في ثلاثة أوامر تنفيذية، فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 25 بالمئة على الواردات المكسيكية والكندية باستثناء واردات الطاقة الكندية التي ستفرض عليها رسوم بنسبة 10 بالمئة، ورسوم بنسبة 10 بالمئة على السلع القادمة من الصين، وتعهد بالإبقاء على الرسوم الجمركية حتى انتهاء حالة طوارئ وطنية بسبب الفنتانيل، وهي مادة مخدرة قاتلة...
نفّذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعيده بزيادة التعريفات الجمركية على المنتجات الصينية بعدما اتهم بكين بممارسات تجارية غير عادلة وبعدم اتخاذ إجراءات في ما يتعلّق بتهريب الفنتانيل إلى الولايات المتحدة.
فقد أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا يوم السبت بفرض رسوم جمركية كبيرة على كندا والمكسيك والصين، وطالبهم بوقف تدفق عقار الفنتانيل والمهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة، ليشعل بذلك حربا تجارية قد تقوض النمو العالمي وتؤجج التضخم.
وتعهدت المكسيك وكندا، أكبر شريكين تجاريين للولايات المتحدة، على الفور بفرض رسوم جمركية مضادة، في حين قالت الصين إنها ستطعن على قرار ترامب أمام منظمة التجارة العالمية وستتخذ "تدابير مضادة" أخرى.
وفي ثلاثة أوامر تنفيذية، فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 25 بالمئة على الواردات المكسيكية والكندية باستثناء واردات الطاقة الكندية التي ستفرض عليها رسوم بنسبة 10 بالمئة، ورسوم بنسبة 10 بالمئة على السلع القادمة من الصين، اعتبارا من يوم الثلاثاء.
وتعهد ترامب بالإبقاء على الرسوم الجمركية حتى انتهاء ما وصفها بأنها حالة طوارئ وطنية بسبب الفنتانيل، وهي مادة مخدرة قاتلة من مشتقات الأفيون، والهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة. ولم يقدم البيت الأبيض أي معايير أخرى لتحديد ما قد يلبي مطالب ترامب.
وردا على المخاوف التي أثارتها مصافي النفط وولايات الغرب الأوسط، فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 10 بالمئة فقط على منتجات الطاقة من كندا، في حين تواجه واردات الطاقة المكسيكية الرسوم الجمركية الكاملة البالغة 25 بالمئة.
وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن كندا سترد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على سلع أمريكية بقيمة 155 مليار دولار، بما في ذلك البيرة والنبيذ والأخشاب والأجهزة، بدءا من فرض رسوم جمركية بقيمة 30 مليار دولار اعتبارا من الثلاثاء و125 مليار دولار بعد 21 يوما.
وحذر ترودو المواطنين الأمريكيين من أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب سترفع تكاليف المواد الغذائية والبنزين بالنسبة لهم، مما قد يؤدي إلى إغلاق مصانع تجميع السيارات والحد من إمدادات السلع مثل النيكل والبوتاس واليورانيوم والصلب والألمنيوم. وحث مواطنيه على الامتناع عن السفر إلى الولايات المتحدة ومقاطعة المنتجات الأمريكية.
وقالت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم في منشور على موقع إكس إنها أصدرت تعليمات لوزير الاقتصاد بتطبيق رسوم جمركية مضادة، لكنها لم تذكر تفاصيل.
وقالت كندا والمكسيك إنهما تعملان معا لمواجهة الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.
ولم تحدد وزارة التجارة الصينية التدابير المضادة التي تعتزم اتخاذها. وترك بيانها الباب مفتوحا أمام المحادثات بين واشنطن وبكين.
وقالت إن "الصين تأمل أن تنظر الولايات المتحدة إلى قضية الفنتانيل وغيرها من القضايا وتتعامل معها بطريقة موضوعية وعقلانية"، مضيفة أن بكين تريد "الانخراط في حوار صريح وتعزيز التعاون وإدارة الخلافات".
وذكر تقرير أصدره البيت الأبيض أن الرسوم الجمركية ستظل سارية "حتى تخف حدة الأزمة"، لكنها لم تذكر تفاصيل بشأن ما يتعين على الدول الثلاث القيام به للحصول على إعفاء.
وستتأثر شركات صناعة السيارات بشكل خاص، مع فرض رسوم جمركية جديدة باهظة على المركبات المصنعة في كندا والمكسيك، مما يثقل كاهل سلسلة توريد إقليمية واسعة حيث يمكن للأجزاء عبور الحدود عدة مرات قبل التجميع النهائي.
ويأتي إعلان الرسوم الجمركية تنفيذا للتهديد المتكرر الذي أطلقه ترامب خلال حملته الرئاسية لعام 2024 ومنذ توليه منصبه، متحديا تحذيرات كبار خبراء الاقتصاد من أن حربا تجارية جديدة مع كبار شركاء الولايات المتحدة التجاريين من شأنها أن تؤدي إلى تآكل النمو في الولايات المتحدة والعالم، في ظل ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين والشركات.
ورحب الجمهوريون بهذه الأنباء، في حين حذر الديمقراطيون وجماعات صناعة بشدة من تأثير ذلك على الأسعار.
كان ترامب قد حدد الأول من فبراير شباط موعدا نهائيا للضغط من أجل اتخاذ إجراءات قوية لوقف تدفق الفنتانيل والمواد الكيميائية الأولية إلى الولايات المتحدة من الصين عبر المكسيك وكندا، وكذلك لمنع المهاجرين غير الشرعيين من عبور الحدود الأمريكية.
وتعهد ترامب يوم الجمعة بالمضي قدما في فرض الرسوم على الرغم من إقراره بأنها قد تسبب اضطرابات وصعوبات للأسر الأمريكية.
حرب تجارية متجددة مع الصين
وفرض الجمهوري السبت ضرائب إضافية بنسبة 10 في المئة على السلع الصينية، لتُضاف إلى تلك التي كانت مفروضة في السابق.
وبلغ إجمالي عمليات التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة أكثر من 350 مليار دولار خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام 2024، وفقا لواشنطن.
وفي هذه الفترة، بلغت قيمة الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة أكثر من 400 مليار دولار، بحسب أرقام أميركية، ما يجعل الصين ثاني أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، بعد المكسيك.
الصين من المورّدين الرئيسيين لسلع مثل الإلكترونيات والملابس والمنسوجات إلى الولايات المتحدة، وفقا لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي.
ولكن الخلل الكبير في الميزان التجاري شكّل لفترة طويلة مصدر قلق في واشنطن، مع بلوغ العجز التجاري مع العملاق الآسيوي 270 مليار دولار خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام 2024، وفقا لأرقام أميركية أيضا.
ويساعد الدعم الهائل الذي تقدّمه الدولة الصينية لصناعتها، فضلا عن المعاملة غير المتوازنة التي تحظى بها الشركات الأميركية الموجودة على الأراضي الصينية، في تغذية اتهامات واشنطن لبكين بالإغراق، أي بالتصدير بسعر أقل من الأسعار المحلية. ويتطلّب إثبات الإغراق أدلّة أكبر من مجرّد الزيادة في الواردات، الأمر الذي يأخذ وقتا.
ومع ذلك، يبقى الاقتصاد الصيني معتمدا بشكل كبير على الصادرات، الأمر الذي يفسّر إحجام قادتها عن تغيير الوضع الراهن.
وخلال ولايته الرئاسية الأولى، فرض قطب العقارات رسوما جمركية على واردات صينية بقيمة مئات المليارات من الدولارات.
وتمثّلت المطالب الرئيسية للولايات المتحدة، في إتاحة الوصول بشكل أفضل إلى السوق الصينية التي تقيّدها سيطرة صارمة من جانب الدولة، بينما تحصل الشركات الوطنية على الأفضلية فيها.
وفي ذلك الوقت، ردّت بكين بفرض ضرائب على الواردات من الولايات المتحدة، الأمر الذي أضرّ خصوصا بالزراعة الأميركية.
بعد مفاوضات طويلة وشاقة، توصّل البلدان إلى ما سُمّي بـ”المرحلة الأولى” من اتفاق تجاري في العام 2019، ما أدى إلى هدنة في الحرب التجارية بينهما.
وبموجب الاتفاق، تعهّدت الصين استيراد منتجات أميركية بقيمة 200 مليار دولار، من بينها منتجات زراعية ومأكولات بحرية بقيمة 32 مليار دولار.
غير أنّ الخبراء يؤكدون أن بكين لم تحقّق هذه الأهداف، جراء الصدمة الاقتصادية التي واجهتها بعد فترة وجيزة من جائحة كوفيد-19.
ويقول تشاد براون المحلل في “معهد بيترسون للاقتصاد الدولي” إنّ “الصين لم تصل إلا إلى 58 في المئة من الواردات من الولايات المتحدة المنصوص عليها في الاتفاق، وهو أدنى حتى من المستوى الذي كانت عليه قبل الحرب التجارية”.
بعد انتخابه في العام 2020، لم يلغِ جو بايدن الرسوم الجمركية التي فرضها سلفه، ولكنّه اعتمد نهجا أكثر تحديدا للأهداف.
وكثّفت واشنطن جهودها لتقييد صادرات الرقائق الإلكترونية إلى بكين، في إطار استراتيجية تهدف إلى منع وصول التكنولوجيا الأميركية إلى الجيش الصيني.
كذلك، زادت إدارة بايدن بعض التعريفات الجمركية ردا على ما وصفته بـ”الفائض الصناعي” في الصين، في محاولة لمواجهة تأثير الإعانات الحكومية المقدّمة للمصنّعين الصينيين، والتي من شأنها أن تؤدي إلى إغراق الأسواق بالسلع الرخيصة.
كما ضاعفت الرسوم على المركبات الكهربائية أربع مرات، لتصل إلى مئة في المئة، في حين رفعت التعريفات الجمركية على أشباه الموصلات من 25 إلى 50 في المئة.
واستُهدفت أيضا البطاريات والمعادن الأساسية والمعدّات الطبية بهذا الإجراء.
وأثبت الرئيس الجمهوري أنّه كان جادّا في تهديداته التي أطلقها خلال حملته الانتخابية.
ولكنه ربط الرسوم الجمركية بمصير ملكية تطبيق تيك توك، وهدّد باتخاذ إجراءات إذا لم تتنازل الشركة الصينية الأم بايت دانس عن الشبكة الاجتماعية.
وتعهّدت وزارة التجارة الصينية الرد بـ”إجراءات خاصة بها… لحماية حقوق ومصالح الصين بشكل حازم”.
من جانبها، جدّدت الخارجية الصينية التأكيد أنّه “لا يوجد فائز في حرب تجارية أو في حرب جمركية”، معتبرة أنّ هذه المعركة الجديدة “ستؤثر حتما وتضر بالتعاون المستقبلي في مجال مكافحة المخدرات”.
ويأتي ذلك فيما تتهم الولايات المتحدة الصين باعتماد نهج سلبي إزاء تهريب الفنتانيل إلى أراضيها. وأدّت هذه المادة الأفيونية إلى أكثر من 70 ألف حالة وفاة جراء جرعات زائدة في الولايات المتحدة، وفقا للسلطات الأميركية.
وقالت وزارتا المالية والتجارة الصينيتان إن بكين ستطعن على قرار ترامب في منظمة التجارة العالمية، وهو إجراء رمزي، وستتخذ "إجراءات مضادة" ردا على الرسوم التي تدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء دون تحديد طبيعة تلك الإجراءات.
ولم يصل رد الصين إلى حد التصعيد الفوري الذي اتسمت به الحرب التجارية مع ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى بل جاء مماثلا للهجة تصريحات محسوبة بدقة استخدمتها الصين في الأسابيع القليلة الماضية.
وجاء الرد الصيني الهادئ نسبيا على النقيض من إجراءات رد بالمثل ولهجة حادة من كندا، حليفة الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، والمكسيك وهي الوجهة الأساسية للصادرات الأمريكية.
وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان إن فرض الرسوم الجمركية الأمريكية "ينتهك بشكل خطير" قواعد التجارة العالمية وحثت الولايات المتحدة على "التواصل في حوار صريح وتعزيز التعاون".
وتقديم الصين لطعن لدى منظمة التجارة العالمية لا يكبد واشنطن أي خسائر أو أضرار فورية مباشرة.
لكن الصين ردت بحدة يوم الأحد فيما يتعلق بمادة الفنتانيل، وهي مسألة كانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن تحث فيها بكين أيضا على اتخاذ إجراءات صارمة ضد شحنات المواد الكيميائية الأولية المصنعة في الصين واللازمة لتصنيع المادة.
وقالت وزارة الخارجية الصينية "الفنتانيل مشكلة أمريكا... لقد نفذ الجانب الصيني تعاونا واسع النطاق في مكافحة المخدرات مع الولايات المتحدة وحقق نتائج ملحوظة".
خسارة الصين هامشية
لا تبدو زيادة الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية خطيرة في هذه المرحلة، ولكنها قد تنذر بهجمات تجارية جديدة لدونالد ترامب قد تلحق ضررا أوسع بثاني أكبر اقتصاد في العالم، بحسب محللين.
رأى تشيوي تشانغ، رئيس شركة بينبوينت لإدارة الأصول، أن الضرائب الإضافية التي فُرضت حاليا على بكين “لا تشكل صدمة كبيرة للاقتصاد الصيني”.
وقال المحلل “لا أعتقد أنه سيتعيّن على الصين أن تتخذ إجراءات مثل خفض قيمة عملتها للتعويض”.
ولاحظ خبراء في بلومبرغ إيكونوميكس أن زيادة الرسوم الجمركية بنسبة 10 بالمئة قد تؤدي إلى خفض صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 40 بالمئة، ما يمثل 0,9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للعملاق الآسيوي.
وعليه ستكون خسارة الصين هامشية لكن من شأنها أن تزيد الضغوط على المسؤولين السياسيين في البلاد الذين يواجهون تباطؤ النمو، فضلا عن أزمة كبيرة في قطاع العقارات، وضعف في الاستهلاك المحلي.
يعتبر خبراء أن ترامب يبدو أكثر تركيزا حاليا على كندا والمكسيك منه على الصين.
لكن الدول الثلاث توعدت بالرد على فرض ترامب تعريفات جمركية إضافية.
من جانبه، يعتزم الرئيس الجمهوري مواصلة رفع التعريفات الجمركية.
ورأى بول أشوورت، كبير الاقتصاديين المتخصصين في شؤون أميركا الشمالية لدى “كابيتال إيكونوميكس”، أن حزمة الزيادات الأولى “ليست سوى الضربة الأولى في ما يمكن أن يصبح حربا تجارية عالمية مدمرة”.
وبعد كندا، أعلنت بكين الأحد أنها ستتخذ إجراءات للدفاع عن “حقوقها ومصالحها”، من دون ذكر تفاصيل.
وقال غاري نغ الخبير الاقتصادي في ناتيكسيس إنه “يمكن للصين أن ترد بفرض رسوم جمركية مماثلة على الواردات الأميركية، فتحدّ من صادرات المواد الحيوية، وتقيّد وصول بعض الشركات الأميركية إلى سوقها”.
وأضاف لوكالة فرانس برس أن الصين “قد تجد أيضا فرصة لتقسيم حلفاء الولايات المتحدة وبناء علاقات أقوى مع دول أخرى”.
وقال تشيوي تشانغ إن “المفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة ستشكل عملية طويلة”.
خلال نهاية الأسبوع الحالي، أثار خبر فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية إضافية على المنتجات الصينية شكوكا في شوارع بكين.
وقال تشو ييمينغ الذي يعمل في مجال الاستثمار الخاص لوكالة فرانس برس إن “الصين لا تهتم حقا بالحواجز (التجارية) لأننا استعددنا لها”.
وأضاف الشاب البالغ 36 عاما أن سلاسل التوريد القوية وصادرات الصين الرخيصة كانت “في الواقع جيدة للشعب الأميركي، ولكن مؤيدي (ترامب) ربما يحتاجون إلى بعض الحواجز التجارية للمساعدة في إعادة وظائف إلى الولايات المتحدة”.
وتابع “في النهاية، سيتحمل الناس العاديون عبء الرسوم الجمركية”.
وأكد معظم من تحدثت إليهم وكالة فرانس برس أنهم ليسوا على علم بزيادة الضرائب أو أنهم لا يفهمون الوضع جيدا.
ورفض البعض الحديث عن الأمر لأن العلاقات الصينية الأميركية موضوع حساس سياسيا في البلاد.
الأميركيون يعانون من تداعيات الرسوم الجمركية
بدوره أقر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأحد بأن مواطنيه قد يشعرون “بألم” اقتصادي بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها على شركائه التجاريين الرئيسيين، لكنه اعتبر أن تأمين المصالح الأميركية “يستحق هذا الثمن”.
واستند في فرضه للرسوم التي تدخل حيّز التنفيذ الثلاثاء إلى “قانون القوى الاقتصادية الدولية الطارئ”.
دفعت الخطوة الدول المعنية للتعهد بالرد بينما حذّر محللون من أن اندلاع حرب تجارية سيؤدي على الأرجح إلى تراجع النمو في الولايات المتحدة ورفع أسعار السلع الاستهلاكية على الأمد القصير.
وكتب ترامب على موقعه للتواصل الاجتماعي تروث سوشال “هل سيكون هناك بعض الألم؟ نعم، ربما (وربما لا)”. وأضاف “لكننا سنجعل أميركا عظيمة مجددا، ويستحق هذا الثمن الذي يجب دفعه”.
سبق للرئيس ومستشاريه أن رفضوا الإقرار بأن الرسوم ستؤدي الى رفع أسعار السلع الاستهلاكية بعدما اعتُبر الغضب الناجم عن ارتفاع الأسعار من بين العوامل الرئيسية التي أدت إلى فوزه في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر على المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس.
وفي منشور منفصل، جدد ترامب دعوته الى جعل كندا ولاية أميركية، في تصريحات تفاقم التوتر أكثر مع أحد أبرز حلفاء بلاده بعدما فرض عليها رسوما جمركية باهظة.
وإذ أشار إلى أن الولايات المتحدة تدفع “مئات مليارات الدولارات لدعم كندا”، قال ترامب “من دون هذا الدعم الهائل، لما كانت كندا موجودة كدولة قابلة للحياة”.
وأضاف “لذلك، على كندا أن تصبح ولايتنا الـ51 الغالية”، مشيرا إلى أن خطوة من هذا النوع ستؤدي إلى “ضرائب أقل بكثير وحماية عسكرية أفضل بكثير بالنسبة الى الشعب الكندي — ولا رسوم!”.
وبحسب مكتب الإحصاء الأميركي، بلغ العجز التجاري في السلع مع كندا العام الماضي 55 مليار دولار.
وتعهّد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو السبت أن ترد بلاده بفرض رسوم نسبتها 25% على سلع أميركية معيّنة بقيمة 155 مليار دولار كندي (106,6 مليارات دولار أميركي)، على أن تفرض أول جولة من الرسوم الثلاثاء تليها الثانية في غضون ثلاثة أسابيع.
وأعلن حكام عدد من المقاطعات الكندية بالفعل عن إجراءات انتقامية، على غرار وقف شراء الخمور الأميركية فورا.
في الأثناء، أكدت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم أنها وجّهت وزير الاقتصاد في حكومتها بـ”تطبيق الخطة ب” التي تتضمن تدابير غير محددة بعد “تقوم على (فرض) الرسوم وغير ذلك”.
ونددت هيئة تحرير صحيفة “وول ستريت جورنال” اليمينية الجمعة بالرسوم في مقال تحت عنوان “الحرب التجارية الأغبى في التاريخ”، مشيرة إلى أن “الأميركيين سيشعرون بأثر ارتفاع تكاليف بعض السلع”.
ورد ترامب الأحد بالقول إن “+لوبي (جماعة ضغط) الرسوم الجمركية+ بزعامة وول ستريت جورنال المدافعة عن العولمة والمخطئة على الدوام، يعمل جاهدا لتبرير.. عقود من الاحتيال على أميركا في ما يتعلق بالتجارة والجريمة والمخدرات السامة”.
ولطالما اشتكى من العجز التجاري الأميركي باعتباره مؤشرا الى استغلال بلدان أخرى للأميركيين.
وقال “ولّت تلك الأيام!”.
وهدد الرئيس الأميركي مرات عدة بالتحرّك ضد الاتحاد الأوروبي أيضا. وقال ناطق باسم المفوضية الأوروبية الاحد إن التكتل “سيرد بحزم على أي شريك تجاري يفرض بشكل غير منصف أو تعسفي رسوما على سلع الاتحاد الأوروبي”.
بدورها قالت السفيرة الكندية في واشنطن كيرستن هيلمان يوم الأحد لشبكة إيه.بي.سي نيوز إن كندا تأمل ألا تدخل الرسوم الجمركية الضخمة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيز التنفيذ يوم الثلاثاء، لكن الشعب الكندي يتوقع من حكومته أن تقف بحزم في النزاع التجاري مع واشنطن.
وأضافت هيلمان "أعتقد أن الشعب الكندي سيتوقع أن تقف حكومتنا بحزم وتدافع عن نفسها".
وأوضحت "نحن لا نريد أبدا التصعيد، لكنني أعتقد أن حكومتنا ستكون مطالبة بشدة بالتأكد من أننا ندافع عن الاتفاق الذي أبرمناه مع الولايات المتحدة".
وأشارت هيلمان إلى أن المسؤولين من كلا البلدين يواصلون الاجتماع على أمل وقف سريان الرسوم الجمركية.
وأضافت أنها تأمل أن يستوعب المستهلكون الأمريكيون أن كندا تفرض تدابير مضادة مؤلمة على مضض.
وقالت "رسالتنا هي أن هذا ليس شيئا تريد كندا القيام به، وهذا ليس المسار الذي نرغب في اتباعه".
الاتحاد الأوربي يتعهد بالرد في حال استهدافه
بدوره انتقد الاتحاد الأوروبي الأحد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على الواردات من كندا والمكسيك والصين، واصفا الخطوة بأنها “تضر بجميع الأطراف”.
وحذّرت المفوضية الأوروبية من أن “الاتحاد الأوروبي يعتقد اعتقادا راسخا أن التعريفات الجمركية المنخفضة تعزز النمو والاستقرار الاقتصادي”، لكنه “سيرد بحزم” إذا تم استهدافه بتعريفات “غير منصفة”.
ونبّهت المفوضية الأوروبية الى أن “الرسوم الجمركية تحدث اضطرابات اقتصادية غير ضرورية وتزيد من التضخم. وهي ضارة بجميع الأطراف”، كما اعتبرت أن “فتح الأسواق واحترام قواعد التجارة الدولية أمران ضروريان لتحقيق نمو اقتصادي قوي ومستدام”.
وفي حين أبدى دونالد ترامب مرارا رغبته في فرض تعريفات جمركية على المنتجات الأوروبية أيضا، نفت المفوضية الأوروبية علمها بأي رسوم جديدة “في الوقت الحاضر”.
وقالت المفوضية إن “علاقاتنا التجارية والاستثمارية مع الولايات المتحدة هي الأهم في العالم. المخاطر عالية. يجب أن نسعى معا إلى تعزيز هذه العلاقة”.
من جهته قال كلاس كنوت عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي يوم الأحد إنه يتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة في الولايات المتحدة مما سيضعف اليورو على الأرجح.
وأضاف كنوت، الذي يشغل أيضا منصب محافظ البنك المركزي الهولندي، في مقابلة مع التلفزيون الهولندي أن الحروب التجارية تضر بجميع الأطراف وأن أفضل رد على الرسوم الجمركية من الناحية الاقتصادية هو عدم القيام بأي شيء.
لكنه توقع أن ترد الدول المعنية لاعتبارات سياسية.
وقال "أوروبا لن تقبل بممارسة الضغوط عليها. نحن أيضا تكتل تجاري قوي يضم 400 مليون مستهلك".
وقال كنوت إن من المحتم أن تشهد الأسعار في الولايات المتحدة صعودا نتيجة لفرض هذه الرسوم، وهو ما سينجم عنه ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين وارتفاع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم الناتج.
وتابع "نرى ذلك ينعكس بالفعل في السندات طويلة الأجل... بعض تداعيات ذلك ستمتد إلى أوروبا".
وأضاف أنه أيد خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة قبل أيام، ويعتقد أن التضخم في أوروبا يتجه نحو هدف البنك المركزي البالغ اثنين بالمئة.
اضف تعليق