يستمر فقدان حوالي 14 في المائة من الأغذية في العالم، تقدر قيمتها بنحو 400 مليار دولار أمريكي سنوياً، بعد حصادها وقبل وصولها إلى المتاجر. 17 في المائة أخرى يتم هدرها أثناء البيع بالتجزئة ومن قبل المستهلكين، لا سيما في المنازل. الأغذية التي تُفقد وتُهدر يمكن أن تطعم 1.26 مليار جائع...
بمناسبة اليوم الدولي الثالث للتوعية بالفاقد والمُهدَر من الأغذية نظمت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة حدثا افتراضيا عالميا في روما دعتا فيه للعمل الجاد في هذا المجال.
شددت الوكالتان الأمميتان على أن التصدي لآفة فقدان الأغذية وهدرها يمثل فرصة ثلاثية المكاسب - ينتفع منها المناخ، والأمن الغذائي، وكذلك استدامة نظم الأغذية الزراعية - ولا يمكن تأجيلها مع ارتفاع الجوع العالمي وأسعار المواد الغذائية.
عقد الحدث في وقت حرج حيث واجه العالم شبكة من الأزمات التي ساهمت جميعها في تدهور الأمن الغذائي العالمي والتغذية، بما في ذلك جائحة كوفيد-19 المطولة، والآثار المتزايدة لأزمة المناخ، والحرب في أوكرانيا.
وفقاً لأحدث تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، ارتفع عدد الأشخاص المتضررين من الجوع إلى ما يصل إلى 828 مليوناً في عام 2021، بزيادة قدرها حوالي 46 مليوناً منذ عام 2020 و150 مليوناً منذ عام 2019، كما أن عدد الأشخاص الذين لا يحصلون على نظام غذائي صحي يقدر بحوالي 3.1 مليار شخص.
وبحسب تقرير الفاو عن حالة الأغذية والزراعة لعام 2019، يستمر فقدان حوالي 14 في المائة من الأغذية في العالم، والتي تقدر قيمتها بنحو 400 مليار دولار أمريكي سنوياً، بعد حصادها وقبل وصولها إلى المتاجر. من جانبه، يوضح تقرير مؤشر نفايات الأغذية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن 17 في المائة أخرى يتم هدرها أثناء البيع بالتجزئة ومن قبل المستهلكين، لا سيما في المنازل. وتقول الفاو إن الأغذية التي تُفقد وتُهدر يمكن أن تطعم 1.26 مليار جائع حول العالم كل عام.
وتنتج الأغذية المفقودة والمهدرة ما بين 8 إلى 10 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، مما يساهم في مناخ غير مستقر وظواهر مناخية شديدة مثل الجفاف والفيضانات. وتؤثر هذه التغييرات سلباً على حصاد المحاصيل، ومن المحتمل أن تقلل من الجودة الغذائية وتتسبب في حدوث اضطرابات في سلاسل التوريد.
ويؤكد برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن إعطاء الأولوية للحد من فقدان الأغذية وهدرها أمر بالغ الأهمية للانتقال إلى أنظمة الأغذية الزراعية المستدامة تعمل على تحسين الاستخدام الفعال للموارد الطبيعية، وتقلل من تأثيرها على الكوكب، وتضمن الأمن الغذائي والتغذية.
أهمية العمل الجماعي
وخلال الحدث الافتراضي، شدد المدير العام لمنظمة الفاو، شو دونيو، على الحاجة إلى العمل الجماعي لتكثيف الجهود للحد من هذه مشكلة وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وأضاف: "دعونا نواصل العمل معاً بطريقة هادفة وفعالة ومتماسكة لزيادة الوعي والحد من فقدان الطعام وهدره من أجل أشخاص أصحاء وكوكب صحي."
قدم الحدث دعوة واضحة للعمل من قبل الجهات العامة والخاصة في مجال نظام الأغذية الزراعية للعمل الفوري لقياس وتقليل فاقد الغذاء وتحويل سلوك المستهلك للحد بشكل عاجل من هدر الطعام.
وقال المدير العام للفاو إن هذا يتطلب تطوير وتنفيذ استراتيجيات وسياسات وشراكات وطنية مصممة لتسريع العمل للحد من فقدان الأغذية وهدرها. وأضاف أن أصحاب المصلحة على جميع المستويات يلعبون دوراً أساسيا، بما في ذلك المجتمع الزراعي والجهات الفاعلة في سلاسل التوريد الغذائي والأبحاث والأوساط الأكاديمية، وكذلك "كل واحد منا كمستهلك."
وقالت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: "يهدر كل منا ما متوسطه 74 كيلوغراماً من الطعام كل عام، في البلدان المتوسطة الدخل وكذلك في البلدان ذات الدخل المرتفع. يعد خفض هدر الطعام إلى النصف وتقليل فقدان الأغذية جزءاً مهماً من الجهود المبذولة لمواجهة أزمتي المناخ والغذاء الملحتين."
ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن الطعام لا يمكن أن يعتبر نفايات على الإطلاق. فمن خلال تطبيق الممارسات الدائرية، على سبيل المثال، يمكن تحويل الطعام المفقود والمهدر إلى أسمدة، أو استخدامه لإنتاج الغاز الحيوي، وبالتالي تجنب انبعاثات الميثان الضارة.
تعهد عالمي جديد
تدعو خطة التنمية المستدامة لعام 2030، من خلال الهدف 12.3، إلى خفض هدر الأغذية للفرد إلى النصف على مستوى البيع بالتجزئة والاستهلاك والحد من الخسائر على طول سلاسل الإنتاج والتوريد، بما في ذلك خسائر ما بعد الحصاد. وسيكون لتحقيق هذا الهدف آثار كبيرة على مكافحة تغير المناخ.
وقبيل عقد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) لعام 2022، قام أعضاء تحالف الغذاء لا يهدر أبداً، الذي تم تشكيله لدفع جدول أعمال قمة أنظمة الغذاء 2021، بوضع تعهد عالمي بشأن الفاقد والمُهدَر من الأغذية يدعو الحكومات والشركات والمؤسسات إلى التعهد بالتزامات طوعية للحد من هذه الآفة من أجل تسريع التقدم نحو تحقيق الهدف 12.3.
وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: "مع بقاء ثماني سنوات فقط لبلوغ الهدف 12.3 من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في خفض هدر الطعام إلى النصف بحلول عام 2030 وتقليل الخسائر الغذائية بنسبة 25 في المائة على الأقل، يجب زيادة وتيرة العمل."
ينشأ الفاقد من الأغذية، على النحو الوارد في تقرير حالة الأغذية والزراعة (2019) الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة، من مرحلة ما بعد الحصاد وصولًا إلى مرحلة البيع بالتجزئة، لكنه لا يشملها.
كيف تهدر الأغذية؟
ينشأ المهدر من الأغذية، على النحو الوارد في تقرير مؤشر نفايات الأغذية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، على مستويات البيع بالتجزئة والخدمات الغذائية والمستهلك.
ويتحقق الفاقد والمهدر من الأغذية بطرق عديدة، منها على سبيل المثال:
عادة ما يجري إزالة الإنتاج الطازج الذي لا يطابق ما يعتبر إنتاجًا مثاليًا، بما في ذلك في ما يتعلق بالشكل والحجم واللون، من سلسلة الإمداد أثناء عمليات الفرز.
غالبًا ما يرمي تجار التجزئة والمستهلكون الأغذية التي قاربت التاريخ المفضل لاستخدامها أو وصلت إليه أو تجاوزته.
عادة ما تبقى كميات كبيرة من الأغذية السليمة الصالحة للأكل غير مستخدمة أو تزيد عن الحاجة فتُرمى من المطابخ المنزلية والمطاعم.
هدر الطعام في الإمارات
مع إطلاق حملة حول فقدان الأغذية وهدرها التي تستهدف قطاع الفنادق والمطاعم والمقاصف في دولة الإمارات العربية المتحدة، انضم حوالي 21 فندقاً إلى برنامج الأمم المتحدة للبيئة للاحتفال باليوم الدولي للتوعية بالفاقد والمهدر من الأغذية.
وكان تقرير حالة هدر الطعام في غرب آسيا لعام 2021 قد كشف أنّ حوالي 3 ملايين طن من الطعام تُهدر كل عام في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد تسببت موائد الفطور بنسبة كبيرة منها وتلتها خدمات انتقاء الطعام من القوائم.
مع اعتماد أهداف التنمية المستدامة في عام 2015، وافقت الدول على الهدف 12.3 حول الفاقد والمهدر من الأغذية. والتزمت الإمارات في عام 2018 بخفض نسبة فقدان وهدر الأغذية إلى النصف بحلول عام 2030.
في كلمته خلال إطلاق الحملة، قال السيد سامي ديماسي، ممثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومديره الإقليمي لغرب آسيا: "لقد اخترنا أن نكون هنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي سينصب عليها تركيز العالم العام المقبل حيث ستستضيف مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28) الذي سيجمع دول العالم للنقاش والتفاوض واتخاذ القرارات المناسبة حول العمل المناخي وخفض الانبعاثات. إن وجودنا هنا هو أيضاً لإظهار تقديرنا لجميع الفنادق المشاركة، ولاسيما تلك تتعهّد بمكافحة هدر الطعام".
خلال حفل الإطلاق الذي استضافه فندق أتلانتس النخلة في دبي، تمّ حثّ الفنادق المشاركة على توقيع تعهّد بالانضمام إلى الحملة، ونشر التوعية بين ضيوفها والحد من هدر الطعام. كما تضمّن الحدث حلقة نقاش شارك فيها متحدثون من قطاع الضيافة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ممّا وفّر منصة لتبادل الخبرات النجاحة وأفضل الممارسات في معالجة هدر الغذاء في القطاع.
وتأتي الحملة التي تمّ تنظيمها بالاشتراك مع غومبوك (Goumbook) في الإمارات العربية المتحدة، في سياق المرحلة الثانية من حملة "وصفة التغيير" التي تستهدف قطاع الفنادق والمطاعم والمقاصف بعد أن استهدفت الأُسَر في مرحلتها الأولى لإحداث تغيير جوهري في السلوكيات. وانضم عشرة طهاة بارزين من مختلف دول غرب آسيا إلى الحملة وشاركوا النصائح والإجراءات التي يمكن أن يتّخذها الناس من أجل الحد من هدر الطعام.
بالإضافة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، أطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا عدداً من الأنشطة في لبنان والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين للتوعية حول الآثار السلبية لهدر الطعام، وإلقاء الضوء على الموضوع، على المستوى الإقليمي للحث على العمل الحكومي والتوصل إلى طرق وحلول مبتكرة لمكافحة هذه المشكلة.
اليوم الدولي للتوعية بالفاقد والـمُهدَر من الأغذية
أضحى الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية أمرًا لا غنى عنه في عالم يشهد تزايد عدد الأشخاص المتضررين من الجوع بوتيرة بطيئة منذ عام 2014، وتفقد فيه أطنان من الأغذية الصالحة للأكل و/أو تتعرض فيه للهدر كل يوم. ويتيح اليوم الدولي للتوعية بالفاقد والمهدر من الأغذية فرصة لدعوة كل من القطاع العام (السلطات الوطنية أو المحلية) والقطاع الخاص (الشركات والأفراد) إلى العمل بهدف ترتيب الإجراءات المتخذة بحسب الأولوية والمضي قدمًا في الابتكار للحد من الفاقد والمهدر من الأغذية من أجل استعادة وبناء نظم غذائية أفضل وجاهزة للصمود.
لماذا من المهم الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية؟
تُفقد نسبة 14 في المائة تقريبًا من الأغذية في العام بعد حصادها، حتى مرحلة البيع بالتجزئة، ولكن دون احتساب هذه المرحلة من سلسلة الإمداد؛ وتشير التقديرات إلى أن نسبة 17 في المائة من الأغذية تُهدر في مرحلة البيع بالتجزئة وعلى مستوى الاستهلاك.
وتشكّل هذه النسبة من الفاقد والمهدر من الأغذية نسبة تتراوح بين 8 و10 في المائة من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على المستوى العالمي - ممّا يساهم في عدم استقرار المناخ وحدوث ظواهر مناخية قصوى، مثل موجات الجفاف والفيضانات. وتؤثر هذه التغييرات تأثيرًا سلبيًا على غلات المحاصيل، وتقلّل من الجودة التغذوية للمحاصيل، وتتسبّب في حدوث اضطرابات في سلسلة الإمداد، وتهدّد الأمن الغذائي والتغذية.
الرسائل الأساسية
1- في ظلّ استمرار تزايد عدد سكان العالم، ينبغي ألّا يتمثل التحدي الذي نواجهه في كيفية زراعة المزيد من الأغذية، بل الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية بطريقة مستدامة، وهو حاجة فورية إذا أردنا تعظيم استخدام الأغذية المنتجة لإطعام المزيد من الأشخاص وتغذيتهم (منظمة الأغذية والزراعة، 2019).
2- إن إيلاء الأولوية للحد من الفاقد والمهدر من الأغذية أمر بالغ الأهمية للانتقال إلى نظم زراعية وغذائية مستدامة تعزّز الاستخدام الفعال للموارد الطبيعية، وتقلّل من التأثيرات على كوكب الأرض، وتضمن الأمن الغذائي والتغذية.
3- يشكّل الحد من المهدر من الأغذية أحد أكثر الحلول المناخية تأثيرًا.
4- تُعد الابتكارات والتكنولوجيات والبنية التحتية الذكية مناخيًا لتقليل الفاقد والمهدر من الأغذية أساسية من أجل زيادة الكفاءة وتقليل الانبعاثات المتأتية من النظم الغذائية.
5- الأغذية ليست نفايات قطعًا! فمن خلال تطبيق الممارسات الدائرية، يمكن تحويل الفاقد والمهدر من الأغذية إلى سماد، أو استخدامهما لإنتاج الغاز الأحيائي، وبالتالي تجنب انبعاثات غاز الميثان الضارة.
6- تشكّل الحوكمة الرشيدة وتنمية رأس المال البشري والتعاون والشراكات عناصر ضرورية من أجل تعظيم الآثار الإيجابية للحد من الفاقد والمهدر من الأغذية.
اضف تعليق