من المؤكد جداً ان الله سبحانه وتعالى يعلم كل شيء، فهو علاّم الغيوب، وعليه فمن المؤكد جدا ان رب العزة يعرف من هو الذي تسبب في تصدر العراق قائمة الدول الفاسدة، حتى احتل المرتبة السادسة في الفساد، أو المرتبة المئة والحادية والسبعين في سلم النزاهة في التصنيف العالمي السنوي الذي تصدره المنظمة الدولية للشفافية، تتقدمه الدول الاسلامية طيبة الذكر، ليبيا والسودان والصومال وسوريا وتركمانستان وأوزباكستان، وبذلك قدمنا صورة كافية للبشرية عن سلوكنا وتحملنا المسؤولية وتطبيق تعاليم ديننا الذي يحث على الفضيلة والامانة وعمل الخير وسعينا الى دار الخلود الآخرة بحسن الخاتمة بعد ان نتخلص من مقالب الدنيا ونكد الدنيا واغواء الدنيا ولزوجة الدنيا التي وصفها الامام علي ابن ابي طالب (ع) بـ(عفطة عنز).
فقد شرعت المنظمة الدولية منذ عام 1995 بإصدار نشرة دولية لمؤشرات الفساد في عموم أقطار العالم، معتمدة على المقياس الذي صممه الخبير الدولي (جون غراف) من جامعة (باساو)، وكان المقياس مؤلفاً من (16) استفتاءً، وعشرة مسوحات شاملة تجريها المؤسسات الرقابية المحايدة، هي: جامعة كولومبيا، وحدة الاستطلاع في مجموعة ايكونومست، وبيت الحرية، ووحدة المعلومات الدولية، والمعهد الدولي للتنمية الإدارية، واللجنة الاقتصادية في الأمم المتحدة، والمنتدى الاقتصادي العالمي، ومجموعة مرشانت الدولية، واستشارية المخاطر السياسية والاقتصادية، ومركز بحوث السوق الأوربية.
وبالطبع تصدرت ثلاث عشرة دولة عربية اسلامية هذه القائمة بينها وطننا العزيز كما اشرنا.
هذه التقارير تعد لدى الحكومات المحترفة بمثابة ورقة عمل لمراجعة اسباب الانتكاسة الاقتصادية او القضائية او المجتمعية وتحاول تجاوز المراتب المتدنية في التقارير المقبلة، اذن هي فرصة للإصلاح، حيث يتابع العالم احوال الدول في شتى الشؤون، اما بالنسبة لنا في العراق والدول العربية، فأول ردود الفعل اتهام تلك التقارير ومصادرها بانها تعمل وفق اجندة خاصة وانها تعتمد على معلومات يدلي بها معارضون هاربون مطلوبون للعدالة.
يتلقف اعلام الدولة هذه المعلومة ويبدأ بجرشها وطبخها مرارا وينتهي الامر عند هذا الحد. في الوقت الذي يعد ذلك امانة بيد ولاة الامر او المسؤولين عن شؤون البلاد والعباد.
في عالم اليوم لايمكن لاحد ان يكون مستورا بعيدا عن اعين الاعلام والرقابة والاحصاءات الدولية التي تقوم بها معاهد القياس المحايدة والمسيسة على حد سواء. والاشتباك مع هذه التقارير والنتائج يعتبر مكابرة غير مجدية، بديلها اعادة تقييم الواقع، والخروج بنتائج واصلاحات داخل المؤسسات المعنية الخدمية او التعليمية او القضائية او ملفات حقوق الانسان..
لنحتفل يوما ما باننا هزمنا التقرير بالعمل والمراجعة والتغيير، لاسيما وان هنالك وظائف دعوية لدولنا غير وظائفها الادارية التقليدية، يحتمها الدين الذي يفترض ان يجعل من يتصدى للعمل العام قدوة حسنة، يشتري اخرته بعفطة العنز، يشتري الدار الخالدة بالدنيا البائدة، وان العالم ينتظر منه سيرة تغري الاخرين بدخول آمن لدولته، واحترام موضوعي لعقيدته، وتحفظ له سلوكه الامين.
اضف تعليق