q
يجب أن تصبح النظم الزراعية والغذائية قادرة على الصمود بشكل متزايد في وجه التحديات المتعاظمة، بما في ذلك عدد السكان المتنامي ذات عادات غذائية متغيّرة، وتدهور النظام الإيكولوجي وتغير المناخ. كما أن المنصة الجغرافية المكانية التابعة لمبادرة منظمة الأغذية والزراعة للعمل يدًا بيد التحوّلية توفّر كنزًا دفينًا...

إن الزراعة موجودة منذ أكثر من 000 10 سنة تقريبًا. وفي ذلك الوقت، لم توفّر لنا الغذاء والمسكن وسبل العيش فحسب، إنما أيضا" المعرفة، والتقاليد والابتكارات وخدمات النظام الإيكولوجي. لكن فيما تُجهد العديد من النظم الإيكولوجية بما يفوق قدرتها، بات على الزراعة أن توفّر كل هذه المنافع - وأكثر بعد- وأن تكون في الوقت ذاته أكثر مراعاةً للبيئة.

بالفعل، ما لم نراعِ مواردنا الطبيعية ونحترم البيئة، فنحن نعرّض الأغذية والزراعة إلى الخطر. ولهذا السبب، لطالما كانت المنظمة في الصدارة لدعم منتجي الأغذية والمنتجات الريفية الأخرى مع الحفاظ في الوقت ذاته على كوكبنا. ومنذ انعقاد مؤتمر ستوكهولم في عام 1972 وحتى تاريخه، ناصرت المنظمة التحسينات البيئية في النظم الزراعية والغذائية، وركّزت على صون الأراضي الصالحة للزراعة والغابات والمياه الداخلية وموارد المحيطات وعلى إدارتها المستدامة.

لكنّنا لن نتوقف عند هذا الحد! فبيئة أفضل هي من بين مجالات عملنا الرئيسية في العقد القادم.

وفي ما يلي خمس طرق تعتمدها المنظمة في عملها لتهيئة بيئة أفضل، وأكثر ابتكارًا وقادرة على الصمود:

1- الترويج لاقتصاد أحيائي مستدام ودائري

على مستوى الأمم المتحدة، توجّه المنظمة المساعي باتجاه إقامة اقتصاد أحيائي مستدام ودائري يقضي باستخدام الموارد والعمليات والابتكارات البيولوجية للمساعدة في إقامة نظم زراعية وغذائية أكثر استدامة وقدرة على الصمود، مع دعم في الوقت ذاته تطوير اقتصاد عادل وأخضر وضمان أن يحصل المواطنين كافة في مختلف أنحاء العالم على كميات كافية من الأغذية المغذية.

فالاقتصاد الأحيائي المستدام والدائري هو في طليعة التحسينات التي تغيّر قواعد اللعبة في المجالات المتصلة بالأغذية والزراعة، بما في ذلك علم الميكروبيوم، والبروتينات البديلة، ومبيدات الآفات الأحيائية، وإدارة النفايات الدائرية وإصلاح النظام الإيكولوجي.

2- إدارة التلوّث بالمواد البلاستيكية الزراعية

تحوّل المنظمة الطريقة التي نستخدم فيها المواد البلاستيكية في الزراعة. وكشف تقرير أخير رائد للمنظمة للمرة الأولى أن التلوّث في النظم الإيكولوجية الأرضية بالمواد البلاستيكية أكبر بكثير من تلوّث النظم الإيكولوجية المائية بها. وأشار التقرير إلى حلول عديدة لمعالجة المشكلة، بالاستناد إلى نهج 6R (الرفض، وإعادة التصميم، والخفض، وإعادة الاستخدام، وإعادة التدوير، والتعافي)، مع تحديد في الوقت ذاته أيضًا المواد البلاستيكية الزراعية التي قد تكون ضارة والتي ينبغي سحبها كمسألة ذات أولوية. وتعمل المنظمة الآن مع البلدان لاقتراح التوجيهات الفنية بما يشمل جميع الجوانب في إدارة المواد البلاستيكية على امتداد سلاسل القيمة الزراعية والغذائية.

3- تأمين الضمانات البيئية والاجتماعية

هل تعلمون أن المنظمة تحرص على أن تخضع جميع مشاريعها وبرامجها لتقييم شامل قبل تنفيذها بحيث تندرج في تصميمها النتائج البيئية السليمة ونتائج السلامة؟ ففي عام 2021 وحده، استعرضت المنظمة 667 من مشاريعها بالاستناد إلى الخطوط التوجيهية للإدارة البيئية والاجتماعية، التي تحقق التوازن بين حماية الموارد الطبيعية واستخدامها المستدام من جهة وتلبية الاحتياجات المتنامية للمجتمع من حيث الأغذية والتغذية وسبل العيش اللائقة والقادرة على الصمود من جهة أخرى.

4- توفير بيانات مفتوحة عن البيئة والمناخ

يجب أن تصبح النظم الزراعية والغذائية قادرة على الصمود بشكل متزايد في وجه التحديات المتعاظمة، بما في ذلك عدد السكان المتنامي ذات عادات غذائية متغيّرة، وتدهور النظام الإيكولوجي وتغير المناخ. كما أن المنصة الجغرافية المكانية التابعة لمبادرة منظمة الأغذية والزراعة للعمل يدًا بيد التحوّلية توفّر كنزًا دفينًا من البيانات البيئية المتصلة بالزراعة الإيكولوجية، والمياه، والأراضي، والتربة، وغازات الدفيئة وغيرها. وهذه البيانات أساسية لتحديد البؤر الساخنة للمخاطر المناخية والبيئية الأخرى، ولتصميم الحلول المخصصة للبلدان والأقاليم التي هي في أمسّ الحاجة إليها.

وسوف تطلق المنظمة قريبًا أيضًا عدّة أدوات للتصدي لمخاطر المناخ من أجل تحفيز القدرة على الصمود عن طريق توفير 65 مستوى من البيانات المفتوحة لضمان أن يتمكن جميع أصحاب المصلحة في قطاع الزراعة والأغذية من تحديد مخاطر المناخ والتصدي لها بالكامل.

5- الحفاظ على الإرث الزراعي والبيئات المحيطة به

لقد اعترفت المنظمة طيلة 20 عامًا بمواقع في أنحاء العالم كافة تجمع بين المناظر الطبيعية الخلاّبة والمعارف التقليدية في مجال الإدارة المستدامة والقادرة على الصمود للأراضي والموارد الطبيعية. وهذه المواقع، التي تُسمّى نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية، تشكل صلة بين الإنسان والبيئة، وتجسّد فكرة "الصون الديناميكي"، حيث تسير الممارسات التقليدية، وتوفير الأغذية وحماية البيئة جنبًا إلى جنب.

فمن نظام الأرزّ والأسماك والبطّ في الصين، والقطاع الزراعي في جبال الأنديز في بيرو إلى الزراعة الحرجية على منحدرات جبل كليمنجارو في تنزانيا وكروم العنب التقليدية لإنتاج نبيذ سوافي في إيطاليا، تتميّز جميع مواقع نظام التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية بالتزامها بتحقيق التنوّع البيولوجي الزراعي، والأمن الغذائي وأمن سبل العيش، والمعارف التقليدية ونظم القيمة والمنظمات الاجتماعية. وهناك اليوم أكثر من 60 موقعًا في هذا النظام في أكثر من 22 بلدًا من حول العالم.

ولطالما عملت المنظمة طيلة عقود على توسيع دورها العالمي في الإشراف على البيئة في مجال الأغذية والزراعة من خلال: وضع مدونات سلوك بشأن الإدارة الرشيدة لمبيدات الآفات، والأسمدة، والغابات، ومصايد الأسماك؛ وإعداد خطوط توجيهية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات؛ والمشاركة في إعداد اتفاقية روتردام لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، التي صُمّمت لحماية صحة الإنسان وسلامة البيئة من بعض المواد الكيميائية الخطيرة؛ وإقامة نظام رصد البيئة في الوقت الحقيقي باستخدام صور الأقمار الصناعية في أفريقيا؛ واعتماد المعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة، من بين عدة مبادرات أخرى.

علاوةً على ذلك، يُقدّر أن إصلاح 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة من الآن وحتى عام 2030 قد يولّد 9 ترليونات دولار أمريكي في خدمات النظام الإيكولوجي، ويزيل ما بين 13 و26 جيغا طن إضافي من غازات الدفيئة من الغلاف الجوي. ولا يمكن القيام بذلك من دون دعم جميع الجهات الفاعلة من خلال سلسلة القيمة العالمية للأغذية والزراعة، ولهذا السبب تفتخر المنظمة بالمشاركة في قيادة عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

إن مستقبل النظم الزراعية والغذائية ومستقبل بيئتنا مترابطان. وقد حان الوقت لإحداث التغيير التحوّلي - فلتكن أفعالنا مؤثرة!

اضف تعليق