الاحتمالية الثالثة لتمزيق الكتب في نهاية العام امتلاك الطالب لنوع من العنف الخفي الذي يمارسه ضد التعليم كمؤسسة فعملية تمزيق الكتاب ليست للكتاب بحد ذاته، بل هي عملية رمزية توحي بشيء من العنف المكبوت تجاه المؤسسات التربوية والتعليمية...
تتعثر اقدامنا بما تبقى من كتاب الادب الذي هو ضمن منهج العربي، وعلى سياج الحديقة العامة نلحظ غلافاً لكتاب التأريخ، وهناك مجموعة اواراق متعددة الموضوعات في هذا الشارع او ذاك، هذا المشهد يتكرر في سنوات ممتالية وفي اماكن عديدة، فلا راعى فيه الفاعل الادب، ولا افاد من تأريخ بلده صاحب الارث الحضاري والعلمي.
بعد انتهاء الامتحانات للصفوف المنتهية او غير المنتهية ترصد عيوننا اوراق ممزقة منثورة على حافات الطرق وحافات الانهار وبعض امكان جمع القمامة اكرم الله القارئ، هذه السلوكية التي باتت ظاهرة نلحظها في نهاية كل عام دراسي ليس عادية بل ولمفتة للنظر لذا رأينا من المهم البحث في اسبابها وحيثياتها وكيف يمكن ان يحد منها؟
اول مايمكن ان يقوله المنتقدون لسلوك الطلبة هو انهم ليسوا متربين بمعنى اين دور المؤسسات التربوية في تربية هؤلاء الطلبة؟، وماذا تعلم الطلبة من آداب تخص الذوق العام ان كانوا يملئون الشوارع بكتبهم، وللممنتقدين الحق فيما يقولون، فهذه السلوكية تدل على تدني الذوق لمن يقوم بها بعيدا عن الاسباب التي تولد هذا السلوك والذي سنعرفها فيما بعد.
إن خطورة الظاهرة تكمن في أنها تؤشر على أن الطالب مجبر على الدراسة بينما هو كاره لها، وهذا ما يضاف الى سلسلة المشكلات التي يعاني منها قطاعي التربية والتعليم ومنها ان الكثير من الطلاب يشعرون بأن الدراسة لن تصل بهم إلى ما يتمنون، خاصة وأن البلاد تسير بشكل عشوائي، وان اصحاب الشهادات لم يجد الكثير منهم فرصة للعيش المحترم
جملة من الاسباب المحتملة تدفع الطلبة الى تمزيق كتبهم بعد الانتهاء من الامتحانات وم ثم رميها في الطرقات والاماكن العامة، من ابرز هذه الاسباب هي مايلي:
اولى الاحتمالات هي سيطرة السوداوية على الطلبة المنفذين لهذه السلوكية، فهم لا يثقون بالمستقبل وبالتالي لاجدوى من دراستهم وما يجعلهم مستمرين في الدراسة هو رغبة الاهل ليس الا، وبالتالي يعبرون عن تذمرهم بهذه الطريقة.
الاحتمالية الثانية هو ان الطالب الذي لديه تجربة سيئة مع مادة علمية معينة او مع مدرس تلك المادة وبعد الانتهاء منها مزق كتابها كنوع من التخلص من تلك الذكريات، وهو جزء من دافع نفسي ربما غير يصدر عنه سلوكاً غير ارادي.
الاحتمالية الثالثة لتمزيق الكتب في نهاية العام امتلاك الطالب لنوع من العنف الخفي الذي يمارسه ضد التعليم كمؤسسة فعملية تمزيق الكتاب ليست للكتاب بحد ذاته، بل هي عملية رمزية توحي بشيء من العنف المكبوت تجاه المؤسسات التربوية و التعليمية.
الاحتمالية الرابعة هي ربما يقوم بعض الطلبة بتمزيق كتبهم كنوع من التعبير عن فرحتهم بانتهاء فترة الامتحانات المرهقة واحتفالاً ببدء العطلة الصيفية التي يعولون عليها في ممارسة الهوايات التي حرموا منها اثناء السنة الدرسية بسبب انشغالهم في الدراسة فقط، لكن هذا ليس مبررا لسلوكهم الذي لم يراعي الذوق العام على اقل تقدير، وينم على عدم الشعور بالمسؤولية الاجتماعية لان ماتم تمزيقه قد ينفع آخرين في السنة القادمة لم يتنكنوا من شراءه او الحصول عليه.
الحل لهذه الظاهرة غير الصحية اتباع اسلوب للاقناع للطلبة الذين يقمون بمثل هذه السلوكيات يعتمد على التقبل النفسي، على سبيل المثال اقناع الطلبة ان هذه الكتب هي اجسام جامدة لا علاقة لها بفشلك او نجاحك وان المستقبل امامك لتعويض التعب فمن المهم الاحتفاظ بها على لافادة آخرين منها قد يعصب عليهم الحصول عليها.
ومن الاهمية بمكان تصحيح العلاقة بين المعلم والطلاب وان تكون مبينة على الصداقة والثقة والعمل على عدم تحولها الى عقدة بين الطرفين الى الحد الذي يجعل الطالب يكره المعلم والمادة التي يدرسها، وبهذين الامرين قد يمتنع من يقوم بهذه السلوكيات عن الاستمرار فيها لخدمة الصالح العام.
اضف تعليق