تكبدت الاقتصادات المتقدمة أكثر من 60% من مجمل الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث المرتبطة بالطقس والمناخ والمياه. ولكن في أكثر من أربعة أخماس الحالات، لم تصل الخسائر الناجمة عن هذه الكوارث إلى 0.1%من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات المعنية، ولم يُبلغ عن أي كوارث أسفرت عن خسائر اقتصادية...
وفقاً للأرقام الجديدة التي أصدرتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، أُبلغ بين عامَي 1970 و2021 عن وقوع 11778 كارثة من جراء الظواهر المتطرفة المرتبطة بالطقس والمناخ والمياه. وقد أودت هذه الكوارث بحياة أكثر من مليونَي شخص وأسفرت عن خسائر اقتصادية بقيمة 4.3 تريليون دولار أمريكي.
وعلى الرغم من ارتفاع الخسائر الاقتصادية إلى مستويات هائلة، فقد تراجعت الخسائر البشرية على مدى نصف القرن الماضي بفضل تحسين الإنذارات المبكرة وتنسيق إدارة الكوارث. غير أن أكثر من %90 من مجمل الوفيات المبلغ عنها في جميع أنحاء العالم كانت من نصيب البلدان النامية.
وتكبدّت الولايات المتحدة وحدها خسائر بقيمة 1.7 تريليون دولار أمريكي، وهو ما يمثل 39% من مجمل الخسائر الاقتصادية المسجلة في جميع أنحاء العالم على مدى 51 عاماً. ولكن تكلفة الخسائر التي تكبدتها أقل البلدان نمواً والدول الجزرية الصغيرة النامية كانت عالية جداً وغير متناسبة مع أحجام اقتصاداتها.
وأصدرت المنظمة (WMO) هذه الأرقام الجديدة قبيل المؤتمر العالمي للأرصاد الجوية الذي ينعقد مرة كل أربع سنوات. وسيُفتتح هذا المؤتمر في 22 أيار/ مايو بنقاش رفيع المستوى حول سُبُل تسريع وتوسيع نطاق الجهود الرامية إلى ضمان وصول خدمات الإنذار المبكر إلى كل شخص على وجه الأرض بحلول نهاية عام 2027.
وتندرج مبادرة الأمم المتحدة للإنذار المبكر للجميع في جملة الأولويات الاستراتيجية العليا التي سيقرّها المؤتمر العالمي للأرصاد الجوية، وهو الهيئة المقررة العليا في المنظمة (WMO). وسيفتتح الرئيس السويسري، آلان بيرسيه، الدورة الرفيعة المستوى للمؤتمر التي ستجمع كبار ممثلي وكالات الأمم المتحدة والمصارف الإنمائية والحكومات والمرافق الوطنية للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا، وهي الجهات المسؤولة عن إصدار الإنذارات المبكرة.
وفي هذا السياق، أشار الأمين العام للمنظمة (WMO)، البروفيسور بيتيري تالاس، إلى أن "المجتمعات الأكثر ضعفاً هي التي تتحمل، مع الأسف، وزر المخاطر المتصلة بالطقس والمناخ والمياه".
وأضاف قائلاً: "لعل العاصفة الإعصارية الشديدة للغاية "موكا" خير مثال على ذلك. فقد أدت هذه العاصفة إلى دمار هائل في ميانمار وبنغلاديش، مما ألحق ضرراً كبيراً بأفقر الفقراء. وكانت ميانمار وبنغلاديش قد تكبدتا في الماضي خسائر بشرية جسيمة تُقدّر بعشرات، بل بمئات الآلاف من الأرواح. ولكن لحسن الحظ، باتت معدلات الوفيات الكارثية هذه مجرد ذكريات أليمة من الماضي بفضل الإنذارات المبكرة وحسن إدارة الكوارث. فالإنذارات المبكرة تنقذ فعلاً الأرواح".
وجمعت المنظمة (WMO) هذه الأرقام في سياق تحديث أطلسها بشأن الوفيات والخسائر الاقتصادية الناجمة عن ظواهر الطقس والمناخ والماء المتطرفة، الذي كانت بياناته، المستقاة من قاعدة البيانات الدولية للكوارث (EM-DAT) التابعة لمركز أبحاث الأوبئة الناجمة عن الكوارث (CRED)، تقتصر بدايةً على فترة الخمسين عاماً الممتدة بين عامَي 1970 و2019.
وقد تبيّن من عدد الوفيات المسجل في عامَي 2020 و2021 (22608 حالات وفاة في المجموع) أن معدل الوفيات شهد تراجعاً إضافياً مقارنةً بالمعدل السنوي للعقد السابق، في حين أن الخسائر الاقتصادية، التي يرتبط معظمها بفئات العواصف، شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في المقابل.
الاستنتاجات الرئيسية:
تكبدت الاقتصادات المتقدمة أكثر من 60% من مجمل الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث المرتبطة بالطقس والمناخ والمياه. ولكن في أكثر من أربعة أخماس الحالات، لم تصل الخسائر الناجمة عن هذه الكوارث إلى 0.1%من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات المعنية، ولم يُبلغ عن أي كوارث أسفرت عن خسائر اقتصادية تجاوزت قيمتها 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
أما أقل البلدان نمواً، فتكبدت أضراراً تجاوزت قيمتها 5% من الناتج المحلي الإجمالي في 7% من الكوارث التي أبلغ عن تسببها في خسائر اقتصادية. وقد أسفر العديد من هذه الكوارث عن خسائر اقتصادية ناهزت قيمتها %30 من الناتج المحلي الإجمالي.
وتكبدت الدول الجزرية الصغيرة النامية أضراراً تجاوزت قيمتها %5 من الناتج المحلي الإجمالي في %20 من الكوارث التي أبلغ عن تسببها في خسائر اقتصادية. وقد أسفر بعضها عن خسائر اقتصادية فاقت قيمتها %100 من الناتج المحلي الإجمالي.
التوزيع الإقليمي
أفريقيا: أُبلغ عن وقوع 1839 كارثة في أفريقيا بين عامَي 1970 و2021 من جراء الظواهر المتطرفة المرتبطة بالطقس والمناخ والمياه. وأودت هذه الكوارث بحياة 733585 شخصاً وأسفرت عن خسائر اقتصادية بقيمة 43 مليار دولار أمريكي، وقد تسببت موجات الجفاف في 95% من الوفيات المبلغ عنها.
وكان الإعصار الاستوائي "إيداي" الذي ضرب أفريقيا في آذار/ مارس 2019 الكارثة الأعلى تكلفةً على القارة الأفريقية (2.1 مليار دولار أمريكي).
آسيا: أُبلغ عن وقوع 3612 كارثة في آسيا من جراء الظواهر المتطرفة المرتبطة بالطقس والمناخ والمياه، مما أسفر عن 984263 حالة وفاة وعن خسائر اقتصادية بقيمة 1.4 تريليون دولار أمريكي.
فقد سجلت آسيا، بين عامَي 1970 و2021، 47% من مجمل الوفيات المبلغ عنها في جميع أنحاء العالم، وكانت الأعاصير المدارية السبب الرئيسي لهذه الوفيات. ففي عام 2008، ضرب الإعصار المداري "نرجس" القارة الآسيوية وأدى إلى مقتل 138366 شخصاً. وسجلت بنغلاديش أعلى عدد من الوفيات في آسيا، إذ إنها شهدت 281 كارثة طبيعية أسفرت عن مقتل 520758 شخصاً.
أمريكا الجنوبية: أُبلغ عن وقوع 943 كارثة في أمريكا الجنوبية من جراء الظواهر المتطرفة المرتبطة بالطقس والمناخ والمياه، وقد مثلت الفيضانات 61% من هذه الكوارث التي أدت إلى مقتل 58484 شخصاً وتسببت في خسائر اقتصادية بقيمة 115.2 مليار دولار أمريكي.
أمريكا الشمالية وأمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي: أُبلغ عن وقوع 2107 كوارث من جراء ظواهر الطقس والمناخ والمياه، وعن وقوع 77454 حالة وفاة وخسائر اقتصادية بقيمة 2.0 تريليون دولار أمريكي.
فقد سجلت المنطقة بين عامَي 1970 و2021 ما يعادل %46 من الخسائر الاقتصادية المبلغ عنها في جميع أنحاء العالم. وتكبدت الولايات المتحدة وحدها خسائر بقيمة 1.7 تريليون دولار أمريكي، وهو ما يمثل 39% من الخسائر الاقتصادية المسجلة في جميع أنحاء العالم على مدى 51 عاماً. وتعزى معظم الخسائر الاقتصادية المبلغ عنها إلى الكوارث المرتبطة بالعواصف، وبالأخص الأعاصير المدارية.
جنوب غرب المحيط الهادئ: أُبلغ عن وقوع 1493 كارثة في جنوب غرب المحيط الهادئ من جراء الظواهر المتطرفة المرتبطة بالطقس والمناخ والمياه. وقد تسببت هذه الكوارث في مقتل 66951 شخصاً وأدت إلى خسائر اقتصادية بقيمة 185.8 مليار دولار أمريكي. وكانت الأعاصير المدارية السبب الرئيسي للوفيات.
أوروبا: وقعت في أوروبا 1784 كارثة أسفرت عن مقتل 166492 شخصاً وعن خسائر اقتصادية بقيمة 562.0 مليار دولار أمريكي.
فبين عامَي 1970 و2021، سجلت المنطقة %8 من الخسائر الاقتصادية المبلغ عنها في جميع أنحاء العالم.
وكانت درجات الحرارة القصوى السبب الرئيسي للوفيات المبلغ عنها، في حين كانت الفيضانات السبب الرئيسي للخسائر الاقتصادية المسجلة.
نظم الإنذار المبكر للجميع
يعتزم الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، ضمان حماية كل شخص على وجه الأرض من خلال أنظمة الإنذار المبكر بحلول نهاية عام 2027.
فقد أثبتت نظم الإنذار المبكر أنها آلية فعالة للتكيف مع تغير المناخ، وأنها تنقذ الأرواح وتحقق عائدات تفوق تكلفتها بعشرة أضعاف. ومع ذلك، فإن نظم الإنذار المبكر لا تتوافر حتى الآن إلا في نصف بلدان العالم، ولا تزال تغطيتها محدودة بشكل خاص في الدول الجزرية الصغيرة النامية وأقل البلدان نمواً والقارة الأفريقية.
وتحظى مبادرة الإنذار المبكر بتأييد واسع النطاق. وتقود المنظمة (WMO) تنفيذ هذه المبادرة، إلى جانب مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، والاتحاد الدولي للاتصالات، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وبدعم من أكثر من عشرين وكالة أخرى من وكالات الأمم المتحدة، ومجموعة واسعة ومتنوعة من أصحاب المصلحة، من المؤسسات المالية إلى القطاع الخاص.
وقد حُددت مجموعة أولى من ثلاثين بلداً لبدء تنفيذ المبادرة في عام 2023.
آثار تغير المناخ قد تتواصل لآلاف السنين
قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن تغير المناخ استمر في التقدم في عام 2022، فيما تواصلت تأثيراته الخطيرة على السكان في جميع أنحاء العالم من خلال الظواهر الجوية والمناخية المتطرفة.
وفي تقرير رئيسي صدر عن حالة المناخ العالمي، قالت المنظمة إن موجات الجفاف والفيضانات وموجات الحر أثرت على المجتمعات في جميع القارات ووصلت تكلفتها إلى مليارات الدولارات. هذا بالإضافة إلى انخفاض الجليد البحري في القطب الجنوبي إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، فيما حطمت وتيرة ذوبان بعض الأنهار الجليدية الأوروبية السجلات.
أظهر التقرير أن العالم شهد بين عامي 2015 و2022 الأعوام الثمانية الأكثر دفئاً على الإطلاق، على الرغم من التأثير المبرد لظاهرة النينيا على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وحذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أنه من ممكن لذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر - الذي وصل مجدداً إلى مستويات قياسية عام 2022 – أن يستمر لآلاف السنين.
وقال الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس: "بينما تستمر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الارتفاع ويستمر المناخ في التغير، لا يزال السكان في جميع أنحاء العالم يتأثرون بشكل خطير بالظواهر الجوية والمناخية المتطرفة. على سبيل المثال، عام 2022، أثر الجفاف المستمر في شرق أفريقيا، وهطول الأمطار المحطم للأرقام القياسية في باكستان، وموجات الحر التي حطمت الرقم القياسي في الصين وأوروبا، على عشرات الملايين، وأدى إلى انعدام الأمن الغذائي، وعزز الهجرة الجماعية، وأدى إلى خسائر وأضرار بمليارات الدولارات".
إلا أن السيد تالاس أشار إلى أن التعاون بين وكالات الأمم المتحدة أثبت أنه فعال للغاية في معالجة الآثار الإنسانية الناجمة عن الظواهر المناخية وأنماط الطقس القاسية، لا سيما في الحد من الوفيات والخسائر الاقتصادية المرتبطة بها.
بالإضافة إلى المؤشرات المناخية، يركز التقرير الجديد على التأثيرات. وقال إن ارتفاع معدلات نقص التغذية قد تفاقم بسبب الآثار المركبة لمخاطر الأرصاد الجوية المائية وجائحة كوفيد-19، فضلاً عن النزاعات وأعمال العنف التي طال أمدها.
ووجد التقرير أيضاً أن الظواهر المناخية الخطرة وحالات الطقس القاسية أدت إلى نزوح سكاني جديد وفاقمت الظروف للكثيرين من 95 مليون شخص كانوا يعيشون بالفعل في حالة نزوح منذ بداية العام.
وتعكس النتائج الرئيسية التي توصل إليها التقرير رسالة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والتي دعا فيها إلى تسريع العمل المناخي وتخفيض أعمق وأسرع للانبعاثات للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية، بما يتماشى مع اتـفاق باريس للمناخ.
وفي هذا الصدد، قال السيد غوتيريش في رسالته: "لدينا الأدوات والمعرفة والحلول. لكن يجب أن نسرع الوتيرة".
سلط الأمين العام للأمم المتحدة الضوء على الحاجة إلى زيادة الاستثمارات على نطاق واسع في التكيف والقدرة على الصمود، "خاصة بالنسبة للبلدان والمجتمعات الأكثر ضعفاً التي لم تفعل شيئا يذكر للتسبب في أزمة [المناخ]".
مستويات قياسية جديدة لدرجات الحرارة
وفقاً لتحديث مناخي جديد أصدرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، من المرجح أن ترتفع درجات الحرارة العالمية في السنوات الخمس المقبلة، بفعل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وظاهرة النينيو الطبيعية، لتصل إلى مستويات قياسية.
ومن المحتمل، بنسبة 66 في المائة، أن يتجاوز المتوسط السنوي لدرجات الحرارة العالمية بالقرب من سطح الأرض مستويات ما قبل العصر الصناعي بمقدار 1.5 درجة مئوية، وذلك في عام واحد على الأقل من الفترة 2023-2027. ومن المحتمل، بنسبة 98 في المائة، أن تكون سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة وفترة السنوات الخمس هذه بالإجمال، الأكثر حرّاً في التاريخ.
وقد أوضح الأمين العام للمنظمة (WMO)، البروفيسور بيتيري تالاس، أن "هذا التقرير لا يعني أننا سنتجاوز على نحو دائم عتبة 1.5 درجة مئوية المحددة في اتفاق باريس والتي تشير إلى احترار على المدى البعيد ولسنوات عديدة. إلا أن المنظمة (WMO) تدق ناقوس الخطر للإنذار بأن العالم سيتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية على نحو مؤقت، ولكن بوتيرة متزايدة".
وأضاف قائلاً: "من المتوقع أن تبدأ ظاهرة النينيو في الأشهر المقبلة وأن تؤدي، مقترنةً بتغيّر المناخ البشري المنشأ، إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية غير مسبوقة. وسيكون لهذا الارتفاع عواقب جسيمة على صعيد الصحة والأمن الغذائي وإدارة المياه والبيئة. ولذا، علينا أن نكون على أهبة الاستعداد".
ووفقاً لتحديث التنبؤات المناخية العالمية السنوية إلى العقدية، الذي أعده مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة (Met Office)، وهو المركز الرئيسي للمنظمة (WMO) فيما يخص هذا النوع التنبؤات، ثمة احتمال بنسبة 32 في المائة فقط، أن يتخطى متوسط فترة السنوات الخمس المقبلة عتبة 1.5 درجة مئوية.
ولكن احتمال تخطي هذه العتبة على نحو مؤقت يتزايد باطراد منذ عام 2015. فآنذاك، كان هذا الاحتمال شبه معدوم، ثم ارتفعت نسبته في الفترة 2021-2017 لتصل إلى 10 في المائة.
ويشير الدكتور Leon Hermanson، العالم الخبير في مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة الذي أشرف على إعداد هذا التقرير، إلى أن "من المتوقع أن يواصل متوسط الحرارة العالمية ارتفاعه، مما سيبعدنا أكثر فأكثر عن المناخ الذي عرفناه في الماضي".
المعلومات الرئيسية
كان متوسط الحرارة العالمية لعام 2022 أعلى من متوسط الفترة 1900-1850 بمقدار 1.15 درجة مئوية. فقد أتاح الأثر التبريدي لظاهرة النينيا التي سيطرت على الجزء الأعظم من السنوات الثلاث الماضية، كبحَ النزعة التصاعدية الطويلة الأجل للاحترار العالمي على نحو مؤقت. ولكن مرحلة النينيا انتهت في آذار/ مارس 2023 ومن المتوقع أن تحل محلها في الأشهر المقبلة مرحلة النينيو. وتقترن عادةً ظاهرة النينيو بارتفاع في درجات الحرارة العالمية في العام التالي لبدئها، وهو عام 2024 في هذه الحالة.
من المتوقع أن يكون المتوسط السنوي لدرجات الحرارة العالمية بالقرب من سطح الأرض، في كل سنة من السنوات 2023-2027، أعلى من متوسط الفترة 1900-1850 بما يقع بين 1.1 و1.8 درجة مئوية. وتُستخدم الفترة 1900-1850على أنها فترة مرجعية لأنها سابقة لبدء انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن الأنشطة البشرية والصناعية.
من المحتمل، بنسبة 98 في المائة، أن يُحطَّم في سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة الرقمَ القياسي لدرجات الحرارة المسجل في عام 2016، وهو عامٌ شهد ظاهرة استثنائية القوة من ظواهر النينيو.
من المحتمل، بنسبة 98 في المائة أيضاً، أن يتجاوز متوسط فترة السنوات الخمس الممتدة بين عامَي 2023 و2027، متوسطَ فترة السنوات الخمس السابقة.
يشهد القطب الشمالي احتراراً بمعدلات غير متناسبة. فمقارنةً بمعدل الفترة 2020-1991، من المتوقع أن تسجل المنطقة القطبية الشمالية معدل شذوذ في درجات الحرارة يفوق المعدل العالمي بأكثر من ثلاثة أضعاف إذا شملنا فصول الشتاء المطولة الخمسة المقبلة في نصف الكرة الشمالي.
تشير أنماط الهطول المتوقعة في المتوسط للفترة الممتدة بين أيار/ مايو وأيلول/ سبتمبر من الأعوام 2023-2027، مقارنةً بمتوسط الفترة 2020-1991، إلى أن معدلات هطول الأمطار سترتفع في الساحل وشمالي أوروبا وألاسكا وشمال سيبيريا، وستنخفض في الأمازون وفي أجزاء من أستراليا.
اتفاق باريس
لا تؤدي غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن الأنشطة البشرية إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية فحسب، إنما تزيد أيضاً من حرارة المحيطات وتحمضّها، وذوبان الجليد البحري والأنهار الجليدية، وارتفاع مستوى سطح البحر، وظواهر الطقس المتطرفة.
ويحدد اتفاق باريس غايات طويلة الأمد ترمي إلى إرشاد جميع البلدان في سعيها إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية على نحو ملموس من أجل قصر زيادة درجة الحرارة العالمية على درجتين مئويتين في خلال هذا القرن، مع مواصلة السعي إلى خفضها حتى تقتصر على 1.5 درجة مئوية، وذلك لتحاشي أو لتقليص ما يترتب على هذه الزيادة من عواقب وخيمة وما يرتبط بها من خسائر وأضرار.
وتشير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) إلى أن المخاطر المناخية التي تهدد النظم الطبيعية والبشرية ستكون أشد مما هي عليه اليوم في حال بلوغ الاحترار العالمي 1.5 درجة مئوية، ولكنها ستشد أكثر بعد إذا ما وصل الاحترار العالمي إلى درجتين مئويتين.
وصدر هذا التقرير الجديد قُبيل انعقاد المؤتمر العالمي للأرصاد الجوية (من 22 أيار/ مايو إلى 2 حزيران/ يونيو) الذي سيناقش سُبُل تعزيز خدمات الطقس والمناخ لدعم إجراءات التكيّف مع تغيّر المناخ. وتشمل البنود ذات الأولوية التي ستُناقش خلال هذا المؤتمر: مبادرة الإنذار المبكر للجميع، وهي مبادرة جارية ترمي إلى ضمان حماية جميع الأفراد من ظواهر الطقس المتزايدة التطرف، ومبادرة "البنية التحتية الجديدة لمراقبة غازات الاحتباس الحراري" التي ترمي إلى إرشاد الإجراءات الرامية إلى التخفيف من آثار تغيّر المناخ.
اضف تعليق