تغرس الفضائل في الانسان كما تغرس البذور في بطون الارض فتصبح بعد حين نباتاً مثمراً، ومن اهم وسائل غرس الفضائل هي العائلة هي الحاضنة الاولى التي يمكن عبرها الابوين فيها ان تكوين العادات الصالحة في الطفل ومن هذه العادات مجموعة من الفضائل التي تبقيه انساناً عارفاً لادواره الاجتماعية والدينية...
حياة الانسان بصورة عامة عبارة عن سلوكيات يمارسها يومياً، وهذه السلوكيات اما ان تكون ايجابية ومقنعة للانسان نفسه ولمن حوله ومفيدة لهم او ان تكون سلبية ومضرة ايضاً للفرد والمجتمع، فحين تكون افعاله ناضجة والغرض منها خدمة الانسان ستكون عبارة عن فضائل اما حين تكون سلبية عبثية مؤذية حتماً انها تحمل طابع الرذائل والموبقات ابعدنا الله وأياكم عنها وعمن يتصفون بها، اليوم في مقالنا هذا نود التسليط على جزئية الفضيلة في حياة الانسان وكيفية اكتسابها من قبل الانسان؟، وما العلاقة بين من يقوم بها وبين الصحة النفسية للإنسان؟
صاحب الفضيلة والساعي لها دوما هو الانسان المتفوق اخلاقياً على اقرانه باذلاً جهوداً من اجل الخير فقط وليس من اجل مكتسبات شخصية وبالتالي تنعكس هذه الفضائل على حياة الفرد والمجتمع لذا يقال انها من القيم السامية التي تعبر بالإنسان صوب المثالية والكمال الجزئي لكون الكمال صفة لخالق لا المخلوق.
عرف الفلاسفة الفضيلة على أنها "المهارة المناسبة لأي قوة من القوى، أي أن الفضيلة تكون حيث تقوم قوى الإنسان بأداء وظائفها"، وتعرف ايضاً على انها "الخلق الطيب، والخلق هو عادة الإرادة فإذا اعتادت الإرادة شيئا طيبا سميت هذه الصفة فضيلة، والإنسان الفاضل هو ذو الخلق الطيب الذي اعتاد أن يختار أن يعمل وفق ما تأمر به الأخلاق، وبذلك يكون الفرق بين الفضيلة والواجب واضحا، فالفضيلة صفة نفسية، والواجب عمل خارجي".
اما علم النفس فيعتبر الفضيلة جملة من المعارف العامة التي تمكن الانسان من فهم الحياة ومعالجة مواقفها بطريقة ذكية بهدف خلق رضا معنوي بين ابناء المجتمع، ويقول ان الفضلاء هم الافراد الذي يتمتعون بصحة نفسية عالية بالمقارنة مع الباقين من افراد المجتمع الذي لا يعملون الفضائل، فمن يتمتع بصحة نفسية عادة ما يسمو بنفسه عن الفردية بأتجاه الجماعية التكاملية التي لن يستطيع أحد في هذا الكون ان يتنصل عنها او يدعي انه يستطيع العيش بدونها وان تمكن فهو انسان ناقص الاهلية وليس له من السواء شيء.
اهمية الفضيلة تأتي من كونها تهدف الى تحقيق وتعزيز رفاهية الانسان ومساعدته على تخطي الازمات والصعوبات الحياتية، إذا يقوم بها الفرد من دون فرض فهي لا تعد واجب مفروض بل تحمل صفة الطوعية الناتجة من استشعار الانسان بواجبه تجاه من حوله من الناس ومحاولة خدمتهم لذلك هي فضيلة اما المفروض فهو واجب يؤتى عليه فعله اجر وعلى هذا يقال فلان أدى الواجب ولا يقال أدى الفضيلة بل حاز الفضيلة.
تختلف الفضائل بأختلاف البيئات والناس في تلك البيئات، فيرتب ابناء الامة العربية او العراق مثلاً مجموعة من القيم يعتبرونها فضائل لأهميتها في حياتهم، بينما الاوربيين لديهم قيماً اخرى يعدونها فضائل، والاختلاف بين هذين الفرقين كان وراءها الظروف المحيطة بكل منهما، على سبيل المثال الشعوب المهددة بالحروب ترى الشجاعة أهم فضيلة، والشعوب الآمنة المطمئنة ترى العدل خير فضيلة، والشعوب التي تحيا على الصناعة ترى الأمانة والاستقامة عماد الفضائل واكبرها واهما وهكذا الحال فيما يخص التفضيلات الاخرى.
طرق غرس الفضائل
تغرس الفضائل في الانسان كما تغرس البذور في بطون الارض فتصبح بعد حين نباتاً مثمراً، ومن اهم وسائل غرس الفضائل هي: العائلة هي الحاضنة الاولى التي يمكن عبرها الابوين فيها ان تكوين العادات الصالحة في الطفل ومن هذه العادات مجموعة من الفضائل التي تبقيه انساناً عارفاً لادواره الاجتماعية والدينية وغيرها وعاملاً من اجلها بعناية واجتهاد.
بعد العائلة يكون للمدارس دوراً مهماً سيما المدارس الابتدائية والمتوسطة في اذكاء السلوكيات النافعة والتي تخدم الانسان، ويتم ذلك عبر إلزام الطفل ان يقوم بسلوكيات معينة وتكرارها حتى تصيح عادة كتعويده النظافة وقول الصدق والطاعة والامانة والاحترام ونحو ذلك، فإذا تأصلت هذه العادات أصبح لها من السلطان عليه ما يقرب من الطبيعة التي خلق عليها الإنسان، وهذين اهم رافدين لغرس الفضيلة في النفس البشرية التي تدوم معه ما حيا.
اضف تعليق