q
يقترب عدد الوفيات بفيروس كورونا حول العالم من مليون وفاة، وفيما تتسارع الجهود لتأمين لقاح أو علاج فعال وآمن في أسرع وقت، تبرز إلى العلن معطيات جديدة باتت في حوزة العلماء حول كيفية قضاء الفيروس على ضحاياه، فضلاً عن معلومات أخرى من شأنها مساعدة السلطات والأجهزة الطبّية في اكتشاف بؤر المصابين...

يقترب عدد الوفيات بفيروس كورونا حول العالم من مليون وفاة، وفيما تتسارع الجهود لتأمين لقاح أو علاج فعال وآمن في أسرع وقت، تبرز إلى العلن معطيات جديدة باتت في حوزة العلماء حول كيفية قضاء الفيروس على ضحاياه، فضلاً عن معلومات أخرى من شأنها مساعدة السلطات والأجهزة الطبّية في اكتشاف بؤر المصابين من خلال فحص المياه الآسنة قبل حالات التفشّي الكبرى.

في هذا الوقت، استؤنفت التجارب على لقاح شركة «آسترازينيكا» داخل بريطانيا فقط، بعد أن أعلنت شركة الأدوية منذ عدّة أيام أنها قرّرت، طواعيةً، تعليق المرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي تجريها حول العالم، والتي تشمل 30 ألف شخص، على اللقاح التجريبي الخاص بها ضدّ مرض «كوفيد-19»، والذي طوّرته شريكتها جامعة أوكسفورد، وذلك بعد إصابة أحد المشاركين في هذه التجارب بـ«مرض لم يُفسَّر».

وفي هذا الشأن، نشرت مجلة «نيتشر» العلمية تقريراً، أمس، أفادت فيه بأن بعض العلماء انتقدوا رعاة التجارب السريرية على اللقاح البريطاني، لعدم إفصاحهم عن مزيد من المعلومات عن سبب التوقف عن التجربة سابقاً، وعن كيفية اتخاذ قراراتهم. كما لم تنشر جامعة أكسفورد و«آسترازينيكا» بعد تفاصيل في شأن ردّ الفعل العكسي الذي أدّى إلى توقف التجربة، وكيف تمّ اتخاذ قرار استئناف الدراسة في المملكة المتحدة.

كما أنه من غير المعروف إذا ما كانت تجارب اللقاح في جنوب أفريقيا والبرازيل والولايات المتحدة ستُستأنف أيضاً. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» كشفت أن «شخصاً مطّلعاً على الموقف (أي حالة المريض البريطاني)، اشترط عدم الكشف عن هويته، قال إن المتطوّع قد تمّ تسجيله في تجربة المرحلة 2/3 ومقرّها في المملكة المتحدة». وأضاف أنه «تمّ العثور على متطوّع في تجربة المملكة المتحدة مصاب بالتهاب في النخاع الشوكي (Transverse Myelitis). ومع ذلك، فإن توقيت هذا التشخيص، وإذا ما كان مرتبطاً بشكل مباشر بلقاح «آسترازينيكا»، غير واضح».

اللقاح الروسي

أمّا بالنسبة إلى اللقاح الروسي «سبوتنيك-في»، فقد نقلت وكالة الأنباء الروسية «TASS» عن وزير الصحة الروسي، ميخائيل موراشكو، يوم السبت الماضي، أنه «تمّ شحن الدفعات الأولى من لقاح كورونا الروسي إلى جميع مناطق البلاد، ومن المتوقع أن يتمّ التسليم حتى يوم الإثنين». وأضاف موراشكو أنه «قد تمّ بالفعل شحن الدفعات الأولى من اللقاح، ونحن الآن نتحقق من نظام التسليم حتى يعرف الموظفون ذلك.

وستكون منطقة لينينغراد من بين أوائل مَن يتلقّى اللقاح». يوم أمس، نقلت وكالة «رويترز» عن رئيس صندوق الثروة السيادية الروسي، كيريل دميترييف، والذي يموّل معهد «غماليا» التابع لوزارة الصحة الروسية الذي أنتج اللقاح، أن روسيا أكملت عملية تطويع المستعدّين للمشاركة في المرحلة الثالثة من التجارب على «سبوتنيك-في»، وأن عدد هؤلاء بلغ 55 ألفاً، فيما كانت روسيا قد رصدت 40 ألف شخص للتجربة بدايةً. وبحسب «رويترز» أيضاً، ونقلاً عن مسؤولين روس، فإن النتائج الأولية للمرحلة الثالثة من التجارب، وبخلاف ما كان متوقعاً، ستَظهر في أواخر شهر تشرين الأول/ أكتوبر أو في الأول من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الحالي، وليس في منتصف العام المقبل، علماً بأن المرحلة الثالثة من التجارب السريرية عادة ما تستغرق أشهراً عديدة أو سنوات حتى تنتهي.

إنذار مبكر بـ"كورونا"

بالتوازي مع ذلك، أفادت صحيفة «واشنطن بوست» بأن جامعة أريزونا في الولايات المتحدة الأميركية تَمكّنت من التغلّب على تفشٍّ محتمل لـ«كورونا»، قبل أن ينتشر، بين أكثر من 300 طالب انتقلوا أخيراً إلى مبنى السكن الجامعي. تمّ ذلك عبر فحص مياه الصرف الصحي في المبنى بحثاً عن أيّ أثر للفيروس، ليتبيّن احتواء تلك المياه على الحمض النووي الريبي (RNA) لـ"كورونا"، بعد أيّام فقط من انتقال الطلاب الذين كانت نتائج اختباراتهم جميعاً قد جاءت سلبية. بعدها، أعادت الجامعة اختبار جميع المقيمين والعاملين في السكن والبالغ عددهم 311، لتجد أن اثنين من الطلاب مصابان بالفيروس من دون أن تظهر عليهما أعراض، وهو ما اضطرها إلى وضعهما في الحجر الصحي. وقال الجراح الأميركي السابق، ريتشارد كارمونا، وهو الآن عضو هيئة تدريس في الجامعة، إن هذا يشير إلى أن اختبار مياه الصرف الصحي «هو نظام إنذار مبكر جيّد للغاية»، بحسب ما نقلت شبكة «سي أن أن».

اتجاه جديد لفهم الفيروس

على خطّ موازٍ، قامت مجموعة من الباحثين في مختبر "أوك ريدج الوطني" (Oak Ridge National Lab) في ولاية تينيسي الأميركية باستخدام الكومبيوتر الفائق «ساميت»، وهو ثاني أسرع كمبيوتر في العالم، لتحليل البيانات الخاصة بأكثر من 40 ألف جين من 17 ألف عينة جينية مرتبطة بفيروس "سارس-كوف-2". استغرق التحليل أكثر من أسبوع، وتناول 2.5 مليار مجموعة جينية. وتَوصّل الباحثون إلى فرضية جديدة، أُطلق عليها اسم فرضية "البريديكاينين" (Bradykinin)، حول كيفية تأثير مرض "كوفيد-19" على الجسم البشري.

قبل ذلك، كان معلوماً أن فيروس "سارس-كوف-2" يدخل إلى الخلية البشرية عبر تيجانه التي تخترق إنزيم "ACE2"، والموجود بكثرة داخل الرئة فضلاً عن الأمعاء والكلى والقلب، إلا أن كيفية تجمّع السوائل المخاطية في الرئة وسبب ذلك بقيا غير مفهومين بشكل كامل، وهو ما جعل من مستوى تشبّع الأوكسيجين في دماء المرضى منخفضاً، ليصبحوا أسرى أجهزة التنفس. وبناءً على التحليل الأخير، كشف الباحثون أنه في نظام "الكاينين" (نظام هرموني يتكوّن من بروتينات الدم التي تلعب دوراً في الالتهابات والتحكّم في ضغط الدم والتخثر والألم)، يتسبّب الـ"Bradykinin"، وهو "ببتيد" (سلسلة قصيرة من الأحماض الأمينية) رئيسي، بحصول تسرّب في الأوعية الدموية، ما يسمح بتراكم السوائل في الأعضاء والأنسجة. ولدى مرضى "كوفيد-19"، كان هذا النظام «غير متوازن».

ويشير البحث الى أن هناك أدوية موجودة بالفعل، وهي حاصلة على ترخيص ومعتمدة من قِبَل "هيئة الغذاء والدواء الأميركية" (FDA)، قادرة على علاج هذه المشكلة. ولكن «اختبار أيّ من تلك التدخلات العلاجية عبر الأدوية يجب أن يتمّ في تجارب إكلينيكية حسنة التصميم، قبل بدء وصفها للمرضى»، وفق ما شدّد عليه الباحثون.

اضف تعليق