تأجّلَ الرّدْ وبتفاهم أمريكي اسرائيلي، ليس خوفاً من العواقب، وانما رغبةً في الإمعان في قساوة الرّدْ، وتلبية لنزعة الانتقام المتأصلة في نفوس الصهاينة والمُتحكمة في سلوك نتنياهو وحكومته، ما يُشجع نتنياهو على التمادي في حملاته العسكرية، واستخدامه لكل ما هو ممنوع ومحرم من الأسلحة، هو نجاحاته في ممارسة الاغتيالات...

والمقصود بالرّدْ، هو على الهجمة الصاروخية الإيرانية، والتي نفذّها الحرس الثوري الإيراني، ضّدَ المنشآت العسكرية الاسرائيلية بتاريخ 2024/10/2، ليس من عادة إسرائيل ان تتخلى عن “حق الدفاع عن النفس” ،مثلما روّج الغرب لهذه ”البُدعة“ وعمّمها، نقول ”بدعة” لأنَّ ليس للمُحتل وفقاً للقانون الدولي، حق الدفاع عن النفس، بل بالعكس، القانون يضمنُ لشعب يرضخُ تحت احتلال، حق المقاومة والتحرّر .

إسرائيل لا تترك مَنْ ألحقَ بها أذى، فكيف إذا كان هذا الاذى قد نالَ كثيراً من هيبتها ومكانتها، وهي لم تشفْ بعد من تداعيات طوفان الأقصى. لم تحظْ اسرائيل بفرصة لممارسة جرائمها مثلما يجودُ عليها الزمن، الآن، من استدراج نحو الرذائل لثلاثة اسباب: الاول الدعم الأمريكي والغربي اللامحدود، وبمثابة صك ابيض لفعل ما تستطيع، والثاني هو وجود شخص مجنون ومتهور ويقود حكومة متطرفة وارهابية، والثالث هو ”مرض الانتقام” المُصاحب لجينات الصهاينة، وهو عكس تماماً ”نعمة التسامح”، والتي تصاحب النفوس الطيبة والمؤمنة بالإنسانية .

تأجّلَ الرّدْ وبتفاهم أمريكي اسرائيلي، ليس خوفاً من العواقب، وانما رغبةً في الإمعان في قساوة الرّدْ، وتلبية لنزعة الانتقام المتأصلة في نفوس الصهاينة والمُتحكمة في سلوك نتنياهو وحكومته .

ما يُشجع نتنياهو على التمادي في حملاته العسكرية، واستخدامه لكل ما هو ممنوع ومحرم من الأسلحة، هو نجاحاته في ممارسة الاغتيالات، والتي يسوقّها للآخرين الموالين (امريكا وبعض الدول الاوروبية) انجازات استراتيجية، بيدَ انها (واقصد الاغتيالات) لا تنقذه من الحروب التي توّرط فيها (غزّة، جنوب لبنان، اليمن)، حروب استنزاف، لا يستطيع الكيان المحتل الاستمرار في تحمّل تداعياتها .

الادارة الاميركية تبارك علناً لنتنياهو إنجازاته في الاغتيالات، وتصرّح علناً تأييدها المطلق لهدف نتنياهو، إلا وهو تدمير البنية التحتية والعسكرية لحزب الله، وتحاول (واقصد الادارة الامريكية) أن تترجم ما حققّه نتنياهو في لبنان في سياسة الاغتيالات وقتل المدنيين، إلى اهداف سياسية في لبنان، وخاصة في موضوع اختيار رئيس الجمهورية، وتطبيق القرار رقم 1701، ووفقاً لرؤية إسرائيل، ويضيف نتنياهو إلى ما ذُكر من اهداف، اهداف اخرى وخاصة نزع سلاح حزب الله، وإلغاء اتفاق الطاقة، الموقّع بين إسرائيل ولبنان في 2022/10/27 .

مؤشرات دالة على أنَّ الرّدْ قادم؛ منها مؤشرات عسكرية، وبعضها سياسية او اعلامية. استعدادات عسكرية جارية، وخاصة في مجال تزويد الوقود في الجو. وبطبيعة الحال، ليس بمقدور إسرائيل ان تتولى عملية الرّدْ، دون مشاركة فعلية وفاعلة وعلنية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.

كذلك، تكّرر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية الغربية، ومنذ اسبوع تقريباً، القول بأنَّ بقي لإيران مدة اسبوع من الوقت لإنتاج قنبلة نووّية، او القول بأنَّ ما حدث في صحراء ايران، قبل ايام ليس زلزالا وانما هو اجراء لتجربة نووّية! الغرض من هذه التصريحات هو خلق مبررات للضربة القادمة، وتهيئة الرأي العام الغربي والدولي لقبول فكرة الرّدْ بهجوم جوي كبير على منشاءات ايرانية، قد تكون نووية او نفطية او عسكرية .

فشل اسرائيل في تحقيق توغل بري في الجنوب، رغم المحاولات المتكررة ومنذ ما يقرب خمسة ايام، أمرٌ يدفع اكثر نتنياهو نحو التعجيل في الرّد على ايران، كي يعتبره انجازا يغطي على فشله في التوغّل البري في جنوب لبنان .

نتنياهو، وهو يهيئ للردْ، يمارس، دون هواده، سياسة الاغتيالات لجميع اطراف محور المقاومة، ولغيرهم، بل ويوسّع من اهدافه، لتشمل شخصيات اخرى، مثل سماحة السيد السيستاني. لنتنياهو ولأمريكا اهداف أخرى، تكمن وراء ادراج السيد السيستاني، في قائمة المستهدفين؛ اهداف تتماشى مع مساعي امريكا وإسرائيل في تغيير خارطة المنطقة، ومع مدلولات حرب او حروب الابادة التي يرتكبونها، وتحت اسم "حرب القيامة".

اضف تعليق