ارتفاع حرارة الأرض ولو بمقدار درجتين مئويتين فقط من شأنه أن يعرّض الكوكب إلى مخاطر لم يشهد مثيلا لها منذ العصر الجليدي. فرضية تزايد الانبعاثات والنمو السكاني بنسبة تتراوح بين المتوسطة والمرتفعة، إلى أن ملياري شخص قد يعيشون بحلول العام 2070 في مناطق متوسط الحرارة فيها 29 درجة...
على مدى آلاف السنوات، تنبّأ كثيرون بنهاية العالم. لكن في ظل المخاطر الناجمة عن حرب نووية والتغير المناخي، هل بات الكوكب بحاجة للبدء على الأقل بالتفكير في السيناريو الأكثر سوداوية؟
في مطلع 2022 لم يتوقّع كثر أن يتطرّق الرئيس الأميركي خلال العام إلى خطر نهاية العالم على خلفية تهديدات أطلقتها روسيا باستخدام الأسلحة النووية في غزوها أوكرانيا.
ففي تشرين الأول/أكتوبر قال بايدن "لم نواجه احتمال نهاية العالم منذ (عهد) كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية" في العام 1962.
وفي العام الذي بلغ فيه عدد سكان العالم ثمانية مليارات نسمة، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن كوكب الأرض يسلك "الطريق السريع إلى جحيم مناخي".
وفي ظواهر قصوى نُسبت على نطاق واسع إلى التغيّر المناخي، غمرت مياه الفيضانات ثلث أراضي باكستان، وقضى الجفاف على المحاصيل في منطقة القرن الإفريقي، وسط إخفاق عالمي في تحقيق هدف حصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية.
أكبر خطر لاندلاع حرب نووية
في تقرير سنوي، حذّرت مؤسسة التحديات العالمية، وهي مجموعة سويدية تجري تقييما للمخاطر الكارثية، من أن خطر استخدام أسلحة نووية هو الأكبر منذ العام 1945 حين دمّرت الولايات المتحدة مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في الضربتين الذريتين الوحيدتين في التاريخ.
وحذرت المؤسسة في تقريرها من أن حربا نووية شاملة وبالإضافة إلى ما سينجم عنها من خسائر بشرية، من شأنها أن تطلق سحبا من الغبار تحجب الشمس وتقلّص القدرة على زراعة الأغذية وتؤدي إلى "فترة من الفوضى والعنف، غالبية الناجين سيموتون من الجوع خلالها".
وقالت المحاضِرة في جامعة شيكاغو كينيت بينيدكت التي قادت فريق معدي القسم النووي للتقرير، إن المخاطر أكبر مما كانت عليه أثناء أزمة الصواريخ الكوبية، إذ يبدو مستشارو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقل قدرة على لجمه.
في حين أن أي ضربة نووية روسية ستشمل على الأرجح أسلحة "تكتيكية" صغيرة، يخشى خبراء تصعيدا سريعا إذا ردت الولايات المتحدة.
وشدّدت بينيدكت وهي كبيرة مستشاري "مجلة علماء الذرة" من أن الأمور ستسلك "في هذه الحال منحى مختلفا تماما".
وستنشر المجلة في كانون الثاني/يناير أحدث تقييم لها لـ"ساعة نهاية العالم" المضبوطة منذ العام 2021 عند مئة ثانية قبل منتصف الليل (منتصف الليل في هذه الساعة يرمز إلى نهاية العالم، فيما ترمز الثواني المئة إلى خطر اقتراب نهاية العالم).
في خضم التركيز على أوكرانيا، تعتقد الاستخبارات الأمريكية أن كوريا الشمالية مستعدة لإجراء تجربة نووية سابعة، وسبق أن أعلن بايدن فعليا تلاشي احتمالات الاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، وسط توترات بين الهند وباكستان لا تزال قائمة.
ووجّهت بينيدكت انتقادا لمراجعة إدارة بايدن موقفها في الملف النووي واحتفاظها بحق الولايات المتحدة في استخدام الأسلحة النووية في "ظروف قصوى".
وقالت "أعتقد أن هناك نوعا من التآكل المطّرد في القدرة على إدارة الأسلحة النووية".
أسوأ مخاطر المناخ
قبيل المحادثات التي أجريت في مصر اعتبر خبراء الأمم المتحدة أن العالم يتجّه نحو احترار يتراوح بين 2,1 و2,9 درجة مئوية، لكن خبراء من خارج الهيئة الأممية يحذّرون من أن الرقم أعلى بكثير، مع تسجيل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العام 2021 رقما قياسيا جديدا على الرغم من الجهود المبذولة للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
وحذّر لوكي كيمب خبير المخاطر الوجودية في جامعة كامبريدج من أن احتمال ارتفاع درجات الحرارة لا يلقى الانتباه اللازم، محمّلا المسؤولية في ذلك إلى مبدأ الإجماع في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة وتخوّف العلماء من أن يلصق بهم توصيف مثيري القلق.
وشدد كيمب على وجوب إجراء تقييم أكثر تعمّقا "لكيفية تعاقب المخاطر حول العالم".
من شأن التغير المناخي أن يسبب آثارا مضاعفة على الأغذية، مع تراجع محاصيل القمح والحبوب في مناطق عدة كانت سابقا غنية بها، ما يزيد من مخاطر المجاعة وبالتالي الاضطرابات السياسية والنزاعات.
وشدّد كيمب على وجوب عدم الاستقراء من عام واحد أو حدث أوحد. لكن دراسة شارك في إعدادها حذّرت من أن ارتفاع حرارة الأرض ولو بمقدار درجتين مئويتين فقط من شأنه أن يعرّض الكوكب إلى مخاطر لم يشهد مثيلا لها منذ العصر الجليدي.
وخلصت الدراسة التي استندت إلى فرضية تزايد الانبعاثات والنمو السكاني بنسبة تتراوح بين المتوسطة والمرتفعة، إلى أن ملياري شخص قد يعيشون بحلول العام 2070 في مناطق متوسط الحرارة فيها 29 درجة مئوية، ما يزيد الضغوط على الموارد المائية، بما في ذلك بين الهند وباكستان.
حالات تدعو للتفاؤل
لكن العام لم يكن سوداويا بالكامل. ففي حين تشهد الصين في نهاية 2022 طفرة في وفيات كوفيد-19، ساعدت اللقاحات كثيرا من دول العالم على طي صفحة الفيروس الذي تسبب بحسب تقديرات أصدرتها منظمة الصحة العالمية في أيار/مايو بوفاة 14,9 مليون شخص في العامين 2020 و2021.
وفي تطوّر فاجأ المراقبين، تم التوصّل في مؤتمر حول التنوّع البيولوجي ترأسته الصين واستضافته مونتريال في كانون الأول/ديسمبر إلى اتفاق نص على حماية 30 بالمئة من أراضي وبحار العالم.
وسبق أن شهد العالم تحذيرات من حدوث السيناريو الأسوأ، من توقع توماس مالتوس في القرن الثامن عشر أن إنتاج الغذاء لن يواكب النمو السكاني، إلى كتاب "القنبلة السكانية" أكثر الكتب مبيعا في الولايات المتحدة عام 1968.
وأحد أبرز المنتقدين الحاليين للتشاؤم هو الأستاذ في جامعة هارفارد ستيفن بينكر الذي يشدد على أن العنف تراجع بشكل كبير في العصر الحديث.
وفي تصريحات أدلى بها بعد غزو أوكرانيا، أقر بينكر بأن بوتين أعاد إطلاق الحروب بين الدول. لكنّه شدد على أن فشل الغزو يمكن أن يعزز الاتجاهات الإيجابية.
وأقر بايدن في كلمة وجّهها إلى الأميركيين بمناسبة عيد الميلاد بأن الأوقات عصيبة، لكنه أشار إلى تراجع كوفيد ومعدّلات التوظيف الإيجابية.
وقال بايدن "نحن بالتأكيد نحرز تقدما. الأمور تتحسن".
دوامة التدمير الذاتي
وسيتأثر العالم أيضا خلال العشرية المقبلة بتطور الذكاء الاصطناعي، وشبكات الجيل الخامس، وإنترنت الأشياء، والواقع الافتراضي الذي سيغزو مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما سينعكس على الحياة اليومية للبشر على جميع الأصعدة.
رسم تقرير التقييم العالمي “غار 2022” (GAR2022 ) الصادر عن مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، صورة قاتمة للوضع المناخي العالمي بعد 2030، بسبب الجفاف ودرجات الحرارة القصوى والفيضانات المدمرة.
ويتوقع التقرير الأممي أن يواجه العالم بحلول سنة 2030 نحو 560 كارثة كل سنة، أي بمعدل كارثة ونصف كل يوم، وذلك في مقابل ما بين 350 و500 كارثة يتراوح حجمها بين متوسط وكبير وقعت كل عام على مدى العقدين الماضيين. وأرجع التقييم العالمي أسباب هذا الوضع إلى عدم تحرك الدول والحكومات لاتخاذ قرارات حاسمة تتعلق بالسياسة والتمويل والتنمية لكبح التغيرات المناخية، مع استمرار الاستهانة بمخاطر هذا الوضع، و”التفاؤل الزائد وإساءة التقدير”، مما قد يعرض مزيدا من الناس للخطر في المستقبل.
تعاني البلدان النامية من التداعيات الاقتصادية للكوارث المناخية أكثر من غيرها، إذ تكلفها في المتوسط 1% من إجمالي ناتجها المحلي السنوي، وقد تصل هذه التكلفة إلى 1.6% في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مقابل نسبة تتراوح بين 0.1 و0.3% في البلدان المتقدمة. ويرتقب نتيجة لهذا الوضع أن يعيش 37.6 مليون شخص إضافي في ظروف الفقر المدقع بحلول عام 2030.
وسيكون بذلك القضاء على الفقر -الذي حددته الأمم المتحدة ضمن أهدافها للتنمية المستدامة- مستحيلا في موعده المحدد، علما بأن الفقر يكرس الهشاشة وينعكس بالتالي على باقي الأهداف المرجوة من أجل ضمان الرفاهية للبشرية، وشكلت التغيرات المناخية وجائحة كوفيد19 والحرب في شرق أوروبا، أبرز التحديات التي ستحول دون تحقيق الأهداف المطلوبة.
المجاعات والإجهاد مائي
دفعت الجائحة في 2020 بنحو 100 مليون شخص إضافي إلى الفقر المدقع، وأحدثت تدابير الإغلاق العام تباطؤا كبيرا في النشاط الاقتصادي العالمي، وحرمت ملايين الأفراد من الدخل، والأطفال من التعليم، وهو ما أسفر عن ندوب اقتصادية طويلة المدى. وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتدخل العالم في دوامة أزمات متتالية مرتبطة أساسا بالطاقة والغذاء والتمويل، وجعلت من وقف نزيف الفقر أولوية للمجتمع الدولي عوض القضاء عليه نهائيا في أفق 2030.
وتهدد هذه الأزمة في شرق أوروبا بدفع ما يصل إلى 1.7 مليار شخص -أي أكثر من خُمس البشرية- إلى الفقر والعوز والجوع.
ودقت الأمم المتحدة منذ سنوات ناقوس الخطر بخصوص أزمة المياه في العالم، وصنفتها ضمن الكوارث العالمية والتهديدات ذات الآثار الوخيمة على المجتمعات. فجل التقارير الأممية الصادرة منذ دخول الألفية الجديدة أجمعت على أن شح المياه سيشكل أخطر تحدّ أمام البشرية في العشرية المقبلة، وسيعرقل كل جهود التنمية والقضاء على الفقر والجوع في العالم.
تقول منظمة “يونسكو” إن نحو ملياري شخص يعانون حاليا من صعوبة الوصول إلى الماء، وهذا الوضع قد يتعقد في المستقبل القريب، وتتوقع المنظمة أن يصل حجم النقص في المياه إلى 40% سنة 2030 إذا بقي الوضع على حاله، خصوصا في ظل النمو السكاني المطرد، والاستغلال المفرط للمياه الجوفية، وعدم انتظام تساقط المطر، وارتفاع درجات الحرارة. فكل درجة من الارتفاع في حرارة الكوكب تُفقد 7% من سكان الأرض 20% من مواردهم من المياه المتجددة.
وتتمركز جل الدول المهددة بأزمة المياه في أفريقيا وآسيا، ومن بينها الدول العربية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط التي بلغت حدودها القصوى في استنفاد مواردها المائية. وتعاني هذه الدول من ضغط مرتفع على مياهها الجوفية خصوصا من أجل احتياجات الفلاحة والصناعة والخدمات الحضرية. وبحلول سنة 2050، قد تمس أزمة الماء 5 مليارات نسمة بحسب تقديرات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
الروبوتات تستحوذ على ملايين الوظائف
يتسبب التطور التكنولوجي الذي شهده العالم -خصوصا مع بداية الألفية الجديدة- في تقليص الاعتماد على البشر في عدة قطاعات، خصوصا منها الصناعية، حيث أصبحت “الروبوتات” تقوم بمهام أساسية. لكن هذه الآلات الذكية تطمح إلى غزو مجالات جديدة؛ خدماتية بالأساس. حتى إننا أصبحنا نسمع اليوم بالسائق الآلي، وروبوتات النظافة، والروبوت الأستاذ، والمذيع الآلي وغيرها.
وتتوقع دراسة أعدتها المجموعة الاستشارية “أكسفورد إيكونوميكس”، أن تستحوذ الروبوتات على نحو 20 مليون وظيفة في أنحاء العالم بحلول عام 2030، مما قد يخلف نوعا من عدم المساواة الاجتماعية بسبب تعويضها لملايين الوظائف، رغم أثرها الإيجابي على المردودية والاقتصاد.
كما يُرتقب كذلك أن يزيد حجم الإنفاق العالمي على صناعة “الروبوتات” بشكل كبير خلال السنوات القادمة. وتشير تقديرات كشفت عنها منصة “فيوتشر ليرن” (future learn) أن يصل حجم هذا الإنفاق إلى 260 مليار دولار بحلول سنة 2030.
بالإضافة إلى الثورة التي ستحدثها الروبوتات، يبدو أن بعض المهن لن تنتظر وصول العام 2030 لتصبح من الماضي بعد تراجع الطلب عليها وعلى خدماتها بسبب التطور التكنولوجي الحالي. ومن بين القطاعات المهددة بالاختفاء قريبا، قطاع المطابع والصحف الورقية ودور النشر، بعد أن أصبح التوجه اليوم هو قراءة الأخبار والحصول على المعلومات من شاشات الهواتف الذكية والحواسيب المحمولة وغيرها.
كما أصبحت وكالات السفر والسياحة مهددة بالزوال أمام التطور الكبير لمواقع الإنترنت والتطبيقات التي تمكن المسافر من تنظيم رحلته بسرعة، ومقارنة الأسعار بسهولة. وحتى القطاع البنكي سيستغني عن مزيد من موظفي المكاتب والمحاسبين بفضل تطور التطبيقات البنكية التي تمكن من إجراء جل المعاملات عبر الإنترنت دون التنقل إلى الوكالات.
ولهذا الجانب المتعلق بالتطور التكنولوجي في المقابل جانب مشرق، فدخول الآلات والخوارزميات إلى سوق العمل سيسهم في خلق نحو 133 مليون وظيفة تهم بالأساس تطوير وإدارة نظم تكنولوجيا المعلومات، وتصنيع الأجهزة الحديثة، وإنشاء التطبيقات الإلكترونية، وهو ما سيعوض كثيرا من الوظائف التقليدية التي سيتم الاستغناء عنها خلال الأعوام الخمسة المقبلة، والتي قدرها باحثون بـ75 مليون وظيفة.
لا يخفي الباحثون وعلماء الاجتماع والمستقبليات قلقهم من المتاهة التي قد تدخل فيها البشرية مجددا بسبب العوالم الافتراضية الجديدة، وحدود انعكاساتها المحتملة على الصحية النفسية للأفراد، وتهديدها للحريات الفردية، والأمن المجتمعي عموما. فالقوانين والأنظمة الحالية التي تؤطر علاقات الأفراد فيما بينهم، مطالَبة بمسايرة هذه التغير التكنولوجي السريع كي تصبح قادرة على حماية الأسس التي بنيت على المجتمعات، وتضمن الحد الأدنى على الأقل من الخصوصية، وتراعي الثقافات المختلفة، دون أن تنصهر في توجه واحد داخل ما أصبح يعرف بـ”العالم القرية”.
لكن الأكيد أن البشرية مطالبة بإنقاذ نفسها من الدمار الذي يتهددها، فالأرض شهدت في المئة سنة الماضية تحولات كبيرة جدا، ونموا ديمغرافيا سريعا، قد يفشل الكوكب الأزرق في تحمله، خصوصا مع الاستنزاف المتواصل للموارد الطبيعية، وزيادة الاستهلاك على جميع الأصعدة.
ولن يستطيع التقدم التكنولوجي في أي حال من الأحوال درء هذا الخطر المحدق بنا، حتى لو استوطن الفضاء وغزا المريخ.
انقراض جماعي
وحذرت دراسة جديدة من أن الأرض ستواجه "انقراضا جماعيا" بحلول عام 2100، يمكن أن يقضي على أكثر من ربع الكائنات الحية في العالم.
وطور علماء أستراليون وأوروبيون "أرضا افتراضية" لمحاكاة الانقراضات العالمية التي ستحدث بفعل تغير المناخ، خلال هذا القرن.
وتشير النتائج إلى فقدان 10 في المائة من جميع الأنواع النباتية والحيوانية بحلول عام 2050. وترتفع النسبة إلى 27 في المائة بحلول نهاية هذا القرن.
وألقى العلماء باللوم على "الاستغلال المفرط للموارد، وتغير استخدام الأراضي، والإفراط في الحصاد، والتلوث، وتغير المناخ، والغزوات البيولوجية"، حسب ما ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وقاد الدراسة عالم المفوضية الأوروبية جيوفاني سترونا، والبروفيسور كوري برادشو من جامعة فليندرز الأسترالية.
ومنذ تكوينها قبل حوالي 4.5 مليار سنة، تعرضت الأرض لخمسة انقراضات جماعية، حيث تم القضاء على حوالي 75% من حياة الكوكب على مدى 2.8 مليون سنة، وهو مجرد طرفة عين على نطاق كوني. وأشهر أحداث الانقراض هذه هو كويكب Chicxulub العملاق الذي قضى على الديناصورات قبل 66 مليون عام. وكان الدمار الذي تسبب فيه الكويكب تاريخيا، حيث تم القضاء على 76% من الأنواع في العالم بسبب اصطدامه وتأثيراته اللاحقة.
ولطالما حذر العلماء من أن الأرض قد تكون بالفعل في سادس حدث انقراض جماعي لها، حيث يتسبب تغير المناخ من صنع الإنسان في تعريض مليارات الأنواع للانقراض.
وفي دراسة جديدة حول الانقراض الجماعي السادس بعنوان "العلاقة بين حجم الانقراض وتغير المناخ أثناء أزمات الحيوانات البحرية والبرية الكبرى"، قدر الباحثون موعد الانقراض الجماعي التالي.
ووجد كونيو كايو، عالم مناخ ياباني من جامعة توهوكو، في الدراسة، أن هناك علاقة تناسبية تقريبا بين متوسط درجة حرارة سطح الأرض والتنوع البيولوجي للأرض.
ومع ارتفاع متوسط درجة حرارة السطح أو انخفاضه أكثر من المعتاد، ينفق عدد أكبر من المخلوقات.
ووجد البروفيسور كايو أنه في مثل الأحداث المروعة السابقة، أدى تبريد درجة حرارة سطح الأرض إلى أكبر انقراضات جماعية عندما انخفضت درجات الحرارة بمقدار 7 درجات مئوية.
وعلى الطرف الآخر من مقياس الحرارة، حدث مثل هذا الضرر المدمر عند ارتفاع درجة حرارة حوالي 9 درجات مئوية.
وفي الوقت الحالي، يقاتل قادة العالم وعلماء المناخ والنشطاء للحفاظ على درجة حرارة الأرض أقل من 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.
ومع ذلك، قدر تقرير حديث للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أنه في المسار الحالي، تسير البشرية على المسار الصحيح لتجاوز 3 درجات مئوية من الاحترار العالمي بحلول عام 2030، ما قد يتسبب في انقراض ملايين الأنواع.
وحذر العلماء سابقا من أن درجات الحرارة العالمية يجب أن ترتفع بمقدار 5.2 درجة مئوية فقط من أجل خلق حدث الانقراض الجماعي الذي يمكن مقارنته بالخمسة السابقة.
ومع ذلك، قال البروفيسور كايو: "من الصعب التنبؤ بحجم الانقراض البشري المنشأ في المستقبل باستخدام درجة حرارة السطح فقط لأن أسباب الانقراض البشري تختلف عن أسباب الانقراض الجماعي في الزمن الجيولوجي".
إعصار متفجّر ينشر الصقيع
يُعزى الصقيع القطبي الذي يجتاح أميركا الشمالية حالياً، عشية عطلة عيد الميلاد، إلى ظاهرة تسمّى "الإعصار المتفجّر" أو "الإعصار القنبلة".
وقالت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية الأميركية إنّ موجة الصقيع الراهنة تحدث "مرة واحدة في كلّ جيل" ولديها القدرة على أن تصير مميتة.
وحطّمت درجات الحرارة بالفعل أرقاماً قياسية مع انخفاضها إلى 53 درجة مئوية تحت الصفر في غرب كندا وناقص 38 في مينيسوتا وناقص 13 في دالاس.
حتى أنّ الثلج تساقط في شمال فلوريدا ذات المناخ شبه الاستوائي.
والإعصار القنبلة، ويسمى كذلك "التولّد الحلقي المتفجّر"، هو عاصفة تشتدّ بسرعة وتحدث عندما ينخفض ضغط الهواء بمقدار 20 ملّيبار أو أكثر في غضون 24 ساعة.
ويحدث هذا عادةً عندما تصطدم كتلة هوائية دافئة بأخرى باردة، وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.
وفي الوقت الراهن، اصطدم الهواء الآتي من القطب الشمالي بالهواء الاستوائي الآتي من خليج المكسيك، ليشكّلا منخفضاً جلب الأمطار والثلوج.
ويشرح عالم الأرصاد الجوية يان أميس من مؤسّسة الطقس "ويذر إن كو" أن ما يجعل هذه العاصفة غير عادية هو مدى سرعة انخفاض الضغط - 40 مليبار في 24 ساعة.
ويقول سيريل دوشين، خبير الأرصاد الجوية من قناة الطقس الفرنسية إنّ "هذا الأمر أدّى إلى توليد ظروف عاصفة شديدة بالقرب من قلب نظام الضغط المنخفض، مع ظروف قاسية بشكل خاص".
ويضيف أنّ طبيعة هذه العاصفة التي لا مثيل لها تأتي من شدّة وحدّة درجات الحرارة المنخفضة، و"هذا ما يجعلها استثنائية".
وتسبّبت العاصفة بحدوث "دوّامة قطبية" هي عبارة عن كتلة هوائية شديدة البرودة من القطب الشمالي تتّجه جنوباً نحو خطوط العرض المنخفضة والأكثر دفئاً. وتكون النتيجة انخفاضاً حادّاً في درجات الحرارة. في دنفر، على سبيل المثال، انخفضت درجات الحرارة بمقدار 33 درجة مئوية في غضون سبع ساعات فقط.
وإلى جانب العواصف الثلجية والثلوج، يمكن أن تجعل الرياح الباردة في مناطق مثل السهول الكبرى درجات الحرارة تبدو وكأنّها 55 درجة تحت الصفر.
وحذّرت هيئة الأرصاد الجوية الأميركية من أنّ مثل هذا الصقيع يمكن أن يؤدّي إلى قضمة الصقيع على الجلد المكشوف في غضون دقائق وانخفاض درجة حرارة الجسم وحتى الموت إذا تمّ التعرّض لهذه الظروف لفترة طويلة.
وأضافت أنّ هذا يجعل أيّ سفر أو تنقّل من أيّ نوع "خطيراً" بل "مستحيل".
اضف تعليق