يُعتقد أن عام 2023 سيكون ثالث أسوأ عام بالنسبة لنمو الاقتصاد العالمي في هذا القرن بعد الأزمة الاقتصادية لعام 2009، ثم الركود الكبير الذي تسبب به الجائحة عام 2020. خبراء يتوقعون أن الاقتصادات الكبرى، وضمنها الاقتصادي الأمريكي والأوروبي والبريطاني، ستدخل مرحلة ركود في هذا العام...
غزو روسيا لأوكرانيا وجه ضربة بالغة لجهود إنعاش الاقتصاد العالمي بعد الركود الذي تسببت به الجائحة. فكيف سيكون الحال في عام 2023؟ وهل من أمل لوقف التضخم؟ كان عام 2021 عاماً صعباً للغاية بسبب جائحة كوفيد-19، وكان من المتوقع أن يكون عام 2022 عام التعافي، لكن العالم دخل في موجة من الركود الاقتصادي بسبب تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ يوم 24 فبراير/شباط 2022 وأضحى حدث العام بامتياز.
الحرب في أوكرانيا، وما نتج عنها من عقوبات اقتصادية مفروضة على روسيا لدفعها لوقف الغزو، أدت إلى توتر في العلاقات الدولية، ورفعت أسعار المحروقات والغداء إلى مستويات قياسية، وخلقت اضطرابات في سلاسل التوريد. ومن أكبر النتائج ارتفاع نسب التضخم، واضطرار البنوك إلى رفع أسعار الفائدة، ما أدى في النهاية إلى تعميق مشاكل الاقتصاد العالمي التي خلفتها الجائحة. وفقا لموقع d.w الالماني.
فكيف سيكون حال الاقتصاد العالمي عام 2023؟
استمرار الأزمة
يُعتقد أن عام 2023 سيكون ثالث أسوأ عام بالنسبة لنمو الاقتصاد العالمي في هذا القرن بعد الأزمة الاقتصادية لعام 2009، ثم الركود الكبير الذي تسبب به الجائحة عام 2020. خبراء يتوقعون أن الاقتصادات الكبرى، وضمنها الاقتصادي الأمريكي والأوروبي والبريطاني، ستدخل مرحلة ركود في هذا العام بما أن البنوك المركزية تستمر في رفع أسعار الفائدة لأجل محاولة التحكم في أسعار الخدمات والبضائع الأساسية.
دخل الاقتصاد الأوروبي مسبقاً في أزمة كبيرة بسبب نقص الطاقة التي سببها الاعتماد الكبير على سوق الطاقة الروسي ومحاولة دول أوروبية التحرر من هذه التبعية بينما أوقفا موسكو الإمدادات. ويشير خبراء من معهد المالية الدولي (IIF) أن مدى خطورة الركود ستتحدد بمصير الحرب في أوكرانيا، خصوصا مع تخوفهم من إمكانية أن تكون حربا دائمة.
لكن كذلك هناك تفاؤل بإمكانية أن يكون الركود قصير الأجل ولن تتجاوز تأثيراته خلال هذا العام سوى ارتفاعاً طفيفاً في معدلات البطالة، ويبرز خبراء من مؤسسة كابيتال إكونوميكس أن التضخم بدأ يتراجع في العالم منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقد تتوافر القدرة للبنوك على التحكم أكثر، وبالتالي إمكانية بدء التعافي في أواخر 2023.
التضخم سيستمر
من المتوقع أن يبقى ارتفاع الأسعار معتدلاً في عام 2023، خصوصاً مع ضُعف الطلب العالمي وتراجع أزمات العرض وتوقع هبوط أسعار الطاقة وانخفاض تكاليف الشحن. لكن عموماً ستبقى نسب التضخم فوق المستويات المستهدفة للبنوك المركزية، ما سيجعل ارتفاع أسعار الفائدة مستمراً، وبالتالي إمكانية تفاقم أزمة الديون العالمية.
في منطقة اليورو، سينخفض التضخم لكن بشكل بطيء مقارنة بالولايات المتحدة. ستشهد ألمانيا بدورها هذا الانخفاض بفضل التدابير المتخذة كوضع مكابح لمنع وصول أسعار الطاقة إلى مستويات كبيرة، لكن المستوى العام للتضخم سيبقى مرتفعاً بسبب الإنفاق الحكومي الكبير على القطاع الاجتماعي لدعم السكان.
وحسب أندرو كينينجهام ، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في "كابيتال إيكونوميكس"، فإن المرونة التي يعرفها اقتصاد منطقة اليورو، قد تؤدي إلى استمرار التضخم لمدة أطول، خصوصاً لعدم استقرار أسواق الطاقة المعتمد على مسار الحرب في أوكرانيا وكذلك على أحوال الطقس العالمية.
كورونا لا تزال
جائحة كورونا بدورها لم تنته بعد. الصين أعلنت إنهاء سياستها المتعلقة بمنع انتشار الفيروس، وخلال الأيام الماضية شهدت البلاد ارتفاع أرقام الإصابات مجددا. ومن المتوقع أن تسبب الجائحة خلال هذا العام طوفاناً من الإصابات في الصين ما سيؤدي إلى تضرّر الاقتصاد المحلي، وبالتالي توجيه ضربة جديدة لسلاسل التوريد العالمية، فضلاً عن خطر انتشار متحورات جديدة في العالم.
لكن يتوقع المحللون أن تكون نهاية العام جيدة لاقتصاد الصين خصوصاً مع السياسات الحكومية الداعمة لمجال العقار ذو الدور الحيوي في الاقتصاد المحلي، ما سيكون له أثر إيجابي على اقتصادات بلدان الجوار الصيني، وكذلك على بلدان أخرى مرتبطة بتبادل السلع مع الصين كدول أمريكا اللاتينية.
أزمة الطاقة والتوتر السياسي
سوء وضع الطاقة يسبب صداعاً كبيراً للحكومات الأوروبية. تظهر أوروبا قد نجحت نسبياً في تفادي السيناريو الأسوأ خلال فصل الشتاء بفضل الاستهلاك المعتدل للطاقة وخصوصا الغاز، ما يعني تخفيف الضغط على منشآت تخزين الطاقة، واستقراراً نسبياً للأسعار، ودعماً لجهود خفض التضخم.
لكن الشتاء القادم قد يخلق تحديات أخرى بسبب استمرار إنفاق أوروبا الكبير لأجل إيجاد بدائل للطاقة الروسية، وقد تعاني دول الاتحاد لملء خزانات منشآتها، خصوصاً مع المنافسة العالمية على الغاز الطبيعي.
وهناك عامل آخر يؤثر سلباً على الاقتصاد، هو استمرار التوتر العسكري والسياسي في عدة مناطق عبر العالم. علاوة على أوكرانيا، هناك توتر أمريكي-صيني حول موضوع تايوان، والتوتر لا يزال مستمراً بين الكوريتين، وهناك سباق تسلح في عدد من دول العالم.
التكنولوجيا.. عامل إضافي للتوتر
كما تؤدي المنافسة الأمريكية-الصينية في المجال التكنولوجي على الاقتصاد لضغوط على الاقتصاد، وحظرت واشنطن قبل أسابيع عدة صادرات للتكنولوجيا الأمريكية المتقدمة على الصين وروسيا، ووضعت عدة شركات على القائمة السوداء.
ويشير كريستيان نولتين، مدير مكتب الاستثمار في دويتشه بانك، في مذكرة له، أن الصراع التجاري "سيتحوّل الآن إلى محاولة لوضع معايير طويلة الأجل قابلة في مجالات حيوية مثل الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والرقاقات الإلكترونية". ويضيف أن لا أحد من الطرفين، أي أمريكا والصين، سيرغب في تنازل بسهولة.
اضف تعليق