ماذا سيقدم "التحالف الدولي" لإقامة الدولة الفلسطينية من الرياض؟ الكل يعلم أن إسرائيل ترفض تنفيذ أي قرار، سواء كان دوليا أو إقليمياً، إلا إذا أعطتها هذه القرارات والخطط الهيمنة ليس على فلسطين فحسب، بل على منطقة بأكملها، وسنذكر منها مثلاً: خاضت مصر وإسرائيل أربع حروب، بما في...
ماذا حدث؟ من الواضح الآن أن حزب الله وإيران لا يريدان المخاطرة بالانزلاق إلى حرب شاملة في هذه المرحلة، ولهذا السبب أرجأت إيران ردها على مقتل زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران إلى إشعار آخر. وكان رد حزب الله على مقتل شكر محدوداً. ففي تفكير إيران وحزب الله، كان مقتل هنية وشكر نوعاً من الخداع من جانب إسرائيل، يسعى الكيان الصهيوني من خلاله إلى كسر نمط حرب الاستنزاف التي تفضلها إيران وحلفاؤها.
ولكن من المنظور الإسرائيلي، فإن مقتل هنية وشكر، والرد المحدود والرمزي من جانب الحزب وإيران، يعتبر إنجازاً بارزاً لإسرائيل. ولهذا السبب فإن الهجوم البربري والوحشي الأخير على لبنان واستمرار سلسلة الاغتيالات لمسؤولين رفيعي المستوى في صف المقاومة وفي قلب بلدان المقاومة، وعلى رأسهم سيد شهداء المقاومة العربية الإسلامية السيد حسن نصر الله.
وتشير الأحداث المؤلمة الأخيرة في لبنان وغزة إلى أن إسرائيل تستغل الرضاء غير المعلن على جرائمها من قبل المجتمع الدولي الذي يكتفي بالانتقادات الفضفاضة والغامضة وتواطؤ المسؤولين العرب. وقد ساعد هذان الموقفان السلبيان الدولي والعربي إسرائيل على تنفيذ المزيد من الهجمات ضد جبهة المقاومة الإسلامية بهدف إحياء وفرض سيناريو سلام مماثل للسلام بين مصر وإسرائيل الذي تم التوصل إليه في كامب ديفيد مع بعض التعديلات.
وتنبع أسباب الشكوك هو تزامن تصعيد العدوان الإسرائيلي والدعم الأميركي لإسرائيل، مع إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الجمعة، عن إطلاق "تحالف دولي" لإقامة الدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، رفضتها إسرائيل أصلا. ولا نشك في النوايا الطيبة التي يحملها الأمير محمد بن سلمان، ونلمسها في خطابه الافتتاحي للسنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى السعودي، الذي أكد فيه أن القضية الفلسطينية في مقدمة اهتمامات بلاده، وأن بلاده لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل قيام الدولة الفلسطينية.
ماذا سيقدم "التحالف الدولي" لإقامة الدولة الفلسطينية من الرياض؟ الكل يعلم أن إسرائيل ترفض تنفيذ أي قرار، سواء كان دوليا أو إقليمياً، إلا إذا أعطتها هذه القرارات والخطط الهيمنة ليس على فلسطين فحسب، بل على منطقة بأكملها، وسنذكر منها مثلاً: خاضت مصر وإسرائيل أربع حروب، بما في ذلك حرب الأيام الستة الكارثية عام 1967، والتي استولت فيها إسرائيل على قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء من مصر، والضفة الغربية ــ بما في ذلك القدس الشرقية ــ من الأردن، ومرتفعات الجولان من سوريا.
ومنذ البداية، رفضت إسرائيل تنفيذ القرارات الإقليمية والدولية بهذا الشأن، بما في ذلك قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242، الذي دعاها إلى الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967. مصر قبلت القرار في مايو 1968 بشرط أن توافق إسرائيل على الانسحاب من جميع الأراضي المحتلة. رغم أن القرار يؤكد ضمناً أن مصر، ولأول مرة، تعترف بحق إسرائيل في الوجود. رفضت إسرائيل القرار واعتبرته بلا معنى، وفي المقابل رأى ناصر أنه لا خيار أمامه سوى دعم المقاومين الشجعان، وبعد أن وصلوا إلى مرحلة الإحباط، بدأ بما يعرف بحرب الاستنزاف من مارس 1969 إلى أغسطس 1970.
وكان عبد الناصر مقتنعاً بأن العمل العسكري وحده من شأنه أن يجبر إسرائيل والمجتمع الدولي على تسهيل الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة. وذكر محمد حسنين هيكل أن مبررات العمل العسكري كانت، حسب قول الرئيس عبد الناصر، على النحو التالي [إذا كان العدو قادراً على قتل خمسين ألفاً منا، فإننا نستطيع أن نستمر لأن لدينا احتياطيات كافية. ولكن إذا خسر العدو عشرة آلاف، فسوف يجد نفسه مضطراً إلى وقف القتال لأنه لا يملك احتياطيات بشرية كافية.].
وخلال هذه الفترة صيغت العديد من خطط السلام رفضها الكيان الصهيوني. ففي 5 يونيو 1970 قدمت الولايات المتحدة الأمريكية مبادرة عن طريق وزير خارجيتها وليام روجرز لإقرار وقف إطلاق النار لمدة 90 يوماً بين مصر وإسرائيل. وكانت الخطة بمثابة تعديل للقرار 242، وأدت خطة روجرز في النهاية إلى وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره في حرب الاستنزاف.
وبعد إعلان الخطة زار ناصر موسكو من 29 يونيو إلى 17 يوليو، حيث تمت مناقشة خطة روجرز وخطة موسكو الجديدة للسلام، ومستقبل العلاقات السوفييتية المصرية. وبعد عودته من موسكو أحدث ناصر تغيير كبير في السياسة تجاه إسرائيل وقبل خطة روجرز في يوليو، قبلت إسرائيل الخطة في أغسطس. أعلن الجانبان وقف إطلاق النار في 8 أغسطس 1970، لكن إسرائيل لم تحترم الجزء الثاني. وفي الواقع، توقفت المعارك المصرية الإسرائيلية على طول قناة السويس في 7 أغسطس 1970، وفقًا للمرحلة الأولى من الخطة، وبدأت هدنة لمدة تسعين يومًا.
لم يدم السلام بسبب التوترات العديدة التي نشأت وبسبب التعنت الإسرائيلي، وسادت حالة من اللاسلم واللاحرب، هذا أدى بدوره إلى اندلاع حرب أكتوبر 1973. وألقت أمريكا بثقلها العسكري لإنقاذ إسرائيل من خلال الجسر الجوي. أدرك الرئيس السادات أنه يواجه أميركا بثقلها في حين لم يلب الاتحاد السوفييتي مطالبه بالسلاح، فقبل عرض كيسنجر بوقف إطلاق النار في 16 من أكتوبر.
واجتمع مجلس الأمن مساء 21 من أكتوبر، وأصدر القرار رقم 338 الذي أقر وقف إطلاق النار ووافقت مصر وإسرائيل رسمياً على القرار، ولكن إسرائيل كعادتها لم تلتزم به فعلياً لأنه لم يحقق أياً من أهدافها العسكرية أو الاستراتيجية، وواصلت عملياتها 25/26/27 من أكتوبر، ولم تتوقف المعارك إلا في 28 من أكتوبر، حين تقرر عقد محادثات الـ 101 كيلومتر بين الجانبين تحت رعاية الولايات المتحدة الأميركية.
وانتهت الحرب رسميا بتوقيع اتفاقية فض الاشتباك في 31 مايو 1974، حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة إلى سوريا والضفة الشرقية لقناة السويس إلى مصر مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية عن خط الهدنة وإنشاء قوة خاصة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة تنفيذ الاتفاقية. وكانت حرب أكتوبر 1973 بمثابة مبرر نفسي مهم للقيادة المصرية وفتحت الباب أمام محادثات السلام.
هل يشكل استشهاد السيد حسن نصر الله الان تبريراً نفسياً للقادة الذين يتربصون بالمقاومة ويسعون لفتح باب محادثات السلام مع العدو؟
اضف تعليق