أقام مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث حلقة نقاشية تحت عنوان "الشيعة في ضوء الدراسات الاستشراقية، إستضاف فيها الدكتور حامد الظالمي الاستاذ في كلية التربية جامعة البصرة وله العديد من المؤلفات، وقدّم الحلقة النقاشية مدير المركز حيدر الجراح الذي إفتتح الحلقة النقاشية وبيّن في ورقة المركز ( من خلال الاستقراء الشامل لمّا تمخّض عنه الاستشراق فعلاً، نجد أن الغالب على ما تناوله من الشرق هو الإسلام معارف وحضارة، وعليه يُمكن بدواً موافقة المستشرق الفرنسي الشهير مكسيم رودنسون في تعريفه للإستشراق بأنه: "اتجاه علمي لدراسة الشرق الإسلامي وحضارته".
وبما أن الاستشراق نشأ على يد الاوربيين، لذلك كان متماشياً مع طبيعة الفكر الاوربي في كل مراحله التاريخية، وكان منسجماً مع نظرة أوربا إلى الشرق وبالخصوص الشرق الإسلامي. إنقسم الدارسون المسلمون وغيرهم لحركة الاستشراق اتجاهات، رأى بعضهم فيه مؤامرة استعمارية تهدف الى التوسع والسيطرة الغربية على العالم الاسلامي. أما الاتجاه الآخر فأفرط في التقديس والتبجيل إلى حدّ الحديث عن نتاج معرفي لموضوعات إسلامية لم يكن ليرقى إليه المسلمون أنفسهم، وأخذ الاستشراق شيئاً فشيئاً بالتحوّل إلى مرجعية طبعت بصماتها فيما بعد على تيارات ثقافية بكاملها داخل العالم الاسلامي، وبدت هذه التيارات ترجمةً شبه حرفية لكلمات المستشرقين.
بعد ذلك قدّم الدكتور حامد الظالمي ورقته البحثية المعنونة (الشيعة في ضوء الدراسات الاستشراقية المعاصرة) وأبرز ما ذكر فيها: أن الرؤية الاستشراقية بنيت على مصادر أخرى للفكر الاسلامي وخاصة في فترة العهد العثماني ولم تعتمد كثيراً على الفكر الشيعي، وكان المستشرقون الاوائل يعتقدون أن المسلمين فقط هم السنة لذلك حملت الكثير من التدليس والاكاذيب الشائعة حينها في الكثير منها. وأيضاً المصادر الشيعية قليلة جداً وحتى يومنا هذا لم تترجم لتحاكي الغرب بلغاتهم فمن النادر أن تجد كتاباً شيعياً في الصين مثلاً!، ولكن لانبخس المصادر الكثيرة التي قدموها لنا وإتّبعوا فيها الصبر والجلَّد وهذا ماجعلنا نكتشف الكثير من الاشياء التي لم نتعرف عليها إلا بعد قرون منها معجم فهرس القرآن الكريم.
وأضاف الدكتور حامد: مايهمنا اليوم كثيراً هو الدراسات الاستشراقية المعاصرة وخاصة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لو جئنا لهذه المصادر لوجدنا أكثر من (30 مصدر) منها "الشيعة في العالم صحوة المستبعدين واستراتيجيتهم " لفرنسوا تويال، "الانبعاث الشيعي" لولي نصر، "سطوع نجم الشيعة" لجرهارد كونسلمان، "المارد الشيعي يخرج من القمقم" لنيكولاس بلانفورد. مؤلفو هذه الكتب ليسوا كتابا تقليديين بل هم شخصيات مؤثرة في صناعة القرار السياسي في كل من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا ويعمل الكثيرين منهم في مؤسسات استشارية كبرى أو في مجال الاعلام، يكتبون برؤية استراتيجية بعيدة المدى قد تصُح وقد تُخطأ ولكن من الضروري عدم ترك أو الاستهانة بهذه المصادر، وخاصة التي تتحدث عن الواقع المعاصر لأننا في أمس الحاجة لمعرفة ما يخطط لنا ومن نحن؟ في عيون الغرب.
نستقرئ هذه الدراسات ونحللها هل هي: نبوءات أم قراءات إحتمالية، أم هي مخططات جاهزة وكاملة وما هذه الكتب إلا نُتف من أفكار بسيطة ثبتت وسيعمل عليها مستقبلاً!!، من حقنا طرح الكثير من التساؤلات وأهمها هل صراعات اليوم وخاصة في منطقة الشرط الأوسط خُطط لها مُسبقاً؟ هل المستقبل القريب سيشهد صراعات أوسع وأكبر؟.
المداخلات:
بعد أن انتهى الدكتور حامد الظالمي من عرض ورقته البحثية، بدأت المداخلات والأسئلة حول المحاضرة، إبتدأ المداخلات الدكتور حازم البارز حيث تساءل هل كانت دراسات المستشرقين عموماً حيادية أم الغرض منها الإنتقاص؟ وهل علينا معرفة علومنا والتفكُّر بمذهبنا ومعتقداتنا من هذه الدراسات؟.
فيما أضاف حيدر مرتضى – كاتب وصحفي: من الجيد أن يتحدث الآخرون عنا ويبينوا لنا السلبيات ونقاط الضعف حتى وإن كانوا غير حياديين فبكل الأحوال سنستفيد من آراءهم.
محمد معاش – مسؤول العلاقات العامة في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام بيّن أن حسب واقع اليوم والدراسات الاستشراقية نجد أن الشيعة في العالم أصبحوا قوة كبيرة فهل سيؤهلهم ذلك للدخول بقوة في اللعبة الدولية؟ وطرح سؤالاً لو أن السياسيين العراقيين وخاصة الشيعة منهم إطّلعوا على هذه الكتابات هل سيُغير ذلك من سلوكهم وتوجهاتهم وعدم الوقوع في الأخطاء!.
أحمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات أضاف متسائلاً: هل تمثل هذه الدراسات قراءة لواقع أم وضع خطط مستقبلية وخارطة طريق لتشكيل المشهد الدولي القادم؟ وهل تلك الدراسات عبارة عن مجموعة خطط وتوصيات لمواجهة نهضة الشيعة أو انبعاثهم؟.
الدكتور علي محمد ياسين – استاذ جامعي يبدأ مداخلته بتساؤل: هل هناك تعارض بين المستشرقين والمؤسسة الرسمية لدولهم؟، وهل التحول لدراسة ظهور الشيعة في الفترة الاخيرة هل هو بزوغ لتيار ما بعد الحداثة؟.
بعد ذلك شهدت الحلقة الاجابة على التساؤلات المطروحة من قبل الدكتور حامد الظالمي ونقاش عام حول موضوع الدراسات الاستشراقية حيث كانت التوصيات أن من المهم الاطلاع على كتب المستشرقين لأنها ترى الأمور من خارج المنظومة وتبرز لنا أمور قد تكون خافية علينا. وأن تتم ترجمة الدراسات الاستشراقية بكثرة لكي نتعرف على أنفسنا بعيون الآخرين سواء كانوا اصدقاء أم اعداء، أن نخصص الكثير من الوقت لدراسة لماذا إهتموا بنا وكتبوا وخططوا لمستقبلنا؟، وأن نهتم ككتاب ومثقفين ومراكز دراسات بالرد على الشبهات الموجودة في هذه الدراسات وخاصة ما يتعلق بالشيعة وترجمة الردود للغات العالم لكي تكون لنا رؤية وشخصية علمية تحاكي العالم.
اضف تعليق