لماذا؟ لأنَّ التقاعد والمتقاعدون والرواتب التقاعدية، موضوعٌ "مُلتَبِس" لدى الكثير من العراقيين. لذا وجدتُ أنّ من المُهمّ جدّاً الإحاطة بـ البيانات والمعلومات و"الأطر الرئيسة" لعمل نظام التقاعد في العراق. دون ذلك سوف تتكاثر وتتناقض وتتقاطع "التصريحات" والمواقف و"المخاوف" بين جميع من يعنيهم هذا الأمر، سواءَ أكانوا جهات حكومية، أو "مُستفيدين" أو مُختصّين...
أعتذِرُ لكُم سَلَفاً عن الإطالة، والتوسُّع في عرض التفاصيل.
كان هذا ضروريّاً جدّاً.
لماذا؟ لأنَّ التقاعد والمتقاعدون والرواتب التقاعدية، موضوعٌ "مُلتَبِس" لدى الكثير من العراقيين. لذا وجدتُ أنّ من المُهمّ جدّاً الإحاطة بـ البيانات والمعلومات و"الأطر الرئيسة" لعمل نظام التقاعد في العراق. دون ذلك سوف تتكاثر وتتناقض وتتقاطع "التصريحات" والمواقف و"المخاوف" بين جميع من يعنيهم هذا الأمر، سواءَ أكانوا جهات حكومية، أو "مُستفيدين" أو مُختصّين أو مُهتمّين، أو "أصحاب مصلحة"، حيثُ الكُلُّ "يغنّي على ليلاه".. خاصّةً اذا كانت "ليلى" هذه دائمة "المَرَض" في عراقٍ "لا يتمتّع بصحّةٍ جيّدة" في المجالات كافّة.
لهذا الغرض. سأعرضُ عليكم (بحياديّة تامّة، ودون أيّ تحليلٍ شخصي) أهمّ الأرقام والبيانات بهذا الصدّد (كما حصلتُ عليها من مصادرها المُتاحة)، آملاً بأنّها ستكون الأقرب إلى الدقّة مقارنةً بغيرها من البيانات المُتداوَلة في وسائل الاعلام المختلفة، وسأُسقِط من البيانات التي أُتيحت لي، ما أعتقد أنّها غير دقيقة (أو غير منطقية)، بهدف التمكّن من عقد مقارنات مُفيدة من خلالها.
ابتداءً.. لا توجد أرقام وبيانات موثّقة ودقيقة (على شكل سلسلة زمنية مُتّصِلة) حول هذا الموضوع، لذا سنعتمد على الأرقام الحكومية "المُتفرّقة" المُتاحة لدينا، إضافةً لبيانات وتصريحات المسؤولين الحكوميين (وبالذات رؤساء هيئة التقاعد الوطنية) بهذا الصدد.
يعود ذلك بدرجة أساسية إلى طبيعة نظام التقاعد في العراق، الذي يتضمّن "متغيّرات" كثيرة تجعل البيانات ذات الصلة تتغير بدورها من شهر لآخر، إن لم يكن من يومٍ لآخر.
وبغياب نظام تسجيل متطوِّر يسمح بمتابعة هذه "المتغيّرات" أولاً بأوّل، وبشكل تلقائي، وفي جميع المحافظات(بشكل خاص)، ولانعدام "الشفافية المالية" (بشكل عام) لا يمكن الحصول على أرقام وبيانات دقيقة ومتكاملة وقابلة للمقارنة حول موضوعات كهذه.
أولاً: التمويل والاستقطاع
بموجب المادة(17) من قانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014.
1- تُستقطَع شهريّاً توقيفات تقاعدية تبلغ 25% من الراتب الوظيفي للموظف، 10% منها يتحمّلها الموظّف، و 15% تتحمّلها الخزينة العامة.
2- تتولّى دائرة المحاسبة في وزارة المالية استقطاع حصة الموظف من التوقيفات التقاعدية شهرياً، وإضافة مساهمة الحكومة إليها، وايداعها لحساب صندوق تقاعد موظفي الدولة.
3- استناداً للمادة(32- ثانياً) من قانون التقاعد الموحّد رقم (9) لسنة 2014، تتحمّل الموازنة العامة للدولة ما يأتي:
أ- الحقوق التقاعدية للمتقاعدين قبل 1-1-2008.
ب-الحقوق التقاعدية لـ "المُستحِّق" استثناءً من هذا القانون.
ج- مكافأة نهاية الخدمة.
ثانيّاً: صندوق تقاعد موظفّي الدولة
1- تأسّس هذا "الصندوق" بموجب القانون رقم(27) لسنة 2006 باعتباره أحد تشكيلات هيأة التقاعد الوطنية، وصدر نظامه الداخلي في عام 2008.
2- بموجب قانون التقاعد الموحّد رقم(9) لسنة 2014(المادة 7- رابعاً) تمّ تحديد مهام الصندوق بما يأتي:
أ- احتساب مبالغ التوقيفات التقاعدية وجبايتها.
ب- صرف الحقوق التقاعدية للموظفين المُحالين إلى التقاعد.
ج- "استثمار" أموال الصندوق و "تنميتها" و "المُحافظة عليها".
3- بموجب القانون ذاته(المادة 32- ثالثاً) يتحمّل الصندوق ما يأتي:
أ- الرواتب التقاعدية للموظفّين المُحالين إلى التقاعد بعد 1-1-2008.
ب- المكافأة التقاعدية والمبلغ المقطوع ومكافأة العُطَل.
ثالثاً: ايرادات صندوق تقاعد موظفي الدولة، واستثمارها، وتنميتها، والمحافظة عليها
1- إيرادات الصندوق
بموجب المادة 9- أولاً- تتكوّن إيرادات الصندوق مما يأتي:
- مبالغ التوقيفات التقاعدية المُستقطَعة شهرياً من الموظفين.
-مساهمة الدولة البالغة 15% من الراتب الشهري للموظف.
-المبالغ المتأتية من استثمار أموال الصندوق.
وأيضاً(وهذا مهم جداً لإزالة الالتباس بصدد صرف الرواتب التقاعدية لفئات معينة)..
-مبالغ الرواتب التقاعدية المصروفة(استثناءً من أحكام هذا القانون) للمُحالين على التقاعد بعد 1-1-2008، التي تقوم وزارة المالية بإعادة مبالغها إلى الصندوق سنوياً.
- المنح والاعانات التي تقدمها وزارة المالية إلى الصندوق.
وبموجب المادة (ثالثاً) من القانون تقوم وزارة المالية بصرف "منحة سنوية" إلى الصندوق يُحدّد مبلغها بالتنسيق بين مجلس إدارة الصندوق ودائرة الموازنة لتغطية ما قد يواجه الصندوق من "أزمات مالية".
وهذا مهم جدّاً أيضاً.. لأنّ هذه "المِنحة" تتأثّر بدورها بوضع المالية العامة ذاته في "أوقات الأزمات".
2- استثمار وتنمية أموال الصندوق
استناداً للمادة( 7- رابعاً- ج) من قانون التقاعد الموحّد رقم(9) لسنة 2014.. أعلنت هيأة التقاعد الوطنية في "بيان توضيحي" صادر عن صندوق تقاعد موظفي الدولة في 6- أيلول- 2025، بأن الصندوق قد أصبحَ "مؤسسة اقتصادية قائمة على التمويل الذاتي، تهدف إلى الاستدامة المالية وحماية الحقوق التقاعدية للمشمولين بخدماته".
ومن أجل "إعادة توجيه عمل الصندوق نحو مهامه الأساسية، صدَرَ نظام رقم(8) لسنة 2025 بإلغاء النظام القديم لهيأة التقاعد الوطنية، كما صَدَر النظام الداخلي للهيأة وتشكيلاتها رقم(2) لسنة 2025.. ونُشِرَ النظامان في جريدة الوقائع العراقية/العدد 4834، بتاريخ 11-8-2025.. وبموجب "النظامان" المذكوران في أعلاه تمّ انجاز "الاطار التنظيمي المُوحَّد لجميع تشكيلات الهيأة، بما فيها صندوق تقاعد موظفي الدولة".
وبهذا(وكما ورَدَ في البيان التوضيحي للهيأة) "لم يتمّ الغاء الصندوق كمؤسسة"، بل لترسيخ
دوره كـمؤسسة اقتصادية عبر "تعزيز وتنمية الاستثمارات"، وأنّ الإعلان عن ذلك في هذا التوقيت ليس وليد اللحظة الراهنة، بل "جاء كثمرة سنوات من العمل الإصلاحي المتواصل".
وقد جسّدَت الهيأة هذه التوجهات فعلاً، بإعلانها عن "مشاركة الصندوق في تأسيس أوّل شركة وطنية للهاتف النقّال، بنسبة ثلث رأس المال".
والسؤال المهمّ هنا هو.. لماذا فرّطت الهيأة بسنين طويلة وعديدة من عدم "استثمار" أموال الصندوق و "تنميتها"، وفعَلَت ذلك الآن؟
رابعاً: عدد ورواتب المتقاعدين في العراق (عدا اقليم كردستان) 2003-2025
1- يقول أحمد عبد الجليل الساعدي(رئيس هيئة التقاعد الوطنية الأسبق)، أنّ عدد المتقاعدين في عام 2003، كان في حدود 450 ألف متقاعد.
( المصدر: جريدة الصباح عدد 14-6-2019).
2- بلغ عدد "الأضابير التقاعدية" (أي العدد الإجمالي للمتقاعدين المُسجّلين لدى هيئة التقاعد الوطنية، سواء أكانوا مستمرّين في استلام رواتبهم، أم لا، ولأيّ سببٍ من الأسباب)، كما يأتي:
السنة العدد الاجمالي(أضابير تقاعدية)
2014 4.083.161
2015 4.120.852
2017 4.610.666
(المصدر: وزارة المالية/ هيئة التقاعد الوطنية).
3- لغاية 10 أيلول/ 2025 بلغ عدد المتقاعدين "الفعليّين" 2.913.109 (ما يقرب من 3 ملايين متقاعد)، مقابل ما يقرب من 4 مليون "اضبارة تقاعدية"، وكان اجمالي الرواتب المدفوعة لشهر آب 2025 هو 1.808 ترليون دينار.
(المصدر: ماهر حسين رشيد/ الرئيس الحالي لهيئة التقاعد الوطنية/ في برنامج النقطة مع علي وجيه، 10-9-2025).
4- استناداً للرواتب المدفوعة لشهر آب( على وفق ما ورد في الفقرة 3 أعلاه) فإن أجمالي الرواتب التقاعدية واجبة الدفع للنصف الثاني من عام 2025 ستكون بحدود 10.848 ترليون دينار، وبتقديرات لنهاية عام 2025 قد تصل إلى 21.696 ترليون دينار.
4- بموجب حسابات الدولة لغاية حزيران 2025، بلغت الرواتب التقاعدية المدفوعة 9.304 ترليون دينار (بمعدل شهري قدره 1.551 ترليون دينار شهريّاً). وبهذا ستكون الرواتب التقاعدية واجبة الدفع للأشهر الستة المُتبقية من هذا العام بحدود 9.306 ترليون دينار.. وستكون في نهاية عام 2025 بحدود 18.610 ترليون دينار سنوياً).
(المصدر: وزارة المالية/ حسابات الدولة لغاية حزيران 2025).
هذا يعني أن اجمالي رواتب المتقاعدين واجبة الدفع لعام 2025 ستتراوح ما بين 18.608 و 21.696 ترليون دينار.
خامساً: رواتب "الرفحاويّين"
- تصل رواتب مُحتجزي رفحاء إلى 38 مليار دينار شهرياً، تُوزَّع على قرابة 30 ألف شخص.
(المصدر: ماهر حسين رشيد/ الرئيس الحالي لهيئة التقاعد الوطنية/ المركز الخبري الوطني، 15 كانون الأول/ ديسمبر 2024).
سادساً: متقاعدو إقليم كردستان
- يبلغ عدد متقاعدي إقليم كردستان 285 ألف متقاعد (لغاية شباط 2025).
(المصدر: صادق عثمان/ المتحدِّث باسم المتقاعدين في إقليم كردستان).
أخيراً..
بإمكانكم الآن قراءة كلّ ما تقدّم باسترخاءٍ تامّ، وبناء ما تشاؤون من "استنتاجات" على وفقه.
لم، ولن، أفرِضَ عليكم "وجهة نظري" الخاصة بهذا الصدد.
أُكَرِّرُ اعتذاري عن الإطالة، والتوسُّع في عرض التفاصيل.
كان ذلك ضروريّاً، ومُهمّاً جدّاً، نظراً لما أنطوى عليه موضوع التقاعد والمتقاعدين والرواتب التقاعدية وآليات صرفها في العراق من التباسات.
اضف تعليق