بعد عام من التحسن، قد يواجه الاقتصاد الأمريكي تحديات 2019 حيث يعد تراجع تدابير التحفيز ووجود سياسة نقدية أقل ودية مصاحبة لتباطؤ النمو العالمي، تعد من بين المخاطر المتعددة لحدوث تباطؤ، وإن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة بنسبة 2.7 في المائة متوقع لعام 2019.
بعد عام من التحسن، قد يواجه الاقتصاد الأمريكي تحديات 2019 حيث يعد تراجع تدابير التحفيز ووجود سياسة نقدية أقل ودية مصاحبة لتباطؤ النمو العالمي، تعد من بين المخاطر المتعددة لحدوث تباطؤ، هكذا أشار اقتصاديون، وقال محللون من مؤسسة ميريل لينش للأبحاث العالمية التابعة لبنك أوف أمريكا في تقرير أعدوه حول الآفاق الاقتصادية لعام 2019 صدر في ديسمبر إن "نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة بنسبة 2.7 في المائة متوقع لعام 2019، مع تسجيل تباطؤ في النصف الثاني من العام في وقت ستبدأ فيه تأثيرات التحفيز المالي في التلاشي".
وقد يصل معدل البطالة إلى أدنى مستوى له في 65 عاما وهو 3.2 في المائة بحلول نهاية العام، ما سيؤدى إلى ارتفاع الأجور بنسبة 3.5 في المائة إجمالا ومن المفترض أن يرتفع التضخم الأساسي في الأسعار إلى 2.2 في المائة خلال عام 2019 ويستمر مع استمرار ارتفاع الأجور، وذكر الفريق البحثي أن سوق الإسكان لن يمثل بعد الآن القوة الدافعة للاقتصاد الأمريكي.
وقد اتهم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، البنك المركزي لبلاده بأنه يشكل "المشكلة الوحيدة للاقتصاد" الأمريكي، وأوضح في تغريدة عبر حسابه على تويتر، بأن المشكلة الوحيدة التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي هي الاحتياطي الفدرالي، وجاء تعليقه بعدما رفع الاحتياطي الفدرالي معدل الفائدة وخفض توقعات النمو لسنتي 2018 و2019، وأضاف ترامب "انهم لا يستشعرون السوق ولا يفهمون ضرورة الحروب التجارية".
المصارف الكبرى في امريكا: تتمتع بملاءة أكبر بكثير
أكد الاحتياطي الفدرالي الأميركي أن المصارف الكبرى في الولايات المتحدة تتمتع "بملاءة أكبر بكثير" مما كانت عليه قبل الأزمة المالية في 2009 وقادرة على تحمل صدمة قاسية، وقال راندال كوارلز المسؤول عن عمليات ضبط الأسواق في الاحتياطي الفدرالي إن "مصارف الأمة الكبرى تتمتع بملاءة أكبر بكثير من ما قبل الأزمة (2008-2009) ويفترض أن تكون في وضع جيد لدعم الاقتصاد بحد ذاته في حال صدمة قاسية".
وأكدت هذه المؤسسة التي تقوم بمهام المصرف المركزي في الولايات المتحدة أنها راضية عن 18 مصرفا كبيرا، بعد مرحلة أولى من اختبارات الملاءة، لكن في حال حدوث انكماش كبير، وهو ما كان فرضية اختبارات الملاءة للعام 2019 التي فرضها قانون دود فرانك، ستتكبد المصارف ال18 التي تم اختبارها (مقابل 35 العام الماضي) خسائر تراكمية تبلغ 410 مليار دولار.
وصرح مسؤول كبير في الاحتياطي الفدرالي أن هذه المصارف العملاقة باتت لديها رؤوس أموال نظيفة أكثر مما كانت قبل الانكماش الذي نجم عن أزمة الرهن العقاري حتى في حال صدمة قاسية.
ترامب يضغط لخفض اسعار الفائدة
واصل دونالد ترامب الضغط على رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي جيروم باول لخفض أسعار الفائدة وذلك بعد يوم من تلميح صانعي السياسة النقدية للبنك المركزي الأمريكي إلى أنهم من المرجح أن يفعلوا هذا في وقت لاحق هذا العام لدعم الاقتصاد وتحريك التضخم الراكد، وأبلغ ترامب الصحفيين أثناء اجتماعه مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في البيت الأبيض "حسنا، أظن أنهم أشاروا إلى أنهم سيخفضونها، كان يجب عليهم أن يفعلوا هذا في وقت أقرب".
وأضاف قائلا في إشارة إلى باول "في نهاية المطاف ربما أنه سيفعل الشيء الصحيح فلنرى ما يفعله"، وذكرت وكالة بلومبرج، نقلا عن مصادر مطلعة، أن ترامب يعتقد أن لديه السلطة لإبدال باول وخفض رتبته الوظيفية إلى عضو بمجلس محافظي البنك المركزي، لكنه لا يخطط لأن يفعل هذا في الوقت الحالي.
ترامب يستهدف اليورو
اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سلسلة تغريدات أوروبا بخفض قيمة العملة الموحدة لمنطقة اليورو واستهدف السياسة النقدية بمعاودة الهجوم على البنك المركزي الأمريكي، وكتب ترامب على تويتر "اليورو وعملات أخرى يجري خفض قيمتها مقابل الدولار، مما يجعل الولايات المتحدة في وضع غير موات بشكل كبير" دون أن يقدم أي دليل.
وانتقد ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية أكثر من اللازم وكذلك مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)، وكتب ترامب "سعر فائدة مجلس الاحتياطي مرتفع جدا، مما يعزز التشديد الكمي السخيف! ليس لديهم أدنى فكرة"، وكسر ترامب القاعدة التي أرساها الرؤساء الأمريكيون السابقون لعشرات السنوات بالنأي بأنفسهم عن السياسة النقدية للبلاد، ويتعرض البنك المركزي، الذي يُنظر إلى استقلاله السياسي كشرط أساسي لاستقلاله الاقتصادي، لضغوط في ظل الحروب التجارية التي تخوضها إدارة ترامب ومؤشرات أخرى على ضعف اقتصادي محتمل.
وقد تقرر لجنة السوق المفتوحة الاتحادية، المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة الأمريكية الرئيسية، خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة في ضوء ضعف بيانات الوظائف والتضخم وتطرق ترامب مجددا إلى المسألة مرة اخرىن وكتب على تويتر عقب هجمات سابقة شنها على المركزي الأمريكي "الولايات المتحدة لديها ’تضخم منخفض للغاية"، شيء جميل".
ترامب يرفع سعر الفائدة بشكل سريع
اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن المصرف المركزي اتّخذ قراراً "مدمراً جداً جداً" للاقتصاد عندما رفع معدلات الفائدة بشكل سريع، ولطالما انتقد ترامب الاحتياطي الفدرالي ودعا واضعي السياسات فيه لخفض سعر الفائدة المرجعي، وقال في مقابلة مع "سي إن بي سي" "لم يصغوا إلي بكل تأكيد لأنهم ارتكبوا خطأ فادحًا رفعوا معدلات الفائدة بشكل سريع جداً".
وأشار إلى أن الاحتياطي الفدرالي وضعه في موقف ضعيف في إطار النزاع التجاري مع الصين، اذ بإمكان رئيسها شي جينبينغ إصدار أوامر للمصرف المركزي ومواجهة تأثير الرسوم التي فرضها ترامب على بضائع صينية بقيمة 250 مليار دولار، وقال "يجب أن يكون لنا الحق في الحصول على أرضية تنافس منصفة، لكن حتى بدون أرضية تنافس منصفة نظراً إلى أن الاحتياطي الفدرالي لدينا مدمر جداً جداً بالنسبة الينا نحن نكسب، لأن الرسوم تمنحنا ميّزة تنافسية هائلة".
وأصّر رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول مراراً على أن المصرف المركزي المستقل لا يسمح للضغوط السياسية بالتأثير في قراراته، ورفع الاحتياطي الفدرالي، الذي سيعلن قراره المقبل المتعلق بمعدل سعر الفائدة المقبل.
لكن باول شدد على أن المصرف سيتريّث لمتابعة كيفية تطور الأوضاع الاقتصادية، خصوصاً بالنظر إلى تأثير حرب ترامب التجارية مع الصين، لكن في وقت يظهر الاقتصاد الأميركي مؤشرات تباطؤ، يقول عدد متزايد من خبراء الاقتصاد بينهم عضو يحق له التصويت في لجنة سياسات الاحتياطي الفدرالي إن الخطوة التالية ستكون خفض معدلات سعر الفائدة لدعم النمو، على الأرجح هذا العام.
وقال ترامب الذي عيّن ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة المصرف بمن فيهم باول في مناصبهم، "لا تنسوا، رئيس المصرف المركزي في الصين هو الرئيس شي هو رئيس الصين ورئيس المصرف المركزي بإمكانه القيام بأي شيء يريده"، ويصر الرئيس الأميركي على أن الرسوم الجمركية التي استخدمها سلاحا في النزاعات بشأن السياسة التجارية والأمن القومي والهجرة "هي شيء رائع" كونها تدفع من قبل حكومة أجنبية لخزينة الولايات المتحدة لكن الواقع أن المستهلكين والشركات في الولايات المتحدة هي الجهات التي تدفعها.
انتعاش ثروات الأمريكيين أوائل 2019
قال مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) إن ثروات الأمريكيين زادت أوائل العام الحالي مع ارتفاع أسعار الأسهم بقوة وانتعاش الأوضاع المالية للأسر بعد تراجع تاريخي في نهاية 2018، وقال مجلس الاحتياطي في تقرير ربع سنوي إن صافي ثروات الأمريكيين زاد إلى 108.6 تريليون دولار في، مرتفعا 4.5 بالمئة عن مستواه.
وتشمل الزيادة ارتفاعا بنسبة 12 بالمئة في قيمة أسهم الشركات التي في حوزة الأسر، كانت أسواق المال الأمريكية تراجعت بشدة قرب نهاية 2018 مع تخوف المستثمرين من تباطؤ الاقتصاد العالمي وتوترات التجارة الدولية واحتمالات أن يرفع مجلس الاحتياطي أسعار الفائدة
لكن أسعار الأسهم انتعشت هذا العام بعد أن أوضح مجلس الاحتياطي أنه لن يرفع الفائدة، وإن كانت حركة الأسهم أشد تذبذبا مع تهديد إدارة ترامب بتصعيد حربها التجارية مع الصين وفرض رسوم على الواردات من المكسيك.
وأظهر تقرير مجلس الاحتياطي الصادر أن المستهلكين الأمريكيين يواصلون زيادة الاقتراض وزادت ديون الأسر الأمريكية 2.3 بالمئة على أساس سنوي إلى 15.7 تريليون دولار، لكن في تباطؤ عن معدل النمو البالغ 2.8 بالمئة المسجل في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2018.
مخاطر تجارية ونقاط ضعف مالية في امريكا
حذر صندوق النقد الدولي الولايات المتحدة من أن تصعيدا للنزاعات التجارية أو تباطؤا مفاجئا في الأسواق المالية قد يشكلان مخاطر كبيرة على الاقتصاد الأمريكي، وفي مراجعة للسياسات الأمريكية، قالت المؤسسة المالية الدولية إن اقتصاد الولايات المتحدة يتجه لتحقيق نمو عند 2.6 بالمئة، وهو معدل أسرع من توقعات النمو التي أصدرها صندوق النقد سابقا والبالغة 2.3 بالمئة ويدعمه تيسير للأوضاع في الأسواق المالية.
لكن مسؤولين بصندوق النقد قالوا إن النظام المالي الأمريكي يبدو عرضة بشكل متزايد لنقاط ضعف وإن الأوضاع الاقتصادية قد تتعثر مع شعور المستثمرين بقلق أكبر بشأن النزاعات التجارية للولايات المتحدة، وقال نيجل تشوك رئيس بعثة صندوق النقد إلى الولايات المتحدة في مؤتمر صحفي "ذلك هو عامل الخطر الذي نشعر بأنه أكبر مبعث قلق لدينا حيال الاقتصاد الأمريكي".
وفي تقريره، انتقد صندوق النقد محاولات إدارة ترامب لإصلاح العلاقات التجارية العالمية عن طريق زيادة الرسوم الجمركية، وقال إن من المهم بشكل خاص حل النزاع التجاري مع الصين وأضاف الصندوق أن ذلك النزاع يشكل تهديدا للاقتصاد العالمي، وقال صندوق النقد أيضا إن الهيئات المنظمة للقطاع المالي الأمريكي لم تفعل ما يكفي للتصدي لنقاط ضعف متزايدة في النظام المالي، محذرا من أضرار محتملة على الاقتصاد الأمريكي.
جوقة مستشارين ومايك بنس يبحثون خفض اسعار الفائدة
قال مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي إن مجلس الاحتياطي الاتحادي ينبغي أن يبحث خفض أسعار الفائدة نظرا لغياب التضخم في الاقتصاد، لينضم بذلك إلى الرئيس دونالد ترامب وكبير مستشاريه الاقتصاديين في الضغط على البنك المركزي، وقال بنس في مقابلة مع محطة تلفزيون سي.إن.بي.سي "لا يوجد تضخم، الاقتصاد قوي، هذا هو الوقت الملائم تماما ليس فقط لعدم رفع أسعار الفائدة، لكن يتعين علينا أيضا أن نبحث خفضها".
أدلى بنس بهذه التصريحات بعدما أصدرت الحكومة تقريرا يظهر نمواً قوياً للوظائف وتراجع معدل البطالة إلى أدنى مستوى في أكثر من 49 عاما عند 3.6 بالمئة وهو أداء نسب الفضل فيه إلى سياسات إدارة ترامب لخفض كل من الضرائب والإجراءات التنظيمية، وأبقى البنك المركزي الأمريكي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في نهاية اجتماعه ولمح إلى أنه لا ينوي تعديله في القريب العاجل.
وظل ترامب ومستشاره الاقتصادي لاري كودلو يناشدان مجلس الاحتياطي خفض أسعار الفائدة، وقال ترامب في تغريدة إن المركزي الأمريكي، الذي يعدل سعر الفائدة في العادة بمقدار ربع نقطة مئوية، ينبغي أن يخفض الفائدة نقطة مئوية كاملة وأن يشتري سندات لدفع تكاليف الإقتراض للانخفاض، وكتب ترامب على تويتر "نملك الامكانيات للانطلاق مثل الصاروخ إذا خفضنا أسعار الفائدة، بمقدار نقطة (مئوية) مثلا، وأجرينا بعض التيسير الكمي".
وردا على سؤال بشأن تصريحات الرئيس قال جيروم باول رئيس الاحتياطي الاتحادي في مؤتمر صحفي إن المركزي الأمريكي هيئة مستقلة ولا يتأثر بالاعتبارات السياسية في إدارته للسياسة النقدية.
البنك المركزي الأمريكي لا يزال يتحلى "بالصبر"
ناقش صنًاع السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي الاتحادي كيفية إدارة حيازاته الضخمة من السندات، بينما اتفقوا على التحلي بالصبر بشأن أي تغيير في سياسة أسعار الفائدة، وذلك وفقا لما أظهره محضر اجتماعهم، ويظهر محضر الاجتماع الذي نُشر سابقاً، أن البنك المركزي يرى أن الاقتصاد الأمريكي يجتاز بسلام تباطؤا اقتصادياً عالمياً، وأوضح صانعو السياسة النقدية أنهم لا يتوقعون ركوداً في الولايات المتحدة في الأعوام القليلة المقبلة.
وجاء في المحضر "أشار بعض المشاركين إلى اعتقادهم بأن النطاق المستهدف الملائم لفائدة الأموال الاتحادية ربما يتغير صعودا أو هبوطا بناء على البيانات الواردة"، وبينما أشار صنًاع السياسة إلى أن سوق العمل في الولايات المتحدة يبدو قويا، أبدى البعض قلقهم من ضعف، وقالوا إن "تدهورا" في الاقتصاد الأمريكي قد تضخمه مديونيات كبيرة للشركات الأمريكية، بحسب محضر الاجتماع.
وجاء رد فعل الأسواق المالية مع نشر محضر الاجتماع خافتا إلى حد كبير وقلصت الأسهم الأمريكية مكاسبها، وارتفعت عوائد سندات الخزانة من مستويات منخفضة في أدنى مستوياتها للجلسة وصعد الدولار مقابل اليورو، واتخذ المركزي الأمريكي موقفا أقل تشددا إلى حد كبير بشأن السياسة النقدية في اجتماعه، ملمحاً إلى أنه لن يرفع أسعار الفائدة هذا العام وسط تباطؤ الاقتصاد ومعلنا عن خطة لإنهاء برنامج خفض ميزانيته العمومية.
اضف تعليق