من واجب الحكومة توزيع الثروات على كافة افراد الشعب بشكل متساوي، فحينما تكون هنالك معدلات متزايدة من الفقر فإن المتسبب الاول والحقيقي هو الجانب الحكومي، لذلك كان التركيز اليوم ينصب على تقييم السياسات الحكومية في معالجة ظاهرة الفقر، وذلك من خلال تناول الاستراتيجية الاولى والثانية...
عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية في تمام الساعة العاشرة صباح يوم السبت الموافق(7/نيسان) ملتقاه الشهري تحت عنوان (سياسات التخفيف من الفقر في العراق، معوقات قديمة وأخرى جديدة) وذلك بمشاركة العديد من الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية ضمن فعاليات ملتقى النبأ الأسبوعي الذي يُعقد بمقرّ مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام في كربلاء المقدسة.
افتتح الجلسة أ.م.د. حيدر حسين آل طعمة الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، حيث أورد فيها:
"الورقة تكاد أن تناقش أبرز القضايا المعاصرة التي تخص الاقتصاد العراقي وهي(ظاهرة الفقر)، وهي ظاهرة تحاول التركيز على السياسات الحكومية، باعتبار ان العراق يختلف عن باقي البلدان النامية كونه بلدا نفطيا ينتج ثروات كبيرة، ولان طبيعة النظام الاقتصادي هو نظام قائم على الادارة الحكومية، فإن من واجب الحكومة توزيع الثروات على كافة افراد الشعب بشكل متساوي، فحينما تكون هنالك معدلات متزايدة من الفقر فإن المتسبب الاول والحقيقي هو الجانب الحكومي، لذلك كان التركيز اليوم ينصب على تقييم السياسات الحكومية في معالجة ظاهرة الفقر، وذلك من خلال تناول الاستراتيجية الاولى والثانية، التي اطلقت مؤخرا لعلاج ظاهرة الفقر والحرمان في العراق".
"غير أن ذلك لا يغير حقيقة أن هناك تزايد ملحوظ في معدلات الفقر على مستوى العالم، رغم المعونات المتزايدة من قبل الدول الغنية والمؤسسات الدولية لمكافحة هذه الظاهرة، لكنها تأخذ بالزيادة بسبب سياسات حكومية غير رصينة، فعلى على هذا الاساس يمكن أن نستعرض نسب الفقر في العراق ومن ثمة نأتي على الاسباب وتتبعها الاستراتيجيات، فحقيقة أواخر العام (2017) اعلنت وزارة التخطيط في العراق بأن نسبة الفقر في العراق تصل إلى (30%)، وهذا الامر يعتمد على مسوحات وليس على احصاءات دقيقة، بالتالي أن وزارة التخطيط العراقية لم تقوم بإحصائية كاملة للسكان لرصد نسب الفقر الحقيقي".
"لذلك يذهب المراقبون بأن النسبة الحقيقية تتراوح ما بين (30-40%) وهي من المؤكد تمس الحاجز الاعلى، هذه النسب تتوزع كالآتي على المناطق العراقية، (40%) من نسبة الفقر تركزت في المناطق المحررة نظرا لما شهدته من موجات نزوح وغيرها، (20%) تركزت في المناطق الوسطى، (28%) تركزت في المناطق الجنوبية، (12%) كانت في اقليم كردستان، وهنا نستطيع أن نستشف بأن النسبة الاكبر هي في المناطق المحررة، لذلك هناك جملة من الاسباب هي ادت إلى تزايد معدلات الفقر في هذه المرحلة:
السبب الاول: احتلال داعش وما ترتب عليه من موجات نزوح وهجرة ادت إلى تزايد اعداد الفقراء.
السبب الثاني: تفاقم معدلات البطالة.
السبب الثالث: انهيار اسعار النفط وما خلفه من انحسار في الايرادات النفطية وهذا ينتج عنه تقشف حكومي وانخفاض في النفقات، التي كانت هي الرافد الاول للتخفيف من الفقر، حيث نلاحظ بأن الحكومة تستطيع من خلال مجموعة من الاليات، العمل على التخفيف من الفقر في العراق، ومن ضمن هذه الاليات هو الانفاق على الصحة وعلى التعليم وعلى شبكات الحماية الاجتماعية والكثير من المساعدات، فضلا عن ما توفره النفقات من ايجاد لفرص العمل، بالتالي فأن انهيار اسعار النفط وانحسار الايرادات النفطية، ادى إلى قيام الحكومة بضبط النفقات العامة وتقليص الكثير من النفقات الموجهة لهذا الفئات، هذا مما افضى إلى تزايد هذه الظاهرة".
السبب الرابع: الفساد المالي والاداري، فنلاحظ أن الفساد المالي والاداري قد تغلغل إلى ملف المساعدات وإلى ملف النازحين وإلى شبكة الحماية الاجتماعية، وهذا ما بينته الكثير من الجهات الرقابية وهو سبب من اسباب تزايد معدلات الفقر.
"إذا نحن شخصنا أبرز الاسباب التي ادت إلى تزايد معدلات الفقر في العراق، في هذا السياق الحكومة عملت على تخفيف معدلات الفقر والحرمان في العراق من خلال استراتيجيات:
الاستراتيجية الاولى:
اطلقت عام (2010) وكانت استراتيجية تهدف إلى مكافحة الفقر للعام (2010/2014)، في الحقيقة هذه الاستراتيجية شهدت نجاحا ملحوظا في البداية، بسبب الوفرة النفطية وارتفاع اسعار النفط وما ترتب عليه من ايرادات نفطية، لذا استطاعت الحكومة من خلالها زيادة (فرص التشغيل/مكافحة البطالة/مكافحة الفقر/توسيع شبكات الحماية الاجتماعية)، هذا الامر ادى إلى انخفاض معدلات الفقر بشكل ملحوظ، وبعدما شهدت نسبة (22%) للعام(2007) انخفضت إلى(18%) عام (2012)".
"وكان لهذه الاستراتيجية أن تنجح لولا انهيار اسعار النفط، حيث ادى انهيار اسعار النفط عام (2014) إلى عودة معدلات الفقر إلى مستوياتها السابقة بل زادت لتصل عام (2014) إلى (23%) بعدما انخفضت إلى (18%) قبلها بعامين، هذا الامر ادى إلى زيادة الاعباء على الطبقات الفقيرة، خصوصا وأن انهيار اسعار النفط لم يترتب عليه فقط انخفاض الاعانات وانخفاض فرص التشغيل، ايضا ترتب عليه قيام الحكومة برفع الرسوم على بعض المرافق الصحية والمرافق التعليمية وغيرها من الخدمات العامة، كل هذا اثر على الطبقات الفقيرة وادى إلى زيادة معدلات الفقر.
"الاستراتيجية الثانية:
الحكومة منذ (2014) ولغاية العام (2017) وهي تخطط لإطلاق استراتيجية جديدة، ولكن هذه المرة بملامح اخرى، وذلك على اعتبار أن العراق يعيش مرحلة جديدة ويحاول التعايش مع سعر نفط منخفض، أو بالأحرى التعايش مع اقتصاد بلا نفط، لذلك تحاول الاستراتيجية الجديدة، عدم التعويل على الايرادات النفطية في تخفيف معدلات الفقر، لذلك نلاحظ تم رصد مبلغ (ثلاثة ونصف مليار دولار) تقريبا للاستراتيجية الجديدة، (اثنين مليار دولار) من هذا كان من قبل مؤسسات دولية (وواحد مليار دولار) من قبل الحكومة والمتبقي قروض وسلف، فنلاحظ أن الاستراتيجية الجديدة هي استراتيجية (2018/2022)، وهي اطلقت في (كانون الثاني) من العام الحالي، ايضا حَظِيَتْ بجانب اعلامي كبير باعتبار أن البنك الدولي يرعى هذه الاستراتيجية، وقد تمت بالتوقيع معه لتكون اكثر واقعية وتعايشا مع الواقع الاقتصادي الجديد".
"الاستراتيجية الجديدة حاولت معالجة موضوعة الفقر في العراق، من خلال اطلاق (32) مشروع ونشاط، هذه المشاريع والانشطة هي لحصر الاعداد المتزايدة من الفقراء وتقليص هذه النسبة، نلاحظ انه المشاريع تركزت في (الصحة/التعلم/الضمان الاجتماعي)، بالتالي الاستراتيجية الجديدة بنيت للتعايش مع سعر نفط منخفض، وايضا للتعايش مع الظروف الجديدة التي فرضت على العراق بفعل الديون المتراكمة، خصوصا وأن اقتراض العراق من المؤسسات الدولية يفرض عليه جملة من الشروط، منها ( خفض الدعم/خفض النفقات التشغيلية/ايقاف التعينات في دوائر الدولة)، كل هذه الامور بالتأكيد ليست بجانب الفقراء أو بجانب تقليص اعداد البطالة، لذلك لابد من ايجاد حلول بديلة، خاصة ونحن قد استعرضنا انفا نبذه عن السياسات الحكومية في معالجة الفقر، وما هي التحديات التي واجهتها".
"الان نأخذ الشق الثاني وهو بماذا تختلف الاستراتيجية الجديدة عن الاستراتيجية القديمة، خصوصا وأن هناك تحديات قديمة اضيفت لها معوقات جديدة، بالتالي نحن ملزمين اولا أن نستعرض المعوقات القديمة التي كانت تواجه الاستراتيجية الاولى والتي حدت من نتائج تقليص الفقر في العراق هي:
اولا: ضمان الامن والاستقرار وهو تحدي كان يواجه العراق خصوصا وان الهشاشة الامنية، كانت ترافق العراق منذ العام (2004) وهي ليست شيء جديد.
ثانيا: ضمان الحكم الرشيد والحوكمة
ثالثا: ضمان العدالة في توزيع الدخل وتنويع مصادره
رابعا: التخفيف من الاثار السلبية لبرامج الاصلاح
"لذلك كانت هذه عقبات حقيقية واجهة الاستراتيجية الاولى، بالتالي نحن لو درسنا تلك العقبات فنلاحظ انها لا زالت قائمة، مثلا الوضع الامني فهو إلى الان غير مستقر وهذا مما سبب زيادة في معدلات الفقر في العراق، التحدي الثاني ايضا لا زال قائم خاصة في مجال الاعتماد المفرط على النفط، فلا توجد سياسات حقيقية لتنويع مصادر الدخل، وايضا هناك سوء أو انعدام العدالة في توزيع الدخل، وذلك على اعتبار أن الموظفين الحكوميين هم الذين يحظون بمزايا الدولة الريعية كونهم يستلمون دخول من الحكومة، لكن كافة الاشخاص الاخرين الذين لا يعملون في القطاع الخاص ولا يعملون في الحكومة هؤلاء مظلومون في العراق، على اعتبار انهم لا يستلمون حقوقهم من الريع النفطي".
"وفيما يخص جهود الاصلاح، فهذه الجهود لا زالت قائمة لكن الحكومة وبسبب البرامج التقشفية، زادت من حدة الاثار السلبية لهذه البرامج، لذا نحن نلاحظ هناك ثمة الكثير من الرسوم وقلصت الدولة الكثير من النفقات التشغيلية الموجهة صوب هذه الفئات، لصالح دعم المؤسسة الامنية من خلال دعم وزارة الدفاع ووزارة الداخلية لأجل ادامة زخم المجهود الحربي، وايضا اخفقت الحكومة في مساعيها لانعاش القطاع الخاص، لأنه محرك جيد لتنشيط الاقتصاد وتوفير فرص العمل، لذلك اخفاق الحكومة في تحفيز هذا القطاع اسهم ايضا في تفاقم ظاهرة الفقر في العراق، هذه التحديات القديمة الجديدة هي لا زالت شاخصة وتشكل عبء على الاستراتيجية الجديدة، ولكن بالإضافة لها هناك العبء الاخر وهو انهيار اسعار النفط، الذي كان المتكئ الاساسي الذي تعتمد عليه الحكومة في تمويل المشروعات الخاصة لمكافحة الفقر".
ولأجل إثراء الموضوع بمزيد من الأفكار طرح الدكتور حيدر حسين آل طعمة على الحاضرين سؤالين أساسيين:
السؤال الاول: لماذا اخفقت الجهود الحكومية في تقليص معدلات الفقر في العراق؟
هيمنة القطاع العام وتسلل اقتصادات الظل
- الشيخ مرتضى معاش، المشرف العام على مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام "يرى ثلاثة امور تتعلق في هذه المشكلة، اولا العراق مبتلى بشيء اساسي وهو سوء الادارة والهدر، فالعراق يمتلك ثروات كبيرة جدا وهي قادرة أي تلك الثروات والامكانات أن تغطي مجموعة شعوب وليس فقط الشعب العراقي، ولكن الامر على ما اعتقد مرهون بسوء الادارة والهدر وهذان الامران يحتاجان إلى دراسة معمقة، النقطة الاخرى هي تخمة القطاع العام، فالقطاع العام اصبح متخما ويستنزف الموازنة السنوية لذا فهي موازنة تشغيلية تعطى كرواتب وليس فيها استثمار أو عمل على البنى التحتية. فعدد الموظفين والمتقاعدين في العراق يبلغ (7) مليون، بالتالي فإن القطاع الخاص مقابل القطاع العام لا توجد لديه أي فرصة للعمل، لذلك أحد الاسباب الرئيسية للفقر هي تخمة القطاع العام وسيطرته وهيمنته، وهذا هو الفساد الذي كان يسميه الامام الراحل السيد محمد الشيرازي (رضوان الله عليه) (التضخم الوظيفي) أو (البطالة المبطنة أو المقنعة)، ايضا الشيء الثالث الجديد الذي يحدث في العراق هو (الاقتصاد الموازي أو اقتصاد الظل)". "فبدل أن نقوم بعملية اصلاح الوضع الاقتصادي وتحديد القطاع العام وتوسيع القطاع الخاص، تأسست اقتصادات ظل وهي قائمة على الاحزاب الكبيرة ومجموعة مؤسسات تتجاوز القوانين وتحتكر الموارد والمنافذ الحدودية، وبالتالي اصبحت هناك اقتصادات ظل تدمر القطاع الخاص، وهذا الاقتصاد اي اقتصاد الظل هو اسوء من القطاع العام، لأنه يؤدي إلى عملية استنزاف للموارد الكبيرة وهيمنة كبيرة لمجموعة من الناس، تعطيهم السلطة السياسية والسلطة القانونية والسلطة التشريعية بالإضافة إلى السلطة الاقتصادية".
الأرض لله ولمن عمرها
- الشيخ ناصر الاسدي، من مكتب المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في كربلاء المقدسة "يرى أن الدين الاسلامي هو دين متكامل، فهو ما من قضية الا ولله فيها حكم، فمن الاحكام التي تعالج قضية الفقر قول الرسول عليه افضل الصلاة والسلام (الأرض لله ولمن عمرها) فهناك مالكين اثنين فقط، وهذا واقعا غير موجود في واقعنا فالأراضي محتكرة بيد الدولة وليس لاحد الحق بالانتفاع بها، والعراق مساحته (462)الف كيلو متر مربع ولكن هناك اناس لا يمتلكون ارض صغيرة للسكن عليها، بل البعض منهم يتخذ من الارصفة ومن المقابر سكنا لهم، بالتالي هناك اشكال اداري كبير وهناك اشكال في القانون، فالقانون الذي يعمل في بالعرق وغير العراق هو قانون فاشل، فاذا اعطينا للعراقي ما يحتاجه من ارض فالأراضي سوف ينخفض سعرها وتكون هناك حركة عمل ونشاط، بالمقابل نحن عملنا على مكافحة البطالة ويصبح هناك استثمار ونعالج ازمة السكن ونعالج ايضا ازمة الامن الغذائي، وهذا واقعا هو اصل تسمية العراق (بارض السواد)، ويسكنه (40) مليون فرد آنذاك وهو سلة الغذاء للدول المجاورة".
دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ
- سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد (مهدي الشيرازي) "يرى أن اساس مشكلة الفقر وسائر المشاكل الاخرى، يعود إلى (الكبت الاقتصادي) وإلى (الاستبداد في الاقتصاد)، بالنتيجة الحكومة طاقاتها محدودة وهي لا تستطيع أن توفر كل شيء للمواطنين، وبالتالي هي تأخذ على عاتقها بكل مجاري الحياة الاقتصادية، فطاقاتها اقل من عطاءها ومن هنا يتولد الفقر، فعلى سبيل المثال لو درسنا حياة الامام علي عليه السلام، فخلال (خمسة) سنوات ومع كل تلك الحروب الثلاثة الكبيرة ومع الماضي السيئ، الامام عليه السلام بخطة اقتصادية نفى الفقر عن بلاده ولم يعد هناك فقير واحد، لذلك فإن من اهم العوامل التي تزيل الفقر هي (الحرية الاقتصادية) التي تعطيها للمواطنين، وهذا ما اشار اليه النبي الاكرم (ص) حينما قال (دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ)، فالحكومة تعمل بالضد من ذلك من خلال تقييد الناس وهنا يبدأ الفقر، وهي دائما ما تفرض على الناس الضريبة التي تفوق قدرتهم، ايضا الشباب لا يستطيع الزواج بسبب عدم امتلاك بيت علما بان العراق يمتلك ارض كبيرة، فالامام علي عليه السلام ايام حكمه اعطى الاراضي من خلال مضمون تلك الرواية التي تقول، اعطيت الناس البيت حتى اخرجهم من الايجار وايضا اعطيتهم المحل التجاري حتى يعملون واعطيتهم خبز البر، لذا فالامام عليه السلام بخطة اقتصادية نفي الفقر عن وجه بلاده، فنحن اذا ندرس تلك الخطة مع ملاحظة الوضع الفعلي، عندها نحتاج وعلى اقل تقدير إلى ربع قرن من الزمن، حتى ننفذ تلك الخطوة".
اخلاقيات الزهد والتواضع
- الشيخ علي عبد الحسين الرميثي "يدعو الدولة إلى استثمار رؤوس الاموال العراقية محاولة اعطاء اولئك التجار الاطمئنان من اجل الاستثمار، في كندا على سبيل المثال هناك شوارع وجسور تعمل وفق مسار الاستثمار، ايضا المستشفيات والمدارس في امريكا وفي كندا كلها اهلية، وهذا غير موجود واقعا على المشهد العراقي، بالإضافة إلى ذلك هناك اخلاقيات معينة يمكن أن تغطي على عامل الفقر، فالقادة مثلا في الدول الغربية لديهم زهد وتواضع، ايضا في بعض الدولة هناك مؤسسات تعمل على رعاية العوائل الضعيفة، بالتالي لابد أن تتوفر ثقافة التكافل الاجتماعي التي تتوفر في الكثير من الدولة، التي لا تتمتع بعوائد نفطية ومالية كبيرة".
ثقافة التشجيع على العمل
- الدكتور عمران الكركوشي، التدريسي في جامعة كربلاء "يعتقد بأن لدينا اشكالية في ثقافة العمل، فالمواطن العراقي لديه ميل نحو الوعي الاشتراكي والمجاني، بالتالي لابد أن تتوفر ثقافة التشجيع على العمل، ايضا البعض ممن يمتلكون الاموال هم لا يعرفون كيفية استثمارها، لذا فان ثقافة العمل هي أحد اسباب تفشي ظاهرة الفقر في المجتمع العراقي".
فلسفة اقتصادية لبناء الدولة
- الدكتور خالد عليوي العرداوي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية "يعتقد أن تنامي ظاهرة الفقر في العراق هي أخطر من داعش، بالتالي فإن ظاهرة الفقر اليوم سوف تهدد مقامات المرجعية الشريفة وتهدد ايضا السلم الاجتماعي، وايضا سوف تهدد الحكومات ومؤسساتها بشكل شامل (يَوْمُ الْمَظْلُومِ: عَلَى الظَّالِمِ. أَشدُّ: مِنْ يَوْمِ الظَّالِمِ، عَلَى الْمَظْلُومِ)، الفقراء في العراق اليوم هم مظلومون في بلد غني يحتل المرتبة (7) من حيث الثروات، الا أن(10) ملايين مواطن عراقي تحت مستوى الفقر أي يعني ربع الشعب العراقي، بل هناك من يقول(49%) من المناطق المحررة هم تحت مستوى الفقر، هذه النسبة الكبيرة هي مخيفة جدا، علما أن السكوت عليها هو عبارة عن قنبلة موقوتة لا احد يتكهن متى تنفجر، سبب تنامي ظاهرة الفقر في العراق يعود (لفساد النخبة السياسية) ولا شيء غير ذلك، بل لا يتحمل مسؤولية تنامي ظاهرة الفقر في العراق الا فساد النخبة السياسية، النخبة السياسية في العراق لا تريد لهذا البلد التطور بل تريد الاستئثار بالسلطة، فعندما يستغني المواطن عن حاجته للدولة معناه أنه سيختار اختيارات حرة، ولا يستطيع السياسي الفاسد أن يشتريه بكارت موبايل أو ببطانية، ايضا وبسبب فساد النخبة السياسية لم توضع خطة اقتصادية لاستثمار ثروة العراق والنهوض به من جديد، كل الدول الفقيرة من كوريا الجنوبية إلى سنغافورة إلى الدول الاخرى، نجدها عندما نهضت انما نهضت بوجود خطة اقتصادية واضحة للنهوض، لكن هذه الطبقة السياسية الفاسدة منذ عام (2003) وإلى هذا اليوم لم تضع خطة اقتصادية للنهوض، بل انها لم تضع فلسفة اقتصادية لبناء الدولة، بحيث أن اليوم مؤسسات الدولة والمواطنين العراقيين يتسألون هل نحن اقتصاد رأسمالي أم اقتصاد اشتراكي، بالتالي فإن فلسفة الاقتصادي العراقي غير واضحة وهنا تتحملها النخبة السياسية بشكل كبير، الشيء الاخر أن النخبة السياسية وبسبب فسادها فقد هدرت الاموال الكبيرة للدولة العراقية، وبسبب فساد النخبة السياسية لم توضع قوانين جيدة للاستثمار ولم تخلق بيئة امنة للاستثمار، أن اس الفساد اليوم هو النخبة السياسية، بالتالي نحن لا توجد لدينا قيادة سياسية اقتصادية كفؤة تستطيع أن تضع رؤية واضحة للعراق، فاليوم العراقي يشعر بأن من يقوده فاسد ويستأثر بالسلطة ويهدر الاموال، ففي هذه الحالة لن يكون لديه امان في اقامة مشروع استثماري، ولن يكون لديه امان في وضع امواله في مصارف الدولة، ولن يكون لديه امان في أن يمارس عمله بطريقة جيدة".
الفساد هو أس المشاكل
- الحقوقي احمد جويد، مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات "يجد أن في الورقة اشارة خفيفة إلى دور القطاع الخاص، الشيء الآخر من المعوقات الاساسية التي خلت منها الورقة هي قدم النظام المصرفي في العراق، وهذا النظام واقعا لا يتناسب مع مبتغيات المستثمر الاجنبي، عندها اذا اردنا أن نطور الاقتصاد في العراق، يجب ان نفتح باب الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص حتى لا تعتمد الناس على الدولة، ايضا أن موضوع الفساد هو أس المشاكل الاقتصادية والسياسية وغيرها، وفي هذه المناسبة استطيع أن احيي قضاء كوريا الجنوبية لإصداره حكم على رئيسة وزراء تبلغ من العمر(24) عام بـ(24) سنة سجن لاستغلالها المنصب الحكومي، ورغم ذلك انها تقول كان تقصير مني وهي تعتذر للشعب الكوري الجنوبي، وهذا ما لا نجده في العراق بسبب فشل الطبقة الحاكمة وفسادها وعدم اعترافهم بالفشل والخطأ، مع العلم أن كلا النظامين في كوريا الجنوبية وفي العراق يقوم بانه يطبق النظام الديمقراطي وشتان من بين هذين النظامين، لذا كان لابد على الورقة أن تستعرض اهم التشريعات التي تسهل امور المستثمر في العراق وايضا قدم النظام المصرفي، وبالتالي هذه تشكل مصده امام المستثمر الاجنبي والمحلي".
الدستور وتحقيق الحياة الكريمة
- الدكتور علاء إبراهيم الحسيني التدريسي في كلية القانون بجامعة كربلاء، والباحث في مركز آدم "يرى أن سبب فشل الدولة في تبني سياسة لتخفيف الفقر في العراق يعود إلى عدة اسباب، علما انه بالمجمل هناك عدم وضوح في رؤية السياسية الاقتصادية الرسمية للبلد، فالدستور يغني في وادي والدولة تطبق نظاما اقتصاديا اخر، اليوم نجد السياسيين العراقيين يعتبرون وزارة التخطيط هي احدى الوزارات السيادية، ولو اخذنا بنظر الاعتبار أن هذه الوزارة بالتحديد هي احدى مخلفات النظام الاشتراكي(التخطيط المركزي)، فنحن لا نستطيع الاستغناء عنها البته، باعتبار لابد من وجود خطط تجمع شتات كل الوزارات الاخرى، ولكن لا نستطيع ايضا أن نعطيها الدور الريادي والقيادي الوحيد في التخطيط الاقتصادي، لذى لا توجد ملامح سياسة اقتصادية، من الجنبة الحقوقية بالتأكيد نحن نتكلم عن دستور عراقي، يتحدث عن التزام الدولة بإصلاح النظام الاقتصادي في البلد ووفق اسس علمية حديثة، وأن هذه السياسة التي فيها اصلاح نظام اقتصادي للبلد ينبغي أن تبنى على اسس اقتصاد السوق، وهنا نتحدث عن حق من حقوق الناس وعن التزام يقع على عاتق الدولة من جهة اخرى، حقوق الناس يمكن أن تتركز في المادة (14) فالدستور يتحدث عن مساواتهم امام القانون، في المادة (15) يتحدث عن حقهم في الحياة أي الحياة الكريمة وبالقضاء على الفقر والحاجة والعوز، فهل نستطيع اليوم أن نقول بأن الدولة قامت بالواجب الذي القاه الدستور عليها في اصلاح الاقتصاد أو في كفالة الحياة الكريمة للمواطن العراقي، هذا الامر ينبغي أن ندرسه في اسس:
اولا: السلطة التشريعية ما قامت به وما قدمته ازاء احدى هيئات الدولة في القضاء على الفقر واصلاح الواقع الاقتصادي وفي كفالة الحياة الكريمة للمواطن، نجد هذه السلطة التشريعية وعلى مدار(12)عام اصدرت من القوانين الشيء الكثير، وكان على رأسها قانون الاستثمار(13) لسنة(2006) وقانون الحماية الاجتماعية(11)، هذه السلطة ولو اخذنا بنظر الاعتبار مدى التوفيق في صياغة قانون الحماية الاجتماعية وفي صياغة قانون الاستثمار العراقي، نجد أن قانون الاستثمار العراقي ورغم ورود تعديلين عليه، لا يزال متخلفا ويعود بصياغاته إلى ستينيات القرن المنصرم.
بالتالي لم تتحقق طرفه استثمارية واستجلاب حقيقي للاستثمارات الاجنبية، وهذا يربطنا بالتأكيد باشتراكية الدولة وبمؤسسات الدولة ويبقى المواطن العراقي عينه على الدولة وعلى ما تقدمه الدولة، وهذا بالتأكيد انتهاك صارخ لحقوق المواطن العراقي، فالاستثمار اليوم لابد أن يعمل وفق النافذة الواحدة، حتى يحصل المستثمر على كل الموافقات الاصولية في مكانا واحد، الا أن الواقع يقول بأن هذه النافذة معطلة ووجود بيروقراطية شديدة وهناك تعطيل للإجازات الاستثمارية، بل أن امكانية سحب الرخصة الاستثمارية في المادة (26) هو كفر والحاد في عالم الضمانات الاستثمارية، اذا نحن ازاء مشكلة حقيقية في سياسة المشرع العراقي في كفالة جانب الاستثمار، ايضا كفالة جانب اخر وهو الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية، فهل حقق القانون(11) حماية اكيده للمواطن العراقي، بالتأكيد القانون لم يوفق في وضع حماية اجتماعية حقيقية، وذلك كون التركيز على فئات معينة كفلها قبل ذلك (الدستور/الاعلانات والمواثيق الدولية)، لكنه نعطي فقط راتبا للعاطل عن العمل دون أن نوجد له السبيل كي يجد فرصة عمل تليق به وتحفظ كرامته، فالراتب ليس كل شيء، ايضا دور السلطة التنفيذية بأجنحتها الثلاثة(المركز/الاقليم/المحافظات غير المنتظمة بإقليم). كان جل اهتمامها هو صب الزيت على النار واستغلال فقر الناس كدعاية انتخابية او للكلام الاعلامي والدعاية الاعلامية، ودون أن تقدم حقيقة حلول جذرية، نعم خطة الحكومة بعض الخطوات الصحيحة بالاتجاه الصحيح، منها (المبادرة الزراعية/ المبادرة التعليمية/المبادرة للقضاء على الفقر)، لكن هذه المبادرات وأده في مهدها بسبب الفساد المالي والاداري المستشري في الالة الحكومية".
الزواج الاقتصادي بين السياسة والفساد
- عدنان الصالحي، مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية "يعتقد أن قضية الفقر في العراق فيها نقاط قديمة ترتبط بواقع النظام السابق واشكالية تحويل موارد الدولة للآلة الحربية، لكن الحديث عن الاسباب والنقاط الاخرى الجديدة، هذا يسحبنا واقعا إلى نسلط الضوء على تلك الكارثة وهي عبارة عن زواج بين السياسيين الفاسدين والاقتصاد الفاسد، والطامة الكبرى أن توجد مليشيات مسلحة تحميهم، وهذا ليس بالخفاء فالجنوب يشهد، بل والطامة الاكبر أن هؤلاء يسيرون بسياسات دول، اليوم من المفيد جدا أن تموت لديك الصناعة والزراعة وأن يضعف لديك الانتاج الزراعي. اذا هي عمالة دول خارجية وفساد سياسي واقتصادي وتحميه مليشيات مسلحة، والدليل على ذلك أن المستثمر الذي لا يملك خطا سياسيا ولا يملك مافيات يكون خارج اللعبة، لذلك عندما تريد الاطلاع على قائمة المشاريع الاستثمارية في محافظة كربلاء على اقل تقدير تجد مئات المشاريع على الورق ولكن ليس لها اثر على الارض، والسبب لأنها احيلت لأشخاص معينين وتوقفت نتيجة اخذ الاموال وانتهى الامر، اذا هناك فساد قائم على التزاوج ما بين السياسة الفاسدة والاقتصاد الفاسد، فضلا عن عدم وجود القانون الردع لوجود السلاح، بالنتيجة نحن نحتاج بالدرجة الاولى إلى قرار سياسي صادق في انماء الاقتصاد العراقي، كي تتحرر الحكومة من تبعية الدول المؤثرة على المشهد السياسي، وبالتالي يتخذ القرار بما ينفع الاقتصاد العراقي".
صناعة الانسان المنتج
- كمال عبيد مدير تحرير شبكة النبأ المعلوماتية "يجد أن الحلول التي تقدمها الحكومة هي مجرد حلول ترقيعية، بالإضافة إلى ذلك فإن الفساد هو اس المشكلة في العراق وهو الحلقة الاصعب التي نستطيع أن نجد لها حل، ايضا التنوع الاقتصادي ربما هو يعد النافذ الاهم والابرز للتخلص من مشكلة الفقر، ايضا التراكمات التي مر بها الشعب العراقي جعل الوعي الثقافي والاقتصادي لديه في مستويات متدنية، اخيرا نحن نحتاج إلى صناعة الانسان المنتج".
ثقافة اقتصادية متخلفة جدا
- الدكتور قحطان حسين الحسيني الباحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية "يسال عن سياسيات التخفيف من الفقر لماذا فشلت في العراق، لاسيما وان الحكومة العراقية والعراق كدولة مصنف حسب المنظمات الدولية المتخصصة على انه دولة فاشلة، فقدت تعاقبت على حكمه منذ (2003) حكومات فاشلة، بالتالي اصبح لدينا بلد فاشل وحكومات فاشلة، ولا يمكن أن نرتجي من البلدان الفاشلة والحكومات الفاشلة، إن تطبيق سياسات وتنجح في تنفيذها على ارض الواقع، فسياسات التخفيف من الفقر حالها حال كل السياسات والاستراتيجيات الاخرى، التي وضعتها الحكومة واعلنت عنها لغايات سياسية واعلامية ومزايدات ومساومات. بالتالي كل السياسات والبرامج التي وضعت من قبل الحكومات في العراق بعد(2003) فشلت في التطبيق، اعتقد هناك سببين اساسيين وهما الصراعات السياسية من بين الكتل والاحزاب السياسية التي تحكم العراق ما بعد (2003)، فكل الاحزاب السياسية والكتل همها الوحيد هو الاستحواذ على السلطة، وبالتالي كل برنامج وكل سياسة توضع من قبل الحكومة ممثلة بحزب معين، تواجه بأساليب غير قانونية وغير اخلاقية وغير شرعية من اجل افشالها، حتى لا يحسب هذا النجاح للحكومة أو للحزب أو للكتل التي تبنته واعلنت عنه، وبالتالي نلاحظ أن النفس هو عرقلة أي تقدم وعرقلة أي نجاح ممكن أن يحقق من قبل هذه الحكومة. السبب الاخر الذي ساهم في فشل سياسات التخفيف من الفقر، ان الحكومة العراقية مسلوبة الارادة في كل القرارات (السياسية/الاقتصادية/ الثقافية/ العلمية)، وبالتالي هي لا تمتلك الارادة الحرة والقوية على تنفيذ سياساتها، لماذا لأنها مخترقة قراراتها مخترقة، فالساحة السياسية في العراق هي محل تدخل اقليمي ودولي، لذا فإن هذه الدول عنما تتدخل في الشأن العرقي اكيد لديها اجندات ومصالح، وفي حال تعارض مصالحها مع المصالح العراقية سوف تكون الغلبة للمصالح الاجنبية، التي تتبناها دول متدخلة اساسا في العراق. وحتى لا يكون اللوم فقط على الحكومات، لذا احمل جزء من المسؤولية واحمل جزء من اللوم على المجتمع العراقي والشعب العراقي، الذي يتبنى ثقافة اقتصادية متخلفة جدا، كل العراقيين يتمنون ويسعون وبكل الوسائل المتاحة إلى الحصول على وظيفة في القطاع العام، دون أن يبادروا إلى تأسيس مشاريع اقتصادية خاصة بهم، وذلك لان الاعتماد فقط على قطاع الدولة اعتقد سيقتل كل الخطط والنوايا والمبادرات، التي تحاول تنمية القطاع الخاص الذي هو مهم جدا وضروري للتخفيف من الفقر".
- مصطفى عبيد، محرر في شبكة النبأ المعلوماتية "يرى أن سبب نمو الفقر مربوط بضعف الاجهزة الرقابية والتفتيشية".
- الحقوقي زهير حبيب الميالي، "يعتقد أن الفقر هي الآفة الخطرة التي يعاني منها الفرد بشكل خاص والمجتمعات بشكل عام، بالتالي أن الاسباب التي تودي إلى الفقر هي البيئة الامنية المضطربة وانخفاض مستوى التعليم وعدم وجود الحرية، فضلا عن عدم وجود تشريعات تنظم الاقتصاد بشكل مستدام وعدم وجود الخطط الحكومية لمكافحة تلك الافة، ايضا عدم وجود مبادرات تنموية وعدم وجود دور للمنظمات المجتمعية لتدريب وتأهيل".
- حيدر الاجودي، باحث في مركز المستقبل "يصف حال الفقراء في العراق بأنهم يعيشون حالة الخطر المستمر على المستوي الصحي والبيئي والتعليمي، ايضا لابد من تحديد مستويات الفقر وتوزيعهم الجغرافي، وذلك بغية وضع الحلول والمعالجات التي تتناسب مع واقع تلك الشريحة السكانية، الشيء الاخر لابد أن تتوفر صناديق لدعم المبادرات والمشاريع الصناعي والزراعية للنهوض بواقع الاسرة العراقية الفقيرة".
دورة الدخل في الاقتصاد العراقي
- الدكتور حسين أحمد السرحان، رئيس قسم الدراسات الدولية في مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية "يستغرب من طرح اشكالية الموظفين في اي ورشة عمل أو موضوع اقتصادي، فالكل يتحدث عن العدد الكبير من الموظفين، علما أن دورة الدخل في الاقتصاد العراقي تغذيتها الاساسية هي من قناة وحيدة وهي قناة الموظفين، وهي تعتبر قناة الانفاق الوحيدة التي تغذي النشاط الاقتصادي في العراق، هؤلاء الموظفين لا ذنب لهم انهم بهذا العدد، بل هم جاءوا نتيجة فساد سياسي. أي يعني المال السياسي الذي استخدمته الحكومات السابقة هي من اوصلت اعداد الموظفين إلى هذا الوضع، الجانب الاخر سياسات الاصلاح الاقتصادي التي تتبناها الدول خصوصا مع الدول المدينة، انه تخفف عنها شروط الديون مقابل أن تجري اصلاحات اقتصادية معينة، وتخفض الدعم عن الوقود وعن الاغذية وايضا تخفيض الانفاق العام، نحن في العراق فهمنا تقليل الانفاق العام هو خفض مخصصات التربية والصحة، لذلك تدهورت المستشفيات وتدهور القطاع التربوي والتعليمي، في حين أن القصد هو الميزانية التشغيلية للرواتب ونثرية الدولة. بالتالي بقى الجانب التشغيلي لا زال مرتفعا جدا بسبب رواتب الدرجات الخاصة بالبلد، ولذلك كل شبكة الحماية الاجتماعية في البلد لم تنجح، فاليوم شبكة الحماية التي تضم الملايين من الأشخاص (العاطلين عن العمل/ الارامل/ الايتام/ ذوي الشهداء)، لم تنجح رغم أن هذا الشبكات هي تستحدث لتوازي سياسات الاصلاح الاقتصادي، حتى تخفف من الكلفة الاجتماعية لهذه السياسات، ايضا قضية الفقر في المناطق الريفية والبعيدة عن المناطق الحضرية، تلك المناطق يوجد فيها اعداد كبيرة من الفقراء قياسا مع المناطق الحضرية. الدكتور مظهر اشار إلى أن القطاع الزراعي يستوعب (21) من العمالة في البلد، والقطاع الصناعي يشغل (6%) من العمالة الوطنية، بالتالي أن موضوع القطاع الزراعي لا يحتاج فقط لحماية المنتج الداخلي، لذا فنحن امام سياسات اغراق من قبل الدول المجاورة، بالتالي فأن تشغيل القطاع الزراعي سيخفف بدرجات عالية من الفقر في البلد".
-علي حسين عبيد كاتب في مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام "يستشهد بالزمن الماضي حينما كان الناس يذهبون إلى الريف ويأتون بمختلف المنتجات الزراعية، أما اليوم فالعكس صحيح عندما نزور الاقرباء في المناطق الريفية نصطحب معنا المنتجات الزراعية المستوردة من خارج الحدود ونذهب بها للريف، وهذا دليل كافي في فشل السياسات الاقتصادي".
السؤال الثاني: مع تراكم الديون العام وانهيار اسعار النفط وقلة الايرادات والالتزام الحكومي مع المؤسسات الدولية هل توجد اليات مناسبة لمكافحة الفقر ورفع المستوى المعاشي للطبقات الفقيرة في إطار هذين التحديين؟
-علي حسين "يراهن على الجهد الحكومي في أن تجد سبل اخرى في هذا المجال، منها مثلا منح مبالغة معينة للأسر فضلا عن ايجاد وسائل الدعم الخاص التابعة للمؤسسات الخيرية وللقطاع الخاص".
- الدكتور حسين أحمد السرحان "يعتقد بأننا وقعنا في فخ الصراع مع داعش، فنحن في ظل هذا الانفاق المتزايد الدفاعي والانخفاض في اسعار النفط، بالتالي حتى الموازنة الاستثمارية ايضا خصص لشراء العتاد والسلاح، لذا ففي ضوء هذه المشروطية التي وضعتها المؤسسات الدولية في اطار الاستعداد الائتماني في اطار القرض مع البند الدولي، فكيف يكون تخفيض الدعم والعائد والكلفة للخدمات الحكومية متساوية، طبعا اذا توفرت الخدمة الصحية في المستشفى العام في كربلاء في كلفة اقل نسبيا من مراجعة المؤسسات الصحية الاهلية، وهذا الامر ينسحب على باقي الخدمات شرط أن تتوفر تلك الخدمات. الطريق الافضل لموضوعة الحد من نسبة الفقر في ضوء هذه المشروطية هو شبكة الحماية الاجتماعية، سيما لو وضعت في إطار قاعدة بيانات قوية وواسعة وشاملة، وفي ضوء احصاء سكاني دقيق جدا، سوف نصل إلى نسب معينة من الفقر، بالتالي سنحقق توسعه في مجال شبكة الحماية الاجتماعية، الطريقة الاخرى للحد من الفقر هو توفير الخدمات بأسعار توازي الكلفة".
- الدكتور علاء ابراهيم الحسيني "يتصور أن الحل يسير باتجاهين، الحل الاول هو مسالة المسؤول العراقي الذي سار خلف المديونية الخارجية، رغم قلة عائديتها وثقل اعباءها على العراق، وايضا مسالة المسؤول العراقي الذي سار باتجاه توقيع عقود خدمات النفط، وجعلت قنينة الماء التي تباع على الدولة ب(10) دولار للقنينة الواحدة، فهذا المسؤول الفاسد يجب أن يحاسب ويضع أمام مسؤوليته التاريخية والشعبية والقانونية، ثانيا السؤال هنا كيف ننهض بالفقراء الجواب يأتي من خلال الغاء البطاقة التموينية، لأنها باب مشرعة للفساد وكل ما يأتينا منها هو عبارة عن بضاعة كاسدة وشركات فاسدة".
- الدكتور خالد عليوي العرداوي "يحث الجمهور العراقي على عدم قطع الامل بأن تنتهي ازمة الفقراء في هذا البلد، خصوصا وأن ثروات هذا البلد كبيرة وكبيرة جدا وهي تساعد على أن نتخلص من ازمة الفقر، لكن لابد أن ندرك بأن سياسة الفقر هي عبارة عن برنامج متكامل لإدارة الدولة، اليوم السياسة التعليمية لا يمكن فصلها عن سياسة الفقر وهي منتجة للفقر ومنتجة للعنف، لأنها واقعا هي تغذي سوق العمل بأفواج كبيرة من قليلي المهارة وفي نفس الوقت من العاطلين عن العمل، كذلك لا يمكن فصل سياسة مكافحة الفقر عن سياسة محاربة الفساد هذا جزء مترابطة بعضه بالبعض الاخر. بالتالي لا تستطيع أن تحارب الفقر في هكذا سقوف عالية من الفساد، حتى القروض الاجنبية لا يتم استغلالها بالشكل الامثل فجزء منها يذهب في جيوب الفاسدين والجزء الاخر بتغذية الموازنة، بالتالي لابد أن يتوفر برنامج متكامل ودقيق حتى نستطيع أن نحارب قضية الفقر".
- الشيخ علي عبد الرضا الرميثي "يرى أن البنوك الدولية والمؤسسات المالية هي تسعى لجعل العراق يستقرض منها، لذلك الدول الصناعية ستضغط على الحكومة العراقي، وهذا مما ينذر بأن الواقع العراقي سيزداد فقرا".
- الشيخ ناصر الاسدي "يتصور أن الانسان هو الاصل في أي حركة وفي مكافحة أي ازمة، فاذا كان عندنا الانسان الواعي والمثقف والذي يمتلك برنامج للعمل وللتقدم فهذا يبشر بألف خير، البلاد التي حققت قفزات كبرى كالصين مثلا، سنغافورة ذلك البلد الضعيف وهو لا يمتلك اي موارد لكنه قفز إلى العالم الاول في الدنيا، هذا تم من خلال الاعتماد على الانسان السنغافوري وتغيير السياسة التعليمية، بالتالي جعلوا من هذا الانسان محب للعمل وللعلم وللقيم وللتعاون، وهذا الامر لابد أن ينسحب على الواقع العراقي اليوم من اجل مكافحة الفقر، وهذا يمكن تحقيقه من خلال توزيع الاراضي مجانا على الطبقة الفقيرة، الشيء الاخر مجانية الطاقة(الغاز/النفط /الكهرباء)، وهذا يجعل من الانسان العراقي متحرر ومتحرك اتجاه تقليص فجوة الفقر الذي يعاني منه المجتمع العراقي".
- الشيخ مرتضى معاش "يدعو إلى تحرير الانسان العراقي من هيمنة الدولة، وايضا تحرير الدولة نفسها من الانسان العراقي، فضلا عن رفض وتجاوز مفهوم المنح التي اعتاد عليها المواطن العراقي، وحتى الحماية الاجتماعية هي ايضا تحتاج إلى بحث، بالتالي يعطى الانسان مقابل عمله، وهي دعوة صريحة لتحويل الانسان العراقي وتأهيله كي يكون انسان ماهر وجيد، فاذا ما علمنا هذا الانسان على المنح وعلى العطايا وعلى الطاقة المجانية والنفط المجاني والكهرباء المجاني، يصبح انسان كسول، لذلك لابد أن نعلم هذا الانسان وأن نطوره، وهذا يتم من خلال دعم الطبقة الوسطى ودعم المشاريع الوسطية. اليوم نحن نذهب وراء المشاريع الكبيرة التي تمارسها الدولة واقتصادات الظل، هذا مما يودي إلى تدمير الطبقة الوسطى، بالتالي اذا استطعنا دعم الطبقة الوسطى والمشاريع الوسطية، وذلك من خلال دعم المشاريع الصغيرة، عندها المشاريع الصغيرة سيصبح عندها طموح أن تذهب نحو المشاريع الوسطية، لذا فإن علماء الاقتصاد في العالم اليوم هم يقودون ثورة ضد الشركات الكبرى المحتكرة، التي تسعى لتدمير اقتصادات الناس، لذلك هذه نقطة مهمة وجوهرية من اجل الاستثمار في التعليم والتأهيل وفي العمل فقط".
اضف تعليق