من غير الصحيح إنكار ان الحياة العامة ومتطلباتها اخذت بالتزايد وارتفاع تكاليفها باستمرار، لكن هذا لا يعني تحويل مجال نقل التلاميذ الى مجالا لاستغلال الأهالي، لاسيما وان عملية النقل بأكملها غير معقدة ولا تحتاج الى رؤوس أموال كبيرة...
يتذمر الكثير من أهالي التلاميذ بسبب تأخر وصول أبنائهم الى المنزل بعد انتهاء الدوام في المدارس الخاصة والحكومية، وأصبحت هذه المشكلة من المشكلات التي تواجه الاسر في عموم العراق، حتى تحول الامر الى هاجس يواجه الأهالي يصعب التخلص منه في ظل الواقع الموجود.
تأخير وصول التلاميذ الى المنازل يأتي نتيجة حشر أكبر عدد ممكن منهم في باص واحد وبالتأكيد ان الطلبة والتلاميذ يسكنون في مناطق متباعدة، يتطلب ذلك وقت غير قصير لإيصال الجميع ومن الطبيعي يحدث التأخير الى ساعات طويلة قد تصل الى المغرب.
نقل التلاميذ في العراق من المنازل الى المدارس وبالعكس أضحت من التجارات المربحة كغيرها من المشروعات الاقتصادية، فالكثير من أصحاب شركات النقل الخاص وغيرهم من السائقين الذين يعملون في هذا المجال معتبرينه مصدر من مصادر الدخل بالنسبة لهم.
ثقافة النقل الخاص او ما يسمى في العامية بـــــ(الخطوط)، من الثقافات الجديدة الوافدة الى الشعب العراقي، ففي السابق لم يعطي الأهالي أي أهمية لنقل أبنائهم الى المدارس، مما يضطر التلاميذ الذهاب سيرا على الاقدام ولمسافات طويلة تصل الى عدد من الكيلومترات يوميا.
ويتحمل التلاميذ خلال رحلتهم اليومية المزيد من المتاعب والمصاعب لاسيما في أوقات الصيف والشتاء، في الوقت الذي لا يوجد فيه طريق معبد خال من الطين خصوصا في المناطق الريفية التي تأخرت فيها الخدمات، وجعلت من واقع الحياة فيها يتسم بالصعوبة والفوارق مع المدينة على نطاق واسع.
مجال نقل التلاميذ من المجالات الرائجة بالعراق في السنوات الأخيرة، لكنه لا يخلوا من بعض الملاحظات التي تسجل على أصحاب شركات النقل او مالكي السيارات الشخصية.
من اهم الملاحظات على أساليب نقل التلاميذ او طلبة المدارس بصورة عامة هو رداءة نوعية العجلات المستخدمة لهذا الغرض، فكثيرا منها قديمة ومتهالكة، خالية من ابسط وسائل الراحة والأمان، أضف الى ذلك خلوها من التبريد والتدفئة التي تجعلهم في أجواء يشعرون بموجبها وكأنهم خارجين بسفرة يومية وهم في طريقهم الى المدرسة.
على الرغم من الخدمة التي توفرها خطوط النقل، لكنها في ذات الوقت أسهمت وبشكل كبير في ارهاق العوائل اقتصاديا، ويرجع السبب الى مغالاة الكثير من السائقين في اخذ اجور مرتفعة بنسبة كبيرة مقارنة بما يقدم من خدمات رديئة ولا يوجد من يراقب هذه التصرفات الشخصية المضرة بالحالة الاقتصادية للأسرة.
وقد تكون معرفة العاملين في مجال النقل بأهمية ما يؤدونه بالنسبة للأسر المضطرة على ذلك، تدفعهم الى رفع الأجور وفرض نوع معين من الخدمات البائسة، ذلك بسبب غياب المنافس الحقيقي الذي يعتبر من الأمور الرادعة لكبح جماح من تسول له نفسه ابتزاز الأهالي واجبارهم على دفع ما يطلبه من أجور.
دفع أجور نقل عالية الى حد ما يأتي لغياب الدور الحكومي المتمثل بتوفير باصات للنقل العام تجنب الأهالي الوقوع تحت طائلة النقل الخاص وما يرافق ذلك من استغلال كبير بعيد عن حالة التوازن بين ما يقدم وما يؤخذ مقابل توصيل الطلبة الى منازلهم.
من غير الصحيح إنكار ان الحياة العامة ومتطلباتها اخذت بالتزايد وارتفاع تكاليفها باستمرار، لكن هذا لا يعني تحويل مجال نقل التلاميذ الى مجالا لاستغلال الأهالي، لاسيما وان عملية النقل بأكملها غير معقدة ولا تحتاج الى رؤوس أموال كبيرة.
اضف تعليق