وضع نظام إيكولوجي يوفر مساحة كبيرة من تلاقي السلوكيات والأفكار بدلا من تناقضها وتصارعها. في جامعاتنا رغم أن القادة والعاملين يأتون من بيئة متشابهة فإن حجم الصراع الايكولوجي يبدو مرتفعا فمثلا لايوجد رؤساء الجامعات في العراق من امريكا او بريطانيا أو دول إقليمية وانما هم...
بشكل دوري يجتمع قادة التعليم في وزارة التعليم العالي ورؤساء الجامعات من أجل وضع حلول لمشاكل وتحديات تواجه التعليم منذ عقود من الزمن. إن التصدي لمشاكل وتحديات التعليم يجب أن لايركز على الجانب المهني فقط بل يجب التركيز ايضا على سلوكيات الأفراد العاملين ومسؤولياتهم الأخلاقية من أجل وضع مسار التعليم في الإتجاه الصحيح. ومن أجل جني ثمار النجاح في ذلك لابد أن يكون هناك تحولا كبيرا في المستويات الإدارية كافة وتغيير نمطية التعامل بين الرؤساء والمرؤوسين من خلال تنمية الفلسفة التشاركية مع العاملين.
ان تغيير سلوكيات الأفراد وتعظيم الفلسفة التشاركية بين القادة والعاملين ربما سيقود إلى توفير فرص اكثر تقود الى نجاحات باهرة، ولكن عادة ما يصطدم هذا التوجه بعقبة كبيرة تدعى "تحدي النظام الايكولوجي" وهذا ما قد لاينظر له مسؤولي وزارتنا وجامعاتنا بعين الجدية.
ماهو النظام الايكولوجي؟ ولماذا هو مهم؟ هي فلسفة توضح حجم التأثيرات والتفاعلات التي تحصل بين سلوكيات الأفراد في بيئة ما. فكلما كان هناك اختلاف وتناقض في هذه السلوكيات في ظل غياب نظام إيكولوجي حاكم، فإن حجم المشاكل سيكون أكبر وتقل فرص النجاح والعكس صحيح.
قد لا تواجه المؤسسات زخما كبيرا من هذا التحدي اذا كان الأفراد العاملين (قادة وعاملين) يأتون من نفس البيئة أو من بيئات متشابهة، ولكن قد يكون التحدي كبيرا ومنهكا أمام المؤسسات التي يكون قادتها و افرادها العاملين يأتون من بيئات مختلفة ومتعددة ولذلك تسعى المنظمات والمؤسسات ومنها الجامعات بضرورة وضع نظام إيكولوجي يوفر مساحة كبيرة من تلاقي السلوكيات والأفكار بدلا من تناقضها وتصارعها.
في جامعاتنا رغم أن القادة والعاملين يأتون من بيئة متشابهة فإن حجم الصراع الايكولوجي يبدو مرتفعا فمثلا لايوجد رؤساء الجامعات في العراق من امريكا او بريطانيا أو دول إقليمية وانما هم من بيئة عراقية مليئة بالعادات والتقاليد الاجتماعية والثقافية والاجتماعية والقبلية والدينية المتشابهة...الخ.
ولكن لا ينفك سواء رئيس الجامعة أو تدريسيها بنقل هذه السلوكيات للجامعات وتبدأ حالة الصراع بين هؤلاء لأي سبب من الأسباب البيئية وبالتالي سيحصل قصور في الأداء.. هاكم مثالا: ليحصل خلاف بين تدريسيين اثنين، فإن هؤلاء سوف يلجئون الى عشيرتهم قبل كل شيء ولنفرض أن هناك رئيس قسم ينتمي لحزب معين وتدريسي ينتمي لحزب اخر واذا حصل خلاف بينهما فإن هذا الخلاف سيتحول إلى خلاف ايدولوجي أو فكري. فمثلا عاصرت رئيس قسم نزيه جدا من طائفة معينة ومسك أحد التدريسيين من طائفة أخرى بأخذ الرشوة وعندما ذهب الأمر باتجاه الطرق القانونية حتى بدأ ذلك التدريسي بتوجيه التهم الى رئيس القسم بأنه "طائفي" وهدفه ابعاد الأفراد من تلك الطائفة من هذا القسم.
نحن نعاني كثيرا من فقدان السيطرة على النظام الايكولوجي لجامعاتنا بدأ من نقل مفردات شعبية مثل حجي وحجية وأبو وام وصولا إلى عادات وتقاليد مجتمعية وعشائرية وذلك يعود بسبب غياب المناخ الصحي وعدم وضوح الأهداف ونمطية الإدارة وغياب القادة الملهمين في جامعاتنا.
متى ما استطعنا أن نسيطر على النظام الايكولوجي وصياغة أهداف واضحة وتوفير بيئة عمل صحية وإدارة جديدة وفاعلة سوف اضمن لكم إنتاجا والتزاما عاليين في العمل لأن النظام الايكولوجي الجيد سيوفر شراكات جديدة بين الرؤساء والمرؤوسين وسيعمل على تواجد شبكات وواحات ديناميكية تساهم في تبادل المعرفة والابتكار والإبداع بدلا من تبادل الاتهامات وتنامي الصراعات في المؤسسة.
اضف تعليق