ارتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر منذ عام 1900 بشكل أسرع من أي قرن سابق خلال الثلاثة آلاف عام الماضية. وارتفعت درجة حرارة المحيطات العالمية خلال القرن الماضي بشكل أسرع من أي وقت مضى خلال الأحد عشر ألف سنة الماضية. ويعني ذلك الحكم على الأجيال المقبلة بزيادة...

ارتفاع مستوى سطح البحار يغرق المستقبل، فهو لا يمثل فقط تهديدا في حد ذاته وإنما عاملا مضاعفا للأخطار الأخرى. وارتفاع منسوب البحار هو أزمة من صنع البشر، ستتضخم قريبا لتصل إلى نطاق يمكن بالكاد تصوره، بدون وجود قارب إنقاذ يأخذنا إلى بر الأمان. فارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين يمكن أن يؤدي إلى فقدان كل الغطاء الجليدي في غرينلاند تقريبا ومعظم الغطاء الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية.

وأصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية مجموعة من البيانات التي توضح الخطر الجسيم لارتفاع البحار. فقد ارتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر منذ عام 1900 بشكل أسرع من أي قرن سابق خلال الثلاثة آلاف عام الماضية. وارتفعت درجة حرارة المحيطات العالمية خلال القرن الماضي بشكل أسرع من أي وقت مضى خلال الأحد عشر ألف سنة الماضية.

ويعني ذلك الحكم على الأجيال المقبلة بزيادة لا تتوقف في منسوب البحار تصل إلى 20 مترا خلال فترة ألف عام. ولكن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية، وهو المسار الحالي الذي يسير عليه العالم، سيزيد سرعة ارتفاع سطح البحار.

وتخبرنا المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أنه- حتى وإن اقتصر ارتفاع درجة الحرارة العالمية على 1.5 درجة مئوية- فسيظل هناك ارتفاع كبير في مستوى سطح البحر. وإذا ارتفعت درجات الحرارة بمقدار درجتين، فسيتضاعف ارتفاع مستوى سطح البحر، ومع زيادة درجات الحرارة بشكل أكبر سيؤدي ذلك إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل هائل.

نداء استغاثة

وفي 26 آب/أغسطس 2024، أطلق أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش من تونغا نداء استغاثة عالميا يحذر من ارتفاع مستويات سطح البحار بمعدلات غير مسبوقة خلال الثلاثة آلاف عام الماضية.

ومن المنتظر في 25 أيلول/سبتمبر 2024، أن يجتمع زعماء وخبراء عالميون في الأمم المتحدة لمناقشة أفضل السبل لمعالجة هذا التهديد.

وخلال جولته في منطقة المحيط الهادئ، أطلق أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من تونغا نداء استغاثة عالميا يحذر من ارتفاع مستويات سطح البحار بمعدلات غير مسبوقة خلال الثلاثة آلاف عام الماضية.

وقال غوتيريش في مؤتمر صحفي في تونغا إن "التغييرات في منطقة المحيط الهادئ ملحوظة منذ زيارتي الأخيرة. وحول العالم، لارتفاع سطح البحار قوة لا مثيل لها تتسبب في إحداث الفوضى في المدن الساحلية وتخريب الاقتصادات الساحلية".

والسبب واضح كما قال الأمين العام، وهو غازات الاحتباس الحراري الناجمة بشكل كبير عن حرق الوقود الأحفوري (مثل النفط والغاز). وفسّر الأمين العام هذه العلاقة بالقول إن البحار امتصت أكثر من 90% من الاحترار العالمي خلال السنوات الخمسين الماضية، وإن المياه تتمدد عندما تسخن والكتل والصفائح الجليدية تذوب في البحار فتضيف إلى حجمها.

وقد أصدرت الأمم المتحدة اليوم ورقتين حول ارتفاع منسوب البحار، الأولى من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حول حالة المناح في جنوب غرب المحيط الهادئ، والثانية هي تقرير من فريق العمل المناخي التابع للأمم المتحدة يلخص المعلومات العلمية بشأن "ارتفاع سطح البحار في عالم يزداد دفئا".

وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن الورقتين تظهران تسارع التغييرات التي تلحق بالمحيطات والآثار المدمرة الناجمة عن ذلك. وأضاف: "شهر بعد الآخر، تحطم درجات حرارة البحار الأرقام القياسية، وتصبح موجات الحرارة البحرية أكثر شدة وأطول أمدا، لتتضاعف وتيرتها منذ عام 1980. ويزيد ارتفاع مستوى البحار تواتر وحدة العواصف والفيضانات الساحلية".

تجتاح تلك الفيضانات المجتمعات الساحلية وتدمر مصائد الأسماك والمحاصيل وتلوث المياه العذبة، وكل ذلك يعرض جزر المحيط الهادئ لخطر جسيم كما قال غوتيريش.

ويؤكد تقريرا الأمم المتحدة أن مستويات سطح البحر النسبية في جنوب غرب المحيط الهادئ ارتفعت بشكل أكبر عن المتوسط العالمي، وفي بعض المواقع، بأكثر من الضعف عن الزيادة الدولية خلال السنوات الثلاثين الماضية.

وبدون خفض كبير في انبعاث غازات الاحتباس الحراري، يمكن أن تشهد جزر المحيط الهادئ زيادة إضافية تقدر بخمسة عشر سنتيمترا على الأقل في ارتفاع منسوب البحار بحلول منتصف القرن، وأكثر من 30 يوما في العام من الفيضانات الساحلية في بعض المواقع.

ويظهر التقريران أن متوسط ارتفاع منسوب البحار زاد بأكثر من الضعف منذ التسعينيات. وقد ارتفع المتوسط العالمي لسطح البحار بأكثر من 10 سنتيمترات منذ عام 1993.

وأشار الأمين العام إلى المعلومات العلمية التي تفيد بأن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين يمكن أن يؤدي إلى فقدان كل الغطاء الجليدي في غرينلاند تقريبا ومعظم الغطاء الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية.

ويعني ذلك كما أوضح غوتيريش "الحكم على الأجيال المقبلة بزيادة لا تتوقف في منسوب البحار تصل إلى 20 مترا خلال فترة ألف عام". ولكن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية، وهو المسار الحالي الذي يسير عليه العالم، سيزيد سرعة ارتفاع سطح البحار خلال قرون.

وأكد الأمين العام أن ارتفاع سطح البحار يؤثر على الجميع، مشيرا إلى عواقبه المدمرة على صيد الأسماك والسياحة والاقتصاد الأزرق. وقال إن نحو مليار شخص بأنحاء العالم يعيشون في مناطق ساحلية. وبدون تدابير التكيف والحماية، قد تصل الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الفيضانات الساحلية إلى تريليونات الدولارات.

وشدد غوتيريش على ضرورة أن يتحرك قادة العالم لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير، وقيادة التخلص التدريجي العاجل والعادل من الوقود الأحفوري، وتعزيز استثمارات التكيف المناخي وحماية الناس من المخاطر الحالية والمستقبلية.

وأكد غوتيريش على ضرورة العمل للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية كيلا يتخطى 1.5 درجة مئوية، وأن تفي الحكومات بالوعود التي أعلنتها في مؤتمر المناخ الثامن والعشرين بتقديم خطط عمل مناخية وطنية بحلول العام المقبل.

وقال إن مجموعة الدول العشرين، وهي أكبر المتسببين في انبعاث الغارات والمتمتعة بأكبر قدرة ومسؤولية على القيادة، يجب أن تكون في الصدارة. وأضاف أن على الدول أن تتفق في مؤتمر المناخ المقبل، المقرر أواخر العام الحالي، على تعزيز التمويل المبتكر ووضع هدف مالي جديد.

كما أكد ضرورة أن تفي الدول المتقدمة بالتزاماتها المالية، بما فيها مضاعفة تمويل التكيف إلى أربعين مليار دولار على الأقل بحلول عام 2025، والحاجة إلى مساهمات كبيرة لصندوق الخسائر والأضرار كخطوة تجاه تحقيق العدالة المناخية لدعم الدول الضعيفة.

الأمين العام أكد في مؤتمره الصحفي في تونغا على ضرورة حماية كل شخص على وجه الأرض بنظم الإنذار المبكر بحلول 2027، بما يتطلب بناء القدرات المعلوماتية للدول لتحسين اتخاذ القرارات بشأن التكيف والتخطيط الساحلي.

وقال غوتيريش إن "ارتفاع منسوب البحار هو أزمة من صنع البشر، ستتضخم قريبا لتصل إلى نطاق يمكن بالكاد تصوره، بدون وجود قارب إنقاذ يأخذنا إلى بر الأمان". وشدد على ضرورة أن يعمل العالم ويستجيب لنداء الاستغاثة قبل فوات الأوان.

المستقبل يغرق 

ارتفاع مستوى سطح البحار يغرق المستقبل، فهو لا يمثل فقط تهديدا في حد ذاته وإنما عاملا مضاعفا للأخطار الأخرى. وقال السيد أنطونيو غوتيريش إن لمجلس الأمن دورا حاسما في بناء الإرادة السياسية اللازمة لمواجهة التحديات الأمنية المدمرة الناشئة عن ارتفاع منسوب مياه البحار. وشدد على ضرورة العمل المشترك بشأن هذه القضية الحاسمة، ودعم حياة وسبل عيش ومجتمعات الأشخاص الذين يعيشون في الخطوط الأمامية لهذه الأزمة.

فارتفاع مستوى سطح البحر يسبب سيلا من المشكلات بالنسبة لمئات ملايين الأشخاص الذين يعيشون في الدول الجزرية الصغيرة النامية وغيرها من المناطق الساحلية المنخفضة حول العالم. ويهدد ارتفاع منسوب مياه البحار الأرواح والوصول إلى المياه والغذاء والرعاية الصحية.

ان تسرب المياه المالحة يمكن أن يتسبب في تدمير الوظائف والاقتصادات بأكملها في الصناعات الرئيسية مثل الزراعة ومصايد الأسماك والسياحة. ويمكن أن يتسبب هذا التسرب في تلف أو تدمير البنية التحتية الحيوية - بما في ذلك أنظمة النقل والمستشفيات والمدارس، خاصة عندما تقترن بظواهر الطقس المتطرفة المرتبطة بأزمة المناخ. ويهدد ارتفاع منسوب مياه البحار وجود بعض المجتمعات في الأماكن المنخفضة وحتى الدول.

وحذر الأمين العام من أن دولا مثل بنغلاديش والصين والهند وهولندا كلها في خطر في ظل أي من هذه السيناريوهات.

"ستواجه المدن الكبرى في كل قارة تداعيات خطيرة- بما في ذلك لاغوس ومابوتو وبانكوك ودكا وجاكرتا ومومباي وشنغهاي وكوبنهاغن ولندن ولوس أنجلوس ونيويورك وبوينس آيريس وسانتياغو".

وأشار الأمين العام إلى أن الخطر سيكون حادا بشكل خاص بالنسبة لما يقرب من 900 مليون شخص يعيشون في المناطق الساحلية على ارتفاعات منخفضة - أي شخص واحد من بين كل عشرة أشخاص يعيشون على وجه الأرض.

الدول الجزرية الصغيرة وأفريقيا

وشهدت بعض المناطق الساحلية بالفعل ارتفاعا في مستوى سطح البحر بمعدل ثلاثة أضعاف.

"لقد رأيت بأم عيني كيف يواجه الناس في الدول الجزرية الصغيرة النامية في غرب المحيط الهادئ مستويات ارتفاع لسطح البحر تصل إلى أربعة أضعاف المتوسط العالمي. في منطقة البحر الكاريبي، ساهم ارتفاع مستوى البحار في تدمير سبل العيش المحلية في قطاعي السياحة والزراعة. وقد أدى ارتفاع منسوب مياه البحار والتأثيرات المناخية الأخرى إلى بعض عمليات الانتقال الاضطرارية من مكان إلى آخر في فيجي وفانواتو وجزر سليمان وأماكن أخرى".

وتتسبب الفيضانات وتآكل السواحل في غرب أفريقيا في إتلاف البنية التحتية والمجتمعات، وتقويض الزراعة وغالبا ما تؤدي إلى خسارة في الأرواح. في شمال أفريقيا، يؤدي تسرب المياه المالحة إلى تلويث الأرض وموارد المياه العذبة، ويدمر المحاصيل وسبل العيش على حد سواء. ويعاني الصومال أيضا من تسرب المياه المالحة، مما يساهم في التنافس على موارد المياه العذبة النادرة.

وفي جميع أنحاء العالم، يؤدي ارتفاع درجة حرارة الكوكب إلى ذوبان الأنهار والصفائح الجليدية.

وفقا لوكالة ناسا للفضاء، تفقد القارة القطبية الجنوبية(أنتاركتيكا) ما معدله 150 مليار طن من كتلة الجليد سنويا. يذوب الغطاء الجليدي في غرينلاند بشكل أسرع – مما يؤدي إلى فقدان 270 مليار طن سنويا.

وتطرق الأمين العام إلى الكيفية التي يسبب بها ذوبان الجليد في جبال الهيمالايا، تفاقم الفيضانات في باكستان. ولكن مع انحسار هذه الأنهار الجليدية خلال العقود المقبلة، ستتقلص أنهار السند والغانج وبراهمابوترا بمرور الوقت.

كما أن ارتفاع منسوب مياه البحر المقترن بالتسرب العميق للمياه المالحة سيجعل أجزاء كبيرة من دلتا هذه الأنهار غير صالحة للسكن.

"نرى تهديدات مماثلة في دلتا نهر ميكونغ وخارجها. ستلقي هذه التهديدات بعواقب لا يمكن تصورها. يمكن أن تختفي المجتمعات في الأماكن المنخفضة والبلدان بأكملها إلى الأبد. سنشهد هجرة جماعية لسكان مناطق بأكملها على نطاق هائل. وسنرى منافسة شرسة على المياه العذبة والأراضي والموارد الأخرى".

وحذر الأمين العام من أن تداعيات ارتفاع منسوب مياه البحار بدأت بالفعل في خلق مصادر جديدة لعدم الاستقرار والصراع، داعيا إلى ضرورة العمل عبر ثلاثة مجالات في سبيل مواجهة هذا المد المتزايد من انعدام الأمن:

أولا- يجب أن نعالج السبب الجذري لارتفاع البحار، وهو أزمة المناخ.

نحن بحاجة ماسة إلى مزيد من العمل المتضافر للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وضمان العدالة المناخية. يجب أن تمتلك البلدان النامية الموارد اللازمة للتكيف وبناء المرونة في مواجهة الكوارث المناخية.

ثانيا- يجب أن نوسع فهمنا للأسباب الجذرية لانعدام الأمن. وهذا يعني تحديد ومعالجة مجموعة أوسع بكثير من العوامل التي تقوض الأمن - من الفقر والتمييز وعدم المساواة، إلى الكوارث البيئية مثل ارتفاع مستويات سطح البحر.

ثالثا- يجب علينا معالجة آثار ارتفاع مستوى البحار عبر الأطر القانونية وأطر حقوق الإنسان. ارتفاع مستويات سطح البحر يؤدي إلى تقلص مساحات اليابسة، وهو مدعاة للنزاعات المحتملة المتعلقة بالسلامة الإقليمية والمساحات البحرية. يجب أن يتطلع النظام القانوني الحالي إلى المستقبل ويعالج أي ثغرات في الأطر القائمة.

بدوره، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، السيد تشابا كوروشي مخاطبا الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي: "سيتذكر الكثير منكم ممن يجلسون على هذه الطاولة عام 2012، عندما أجبر إعصار ساندي مقر الأمم المتحدة في نيويورك على الإغلاق لثلاثة أيام متتالية بصورة غير مسبوقة. كانت هناك أسماك تسبح في الطابق السفلي من مبنى الأمم المتحدة. في أعقاب ذلك، واجهت الأمم المتحدة انتقادات حادة بشأن الصمت وعدم الجهوزية. بعد أكثر من عقد من الزمان، أوجه السؤال إليكم اليوم: هل أنتم مستعدون؟ هل نحن جاهزون؟ هل قمت بدوركم لدعم المسؤولية الجماعية لإدارة المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ؟".

وقال رئيس الجمعية العام إن حالات الطوارئ المناخية تفتح نوافذ جديدة للتعاون والإدماج. "لذا دعونا نعزز شراكاتنا. دعونا نشجع الخبرة المحلية لتوجيه عزمنا".

وقال إنه سيعمل على دعم الدول الأعضاء لضمان قيام الجمعية العامة بدورها في ذلك، مناشدا مجلس الأمن الاضطلاع بدوره في هذا الجهد الجماعي.

وفي الختام حذر قائلا: "إذا لم يكن الأمر كذلك، أخشى أن يمثل رئيس الجمعية العامة- في عام 2100 أو حتى في عام 2050- أقل من 193 دولة عضوا في الأمم المتحدة".

ويشير كوروشي بذلك إلى مخاطر اختفاء دول بأكملها، وخاصة الدول الجزرية الصغيرة، بسبب التغيرات المناخية. ويبلغ عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة 193 دولة.

ماذا تعرف عن ارتفاع مستوى سطح البحر وتأثيره على مستقبلنا؟

يرتفع مستوى سطح البحر على مستوى العالم بشكل أسرع وأعلى من أي وقت مضى، مما يخلق ما وصفته الأمم المتحدة بأنه "تهديد عاجل ومتصاعد" للناس في جميع أنحاء العالم.

معدل الارتفاع

يُقدَّر أن المحيطات ارتفعت بنحو 20-23 سنتيمترا منذ عام 1880.

وفي عام 2023، وصل متوسط مستوى سطح البحر عالميا إلى أعلى مستوى قياسي أكدته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، وفقا لسجلات الأقمار الصناعية المحفوظة منذ عام 1993.

ومن المثير للقلق أن معدل الزيادة على مدى السنوات العشر الماضية يزيد عن ضعف معدل ارتفاع مستوى سطح البحر في العقد الأول الذي سجلته الأقمار الصناعية ما بين عامي 1993 و2002.

ما الذي يسبب ارتفاع مستوى سطح البحر؟

يحدث الارتفاع في مستوى سطح البحر نتيجة لارتفاع درجة حرارة المحيطات وذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية، وهي ظواهر تعد عواقب مباشرة لتغير المناخ.

وحتى إن تم تحديد الاحتباس الحراري العالمي عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي، وهو الهدف الذي حددته البلدان في جميع أنحاء العالم كجزء من اتفاقية باريس لعام 2015، فإن الكوكب سيشهد زيادة كبيرة في مستويات مياه البحر.

ومن الجدير بالذكر أن أنماط دوران المحيطات، مثل تيار الخليج، يمكن أن تؤدي إلى اختلافات إقليمية في ارتفاع مستوى سطح البحر.

ما هي العواقب؟

ارتفاع مستوى سطح البحر له آثار واسعة النطاق ليس على البيئة المادية فحسب، وإنما أيضا على النسيج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للدول الضعيفة في جميع أنحاء العالم.

يمكن أن تؤدي فيضانات المياه المالحة إلى إتلاف الموائل الساحلية، بما في ذلك الشعاب المرجانية ومخزون الأسماك والأراضي الزراعية وكذلك البنية الأساسية، بما في ذلك المنشآت السكنية، ويمكن أن تؤثر على قدرة المجتمعات الساحلية على دعم سبل عيشها.

ويمكن أن تلوث الفيضانات إمدادات المياه العذبة، وتعزز الأمراض المنقولة بالمياه التي تهدد صحة الناس وتؤدي إلى الإجهاد ومشاكل الصحة العقلية.

وفي الوقت نفسه، قد تعاني عائدات السياحة، وهي المحرك الاقتصادي الرئيسي وخاصة في العديد من الدول الجزرية الصغيرة النامية، بسبب تضرر الشواطئ والمنتجعات وغيرها من مناطق الجذب السياحي مثل الشعاب المرجانية.

وقد يؤدي الجمع بين العديد من العوامل إلى إجبار الناس على ترك منازلهم، أو الانتقال إلى أرض مرتفعة حيثما كان ذلك متاحا، أو الهجرة في نهاية المطاف، مما يؤدي بدوره إلى تعطيل الاقتصادات وسبل العيش والمجتمعات.

ولعل من غير المستغرب أن يصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش هذه الظاهرة بأنها "مُضاعِف للتهديد".

ما هي العلاقة بين ارتفاع مستويات سطح البحر وتغير المناخ؟

ببساطة، ارتفاع مستوى سطح البحر هو أحد أعراض تغير المناخ.

مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية بسبب تغير المناخ، تمتص المحيطات الكثير من هذه الحرارة الزائدة، فتزداد المياه الدافئة في الحجم، وهي العملية المعروفة باسم التمدد الحراري، والتي تساهم بشكل كبير في ارتفاع مستوى سطح البحر.

بالإضافة إلى ذلك، يخلق ارتفاع مستوى سطح البحر حلقة تغذية مرتدة كارثية.

فعلى سبيل المثال، يمكن لغابات المانغروف، التي تحمي الموائل الساحلية وتخزن غازات الكربون الضارة التي تساهم في تغير المناخ، أن تغمرها المياه بسرعة وتفقد خصائصها الوقائية. وتعني قلة أشجار المانغروف المزيد من الغازات الضارة في البيئة، مما يؤدي إلى تغير المناخ. ومع ارتفاع درجات الحرارة، سيرتفع مستوى سطح البحر بشكل أكبر.

ما هي البلدان الأكثر تضررا؟

يقدر أن حوالي 900 مليون شخص، أي واحد من كل 10 أشخاص على وجه الأرض، يعيشون بالقرب من البحر.

سيكون الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الساحلية في البلدان ذات الكثافة السكانية العالية مثل بنغلاديش والصين والهند وهولندا وباكستان معرضين للخطر، وقد يعانون من فيضانات كارثية. كما أن المدن الكبرى في كل قارة معرضة للخطر، بما في ذلك بانكوك وبوينس آيرس ولاغوس ولندن ومومباي ونيويورك وشنغهاي.

وتواجه الجزر الصغيرة ذات المناطق المنخفضة من الأرض أشد التهديدات خطورة، حيث يجبر بالفعل ارتفاع مستوى سطح البحر وغيره من التأثيرات المناخية الناس في دول المحيط الهادئ مثل فيجي وفانواتو وجزر سليمان على الانتقال إلى أماكن أخرى.

ما الذي يمكن القيام به لمواجهة ارتفاع مستوى سطح البحر؟

يعد الإجراء الأكثر أهمية الذي يمكن اتخاذه هو إبطاء الاحتباس الحراري العالمي من خلال الحد من انبعاثات الغازات المسببة له، والتي تشكل المحرك الأساسي لتغير المناخ.

وفي الوقت نفسه، اكتسب التخفيف من آثار ارتفاع مستوى سطح البحر والتكيف معه أهمية جديدة.

هناك مجموعة واسعة من الحلول المتاحة، والتي تأتي بتكلفة بالطبع، بما في ذلك بناء البنى التحتية مثل الجدران البحرية وحواجز العواصف للحماية من الفيضانات والتآكل، وتحسين أنظمة الصرف وبناء المباني المقاومة للفيضانات، واستعادة الحواجز الطبيعية مثل أشجار المانغروف، وحماية الأراضي الرطبة والشعاب المرجانية لامتصاص طاقة الأمواج والحد من تأثير العواصف.

وتعمل العديد من البلدان كذلك على تكثيف خططها للحد من مخاطر الكوارث وكذلك من خلال أنظمة الإنذار المبكر التي تدعمها الأمم المتحدة للتعامل مع الحوادث المتعلقة بارتفاع مستوى سطح البحر.

في بعض الحالات، قد يتم أيضا نقل المجتمعات من المناطق الساحلية المعرضة للخطر كجزء من تدابير التكيف، وهو النهج المعروف باسم الانسحاب المُدار.

كيف تساعد الأمم المتحدة؟

تتطلب مكافحة ارتفاع مستوى سطح البحر نهجا شاملا ومنسقا دوليا. والأمم المتحدة مجهزة بشكل فريد لقيادته.

سهلت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ اتفاق باريس للحد من الاحتباس الحراري العالمي وهو أمر ضروري للحد من مدى ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل.

كما تقدم الأمم المتحدة الدعم للدول الجزرية الصغيرة النامية وتعمل مع المجتمع الدولي لتقديم الدعم المالي وخاصة من خلال صندوق الخسائر والأضرار إلى البلدان الأكثر ضعفا ومساعدتها على التكيف مع تأثيرات تغير المناخ.

اضف تعليق