التعليم الأهلي غالبًا ما يكون مكلفًا، مما يجعله في متناول الفئات الأكثر ثراءً في المجتمع, وهذا يؤدي إلى زيادة الفجوة بين طبقات المجتمع المختلفة في الوصول إلى تعليم عالي الجودة الفئات الأقل دخلًا تضطر إلى إرسال أبنائها إلى المدارس الحكومية التي تعاني من تدهور مستواها، مما يزيد من تفاوت الفرص التعليمية...
في السنوات الأخيرة، انتشرت في العراق وبشكل مقلق عدد المؤسسات التعليمية الأهلية، سواء كانت مدارس أو جامعات, وجاء هذا التوسع استجابةً لعدة عوامل، منها ضعف الأداء الحكومي في قطاع التربية وضعف البنية التحتية في هذا القطاع حيث قلة المدارس الحكومية التي لا تغطي الحاجة الفعلية للطلاب, وانتشار ظاهرة الدوام الثلاثي والمزدوج في كثير من المدارس الحكومية ناهيك عن اكتظاظ الصفوف الدراسية بعدد كبير من الطلاب وهذا كله دفع الى كثير من أولياء الأمور المقتدرين مادياً للجوء الى المدارس الأهلية لرغبتهم في توفير بدائل تعليمية تلبي احتياجات فئات معينة من المجتمع. ورغم أن التعليم الأهلي يقدم بديلاً عن التعليم الحكومي، إلا أن له آثاراً سلبية متعددة تؤثر على مستوى التعليم في العراق أهمها:
تفاوت الجودة بين المؤسسات:
على الرغم من وجود بعض المؤسسات الأهلية التي تقدم مستوىً تعليميًا جيدًا، إلا أن الغالبية تعاني من ضعف في البنية التحتية التعليمية وقلة الكفاءات التدريسية. هذا التفاوت في الجودة يؤدي إلى إنتاج مخرجات تعليمية متباينة بين المؤسسات الأهلية، مما يؤثر سلبًا على مستوى التعليم العام في البلاد.
انتشار ظاهرة التعليم التجاري:
أحد أكبر المشكلات التي تواجه التعليم الأهلي في العراق هو تحول معظم المؤسسات التعليمية الأهلية إلى مشاريع تجارية بحتة، تهدف إلى تحقيق الأرباح على حساب جودة التعليم. حيث تركز هذه المؤسسات على زيادة أعداد الطلاب المقبولين دون الاهتمام بتحقيق معايير الجودة الأكاديمية ,وهذا النهج يضعف العملية التعليمية ويؤدي إلى تخريج طلاب يفتقرون إلى المهارات والمعرفة الكافية.
تأثير التعليم الأهلي على التعليم الحكومي:
التوسع الكبير في التعليم الأهلي أدى إلى تراجع الطلب على التعليم الحكومي، مما أثر سلبًا على مستوى اهتمام الحكومة بتطوير المدارس والجامعات الحكومية. حيث أن الاهتمام قد انتقل بشكل كبير نحو القطاع الأهلي، مما أدى إلى تراجع مستوى التعليم في المدارس الحكومية التي تعتمد غالبًا على ميزانيات محدودة وبنية تحتية متهالكة.
4.الفجوة الطبقية في التعليم:
التعليم الأهلي غالبًا ما يكون مكلفًا، مما يجعله في متناول الفئات الأكثر ثراءً في المجتمع, وهذا يؤدي إلى زيادة الفجوة بين طبقات المجتمع المختلفة في الوصول إلى تعليم عالي الجودة الفئات الأقل دخلًا تضطر إلى إرسال أبنائها إلى المدارس الحكومية التي تعاني من تدهور مستواها، مما يزيد من تفاوت الفرص التعليمية.
ضعف الرقابة الحكومية:
على الرغم من وجود تشريعات تنظم عمل المؤسسات التعليمية الأهلية، إلا أن الرقابة على هذه المؤسسات غالبًا ما تكون ضعيفة. هذا الضعف في الرقابة يسمح بوجود مؤسسات تعليمية لا تلتزم بالمعايير المطلوبة، مما يؤثر سلبًا على مستوى التعليم الذي تقدمه ,حيث نلاحظ استعانة أصحاب المشاريع التعليمية بالكوادر التدريسية من ذوي الخبرة المحدودة لتدني رواتبهم.
المتتبع لمعظم الجامعات والكليات الأهلية المنتشرة في جميع محافظات العراق يلمس وبشكل واضح ضعف المستوى العلمي للطلبة المتخرجين منها لعدم اتباع المعايير العلمية الرصينة فيها وهذا الأمر بالتقادم سيؤدي الى آثار سلبية خطيرة على المستوى العلمي في البلد ويتطلب من الحكومة والبرلمان ووزارة التعليم العالي ووزارة التربية الى إعادة النظر في السياسات العامة للتعليم الأهلي في البلد واتخاذ خطوات جادة لوضع رقابة مشددة على عمل هذه المؤسسات العلمية وفرض ضوابط صارمة عليها وتشكيل لجان لمتابعة تطبيق هذه الضوابط واتخاذ اجراءات بحق المخالفين لها لكي ننقذ التعليم من كارثة محققة ستكون نتائجها سلبية على جميع المؤسسات الحكومية والأهلية ولكي نحمي أبنائنا من مصير مجهول.
اضف تعليق