يتوقع ان تتأرجح اسعار النفط حول حاجز (100) دولار للبرميل خلال الشهور القادمة بدعم من حلول فصل الشتاء وارتفاع الطلب على الطاقة، فضلا على تعثر الملف النووي لطهران. واذا ما فرضت عقوبات اضافية على روسيا وتم اتخاذ قرار فرض سقف سعري على النفط الروسي فان موسكو...
تراجعت اسعار النفط خلال الشهور الماضية بشكل دراماتيكي وسط مخاوف ركود الاقتصاد العالمي نتيجة استمرار رفع اسعار الفائدة لكبح جماح التضخم الاخذ في الارتفاع منذ بداية العام الجاري. فقد هبطت اسعار خام برنت من قرابة (120) دولار في تموز/ يوليو الماضي الى قرابة (80) دولار للبرميل مؤخرا.
ونتيجة لتزايد اللايقين حول اتجاهات الاقتصاد العالمي ومسار اسواق النفط، والحاجة إلى تعزيز إرشاد الاسواق العالمية على المدى الطويل، وتماشياً مع السياسة الاستباقية لمنظمة اوبك، قرر تحالف "أوبك+" الماضي خفض الإنتاج الكلي لدول التحالف بمقدار (2) مليون برميل يوميا مقارنة بإنتاج دول التحالف في شهر اب/ اغسطس الماضي، ويسري القرار ابتداء من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل وحتى كانون الأول/ ديسمبر من عام 2023. ورغم ان معدل خفض الانتاج هو الأكبر منذ تفشّي جائحة كورونا الا انه يقل كثيرا عن الخفض التاريخي الذي بدأه تحالف "أوبك+" في أيار/ مايو عام 2020 والذي قدر بقرابة (10) مليون برميل بعد انهيار أسعار النفط نتيجة قيود الإغلاق الكبير التي اعقبت تفشي فيروس كورونا.
ويمثل قرار تحالف "اوبك+" الجديد تحولا في سياسة الإنتاج لدى التحالف بعد أسابيع من رفع حصص الانتاج للدول الاعضاء. وقد ارتفعت أسعار النفط في الاسبوع الماضي لأعلى مستوى لها في خمسة أسابيع بدعم من قرار "أوبك+" إجراء أكبر خفض للإمدادات منذ عام 2020، اذ وصل خام برنت الى اكثر من (98) دولارا للبرميل. ويتوقع ان تكسر الاسعار حاجز (100) دولار للبرميل اذا ما التزمت دول التحالف بنسب الانتاج المقررة والمحددة في الجدول ادناه ابتداءا من تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.
دوافع ومبررات قرار تحالف "اوبك+"
يمارس تحالف الدول المنتجة للنفط "اوبك+" دور المنتج المرجح للأسواق العالمية بغية الحفاظ على سعر نفط توازني يناسب كلا من المنتجين والمستهلكين للنفط الخام. وقد تضمن القرار الاخير خفض انتاج الدول الاعضاء بمقدار (2) مليون برميل يوميا جملة من الدوافع والمبررات يمكن ايجاز اهمها فيما يلي:
1- يأتي قرار خفض إنتاج النفط من جانب دول التحالف منسجمًا مع سياسة التحالف في التحرك الاستباقي واتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة تقلبات أسواق النفط والحفاظ على توازن الاسعار.
2- تعامل تحالف "اوبك+" مع تراجع اسعار النفط بشكل فني وبعيدا عن الضغوط السياسية، فقد كانت توقعات الركود الاقتصادي ومخاطر تراجع الطلب على النفط من ابرز دوافع تقليص انتاج دول التحالف بمقدار (2) مليون برميل يوميا.
3- مع ضعف الطاقة الانتاجية الفائضة للتحالف نتيجة انحسار الاستثمار في قطاع النفط، بعد التراجع الذي شهدته اسعار النفط عقب تفشي جائحة كورنا واغلاق الاقتصاد العالمي، حرص تحالف "اوبك+" على تأمين طاقة انتاجية فائضة للمناورة، خصوصا اذا ما عاد طلب الصين على النفط لسابق عهده نتيجة تخفيف قيود جائحة كورونا.
4- بينما تركز الاسواق على اتجاهات الطلب، تحاول منظمة اوبك التركيز ايضا على أساسيات العرض، اذ أن الأسعار الحالية لا تُترجم بسهولة الى رؤوس اموال استثمارية، نظرًا لأن مشروعات النفط والغاز قد تستغرق عقودًا من الزمن حتى تبدأ بالإنتاج.
5- وفقا لوجهة نظر تحالف "اوبك+" فان ضعف الاقتصاد العالمي لا يعني ركود الاقتصاد وضعف الطلب على النفط كما تتوقع الاسواق، وانما قد يحدث تباطؤ اقتصادي بسيط ولمدة قصيرة دون التأثير كثيرا على معدلات الطلب المتوقعة.
6- راعى تحالف "اوبك+" امكانية حدوث صدمات جديدة لأسواق النفط نتيجة تطبيق سياسة تحديد سقف لأسعار النفط الروسي وعقوبات الاتحاد الأوروبي على موسكو وتداعيات ذلك على اسواق الطاقة بشكل عام.
توقعات الاسعار
يتوقع ان تتأرجح اسعار النفط حول حاجز (100) دولار للبرميل خلال الشهور القادمة بدعم من حلول فصل الشتاء وارتفاع الطلب على الطاقة، فضلا على تعثر الملف النووي لطهران. واذا ما فرضت عقوبات اضافية على روسيا وتم اتخاذ قرار فرض سقف سعري على النفط الروسي فان موسكو قد تقلص كميات الانتاج وتزيد من شحة المعروض وترتفع اسعار النفط لمعدلات قياسية جديدة.
اما بخصوص تباطؤ الاقتصاد العالمي واحتمالات ضعف الطلب العالمي على النفط نتيجة سياسات التشديد النقدي والركود الاقتصادي فقد تم اتخاذ السياسيات الاستباقية المناسبة من قبل تحالف "اوبك+" بخفض انتاج التحالف بمقدار (2) مليون برميل ابتداءا من الشهر القادم وحتى نهاية عام 2023 لضمان ضبط الامدادات وتطمين الاسواق بجهوزية التحالف لاتخاذ قرارات مناسبة لإعادة التوازن الى الاسواق اذا ما تراجعت اسعار النفط الى دون (80) دولار للبرميل مجددا.
اضف تعليق