\"، أصبحت ألأرقام مرعبة لانتشار فيروس كورونا في دولة الاحتلال حتى بات تزايد أعداد الإصابات خطر يؤرق الجميع، ولأول مرة تتفوق إسرائيل على الولايات المتحدة بعدد وفيات كورونا...
ضغوط نفسية وبدنية هائلة يواجهها العاملون في القطاع الصحي في المستشفيات التي تستقبل حالات كورونا، إسرائيل التي عُدت الأولى عالميا من حيث الإصابات بالنسبة إلى عدد السكان بحسب تقرير نشرته "يديعوت أحرنوت"، أصبحت ألأرقام مرعبة لانتشار فيروس كورونا في دولة الاحتلال حتى بات تزايد أعداد الإصابات خطر يؤرق الجميع، ولأول مرة تتفوق إسرائيل على الولايات المتحدة بعدد وفيات كورونا.
فقد قرر مجلس الوزراء الإسرائيلي تشديد إجراءات العزل العام، بعدما عبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن القلق من أن زيادة العدوى تدفع الدولة إلى "حافة الهاوية"، وعاودت إسرائيل فرض إجراءات العزل العام، للمرة الثانية خلال الجائحة، في 18 من سبتمبر أيلول، لكن على مدى الأسبوع المنصرم، بلغ عدد حالات الإصابة الجديدة حوالي سبعة آلاف يوميا بين السكان البالغ عددهم تسعة ملايين نسمة، فيما ضغط بشدة على موارد بعض المستشفيات.
وقال نتنياهو في تصريحات لمجلس الوزراء الذي دام اجتماعه نحو ثماني ساعات "إذا لم نتخذ خطوات فورية وصعبة سنصل إلى حافة الهاوية"، وتلزم القيود الجديدة جميع الشركات وأماكن العمل، ما عدا المصنفة على أنها ضرورية، بالإغلاق لمدة أسبوعين على الأقل.
وقالت وزارة المالية إن الوزير إسرائيل كاتس ومحافظ البنك المركزي عمير يارون اعترضا على القيود الجديدة، وقدرت الوزارة أن العزل العام لثلاثة أسابيع سيكبد الاقتصاد خسائر بنحو 35 مليار شيقل (10.06 مليار دولار)، وتشهد إسرائيل ركودا اقتصاديا بالفعل وتخطت نسبة البطالة فيها 11 بالمئة.
وأظهر مسح نشره معهد إسرائيل للديمقراطية المستقل يوم الأربعاء أن 27 بالمئة فقط من المواطنين يثقون في طريقة نتنياهو في التعامل مع أزمة كورونا، ويتجمع محتجون أسبوعيا بالآلاف خارج مقر إقامة نتنياهو في القدس مطالبين باستقالته بسبب مزاعم عن تورطه في الفساد، وينفي نتنياهو اتهامات بالرشوة والفساد وخيانة الأمانة في محاكمة ستستأنف في يناير كانون الثاني كما رفض مزاعم نشطاء بأن تشديد إجراءات العزل العام يستهدف بالضرورة سحق المظاهرات المناهضة له.
ومن المقرر أن تطبق القيود الحالية، التي تمنع الابتعاد لأكثر من 1000 متر عن المنزل إلا لأنشطة مثل شراء الطعام والدواء والذهاب إلى العمل، على المشاركة أيضا في احتجاجات الشوارع، ومنذ بدء تفشي الفيروس لقي 1316 شخصا حتفهم في إسرائيل وأصيب حوالي 200 ألف، جاءت موجة الإصابات الثانية بعد تخفيف العزل العام في مايو أيار، عقب فرضه في مارس آذار.
الراية الحمراء
قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو إن "الحكومة لم يكن لديها خيار آخر"، وأفاد في خطاب متلفز "رفع النظام الصحي الراية الحمراء" مؤكدا "علينا بذل كل ما في وسعنا لتحقيق التوازن بين الاحتياجات الصحية واحتياجات الاقتصاد"، وأضاف أنه بلاده تحاول اتباع سياسة مرنة للموازنة بين المتطلبات الاقتصادية والصحية قائلا "اذا ساء الوضع الصحي نغلق الاقتصاد، واذا تحسن نفتحه".
وقالت يائيل البالغة 60 عاما وهي موظفة سابقة في مكتب للهندسة خسرت عملها بسبب الأزمة إن الإغلاق لا يبشر بالخير، وان الاقتصاد يتهاوى والناس يخسرون وظائفهم، وهم مكتئبون من أجل ماذا؟ لا شيء".
وانتقد زعيم المعارضة يائير لابيد الإغلاق وصرح لوكالة فرانس برس في وقت سابق من الأسبوع بان الحكومة أخفقت في إدارة أزمة كوفيد-19، معتبرا أن هذه الخطوة "عدائية للغاية ومدمرة للاقتصاد وليست مفيدة لوقف انتشار الفيروس"، وفرضت إسرائيل إغلاقا أمنيا شاملا على الضفة الغربية كما أغلقت المعابر مع قطاع غزة.
ولن يسمح الا للحالات الإنسانية والطبية بدخول إسرائيل، وذلك بعد الحصول على تصريح خاص من "كوغات"، وهو مكتب التنسيق الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية التابع لوزارة الدفاع الاسرائيلية، وعادة تغص المعابد او الكنس اليهودية في الاعياد اليهودية بالمصلين، لكن العدد بات محدودًا، ومقيدا بحسب المساحة، ولأول مرة قررت السلطات الابقاء على الكنس الكبيرة في القدس مغلقة خلال الاحتفال بالعام اليهودي الجديد.
المخاوف تطارد العاملين بسبب زيادة حالات كورونا
في جناح مخصص لمرضى كورونا بمستشفى في تل أبيب، يهرع الأطباء لعلاج الحالات الحرجة وسط زيادة في الإصابات الجديدة أرغمت إسرائيل على فرض العزل العام للمرة الثانية، ويخشى مسؤولون بقطاع الصحة من أن الإغلاق الذي فُرض، قد لا يكون طويل الأمد أو صارما بما فيه الكفاية لإبطاء وتيرة الزيادة اليومية في الحالات الجديدة وتخفيف العبء عن كاهل المستشفيات التي يحذرون من أنها قد تصل إلى حد الإشغال الكامل قريبا.
وصلت الإصابات الجديدة إلى أعلى المستويات وزادت عن 5000 في اليوم الواحد بين سكان إسرائيل وكانت أعداد الإصابات دخلت في خانة الآحاد بعد العزل العام الأول الذي كان أشد صرامة بشكل نسبي واستمر من مارس آذار إلى مايو أيار، وعلى خطوط المواجهة في الموجة الثانية من كوفيد-19 بإسرائيل، يعمل أطباء وممرضون على مدار اليوم في مستشفى إيخيلوف، الذي يعاني نصف مرضى كورونا فيه، وعددهم 60، من مضاعفات خطيرة ويحتاجون إلى التنفس الصناعي، حسبما قال متحدث باسم المستشفى.
وقال جاي تشوشين، مدير جناح علاج مرضى كورونا في إيخيلوف، إن المستشفى بدأ في استقبال المرضى من القدس وأحياء في شمال إسرائيل "نظرا لعدم قدرتها على استيعاب الزيادة في الأعداد"، وفي ملابس واقية تغطي الجسم من الرأس إلى القدمين، يعمل الممرضون في نوبات عمل مدة كل منها ساعتان متنقلين في أنحاء الجناح المزدحم لفحص المرضى، الذين تفصل بينهم حواجز من الزجاج والمعدن.
وقال آفي شوشان المتحدث باسم إيخيلوف "في الوقت الراهن تبلغ نسبة الإشغال في المستشفى 72 في المئة، وفي كل يوم يأتينا المزيد من المرضى الجدد. ليست لدينا طاقة كافية"، واستعدادا لما أسماه "أسوأ السيناريوهات"، قال وزير الدفاع بيني جانتس إنه طلب من الجيش الاستعداد لإقامة مستشفى ميداني لتخفيف العبء الزائد.
ودعا بعض المسؤولين إلى تشديد إجراءات العزل الحالية وفي حين أغلقت المدارس، لا يزال يُسمح للإسرائيليين بالسفر للعمل والمشاركة في التجمعات الصغيرة والاحتجاجات، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الاستثناءات الأخرى.
اليهود في إسرائيل يتكيفون مع الإجراءات الوقائية
إنه أمر واضح! نحن مستهدفون" يقول يوناثان وهو يضع كمامة زرقاء على أحد أرصفة مدينة بني براك ذات الغالبية من اليهود المتشددين، وحيث فرضت السلطات الاسرائيلية للتو إغلاقا جزئيا في محاولة لوقف موجة جديدة من انتشار فيروس كورونا المستجد.
بدت المدينة في آذار/مارس الماضي "متمردة" على الإجراءات الحكومية لمكافحة تفشي الوباء، ما أجبر السلطات حينها على نشر تعزيزات عسكرية لمساندة الشرطة في فرض الإجراءات الوقائية، يقول أفرهام وهو أحد الناجين من المحرقة النازية (هولوكوست) ومعلم مدرسة ثانوية متقاعد، "يجب أن يشمل ذلك الدولة بأكملها، ليس نحن فقط".
كان في طريقه إلى كنيس الحي الصغير حيث يتلقى دروسا في التلمود، في الداخل، تم الفصل بين الرجال الموجودين وهم من كبار السن باستخدام أغطية بلاستيك شفافة، وهو إجراء جديد فرضته إجراءات احتواء فيروس كورونا، ويفسر أفرهام كيف أن الشبان من المتدينين باتوا يرتادون المدارس الدينية خارج بني براك.
وبحسب الرجل الثمانيني، تم تقديم إحدى حفلات الزفاف بعد انتشار الشائعات عن إغلاق كامل جديد، يقول "بقينا نحن الأكبر سنا هناك حتى الساعة التاسعة مساء ثم بعد ذلك وصل الشبان"، ويضيف "قمنا بتعديل الساعات لتجنب انتشار الفيروس وإصابة كبار السن ومن هم أكثر ضعفا التزمت زوجتي طوال المساء وضع الكمامة وفضلت أن لا تأكل حتى لا تضطر إلى خلعها".
في موقع آخر في المدينة، كان خانوخ فيكسلر يصلي في الطابق الأول من أحد المباني وينظر من نافذته إلى الفناء الخارجي للمبنى، حيث عشرون من أبنائه وأحفاده وأقاربه يصلون، وفضل هؤلاء الصلاة في الهواء الطلق حماية لصحة خانوخ الضعيفة.
ويفسر يعقوب الذي أمضى خمسين دقيقة يصلي واضعا كمامة واقية أن ذلك "للتكيف مع الفيروس"، يحتفظ يعقوب (72 عاما) الذي يستعين بجهاز تنفس لمعاناته مشاكل في الرئتين، بمشاهدة صعبة عن الأيام الأولى من الإغلاق.
أما يوناثان فيشير إلى التزام اليهود المتشددين في مدينته بالإجراءات التي تفرضها الحكومة للحد من انتشار الوباء رغم أن "معلومات كثيرة لا تصلنا"، ويضيف "نضع الكمامة ونفعل كل ما يتطلبه الأمر"، واعتبر يوناثان أن الجائحة "جاءت من الله"، وقرار "الإغلاق" أيضا من الله.
إغلاق المدارس مجدداً
أغلقت إسرائيل المدارس قبل يوم واحد من فرض البلاد إجراءات عزل عام للمرة الثانية وذلك مع تجاوز حالات الإصابة اليومية بفيروس كورونا 4500، وكانت إجراءات العزل العام الأولى قد فُرضت في أواخر مارس آذار وخُففت في مايو أيار حين انخفضت أعداد الإصابات الجديدة بالفيروس إلى نحو 20 حالة فقط في اليوم واعترف المسؤولون بأنهم رفعوا قيود العزل العام مبكرا جدا في مسعى منهم لتجنب مزيد من الأضرار الاقتصادية.
وقررت السلطات الإسرائيلية في وقت متأخر إغلاق الفصول الدراسية، وتحول المعلمون إلى تقديم الدروس عبر شبكة الإنترنت، وبموجب القواعد الجديدة، يتعين على الإسرائيليين عدم البعد بما يتجاوز 500 متر عن محيط منازلهم مع استثناءات لبعض الأنشطة كالانتقال إلى العمل والتسوق لشراء الضروريات والتمشي في الهواء الطلق لممارسة الرياضة. وسيُسمح بفتح أماكن العمل بشكل محدود.
كوفيد 19 يتفشى بقوة في القرى والمدن العربية في إسرائيل
باتت المدن والقرى العربية في إسرائيل في صدارة المناطق التي يتفشى فيها وباء كوفيد-19، في وقت فرضت السلطات إغلاقا ليليا لمدة أسبوع على أربعين منطقة سكنية اعتبرتها "موبوءة" وغالبيتها عربية، وكان عدد العرب المصابين بكوفيد- 19 في مرحلة بدء تفشي الوباء لا يذكر وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الإسرائيلية زاهي سعيد لوكالة فرانس برس "كانت نسبة الإصابة في الموجة الأولى خمسة في المئة، وباتت الان تشكل 30% من حجم الإصابات".
ويمثل عرب إسرائيل 20 في المئة من السكان، وفرضت إسرائيل إغلاقا ليليا على 29 قرية ومدينة عربية، وعلى تجمعات مدن ومستوطنات غالبيتها العظمى يقيم فيها يهود متشددون على أن يستمر هذا التدبير، وأوضح سعيد أن "الخطوة جاءت لخفض عدد الإصابات"، مضيفا "، إذا لم يحصل تغير ملموس وجدي، الدولة ذاهبة في اتجاه إغلاق تام وبشكل سريع".
وأشار إلى أن "الطواقم الطبية تعمل بظروف صعبة وعلينا أن نحافظ عليها، ولا نريد لهذا الجهاز أن ينهار"، ووصل عدد الإصابات في إسرائيل الى 143049 بينها 1055 وفاة، وحذر المنسّق الرئيسي لمواجهة كوفيد-19 البروفسور روني غامزو أثناء زيارته الى بلدة دالية الكرمل بالقرب من حيفا قبل أيام من أنه "إذا لم يتحل المواطن بالمسؤولية، سنصل الى مئات ضحايا الكورونا في المجتمع العربي"، وأضاف "عشرات المواطنين العرب سيموتون في الأسابيع القادمة بسبب كورونا، وقال نطلب منكم أن تسيطروا على الفيروس وتهزموه".
ولم تفتصر إجراءات الإغلاق على داخل إسرائيل، فقد فرض الإغلاق أيضا على عدد من أحياء القدس الشرقية المحتلة مثل بيت حنينا وكفرعقب ومخيم شعفاط، وحذرت القائمة المشتركة التي تمثل الأحزاب العربية في إسرائيل من "فقدان السيطرة على تفشّي الفيروس في البلدات العربية".وحملت الحكومة المسؤولية، متهمة إياها بأنها "لا تقوم بفحوص للمواطنين العرب كما يجب".
اضف تعليق