من اهم المقومات الجوهرية لنجاح الحكومة القادمة هو الاستناد على الشرعية الجماهيرية والشعبية، فأي حكومة تتشكل في عمقها على البرلمان والذي يمثل صوت الشعب العراقي، فلا يكفي الفوز بعد الانتخابات بل ينبغي احترام إرادة الناخب عبر تنفيذ البرامج التي وعدوا الناس بها، وان يكونوا بتماس مباشر معهم، وإدامة...

مع انتهاء الاستحقاق الانتخابي والذي تكلل بالنجاح الملفت للانتخابات البرلمانية التي أجريت في الحادي عشر من شهر تشرين الجاري والتي بلغت نسبة المشاركة 56.11%، تبدأ مرحلة جديدة من مراحل بناء الدولة العراقية، وتطوراً آخر يضاف الى مراحل تشكيل العملية السياسية في البلاد.

 ما يتطلب أن تكون هناك بادرة للبرلمان القادم في السعي والاسراع في تشكيل حكومة منتخبة تكون قادرة على تحويل النصر المتحقق في الانتخابات من الوعود الى الافعال ومن الخطاب السياسي الى الانجاز الواقعي، فان نجاح الحكومة لايقاس فقط بعدد المقاعد التي حصلت عليها ولا بحجم التمثيل في مقاعد البرلمان بل بقدرتها على إدارة الحكومة بكفاءة عالية، وتحقيق متطلبات وطموحات المواطن العراقي الذي قدم ما عليه من واجب اخلاقي ووطني بالذهاب الى الانتخابات والتعبية عن رأيه من خلال صناديق الاقتراع، ما يعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي للبلاد، ويتيح الفرصة لممثلي الشعب العراقي أن يمارسوا دورهم التشريعي والرقابي للحكومة المنتخبة.

ان من اهم المقومات الجوهرية لنجاح الحكومة القادمة هو الاستناد على الشرعية الجماهيرية والشعبية، فأي حكومة تتشكل في عمقها على البرلمان والذي يمثل صوت الشعب العراقي، فلا يكفي الفوز بعد الانتخابات بل ينبغي احترام إرادة الناخب عبر تنفيذ البرامج التي وعدوا الناس بها، وان يكونوا بتماس مباشر معهم، وإدامة هذا التواصل مع هولاء "الناخبين". 

كما هو الحال بالنسبة للبرلمان الذي يعول عليه اختيار وزراء يتمتعون بالخبرة والنزاهة بعيداً عن المحاصصة الحزبية والطائفية، وهذا ما يعزز ثقة المواطن العراقي بالعملية السياسية والحكومة العراقية وتضمن أداءً فاعلاً، وبالتالي يوسع دائرة الاستقرار السياسي الذي يبنى بالأساس على بناء تحالفات سياسية قوية ومتينة تكون قادرة على حماية الدولة والنظام السياسي.

 وأخذ خطوة نحو الامام والانفتاح على القوى الاخرى التي تمثل الصوت الآخر او كما تسمى "المعارضة"، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الاخرى والتي تعتبر من اهم عوامل الاستقرار، بالإضافة الى وضع آلية قانونية ودستورية وبمشاركة كل القوى السياسية لفتح ملف الفساد المستشري الذي ينخر جسد الدولة العراقية، فلا يمكن لاي حكومة أن تنجح دون مواجهة الفساد بجدية عبر الاجهزة الرقابية وتطبيق مبدأ "من أين لك هذا" على الجميع دون استثناء.

ينبغي أن يستشعر المواطن العراقي في كل المحافظات واقليم كردستان ان الحكومة المركزية تعمل من أجله عبر تحسين الخدمات وتوفير فرص العمل وتقليص الفجوة بين المركز والاطراف، والنهوض بالواقع الاقتصادي للبلاد عبر برامج ومشاريع رائدة، بالإضافة الى تشجيع الاستثمار وبما يحقق طفرة كبيرة في مجال التقدم العمراني، وهذا يأتي من خلال خطوات عملية ومدروسة لتعزيز هذا النجاح من خلال اطلاق برنامج" المئة يوم" الاولى لتقييم الأداء المبكر وتحديد الاولويات العاجلة، وتفعيل دور الحكومة الرقمية لتقليل البيروقراطية وتحسين الخدمات، وإشراك مؤسسات المجتمع المدني الداخلية التي ترتبط بالمواطن العراقي وليس من خلال الاجندات الخارجية المشبوهة في الرقابة وصنع القرار لتعزيز الشفافية والمساءلة.

 بالإضافة الى إيجاد التعديلات المناسبة للدستور العراقي عبر المشاركة المباشرة مع كل القوى السياسية وبما يحقق التوازن المطلوب في صنع القرار السياسي، بالإضافة الى تفعيل "ملف العلاقات الخارجية" من خلال تعزيز العلاقات الخارجية المتوازنة وبما يخدم المصالح الوطنية والحفاظ على سيادة البلاد وعدم التدخل بشؤون الدول الاخرى، وبالمقابل عدم السماح بالمساس بسيادة العراق والتدخل بشؤونه الداخلية عبر أي جهة كانت.

الحكومة القادمة أمام اختبار حقيقي، فاما أن تكون حكومة إنجازات تُعيد الثقة بالدولة، أو أن تتحول إلى رقم جديد في سجل الحكومات العابرة، فالنجاح ليس خيارًا، بل ضرورة وطنية، ومسؤولية تاريخية أمام الأجيال القادمة.

اضف تعليق