q
في السنوات الأخيرة ازداد عدد العاملين في الوظائف المؤقّتة أو العاملين لحسابهم أو عقود العمل المؤقّتة. فقد بدا أن الجائحة كانت سبباً أساسياً في هذا التحوّل الطارئ على بنية العمل، إذ بات العمل التعاقدي أو القصير الأجل والمستقلّ، يحلّ بدلاً من العمل التقليدي بدوام كامل...

في السنوات الأخيرة ازداد عدد العاملين في الوظائف المؤقّتة أو العاملين لحسابهم أو عقود العمل المؤقّتة. فقد بدا أن الجائحة كانت سبباً أساسياً في هذا التحوّل الطارئ على بنية العمل، إذ بات العمل التعاقدي أو القصير الأجل والمستقلّ، يحلّ بدلاً من العمل التقليدي بدوام كامل. وهذا الأمر تعزّز أكثر بتطوّر الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن ظهور وظائف متصلة باقتصاد المؤثّرين على منصات التواصل الاجتماعي (influencers). لكن ماذا يعني هذا الاتجاه للعمّال؟

في ظل جائحة كورونا، نما الطلب على عقود العمل المؤقّتة، ولا سيما أنه تبيّن للشركات أنه يمكن تنفيذ المهام بعيداً عن مكان العمل التقليدي. لكنّ الأمر لم يكن ممكناً لو لم يتطوّر الذكاء الاصطناعي. فمن جهة جرت أتمتَة العديد من المهام التي كان يقوم بها البشر سابقاً، ما أتاح للشركات توفير الأكلاف التشغيلية عبر استخدام عمال مؤقتين، بدلاً من تعيين موظفين بدوام كامل. وفي ظل ظهور الأنظمة والتطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بات أسهل على طرفي العقد، أي الموظف والشركة، أن يعثر أحدهما على الآخر لمطابقة المواصفات المعروضة مع تلك المطلوبة ومقارنة الخبرات. كما أن الذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بالطلب في مجالات محددة ومناطق جغرافية وظروف معينة لتوجيه العمّال في اتجاه ضمان وجود ما يكفي لتلبية الطلب.

70 مليون أميركي أو 44% من القوة العاملة الأميركية يعملون اليوم ضمن اقتصاد الوظائف المؤقّتة، هذا التحوّل يثير مخاوف العمال حول العالم بشأن الأمن الوظيفي والمزايا الوظيفية والتجمعات النقابية. فمع العمل التقليدي، غالباً ما يأتي شعور بالاستقرار وتأمين صحي، بالإضافة إلى مدّخرات التقاعد والإجازات المدفوعة الأجر... غير أن العمل في وظائف ذات طابع تعاقدي قصير الأجل أو مؤقّت، يفتقر إلى هذه المزايا، ويترك العمال بلا حماية اجتماعية. مصدر قلق آخر هو أن اقتصاد الوظائف المؤقّتة يمكن أن يؤدي إلى ركود الأجور والاستغلال. فعندما يتم تصنيف العمّال كمقاولين مستقلين بدلاً من موظفين، لا يحقّ لهم التمتع بنفس الحماية والمزايا مثل الموظفين التقليديين، ما يعني انخفاضاً في مستويات الأجور والمخصّصات المرتبطة بها، فضلاً عن صعوبة تكوين النقابات والقدرة على المفاوضة الجماعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من العاملين في الوظائف المؤقّتة، يُصنّفون غير مؤهلين للحصول على إعانات البطالة ودخول شبكات الأمان الاجتماعي الأخرى. هذا يجعل من الصعب على العمال تغطية نفقاتهم عندما يكون العمل نادراً أو عندما يكونون غير قادرين على العمل بسبب المرض أو الإصابة.

وفقاً لأرقام «ستاتيستا»، فإن أكثر من 70 مليون أميركي، أو 44% من القوة العاملة الأميركية، يعملون اليوم ضمن اقتصاد الوظائف المؤقّتة. وساهم هؤلاء بنحو 1.3 تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي في عام 2020. ورغم أن الولايات المتحدة تُعد أكبر الأسواق للعمالة المؤقّتة، إلا أن التوظيف المؤقّت بات مرغوباً في جميع أنحاء العالم. وتمثل المنصات الخاصة مثل «Airbnb»، وخدمات مشاركة الرحلات مثل «Uber» أبرز الوظائف المؤقّتة في العالم. وهناك عدة أسباب لهذا الاتجاه، خصوصاً أن الشعبية المتزايدة لاقتصاد الوظائف المؤقّتة هي جزئياً استجابة لمفهوم العمل المتغير، حيث يبحث العديد من الأشخاص عن شيء مختلف، شيء له معنى وهدف أكبر، لا أن يمضي المرء حياةً بأكملها يقرأ البريد الإلكتروني. وتتحول الشركات أيضاً إلى نموذج أعمال أكثر مرونة ولا مركزية، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على عمال الوظائف المؤقّتة ويحقق للشركات أرباحاً كبرى.

الذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بالطلب في مجالات محددة ومناطق جغرافية وظروف معينة، وبحسب تقرير نشره موقع «creditsummit»، يتوقع أن يرتفع اقتصاد الوظائف المؤقّتة في الولايات المتحدة إلى 90 مليوناً بحلول عام 2028. وهذا يعني انضمام نحو 51% من إجمالي القوى العاملة إلى هذا التصنيف. وبحلول عام 2026، يتوقع أن يتوسع سوق العمل الحرّ العالمي بمعدل نمو سنوي يبلغ 15%.

في جميع أنحاء العالم، يشكّل مصمّمو الويب والرسومات 30% من جميع العاملين لحسابهم الخاص. في المقابل، يعمل 50% من المستقلّين في مجالات مهنية مثل التسويق وتكنولوجيا المعلومات والاستشارات وبرمجة الكمبيوتر.

اضف تعليق