تزايد الاهتمام في السنوات الأخيرة بفكرة عبوات التغليف القابلة لإعادة الاستعمال بصفتها أحد الحلول لمواجهة التلوث خفض الانبعاثات عالميًا، يأتي ذلك مع تزايد دور الاقتصاد الدائري وطرح مفهوم إعادة التدوير بصفته أحد الحلول الرئيسة للحدّ من آثار تغير المناخ، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة...
تزايد الاهتمام في السنوات الأخيرة بفكرة عبوات التغليف القابلة لإعادة الاستعمال بصفتها أحد الحلول لمواجهة التلوث خفض الانبعاثات عالميًا، يأتي ذلك مع تزايد دور الاقتصاد الدائري وطرح مفهوم إعادة التدوير بصفته أحد الحلول الرئيسة للحدّ من آثار تغير المناخ، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ومفهوم عبوات التغليف القابلة لإعادة الاستعمال ليس جديدًا، فعلى مدار القرن الماضي، وُضِعت أنظمة إعادة الاستعمال عبوات السلع مثل الحليب، ولكن اليوم، نظرًا لأن الصناعات في جميع أنحاء العالم تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون استجابةً للأهداف المناخية، اكتسبت هذه الصناعة اهتمامًا كبيرًا.
وعلى الرغم من الاهتمام المتزايد بهذه العبوات، فإن العديد من التجارب في المرحلة التجريبية غير قادر على التوسع، في ظل وجود العديد من العوامل المقيدة ضمن سلسلة القيمة الحالية للتغليف، والتي ترتبط أساسًا بنقص البنية التحتية، والدوافع التنظيمية للتخفيضات في التغليف الكلي، وسلامة المنتج، والتكلفة.
تحركات أوروبية
نشرت شركة الاستشارات العالمية وود ماكنزي دراسة حديثة تحت عنوان "التأثير المحتمل للتغليف القابل لإعادة الاستعمال"، في الوقت الذي يناقش فيه البرلمان الأوروبي مسودة تشريعات تقدّم لأول مرة أهدافًا إلزامية لإعادة الاستعمال للتغليف، مثل زجاجات المشروبات وصناديق الورق والطرود.
وتسعى المسودة إلى إلزام شركات التسوق والتجارة الإلكترونية بتقديم 10% من منتجاتها للمستهلكين في طرود قابلة لإعادة الاستعمال بحلول عام 2030 و50% بحلول عام 2040، حسبما أشار اقتراح المفوضية الأوروبية.
وتعمل المفوضية الأوروبية على خطط تاريخية لإدخال أهداف جديدة تهدف إلى تقليل نفايات التعبئة والتسوق، وتنفيذ أنظمة عبوات التغليف القابلة لإعادة الاستعمال، وتعزيز استعمال المواد المعاد تدويرها عبر جميع أشكال التعبئة والتغليف.
ينتج كل أوروبي ما يقرب من 180 كغم من نفايات التعبئة والتغليف سنويًا، ودون اتخاذ إجراء من المتوقع أن يرتفع الحجم بنسبة 19% بحلول عام 2030، وزيادة بنسبة 46% في نفايات التغليف البلاستيكية.
وبحلول عام 2030، يتوقع الاتحاد الأوروبي أن تؤدي الإجراءات المقترحة إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من التعبئة إلى 43 مليون طن مقارنة بـ 66 مليونًا، إذا لم يُغَيَّر التشريع.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن ينخفض استعمال المياه بمقدار 1.1 مليون متر مكعب، ومن المتوقع أن تنخفض التكاليف من حيث الأضرار البيئية التي تلحق بالاقتصادات والمجتمعات بمقدار 6.4 مليار يورو (7 مليارات دولار)، مقارنة بخط الأساس لعام 2030.
تحديات التحول للعبوات القابلة لإعادة الاستعمال
وفقًا للدراسة، قد يؤدي إدخال العبوات البلاستيكية القابلة لإعادة الاستعمال في التجارة الإلكترونية إلى تضخّم التكاليف بنسبة من 50 إلى 200%، مقارنة بعبوات التسوق التقليدية من الكرتون، في بلد مثل ألمانيا.
ولتقييم تأثير الانتقال إلى عبوات التغليف القابلة لإعادة الاستعمال، نموذجًا للتحول من أكياس وصناديق البريد الورقية المبطنة إلى أكياس أو علب بريدية بلاستيكية واقية باستعمال مادة البولي بروبلين، والتي يمكن إعادة تدويرها، بيّنت الدراسة أن هناك حاجة لزيادة كبيرة في النقل بسبب عمليات التعبئة والتغليف القابل لإعادة الاستعمال في مراكز الخدمات اللوجستية التابعة أو مراكز التوزيع.
وعلاوة على التكاليف الإضافية التي قد يتكبدها هذا الأمر، من المتوقع أن يؤدي التحول إلى البلاستيك القابل لإعادة الاستعمال إلى زيادة متزامنة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 10-40%.
زيادة التكاليف وأضرار بيئية
توصلت الدراسة إلى استنتاجات مماثلة في سيناريو حالة الاستعمال الثاني الذي يبحث في خدمات الطعام الجاهزة في بلجيكا، إذ تُقدَّر تكلفة التحول إلى البلاستيك القابل لإعادة الاستعمال بنحو الضعف مقارنةً بالأكواب الورقية والأغلفة ذات الاستعمال الفردي، مع توقّع زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 150%.
وحذّرت من أن تكاليف التعبئة الإضافية هذه "من المحتمل أن تنتقل إلى المستهلكين، مما يجعل تناولها أكثر تكلفة"، مرددةً استنتاجات دراسة سابقة أجرتها ماكدونالدز، حذّرت فيها من أن قانون التغليف في الاتحاد الأوروبي سوف يتسبب في زيادة البلاستيك.
أفادت دراسة بتكليف من ماكدونالدز أن التحول من العبوات القابلة لإعادة التدوير ذات الاستعمال الفردي إلى المواد القابلة لإعادة الاستعمال في قطاع تناول الطعام غير الرسمي يمكن أن يكون لها آثار ضارة في البيئة والاقتصاد وسلامة الغذاء.
حلول إعادة الاستعمال
أثارت المتطلبات التنظيمية بشأن استدامة التغليف والطلب من المستهلكين اهتمامًا متجددًا بحلول إعادة الاستعمال عبر سلسلة قيمة التعبئة، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق زيادة قابلية إعادة استعمال هذه الحزم وزيادة عدد دورات الاستعمال.
وعرضت الدراسة 3 أبعاد وحلول لإعادة الاستعمال:
التأثير الاقتصادي لحلول إعادة الاستعمال مقابل البدائل (على سبيل المثال، حساب العبوة نفسها، والمناولة، وتكاليف الخدمات اللوجستية)
التأثير البيئي (أي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون) لمواد الحلول القابلة لإعادة الاستعمال ونظام إعادة الاستعمال الفعلي (أي الانبعاثات الناتجة عن إنتاج العناصر، وكذلك الانبعاثات الناتجة عن الدوران)
الآثار المجتمعية لأصحاب المصلحة (مثل منتجي العبوات ذات الاستعمال الفردي ومشغّلي التعبئة والتغليف القابلة لإعادة الاستعمال والتجّار والمستهلكين) الناتجة عن إدخال أنظمة إعادة الاستعمال.
في ضوء هذه الأبعاد، ركّزت سيناريوهات حالة استعمال عبوات التغليف القابلة لإعادة الاستعمال على البدائل الحالية في أوروبا، بما في ذلك تأثيرات دورات الاستعمال وإجمالي دورات حياة المنتج.
اضف تعليق