تعدّ الأراضي المنتجة في أفريقيا متدهورة بنسبة تصل إلى 65 في المائة في حين أنّ نسبة 45 في المائة من مساحة أراضي القارة الأفريقية تواجه خطر التصحر. ورغم التحسن العام في اتجاهات التصحر وتدهور الأراضي، إلا أنّ صافي الخسائر من الغابات لا يزال آخذًا في الارتفاع في أفريقيا...
يعكف مشروع في تنزانيا تدعمه منظمة الأغذية والزراعة، عن طريق مرفق الغابات والمزارع، على إنشاء أندية مدرسية بشأن الحراجة وإصلاح الأراضي بغية نقل المهارات إلى الأطفال لكي يكتسبوا معارف عملية بشأن كيفية إصلاح الغابات وصونها.
حين يتعلق الأمر بتعلم رعاية الشتلات كي تنمو وتصبح أشجارًا وبتحسين البيئة المحيطة بكم وإصلاح الأراضي من حولكم، فإنّ الوقت مناسب كي تبدؤوا بذلك مهما كنتم صغار السن. وهذا هو المفهوم الذي يقوم عليه مشروع في تنزانيا، وتدعمه منظمة الأغذية والزراعة وشركاؤها، يعكف على إنشاء ما يزيد عن 30 من النوادي في المدارس الابتدائية والثانوية بغية نقل هذه المهارات إلى الأطفال منذ الصغر.
وقد بدأ الأطفال بالفعل بتحويل الأراضي المتدهورة الجافة والمغبرّة والتي تذروها الرياح حول مدارسهم إلى أماكن أكثر اخضرارًا وظلًا وأطيب عيشًا. وهم يأملون في أن يتمكنوا على المدى الطويل من حصد الثمار من الأشجار وتقليم أغصانها واستخدامها كحطب.
ويتعلم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و16 عامًا إدارة المناظر الطبيعية وتقنيات التخفيف من وطأة تغير المناخ واستخدام غطاء التربة من أجل اقتصاد المياه، فضلًا عن الانخراط في أنشطة عملية تهدف إلى تغيير البيئة المحيطة بهم، ويجري التواصل مع الأهالي، بالنسبة إلى الأطفال الأكبر سنًا، بغية تعلم طريقة استخدام الغاز الأحيائي عوضًا عن الحطب. والهدف هو أن تنشأ الأجيال الجديدة متمتعة بمعرفة عملية بشأن كيفية إصلاح الغابات وصونها ومواجهة أزمة المناخ المتنامية.
وتتولى إدارة المشروع، الذي ينفذ في إقليمي أروشا الشمالي ونجومبي الجنوبي، منظمات المزارعين المحليين ويدعمه مرفق الغابات والمزارع، وهو شراكة بين منظمة الأغذية والزراعة والمعهد الدولي للبيئة والتنمية والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة وتحالف منظمات الزراعة (AgriCord).
بدأ أثر أنشطة زراعة الأشجار التابعة للمشروع يظهر للعيان بالفعل، حيث خفت الرياح والغبار حول المدرسة وانتعشت الأرض التي كانت في ما مضى متدهورة للغاية.
ويتسع أثر المبادرة ليتجاوز البيئة المحيطة بمدارس الأطفال. فتقول Prisca Regnald Gibesh، وهي طالبة تبلغ العاشرة من العمر في مدرسة سيمبا ميليما الابتدائية في أروشا: "لقد اكتسبنا مهارات بشأن طريقة حماية الأشجار المزروعة عن طريق ريّها واستخدام الروث وغطاء التربة. كما أننا نطبق المهارات ذاتها في منازلنا".
وفي إطار هذا المشروع، يقدم مرفق الغابات والمزارع التمويل إلى شبكات إقليمية تابعة لمنظمتين من منظمات المنتجين الحرجيين والزراعيين هما منظمة MVIWAARUSHA ومنظمة MVIWWAMA، وهذه التسميات هي باللغة السواحيلية. ويقدم موظفوها خدمات مثل تنظيم دورات تدريبية عن احتضان الأعمال ومنهجية ريادة الأعمال والقروض الصغيرة التي يقدمها المجتمع المحلي إلى أفراده البالغين. وهم ينظمون حملات لزراعة الأشجار وأنشأوا مشاتل أشجار يشرف عليها معلّمون بيئيون. كما شجع مرفق الغابات والمزارع المنظمات على المشاركة أيضًا مع المدارس في برامج إعادة التأهيل والعمل ضمن شراكة على التوعية بمشاركة حكومة الولاية والحكومة الإقليمية.
وتشكل هذه الجهود جزءًا من مبادرة إعادة المناظر الطبيعية الأفريقية إلى هيئتها الأصلية، أو اختصارًا AFR100، التي تتعهد بموجبها تنزانيا بإعادة 5.2 مليون هكتار من الأراضي والغابات المتدهورة فيها إلى هيئتها الأصلية بحلول عام 2030. وقد انضمت تنزانيا إلى المبادرة في عام 2018 وشكّلت فريق عمل وطني ترأسه إدارة الغابات الوطنية ومكتب نائب رئيس تنزانيا.
ويقول السيد Lotha Paulo Zairiam، وهو كبير المدرّسين في مدرسة Prisca: "ها هي الآثار جلية للعيان، فعندما بدأنا المشروع كانت المدرسة قاحلة، إذ لا توجد أشجار في هذه المنطقة. وكانت جافة ومغبرّة وتعصف بها الرياح. وقد زرعنا أشجارًا تؤدي أغراضًا متنوعة، منها مثلًا الأشجار المثمرة وأشجار الأخشاب والأشجار الظليلة والعديد من الأنواع الأخرى". ويقول إنّ الأشجار تنمو بسرعة وتساعد على التخفيف من الرياح والغبار حول المدرسة. ويضيف: "إلا أنّ أهم ما اكتسبناه هو المهارات والمعارف التي تمكّننا من زراعة الأشجار والمساهمة في توعية القرويين بمسألة حماية البيئة".
تعدّ الأراضي المنتجة في أفريقيا متدهورة بنسبة تصل إلى 65 في المائة في حين أنّ نسبة 45 في المائة من مساحة أراضي القارة الأفريقية تواجه خطر التصحر. ورغم التحسن العام في اتجاهات التصحر وتدهور الأراضي، إلا أنّ صافي الخسائر من الغابات لا يزال آخذًا في الارتفاع في أفريقيا.
وتشهد مشاركة منظمة الأغذية والزراعة في البرنامج على التزامها بالمساعدة على عكس مسار تدهور الغابات والتصحر المنتشرين على نطاق واسع ملحقين الضرر بالعديد من بقاع العالم. ويشير استعراض إعادة تأهيل الغابات والمناظر الطبيعية في أفريقيا لعام 2021، الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة ووكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية - الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا، إلى أنه لا بد من بذل المزيد من الجهود من أجل الاستفادة من إمكانات القارة الأفريقية في إعادة الأراضي إلى حالة الإنتاج المستدام وحماية التنوع البيولوجي والحفاظ على سبل العيش في مجابهة تغير المناخ.
وتعدّ الأراضي المنتجة في أفريقيا متدهورة بنسبة تصل إلى 65 في المائة، في حين يضر التصحر بنسبة 45 في المائة من مساحة أراضي القارة الأفريقية، حسب ما ورد في الاستعراض. ورغم وجود تحسن عام في اتجاهات التصحر وتدهور الأراضي، إلا أنّ صافي الخسائر من الغابات لا يزال آخذًا في الارتفاع في أفريقيا، حيث يزول 4 ملايين هكتار من الغابات كل عام.
ويقول السيد NyabenyiTito Tipo، ممثل منظمة الأغذية والزراعة في تنزانيا: "من الواضح أنّ عمل منظمة الأغذية والزراعة المنفذ مع شركائنا في مرفق الغابات والمزارع، من أجل تعزيز المهارات العملية والفهم في صفوف أطفال المدارس في تنزانيا، يكتسي أهمية مزدوجة في المساعدة على معالجة مشاكل اليوم وإرساء الأسس من أجل مستقبل أكثر استدامة".
ويتجلى الأمل والإصرار بوضوح في أيادي أطفال المدارس في تنزانيا وهم يغرسونها في التراب ويوسعون أفكارهم من خلال العمل في زراعة الأشجار وإعادة تأهيل البيئة المحيطة بهم.
اضف تعليق