من خلال متابعتي لوسائل الاعلام العربية جذبني خبر مشروع إنشاء عاصمة إدارية جديدة لمصر، الذي طرح خلال المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ "مصر المستقبل"، وهو مشروع طموح جداً وطرح سابقاً ولكن ليس بنفس الجدية التي نشهدها اليوم. فبعد أن أصبحت العاصمة المصرية القاهرة تعاني من كثافة السكان التي تُقدّر بـ 18 مليون نسمة والزحام المروري وصعوبة الاتصال، بات من الضروري البحث عن بدائل أخرى لتطوير الوجه الحضاري لمصر خلال الفترة المقبلة.
ويساهم المشروع في تفريغ القاهرة من التكدس الناتج عن حركة العاملين بالوزارات والجهات الحكومية، فيما ستتحول معالم القاهرة التراثية والثقافية والتاريخية مقصداً سياحياً. ويضم المشروع الذي وقعته مصر، السبت، مع دولة الإمارات العربية المتحدة مقاراً حكومية وأخرى للبعثات الدبلوماسية ووحدات سكنية وفنادق، ويقع في المنطقة بين القاهرة ومدينة السويس والعين السخنة، ويشمل المشروع أيضاً مطاراً و90 كيلومتر مربع من حقول الطاقة الشمسية، شاملاً لجميع الخدمات الصحية والتعليمية والصناعية والترفيهية ويستهدف إنجاز ذلك في غضون 5-7 سنوات بتكلفة 45 مليار دولار، مع توفير مليون ونصف فرصة عمل وسكن لائق لخمس ملايين إنسان.
مع ربط مقارب فيما حصل في المشهد العراقي منذ التغيير في عام 2003 وما تلاه من تعاقب حكومات والاعلان عن عشرات من الخطط التنموية ومبادرات الاسكان والمشاريع العملاقة والاستراتيجية، وميزانيات انفجارية تاريخية لم يشهد لها مثيل في تاريخ العراق الحديث كلفت العراق ما يُقارب ال 800 مليار دولار ولكن دون أي تنفيذ أو تنمية حقيقية لواقع البلد الاقتصادي أو العمراني وبقية المجالات الصحية والتعليمية والامن والدفاع بسبب حالات الفساد الاداري الرهيبة والسرقات والتنفيذ الفاشل للبعض منها والهدر غير المتعمد والمتعمد في أحيان كثيرة!!.
كل ذلك لاتتحمله جهة سياسية واحدة أو أشخاص محددون، بل تتحمله الطبقة السياسية جميعها التي بدل أن تبني وترفع من شأن البلد والمواطن البسيط ولّدت لنا الارهاب والطائفية والفساد، كان بالإمكان أن يبني العراق بهذه المبالغ 18 عاصمة متكاملة وليس عاصمة واحدة تُصنف اليوم على أنها أتعس مدينة للعيش في العالم!!، أن نوًّفر وحدات سكنية تتسع لـ100 مليون إنسان بينما نجد اليوم 7 ملايين مواطن يسكن العشوائيات ولحق به 2 مليون ونصف من النازحين والمشردين بسبب الإرهاب وسيطرة تنظيم داعش الارهابي على مساحات كبيرة من وطننا الجريح!!، كُنا نستطيع أن نوّفر بهذه الاموال فرص عمل لـ 33 مليون إنسان بدل أن يكون لدينا اليوم جيش من العاطلين عن العمل، وأغلبهم من الشباب المُنتج الذي يبحث عن فرصة عمل تليق به كمواطن عراقي كفل له الدستور العراقي ذلك!!.
هل تتخيلون حجم الفساد الذي نعيشه اليوم؟ إن تأثيره التدميري على العراق أعظم من تسونامي، وهو الاساس في مشاكل العراق اليوم من إرهاب وخلل في البنية التحتية ومنظومة الأمن والدفاع الوطنية، وإن هذا التسونامي شمل كل الملفات بما فيها ملفات ضحايا الارهاب والارامل والايتام وملف ذوي ضحايا قاعدة سبايكر خير شاهد على هذا الكلام.
فهل يستفيق الشعب العراقي من غفوته تجاه من سرقه وذبحه وهجره؟ أم يستمر مسلسل السكوت اللامبرر والقبول بالظلم وإعادة انتخاب الفاسد في كل جولة إنتخابية!!.
هل سيسكت الشباب العراقي عن حقوقه؟ وأين دور الناشطين المدنيين ومنظمات المجتمع المدني في مكافحة هذا التسونامي الخطير، الأيام القادمة كفيلة بكشف ما سيحدث على الساحة العراقية.
اضف تعليق