q

وزارة التربية لم توزع الكتب المنهجية للطلبة حتى الان، ما دفع اولياء امور الطلبة الى اللجوء للأسواق لشراء تلك المنهاج الممنوعة حكوميا، لكن ذلك اصدم ايضا بجدار حكومي اخر، فشح الكتب انتقل من مخازن الوزارة الى الاسواق، بعد اتخاذ السلطات اجراءات رادعة تصل الى "الاعتقال والحبس" بحق من يبيع الكتب المدرسية، ما فاقم الازمة وأوصد اصعب الحلول ذات التكلفة المادية التي ارتضاها بعض اولياء الامور من اجل مستقبل اطفالهم.

المؤسسة التعليمية في العراق لا يختلف حالها عن المؤسسات الاخرى التي تعاني من الضياع والاهمال المستمر منذ عقود، بسبب السياسات الخائطة للأنظمة المتعاقبة، والتي غالبا ما تكون اعذارها جاهزة في القاء اللوم في فشل سياساتها على الحكومات التي سبقتها حتى اصبحت مجانية التعليم تقتصر على توفير بناية للطلاب وربما سيلغى هذا "الامتياز" في المستقبل. مع تزايد عدد المدارس التي تعتمد على الدوام المزدوج في بناية واحدة.

من يدقق في عمل الحكومة العراقية يجدها تعمل على خصخصة قطاع التعليم من دون الاعلان عن ذلك وهذه تعد ام الكبائر في بلد لا يزال يتكأ على الدعم الحكومي بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة، ولا خلاف على التعليم يعد القطاع الاهم في البلدان التي تحاول اللحاق بركب العالم، وقد يعترض البعض على ادعائنا بخصخصة التعليم في العراق، الا ان الواقع يؤكد هذه الحقيقة فالكتب المدرسية باتت تشترى من الاسواق (رغم ان المنع الحكومي لا يهدف الى المنع الحقيقي بقدر ما هو تعظيم للمشكلة واظهار الوزارة بالوجه الحسن باعتبارها متمسكة بتوزيع الكتب حتى وان تأخر ذلك) والاغرب من ذلك ان المناهج في المدارس غير مترابطة، فبعضها يستخدم منهج العام الماضي والبعض الاخر يستخدم منهج العام الحالي، علما ان المنهجين فيهما بعض التغيرات التي لا نعرف كيف تعالج في الامتحانات النهائية خاصة في الصفوف التي تعتمد الامتحان الوزاري المركزي.

عدد من ذوي التلاميذ تجمهروا صباح الاثنين (31/10/2016) أمام مبنى وزارة التربية في بغداد مطالبين بإقالة وزير التربية بعد تأخر الوزارة في تجهيز المدارس بالحصص المقررة من الكتب المنهجية الأمر الذي عدّه أهالي التلاميذ استخفافا بمستقبل أبنائهم وإرهاقا ماديا في ظل مجانية التعليم التي كفلها الدستور. وكما هو معتاد تذرعت الوزارة بقلة التخصيصات المالية التي ادت الى تأخر وعرقلة توزيع الكتب المدرسية على الطلاب مؤكدة إن التأخر في إطلاق التمويل المخصص وضع الوزارة في موقف محرج أمام الرأي العام. فيما عزت احدى المدافعات عن وزارة التربية في برنامج تلفزيوني ان ازمة الكتب مفتعلة والقت باللوم على الاهالي!!كما طالبت بعدم شراء الكتب وانتظار الكتب التي ستوفرها الوزارة الى اجل لم تحدده.

ما يحدث لوزارة التربية نتاج طبيعي لمسؤولين تسنموا المناصب على اساس المحاصصة الحزبية وبالتالي لا يهم ان وصلت الكتب المنهجية للطلاب ام لا؛ فالاهم من ذلك هو مدى قدرة المدير العام او الوزير على البقاء اطول فترة ممكنة في منصبه، ولا ننسى ان الكثير من وزراء العراق واعضاء مجلس النواب هم من جنسيات اجنبية، ويعيش اطفالهم وعوائلهم حيث تكون اوطانهم التي منحتهم الجنسية والامتيازات كمواطنين في الدول الغربية.

ان ازمة الكتب وسوء الادارة من قبل الجهات المسؤولة تعد استخفافا بالعراقيين جميعا وبشريحة الطلبة وعوائلها خصوصا، والسؤال الذي يثار دائما عن خطط الوزارة للحالات الطارئة، وربما يكون الجواب بين ثنايا اخفاقها المتواصل خلال سنوات فالمدارس الطينية لا تزال موجودة في بعض المدن العراقية، والدوام الثنائي (صباحا، وعصرا) لا يزال مستمرا ايضا او حتى الدوام الثلاثي إذ لا يمكن تخيل ثلاث مدارس في بناية واحدة! فماذا قدمت الوزارة اذن؟ قد تكون الاجابة مركونة في بين جدران التضليل المستمر للإلغاء التدريجي لمجانية التعليم في العراق. كما هو حال البطاقة التموينية التي لم يبقى منها الا القليل بانتظار قراءة فاتحة الخصخصة على جنازتها.

في الوقت الذي يدور الحديث فيه عن مجتمع المعرفة، وتوظيف احدث التقنيات في المجال التعليمي للدول المتقدمة؛ لا يزال العراق يكافح من اجل الحفاظ على نفس المستوى من التقدم العلمي الذي احرزه في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وبدل ان نطالب وزارة التربية باستخدام اساليب جديدة تتلائم ومتطلبات العصر اصبح الاب العراقي يعاني من اجل الحصول على كتاب مدرسي، حتى وان كان ذلك كتابا الكترونيا على صيغة pdf يمكن ان تحويله في السوق الى كتاب ورقي صالح للقراءة.

اضف تعليق