تأتي عملية الاغتيال بعيد انتهاء قمة الناتو في واشنطن والتي كان من احد اهم اهدافها هو تحقيق الامن في العالم، واقول ان فاقد الشيء لا يعطيه، فالأحرى على امريكا ودول الناتو ان يحققوا الامن في بلدانهم، قبل ان يسعوا لتحقيق ذلك في العالم...
نجا الرئيس الأمريكي السابق والمرشّح للرئاسة دونالد ترامب من محاولة اغتيال مسلّحة فاشله، تعرض لها، قبل ساعات، وهو يلقي خطاباً على جمهوره في اطار حملته الانتخابية، كُثرٌ هم اعداء ترامب داخل امريكا و خارجها، وهو الآن مُستهدف ليس فقط من القضاء بل بالسلاح ايضاً .
ويبدو ان الكاريكتير الذي نشرته احدى الصحف الأمريكية وقبل اسبوعيّن أصبحَ حقيقة وفيه نبوءة. ويظهر في الكاريكتير الرئيس ترامب يخطب وخلفه شرطي يصوّب المسدس على ظهره، والرئيس ترامب وخلفه ممرضّة وعربة اسعاف للدلالة على ان الاول ملاحق من القضاء والثاني مُلاحق بالخرف والمرض .
نجا ترامب من الاغتيال وزاد رصيد حظوظه بالفوز، وحالته تجسيد للمثل القائل ”الضربة التي لا تميت تقوّي”. ومن اغتيل سياسياً هو الرئيس الأميركي الحالي جون بايدن .
و بدأ ترامب من الدقائق الاولى لعملية الاغتيال، وهو يتفحص أذنه التي أُصيبت ومحاط بحراسه، بتوظيف المشهد، حيث رفع ساعده اشارة الصمود والتحدي والنجاة او الانتصار، وخاطب جمهوره الذي قابله ايضاً بالهتاف والتشجيع كانت اذاً مناسبة ترامب لإظهار رباطة جأشه وعزمه وشجاعته، وقواه العقلية، وكأنه يريد ان يبيّن الفرق بينه وبين ”جو النعسان” كما يصفه ترامب .
بالتأكيد ستعزّز محاولة الاغتيال الفاشلة شعبيّة ترامب وتعاطف الشعب الأمريكي معه وستزيد من فرص نجاحه في الانتخابات .
بطبيعة الحال، من الصعب التكهّن بهوية و دوافع مرتكب محاولة الاغتيال الذي قُتل، ولكن ستتبيّن الأمور بعد التعرف على هوية المنفذ وسلوكه وسيرته، بالتأكيد صدرت من الادارة الأمريكية ومن الرئيس بايدن، ادانة للعملية، وهذا ما تقتضيه الأصول والأعراف حتى و ان كانت الامنيات في نجاح العملية.
بالمقابل، نتوقّع ان يوظّف المرشح ترامب محاولة اغتياله للهجوم على مناوئيه ومنافسه، ولا استبعد اتهامهم، بشكل او بآخر .
ومن المفيد ان يستعين ترامب بنتنياهو وحكومته، وخاصة بوزير الدفاع لمعرفة اسباب ودوافع العملية وهوية من يقف خلفها، لانهم هم قادة اسرائيل اليوم، وهم متمرسون وفي صدارة العالم في ارتكاب المجازر والاغتيالات .
يبالغ البعض في التوقعات بنشوب حرب اهلية على أثر ما حدث. فقد واجهت امريكا ظروفا اصعب بكثير من هذا الحدث العابر حين فشل ترامب في فترة رئاسية ثانية، وتم اقتحام المؤسسات الحكومية والبرلمانية، وامريكا ليست مُحّصنة من بوادر شبه حرب اهلية لفلتان السلاح وكثرة جرائم القتل الجنائية والاغتيالات، وتهرأ المنظومة القيميّة للمجتمع .
تأتي عملية الاغتيال بعيد انتهاء قمة الناتو في واشنطن والتي كان من احد اهم اهدافها هو تحقيق الامن في العالم، واقول ان فاقد الشيء لا يعطيه، فالأحرى على امريكا ودول الناتو ان يحققوا الامن في بلدانهم، قبل ان يسعوا لتحقيق ذلك في العالم.
ومن يسعى إلى تحقيق مثل هذا الهدف الانساني النبيل الامن في العالم عليه، أولاً ان يؤمن به ويعتقد به ويتبناه فكراً وتطبيقاً، والواقع للاسف يُرينا سلوك القوم (امريكا ودول الناتو) الداعمة بشكل مطلق لاسرائيل، خلاف الحق والامن والعدل .
اضف تعليق