تعتبر المدرسة البيئة الخصبة لاستكشاف المواهب لدى الاطفال فلم تصل أسرنا وعوائلنا الى ثقافة استكشاف وتنمية مواهب أبنائهم فهم يتكلون على المدرسة في انجاز هذه المهمة وأغلبهم لا يهتم إن كان لطفله موهبة من عدمها، ورغم أن الكثير من الدراسات تشير الى أن أكثر من 95% من البشر هم مبدعون ويمتلكون مواهب أما تكون مستكشفة أو مكنونة الا اننا في مجتمعنا لا نجد الا قلة قليلة ممن لديهم موهبة أو تميز أو ابداع في مجال معين.
وطبعاً يقع على المدارس مسؤولية كبيرة في ايجاد المساحة الابداعية التي يخرج الطفل مواهبه ونحن نفتقر الى هذا النشاط الذي يعتبر نشاط لا صفي لأننا حولنا المدارس الى علب مهمتها أن تلقي المعلومات في رؤوس الطلبة فيخرج الطالب ودماغه معبأ بمعلومات اغلبها ينساها أو لا تنفعه في حياته في شيء وربما تحولت بعض المدارس الى أجواء موبوءة يكتسب فيها الطالب سلوكيات منحرفة من أقرانه وخاصة في مرحلة المراهقة في محاولته لإثبات الذات والتميز ولأنه لم يجد المساحة الصحية المناسبة التي يستكشف فيها ما يمتلك من مواهب فيلجأ الى افراغ طاقاته ويحاول التميز في الطرق الميسرة والسهلة كالتميز في الشكل من خلال قصة الشعر أو الملابس الغريبة أو تقليد الفنانين والرياضيين في حركاتهم وأزيائهم ولكلا الجنسين حتى لجأ بعضهم الى التخنث والتميع والشذوذ من أجل ألفات الانتباه اليهم.
ولو اننا أوجدنا لهم الارض الصالحة والبيئة المناسبة ليتميز هؤلاء في مواهب وإبداعات فنية أو أدبية أو رياضية أو علمية لما لجأ أبنائنا وأطفالنا الى اهمال أنفسهم وربما الخمول والكسل واللامبالاة لأنه لا يعرف أنه يمتلك موهبة ما أو يبدع في مجال معين.
سأذكر حادثتين متناقضتين الاولى مع أبنتي زينب وهي تلميذة في الصف الثاني الابتدائي امتلكت زينب موهبة الخط الجميل ومع التشجيع أصبح لخطها جمال نحسدها نحن عليه، في احد الايام لاحظت أن خط أبنتي مشوه وفجأة فقدت براعتها في جمال الخط وبعد سؤالها عن السبب في هذا التدهور المفاجئ تبين أن معلمتها اتهمتها أن أهلها هم من يكتبون لها وانه ليس خطها ووبختها أمام اقرانها فتعمدت زينب أن تشوه خطها لتتجنب تقريع معلمتها المتكرر ولم تفد كل المحاولات لإرجاع خطها الى سابق عهده وكأن تلك الموهبة اغتيلت ووأدت في مهدها.
والصورة الثانية حصلت في مدرسة أخرى حيث قامت معلمة التربية الفنية في مدرسة ابتدائية للبنات باستكشاف مواهب كثيرة وجميلة في كتابة القصص القصيرة من قبل تلميذات صغيرات بمجرد انها طلبت منهن أن يكتبن قصص قصيرة واذا بها تستكشف أن هؤلاء التلميذات يمتلكن مواهب رائعة لم تتوقعها في مثل أعمارهن رغم أن المدرسة موجودة في بيئة ريفية قد لا تساعد على خلق مثل هكذا أفكار ولكن لم تحتاج المعلمة الا لإيجاد المساحة والفضاء المناسب لنمو بذور الابداع عند هؤلاء التلميذات وشتان بين المعلمتين فإحداهما تقتل المواهب وأخرى تحييها،
ولهذا فانا أدعو الى مراجعة المنهجية التي تتبعها وزارة التربية برمتها في عملية التعليم واليات تخريج أبنائنا معبئين بكثير من التعليم ولا شيء من التربية رغم ان الوزارة أسمها التربية والتعليم.
اضف تعليق