تؤثر تغيرات درجات حرارة المحيطات وظروف الغلاف الجوي في المحيط الهادئ -المعروفة باسم التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو (إي إن إس أوه)- في أنماط الطقس في جميع أنحاء العالم، ما يهدد الإمدادات الغذائية وينشر الأمراض ويؤثر في المجتمعات والنظم البيئية، وسعى العلماء لمعرفة ما إذا كانت إضافة غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي...
بقلم: نوار صبح
في دراسة جديدة نشرتها مؤخرًا مجلة "نيتشر ريفيوز إيرث أند إنفيرونمنت" البريطانية، قال العلماء المشاركون فيها إن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من المحتمل أن تجعل ظاهرتيْ النينيو والنينيا المناخيتيْن أكثر تواترًا وقسوة.
ويرى العلماء أن تلك الغازات قد أثرت في أنماط المناخ في المحيط الهادئ، ويمكن أن تؤدي إلى أحوال جوية أكثر قسوة، وتتسبب في الفيضانات وموجات الحَر، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المحتمل أن يكون الاحتباس الحراري قد أدى إلى اشتداد نمط المناخ في المحيط الهادئ منذ الستينيات، الذي أدى إلى موجات الجفاف الشديدة والفيضانات وموجات الحَر في جميع أنحاء العالم، وفقًا لدراسة جديدة، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية (The Guardian).
تؤثر تغيرات درجات حرارة المحيطات وظروف الغلاف الجوي في المحيط الهادئ -المعروفة باسم التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو (إي إن إس أوه)- في أنماط الطقس في جميع أنحاء العالم، ما يهدد الإمدادات الغذائية وينشر الأمراض ويؤثر في المجتمعات والنظم البيئية، وسعى العلماء لمعرفة ما إذا كانت إضافة غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي -التي تحبس كميات هائلة من الحرارة في المحيط- قد غيّرت التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ونظرًا إلى أن النظام البيئي يشهد تقلبات طبيعية تمتد إلى عقود من الزمن، وفي ظل الملاحظات الفعلية القليلة جدًا، فقد درس العلماء بدلًا من ذلك أكثر من 40 نموذجًا للمناخ، حُللت بعدة طرق، وقال كبير علماء الأبحاث لدى منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية الأسترالية (سي إس آي آر أوه)، المؤلف الرئيس للدراسة، الدكتور وينجو كاي، إن النماذج أظهرت "بصمة بشرية" من عام 1960 فصاعدًا، وأوضح أن تغير المناخ قد جعل ظاهرتيْ النينيو والنينيا المناخيتيْن "أكثر تكرارًا وقسوة".
أبدى بعض العلماء الآخرين غير المشاركين في الدراسة، التي استغرق إعدادها 5 سنوات، تحفظات على النتائج، ما أثار مخاوف بشأن الاعتماد على النماذج المناخية، وقال المؤلف الرئيس للدراسة، الدكتور وينجو كاي: إنها أظهرت "أننا نمر بمناخ مختلف تمامًا عن مناخ الماضي البعيد"، وستساعد العلماء على فهم كيف سيتغير التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو في المستقبل، "نظرًا إلى استمرار درجات حرارة سطح البحر في الارتفاع".
خلال أوقات النينيا، تكون درجات حرارة سطح البحر في المحيط الهادئ الاستوائي أكثر برودة من المتوسط طويل الأجل، ما يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة العالمية، بحسب ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية (The Guardian) في 18 مايو/أيار الجاري.
وخلال ظاهرة النينيو، فإن العكس بالعكس. وفي عالم يتسم بزيادة الاحترار العالمي، أظهرت النماذج المناخية أن درجات حرارة سطح البحر القاسية قد اشتدت بنحو 10% عندما قارنت الـ60 عامًا قبل عام 1960 بالأعوام الـ60 التي تليها.
وقال كبير الباحثين لدى الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (إن أوه إيه إيه)، التابعة للحكومة الأمريكية، المؤلف المشارك في الدراسة، الدكتور مايك ماكفادين، إن العلماء تجادلوا لمدة 30 عامًا بشأن مسألة ما إذا كان النشاط البشري يغيّر التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو، وأوضح أن "الأحداث الكبيرة هي الأكثر تأثيرًا، لذا على الرغم من أن نسبة 10% لا تبدو كبيرة، فإنها تُحدث أقوى تقلبات مناخية على هذا الكوكب وأكثرها صلة بالمجتمع"، وأضاف "من الناحية العملية، يُترجم هذا إلى موجات الجفاف والفيضانات وموجات الحَر وحرائق الغابات والعواصف الشديدة والمتكررة بصورة أكبر، تمامًا كما لاحظنا خلال السنوات الـ3 المتتالية الأخيرة لظاهرة النينيا، التي انتهت في مارس/آذار".
وأشار الدكتور ماكفادين إلى أن قدرة التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو على التأرجح بصورة طبيعية، عبر عقود حتى 150 عامًا من ملاحظات درجة حرارة سطح البحر، لم تكن كافية لاستنباط الفرق بين التغيرات التي يسببها الإنسان والتقلبات الطبيعية، وقال إن "الدراسة اعتمدت على أحدث النماذج المناخية التي واجهت قيودًا". ومع ذلك، فهي أفضل الأدوات المتاحة لنا لمعالجة هذه المشكلة".
من ناحيتها، قالت عالمة المناخ في جامعة نيو ساوث ويلز في كانبيرا، الدكتورة سارة كيركباتريك، التي لم تشارك في البحث، إنها كانت "قلقة بعض الشيء"، بسبب الاعتماد على النماذج المناخية، وأضافت: "إذا كنا سنعتمد فقط على الملاحظات، فسنحتاج إلى بيانات لمئات السنين كحد أدنى، وليس لدينا كل هذا الوقت للانتظار"، وقال الخبير في التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو بجامعة موناش في ملبورن، الدكتور شاين ماكغريغور، الذي لم يشارك في البحث، إنه "غير مقتنع بأن الدراسة أظهرت أن تغير المناخ الذي يسببه الإنسان كان له تأثير في ظاهرتيْ النينيو أو النينيا"، وأوضح: "هذا ممكن، لكن بالنسبة لي ما يزال هناك الكثير من علامات الاستفهام. لمجرد أن النماذج تتفق، فهذا لا يعني أنهم على صواب بشأن ما يحدث في العالم الحقيقي"، وأضاف أن البحث يقدّم "دليلًا يدعم فكرة أن ارتفاع درجة حرارة غازات الاحتباس الحراري ربما أثر في التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو"، إلّا أن هذا الدليل كان "موحيًا" وليس قاطعًا.
اضف تعليق