لفت وجذب انظار العالم، من خلال التجمع البشري في الزيارة الاربعينية؛ يعني المزيد والمزيد، حيث يرفع من مكانة الدولة على الساحة الدولية فضلاً عن الاقليمية، مما يعني زيادة الاقبال، من حكومات وشعوب العالم؛ على العراق، وزيادة السواح والطلب على المنتجات والخدمات وزيادة النشاط الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتقليص...
تضاربت الآراء بشأن الاهمية الاقتصادية للتجمع البشري في الزيارة الاربعينية، ففي الوقت الذي يرى البعض انها ذات أثر ايجابي على الاقتصاد العراقي لا يرى البعض الاخر ذلك، وكلٌ له تحليلاته واستنتاجاته وحججه.
وبين هذا وذاك يمكن القول، ان التجمع البشري في الزيارة الاربعينية، يُعد مورد (مقوم) اقتصادي شبيه بالنفط أثره سلبي على الاقتصاد اذا ما افتقد للتوظيف السليم، ويكون اثره ايجابي اذا ما تم توظيفه بالشكل السليم.
بمعنى إذا لم تتوفر الادارة الكفؤة ذات الارادة الحقيقية والرؤية الاقتصادية ستتلاشى الاثار الممكنة التحقق من ذلك التجمع البشري لكن إذا ما توفرت تلك الادارة ستعمل على توفير كل ما يتطلبه ذلك التجمع وتحقيق الاثار المترتبة عليه.
صفات التجمع البشري في الزيارة الاربعينية
يتصف هذا التجمع البشري في الزيارة الاربعينية بثلاثة صفات مهمة لابُد أن تؤخذ بعين الاعتبار عند التحليل وهي الضخامة واستمرارية الزيادة والدورية.
حيث يُعد هذا التجمع أكبر تجمع بشري بعد تجمع حج الهندوس في العالم، حيث تتضارب المصادر في حجم التجمع الهندوسي لكن في كل الاحوال لا يقل عن 25 مليون حاج وهو أكبر من التجمع البشري في الزيارة الاربعينية الذي بلغ 22 مليون زائر في هذا العام 2023.
كما ان التجمع البشري في الزيارة الاربعينية في تزايد مستمر، حيث ارتفع من 11 مليون زائر عام 2016 الى 22 مليون زائر عام 2023 حسب احصائية العتبة العباسية المقدسة التابعة للوقف الشيعي، اي كانت الزيادة بنسبة 100%، بمعنى ازداد عدد الزائرين بضعف الاعداد التي كانت في عام 2016.
وان هذا التجمع لم يحصل مرة واحدة في الزمن كما لم يحصل في كل مجموعة سنوات كما هو حال الحج الهندوسي الذي يحصل كل 12 سنة، بل يحصل بشكل دوري سنوي حاله كحال الحج الى بيت الله الحرام من حيث الدورية.
التجمع البشري مورد اقتصادي مجاني
ان ضخامة هذا التجمع واستمرار تزايده وحصوله بشكل دوري سنوي، حدث فريد من نوعه وتفتقر له العديد من دول العالم بل تعمل وتخطط هذه الدول وتصرف المزيد من الجهود والوقت لصنع حدث ما يتصف بالعالمية (أكبر حدث في العالم) لأجل لفت وجذب انظار العالم.
بينما العراق لم يعمل ولم يخطط ويحصل على هكذا حدث، يتصف بالصفات اعلاه؛ بشكل مجاني (مورد اقتصادي مجاني) يُمكن أن يسهم وربما يكون بوابة لإصلاح واقع الاقتصاد العراقي إذا ما أدركت الادارة الحكومية مدى أهمية ذلك، وكيفية استثماره وتوظيفه، خصوصاً مع بلوغ عدد الشيعة في العالم ما يتجاوز الـ 300 مليون نسمة وان العراق مركز وقبلة التشيع في العالم.
الاثار المترتبة
إذ ان لفت وجذب انظار العالم، من خلال التجمع البشري في الزيارة الاربعينية؛ يعني المزيد والمزيد، حيث يرفع من مكانة الدولة على الساحة الدولية فضلاً عن الاقليمية، مما يعني زيادة الاقبال، من حكومات وشعوب العالم؛ على العراق، وزيادة السواح والطلب على المنتجات والخدمات وزيادة النشاط الاقتصادي وتوفير فرص العمل وتقليص البطالة وزيادة العملة الاجنبية الداخلة الى الاقتصاد.
فالعراق لديه مقومات صنع الحدث العالمي ولفت وجذب انظار العالم إليه ورفع مكانته على الساحة الدولية فضلاً عن الاقليمية وتحقيق الاثار المترتبة عليه لكنه لم يعمل على استثمار هذه المقومات بالشكل الذي يخدم الاقتصاد العراقي وظلت هذه المقومات حالها كحال النفط يعاني الهدر والاستنزاف.
الاثار والاجل الطويل
جدير بالذكر، ان الآثار لا يمكن ان تتحقق في الاجل القصير حتى لو توفرت الادارة الكفؤة ذات الارادة الحقيقية والبعد الاقتصادي، لان تسويق واظهار التجمع البشري في الزيارة الاربعينية للعالم بالشكل اللائق يتطلب توفير بنية تحتية متطورة قادرة على استيعاب هذا التجمع وتوفير الخدمات له بجودة واسعار مقبولة. وان البنية التحتية المتطورة تتطلب المزيد من الوقت لذلك ستكون الاثار واضحة على مستوى الاجل المتوسط فضلاً عن الاجل الطويل.
ان توفر البنية التحتية المتطورة ذات الخدمة الجيدة والاسعار المعقولة، وقادرة على استيعاب الاعداد الهائلة تجعل الزائر سواء المحلي او الاجنبي لا يشعر بالضجر والملل والنفور بل تجعله يرغب في تجديد الاشتراك سنوياً في هذه الزيارة ودعوة من يحبهم من اقرباءه واصدقاءه، وهذا ما يزيد من حجم التجمع البشري بشكل سنوي، وستكون له اثار اقتصادية تتمثل في تخفيض الاكتناز وزيادة العملة الاجنبية الداخلة الى الاقتصاد إلى جانب زيادة السواح والطلب على الخدمات والمنتجات التي اتضحت آنفاً.
شرطان
باختصار، ان التجمع البشري في زيارة الاربعين الذي يتصف بالتجمع الضخم والمتزايد والمتكرر سنوياً، يرقى للحدث العالمي وهو قادر على لفت وجذب انظار العالم واقباله على العراق وزيادة الطلب على خدماته ومنتجاته وتحريك الاقتصاد برمته لكن بشرط ان يتوفر جانبان هما البنية التحتية المتطورة القادرة على استيعاب هذا التجمع البشري. وتسليط اضواء الاعلام عليه وتسويقه واظهاره بالشكل اللائق للعالم.
وبهذا الشكل، يصبح للتجمع البشري في الزيارة الاربعينية أثر ايجابي على الاقتصاد العراقي لكن إذا ما انعدمت البنية التحتية المتطورة وعدم تسليط اضواء الاعلام عليه بشكل متزامن يصبح أثره محدودا.
خلاصة القول، ان التجمع البشري في الزيارة الاربعينية مقوم اقتصادي لابد من استثماره بما يخدم اصلاح وتطوير الاقتصاد العراقي من خلال توفير البنية التحتية وتسليط اضواء الاعلام عليه.
اضف تعليق