عملية الاغتيال تثبت ان الجسد العراقي لا يزال غير معافى وفيه الكثير من الامراض السياسية، واستخدام الأشخاص لتصفية الحسابات من الألعاب المكشوفة على المستوى السياسي والاجتماعي، وهنا يفضل ان تضع الحكومة يدها على كونترول التحكم بالأحداث ويديرها من وراء الجدار...
لم تمر حادثة اغتيال "ام فهد" وهو الاسم الذي اختارته المجني عليها في أحد شوارع زيونة ببغداد، مر الكرام على رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وما سبقها من احداث تتعلق بمسؤولين كبار على مستوى وزارة الداخلية، الذين لا تزال تحوم حولهم الشبهات بقضايا ابتزاز، فماذا بعد الاغتيال.
وإذا كان الشيطان يدخل بالجزئيات كما يقال وليس في العموميات، فأن الحقيقية التي تسببت بقتل الضحية هي ان الأخيرة هددت بإخراج ملفات الى الإعلام وان خروجها سيعرض العملية السياسية الى الانهيار، الى جانب المؤسسة العسكرية، التي اكدت قبل رحيلها بتورط رؤوس كبار وقابضة على السلطة.
المغتالة تمثل في رأي مراقبين الصندوق الأسود الذي يحتوي على كل ما لا يريد الذين اصطادتهم بشباكها من القيادات الأمنية والسياسية خروجه الى الرأي العام، وقد ينجحون في مسعاهم بعد ان تم الاستيلاء على هاتفها الشخصي الذي تكتنز ذاكرته بمقدار مهول من الفضائح التي سوف تضع علامات استفهام كبيرة أمام لاعبين أساسيين في منظومة الحكم.
وهل طويت هذه الصفحة؟
بحسب الواقع فأن طي هذه الصفحة عبر عملية الاغتيال الأخيرة غير ممكن ابدا، فالمشكلة أكبر مما نتصور، فام فهد هي واحدة من عشرات النساء اللاعبات بالميدان، حصلن بأساليب معينة على امتيازات كبيرة وغير منطقية، من بينها منحهن جواز سفر دبلوماسي وسيارات فارهة، وسكن في المجمعات او المناطق التي يسكنها النخبة من الشعب.
مثل هذه الشخصيات من النساء تحولن بشكل او بآخر الى فعالات ولاعبات بالعمل السياسي، والتهديدات الأخيرة بانهيار العملية السياسية والأمنية تؤكد هذه الحقيقية، فكيف فشلت الشخصيات الأمنية والسياسية من تجاوز عتبة المغريات الحياتية بما فيها النساء واصبحنّ يتحكمنّ بزمام الأمور.
التورط بمثل هذه الحالات يحتم على المتورطين الاقتراب من أسلوب التصفيات الجسدية لمن تعتقد انه بات يشكل خطيرا وشيكا على مكانتها الوظيفية والاجتماعية، وكذلك السياسية، فكثيرا ما تتأثر الشخصيات سياسيا بمثل هذه المناكفات وتسعى اغلب الجهات الى التسقيط عر الفضائح الحقيقية والملفقة.
انتهى الدور الموكل لام فهد وربما دفنت معها اسرار وخبايا يؤدي كشفها الى زعزعة الثقة بشخصيات تحظى بثقة ومكانة مرموقة في الأوساط السياسية والاجتماعية.
لكن يبقى المشهد الحالي الماثل امام الاعين بحاجة الى عملية حكومية منظمة، لكشف المستور امام الجمهور، فالوقت الحالي ربما أكثر الأوقات ملائمة للشروع بتصفية الأجهزة الأمنية والنخب السياسية من الشخصيات التي استخدمت النساء من اجل الوصول الى المناطق الحصينة للخصوم.
عملية الاغتيال تثبت ان الجسد العراقي لا يزال غير معافى وفيه الكثير من الامراض السياسية، واستخدام الأشخاص لتصفية الحسابات من الألعاب المكشوفة على المستوى السياسي والاجتماعي، وهنا يفضل ان تضع الحكومة يدها على كونترول التحكم بالأحداث ويديرها من وراء الجدار.
نُقدر حراجة الموقف بالنسبة للقائد العام للقوات المسلحة، فليس من السهل ان توجه أصابع الاتهام لشخصية امنية كان المؤمل منها غير ذلك، والسوداني يدرك مدى خطورة وحساسية موقفه بصرف النظر عن أي اجراء يمكن ان يتبع، لكنه في المحصلة النهائية يضعف هيبة المنظومة الأمنية على المستويين الداخلي والخارجي.
كشف فضيحة او فضيحتين في الوقت الحالي ربما يكون أفضل بكثير من السكوت عن جملة من الملفات والقضايا التي ربما تتحول الى أداة لتقويض عمل الحكومة ومأخذ من المآخذ التي تسقطها في عيون المؤيدين قبل المعارضين لنهجها ورؤيتها في إدارة الدولة.
الاحداث الأخيرة كشفت وبشكل غير قابل للتشكيك ان المنظومات الحاكمة في البلد غير محصنة ويمكن اختراقها والتأثير عليها بفعل العوامل الخارجية، مع فارق الهدف من كل عامل.
اضف تعليق